صلاة الفجر: الاذانين فجرا ، الحكمة منهما ، و متى تجب الصلاة بعد الأذان الثاني؟ ومسائل هامة واراء معتبرةاولا:
قال الله تعالى: "
إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا ".
(سورة النساء:103)قال
مجاهد :"
أي فرضا مؤقتا وقته الله عليهم ".
وقد جاء بيان أوقات الصلاة في الحديث الصحيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"
أمَّنِي جبريلُ عليهِ السَّلامُ عندَ البيتِ مرَّتينِ فصلَّى بي الظُّهْرَ حينَ زالتِ الشَّمسُ وكانت قدْرَ الشِّرَاكِ وصلَّى بي العصرَ حين كان ظِلُّهُ مثلَه وصلَّى بي المَغْربَ حينَ أفطرَ الصَّائمُ وصلَّى بي العِشاءَ حينَ غابَ الشَّفقُ الأحمرُ وصلَّى بي الفجرَ حينَ حُرِّمَ الطعامُ والشرابُ على الصائمِ فلمَّا كانَ الغَدُ صلَّى بي الظُّهرَ حينَ كانَ ظِلُّهُ مثلَهُ وصلَّى بي العصرَ حين كانَ ظلُّه مِثْلَيْهِ وصلَّى بي المَغربَ حينَ أفطرَ الصائمُ وصلَّى بي العِشاءَ إلى ثُلُثِ الليلِ الأوَّلِ وصَلَّى بي الفجرَ فأسْفَرَ ثم الْتَفَتَ إليَّ فقالَ يا محمدُ " هذا وقتُ الأنبياءِ مِن قبلِكَ والوقْتُ ما بيْنَ هَذَيْنِ الوقْتَينِ " .
الراوي : عبدالله بن عباس . المحدث : أبو داود في:393 ،حسن صحيح . وعليه ،
يجب العلم والمعرفة بدخول الوقت :
زوال الشمس للظهر ، صار ظل كل شيء مثله بعد الزوال دخل العصر ، وإذا غربت الشمس يصلي المغرب ، وإذا غاب الشفق الأحمر من جهة المغرب يصلي العشاء ، ومتى طلع الفجر يصلي الفجر.فأوقات الصلاة لا تعرف إلا بالعلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلا على دخول أوقات الصلوات، وهذه العلامات هي التي يعتمد عليها المؤذنون و
كذلك يعتمد عليها من يضعون التقاويم الموجودة الآن، وبالتالي
فوقت صلاة الفجر هو طلوع الفجر الصادق الذي ينتشر ضياؤه يمينا وشمالا بشكل واضح، ولا تجزئ الصلاة قبل دخول وقتها.
لماذا صلاة الصبح فيها أذانان-أذان الأول وأذان الثاني- وما الحكمة في ذلك ؟
وهل تجوز الصلاة بعد الأذان الأول الذي يسبق الأذان الثاني بحوالي عشر دقائق او اكثر، وعند الصوم في شهر رمضان أو النوافل من الصوم فهل يتم الإمساك بعد الأذان الأول أو الأذان الثاني ؟
وبخصوص صلاة الفجر أيضا فأنا أصلي بعد سماعي الأذان القريب من بيتي حيث إن أصوات الأذان تصل بتتابع مرات أبدأ بالصلاة وأسمع جامعا بدأ بالأذان فما حكم صلاتي؟الإجابــة:
جاءت عدة أحاديث تثبت أن للفجر أذانين .
أحدهما :
قبل دخول وقت الصلاة وطلوع الفجر : والحكمة منه :
تنبيه الناس على قرب طلوع الفجر ، فيستيقظ النائم ، ويصلي الوتر من لم يكن صلاه ، ويتسحر من يريد الصيام .
والثاني :
بعد دخول وقت الصلا وطلوع الفجر : والحكمة منه :
إعلام الناس بدخول وقت الصلاة .
وهذه بعض الأحاديث الواردة في ذلك :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ : "
لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلاَلٍ مِنْ سَحُورِهِ ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ ، لِيَرْجِعَ قَائِمُكُمْ ، وَلِيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ ، وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ الْفَجْرُ أَوِ الصُّبْحُ" .
رواه البخاري (621) ومسلم (1093) . وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : "
إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ . " قَالَ الْقَاسِمُ بن محمد راوي الحديث عن عائشة رضي الله عنها : "
وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَذَانِهِمَا إِلاَّ أَنْ يَرْقَى ذَا وَيَنْزِلَ ذَا" .
رواه البخاري (623) ومسلم (1092) ففي هذه الأحاديث دلالة صريحة على مشروعية الأذان الأول قبل الفجر، واعتياد ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
قال
ابن قدامة رحمه الله بعد ذكر حديث عائشة السابق :
"
وهذا يدل على دوام ذلك منه – يعني الأذان الأول من بلال رضي الله عنه - ، والنبي صلى الله عليه وسلم أقره عليه ، ولم ينهه عنه ، فثبت جوازه .
انتهى " المغني " 1/246 .
وقال الشيخ
ابن عثيمين رحمه الله" : "
الأذان الذي يكون في آخر الليل ليس للفجر ، ولكنه لإيقاظ النُّوَّمِ ؛ من أجل أن يتأهَّبوا لصلاة الفجر ، ويختموا صلاة الليل بالوتر ، ولإرجاع القائمين الذين يريدون الصِّيام" .
انتهى . " الشرح الممتع " 2/76. وعليه وحسبما تقدم ...
فالفجر له أذانان ، ولكل واحد منهما حكمة شرع لأجلها.
فالأذان الأول يكون بالليل قبل دخول وقت الفجر، وهذا لا يجب عنده الإمساك للصيام، ولا تصلى به الفريضة.
والمعنى أي يرد القائم أي المتهجد إلى راحته ليقوم إلى صلاة الصبح نشيطا أو يكون له حاجة إلى الصيام فيتسحر ويوقظ النائم ليتأهب لها بالغسل ونحوه، وبما أن هذا الأذان قبل طلوع الفجر فلا تصح الصلاة المفروضة بعده ولا يلزم الإمساك حتى يطلع الفجر الصادق.
و الأذان الثاني فقد شرع لأجل الإعلام بدخول وقت الفجر، وعنده يجب الإمساك عن سائر المفطرات للصائم، ويدخل وقت أداء فريضة الصبح.
وأما
على أي أذان يصلي المسلم؟
فكما سبق ...ونعيد...
فالأذان الأول يكون بالليل قبل دخول وقت الفجر، وهذا
لا يجب عنده الإمساك للصيام، ولا تصلى به الفريضة، والحكمة التي شرع لأجلها الأذان الأول بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"
لا يَمنَعَنَّ أحدَكُم، أو أحدًا منكُم، أذانُ بلالٍ مِن سَحورِهِ، فإنَّه يُؤَذِّنُ، أو يُنادي بلَيلٍ، ليَرجِعَ قائِمَكُم، وليُنَبِّهَ نائِمَكم، وليس أنْ يقولَ الفجرُ، أو الصُّبحُ . وقال بأصابعِهِ، ورَفعَها إلى فوقُ، وطأطَأ إلى أسفَلُ : حتى يقولَ هكذا . وقال زُهَيرٌ بسَبَّابَتَيهِ ، إحداهُما فوقَ الأُخرَى، ثم مَدَّها عَن يَمينِهِ وشِمالِهِ .
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري في صحيحه :621 .
"
لَا يَمْنَعَنَّ أحدًا منكم أذانُ بلالٍ ( أوْ قالَ
نداءُ بلالٍ )
مِنْ سُحُورِهِ فإِنَّهُ يؤذِّنُ ( أوْ قال
ينادِي )
بليلٍ . لِيَرْجِعَ قائِمُكم ويوقِظَ نائمَكمْ . وقال :" ليس أنْ يقولَ هكذا وهكذا" وصوَّب يَدَه ورفَعها حتى يقولَ هكَذا وفرَّجَ بينَ إصبِعيْهِ . وانتهى حديثُ المعتمرِ عندَ قولِهِ : يُنَبِّهُ نائِمَكم ويرجعُ قائِمُكم"
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث مسلم في صحيحه: 1093شرح الحديث ومعناه:
يُبَيِّن النَّبيُّ صلَّى الله علَيه وسلَّم أنَّه لا يَمنَعَنَّ أحدًا أذانُ بِلالٍ مِن أكْلِ سَحورِه، أي: ما يُتَسَحَّر به، فإنَّ بِلالًا يُؤَذِّن، أو يُنادي في اللَّيلِ؛ لِيَرجِع قائِمُكم، أي: إعْلام القائِمِ المُصلِّي بقُربِ الفَجرِ؛ ولِيُنَبِّه، أي: يوقِظَ نائِمَكم؛ لِيَتأهَّبَ للصَّلاةِ بالغُسلِ ونَحوِه، ولَيس أن يَقولَ، أي: يَظهَر الفَجرُ أو الصَّبحُ، وأشارَ صلَّى الله علَيه وسلَّم بأصابِعِه ورَفَعَها إلى فَوق، "وطَأْطَأ"، أي: خَفَضَ أُصُبَعَيه إلى أسفَلَ حتَّى يَقولَ، أي: يَظهَرَ الفَجرُ هكذا. وقال زُهَيْرٌ، مِن رُواةِ الحديثِ: بِسبَّابتَيه اللَّتين تَليانِ الإبْهامَ، سُمِّيَتا بِذَلِك؛ لأنَّهما يُشارُ بِهِما عِندَ السَّبِّ، إحداهما فَوقَ الأُخْرى، ثُمَّ مَدَّهما عَن يَمينِه وشِمالِه؛ يُبَيِّن بالإشارةِ الأُولى الفَجرَ الكاذِبَ وبالإشارةِ الثَّانيةِ الفَجرَ الصَّادِقَ وهو النُّور الَّذي يَعترِض الأُفُقَ في جِهةِ الشَّرقِ جَنوبًا وشِمالًا.
في الحديثِ: زِيادةُ الإيضاحِ بالإِشارةِ تأكيدًا للتَّعليمِ. وأما
الأذان الثاني فقد شرع لأجل الإعلام بدخول وقت الفجر، و
عنده يجب الإمساك عن سائر المفطرات للصائم، ويدخل وقت أداء فريضة الصبح.
عن عائشة رضي الله عنها قالت:"
كُنَّ نساءُ المؤمناتِ ، يَشْهَدْنَ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ صلاةَ الفجرِ ، متلفِّعَاتٍ بمُرُوطِهِنَّ ، ثم يَنْقَلِبْنَ إلى بيوتهِنَّ حينَ يَقْضِينَ الصلاةَ ، لا يعرفُهُنَّ أَحَدٌ من الغَلَسِ" .
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري في صحيحه: 578الْمُروطُ جمْعُ مِرطٍ، وهو ا
لثَّوبُ مِنَ الصُّوفِ أو غيرِه، وهو يُشبِهُ الْمِلحفَةَ.
مُتلفِّعاتٍ بِمروطِهنَّ، أي:
مُغطِّياتٍ رؤوسَهنَّ وأجسادَهن بِالملاحفِ، فلا يُعرفْنَ مِن سِترِهنَّ.
وهذا لا يتعارض مع حديث ابي برزة رضي الله عنه الذي قال فيه:
"
كانَ يصلِّي الهجيرَ الَّتي تدعونَها الأولى ، حينَ تَدحضُ الشَّمسُ، وَكانَ يصلِّي العَصرَ ثم يرجعُ أحدُنا إلى رحلِهِ في أقصى المدينةِ والشَّمسُ حيَّةٌ قال ونَسيتُ ما قالَ في المغرِبِ قال وَكانَ يستحبُّ أن تُؤخَّرَ صلاةُ العِشاءِ الَّتي تدعونَها العتَمةَ قال وَكانَ يَكْرَهُ النَّومَ قبلَها والحديثَ بعدَها، وَكانَ ينفتلُ مِن صلاةِ الغداةِ حينَ يَعرِفُ الرَّجلُ جليسَهُ . وَكانَ يقرأُ بالسِّتِّينَ إلى المائةِ"
الراوي : أبو برزة الأسلمي | المحدث والمصدر:النسائي في سننه:529.حديث صحيح. وذهب العترة (أهل بيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ) ، والخلفاء الراشدون، ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور والأوزاعي وداود بن علي وأبو جعفر الطبري وهو المروي عن عمر وعثمان وابن الزبير وأنس وأبي موسى وأبي هريرة إلى أن
لتغليس أفضل وأن الإسفار غير مندوب.
وحكى هذا القول
الحازمي عن بقية الخلفاء الأربعة وابن مسعود وأبي مسعود الأنصاري وأهل الحجاز واحتجوا بالأحاديث المذكورة في هذا الباب وغيرها ولتصريح
أبي مسعود في الحديث ،حيث قال:
بأنها كانت صلاة النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم التغليس حتى مات ولم يعد إلى الإسفار.
"
نزل جبريلُ صلَّى اللهُ عليه وسلم ، فأخبرَني بوقتِ الصلاةِ ، فصلَّيتُ معه ، ثمَّ صلَّيتُ معه ، ثمَّ صلَّيتُ معه ، ثمَّ صلَّيتُ معه ، ثمَّ صلَّيتُ معه – يحسِبُ بأصابعِهِ خمسَ صلواتٍ – فرأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى الظهرَ حين تزولُ الشمسُ وربما أخَّرها حين يشتدُّ الحرُّ ، ورأيتُه يصلَّي العصرَ والشمسُ مرتفعةٌ بيضاءَ قبل أنْ تدخلَها الصفرةُ ، فينصرفَ الرجلُ من الصلاةِ فيأتي ذا الحليفةَ قبل غروبِ الشمسِ ، ويصلِّي المغربَ حين تسقطُ الشمسُ ، ويصلِّي العشاءَ حين يسوَدُّ الأفقُ ، وربما أخَّرها حتَّى يجتمعَ الناسُ ، وصلَّى الصبحَ مرةً بغَلَسٍ ، ثمَّ صلَّى مرةً أخرى فأسفرَ بها ، ثمَّ كانت صلاتُه بعد ذلك التَّغليسَ حتَّى ماتَ ولم يعدْ إلى أنْ يُسفِر" .
الراوي : عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبو مسعود | المحدث والمصدر : أبو داود في سننه :394 . حديث : حسن اسناده صحيح. وذهب
الكوفيون وأبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن حي وأكثر العراقيين وهو مروي عن
علي وابن مسعود إلى أن
الإسفار أفضل. واحتجوا بحديث :"
أسفِروا بالفَجرِ ، فإنَّهُ أعظَمُ للأجرِ"
الراوي : رافع بن خديج | المحدث و المصدر :الترمذي في سننه :145. رواه الخمسة ، حديث صحيح. وقد أجاب القائلون بالتغليس عن أحاديث الإسفار بأجوبة، منها :
أن الإسفار التبين والتحقق فليس المراد إلا تبين الفجر وتحقق طلوعه ورد بما أخرجه ابن أبي شيبة وإسحاق وغيرهما بلفظ: قال لبلالٍ:
"
أَسْفِرْ بصلاةِ الصبحِ حتى يَرَى القومُ مواقعَ نَبْلِهِمْ "
الراوي : رافع بن خديج | المحدث : الألباني | المصدر : إرواء الغليل: 1/284 .خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ومنها أن الأمر بالإسفار في الليالي المقمرة فإنه لا يتحقق فيها الفجر إلا بالاستظهار في الإسفار.
وذكر
الخطابي إنه
يحتمل أنهم لما أمروا بالتعجيل صلوا بين الفجر الأول والثاني طلبًا للثواب فقيل لهم صلوا بعد الفجر الثاني وأصبحوا بها فإنه أعظم لأجركم فإن قيل لو صلوا قبل الفجر لم يكن فيها أجر فالجواب إنهم يؤجرون على نيتهم وإن لم تصح صلاتهم لقوله إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر.
وقال
أبو جعفر الطحاوي:
إنما يتفق معاني آثار هذا الباب بأن يكون دخوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم في صلاة الصبح مغلسًا ثم يطيل القراءة حتى ينصرف عنها مسفرًا وهذا خلاف قول عائشة لأنها حكت أن انصراف النساء كان وهن لا يعرفن من الغلس، ولو قرأ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم بالسور الطوال ما انصرف إلا وهم قد أسفروا ودخلوا في الإسفار جدًا ، ألا ترى إلى أبي بكر رضي اللَّه عنه حين قرأ البقرة في ركعتي الصبح قيل له كادت الشمس تطلع فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين.
وعن أبي مسعود الأنصاري:"
... وصلَّى الصبحَ مرةً بغَلَسٍ ، ثمَّ صلَّى مرةً أخرى فأسفرَ بها ، ثمَّ كانت صلاتُه بعد ذلك التَّغليسَ حتَّى ماتَ ولم يعدْ إلى أنْ يُسفِر" .
الحديث رجاله في سنن أبي داود رجال الصحيح وأصله في الصحيحين والنسائي وابن ماجه ولفظه: "
سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقول: نزل جبريل فأخبرني بوقت الصلاة فصليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه يحسب بأصابعه خمس صلوات فرأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلى الظهر حين تزول الشمس وربما أخرها حين اشتد الحر ورأيته يصلي العصر والشمس مرتفعة بيضاء قبل أن تدخلها الصفرة فينصرف الرجل من الصلاة فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس ويصلي المغرب حين تسقط الشمس ويصلي العشاء حين يسود الأفق وربما أخرها حتى يجتمع الناس وصلى الصبح مرة بغلس ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات لم يعد إلى أن يسفر" ولم يذكر رؤيته لصلاة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم إلا أبو داود. قال المنذري: وهذه الزيادة في قصة الإسفار رواتها عن آخرهم ثقات والزيادة من الثقة مقبولة اهـ.
وقال
الخطابي:
هو صحيح الإسناد ، وقال
ابن سيد الناس:
إسناده حسن.
قوله: (
فأسفر بها) قال في القاموس:
سفر الصبح يسفر أضاء وأشرق اهـ.
و
الغلس بقايا الظلام، او ظُلْمة آخر الليل إِذا اختلطت بضوء الصباح .
والحديث يدل على استحباب التغليس وأنه أفضل من الإسفار ولولا ذلك لما لازمه النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم حتى مات، وبذلك احتج من قال باستحباب التغليس وقد مر ذكر الخلاف في ذلك وكيفية الجمع بين الأحاديث.
وعن أنس عن زيد بن ثابت قال:"
تسَحَّرْنا معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثم قام إلى الصلاةِ، قلتُ : كم كان بينَ الأذانِ والسُّحورِ ؟ . قال : قدْرَ خمسينَ آيةً ."
الراوي : زيد بن ثابت | المحدث : البخاري في صحيحه:1921. ( متفق عليه). وروى
ابن القيم :"
كان يقرأن فيها بالستين إلى المائة ، ثم ينصرف منها والنساء لا يعرفن من الغلس ، وإن صلاته كانت التغليس حتى توفاه الله ، وإنه إنما أسفر بها مرة واحدة ، وكان بين سحوره وصلاته قدر خمسين آية "
الراوي : - | المحدث : ابن القيم | المصدر : أعلام الموقعين: 2/295 خلاصة حكم المحدث : صحيح وحديث انس رضي الله عنه جاء فيه : "
قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : يا أنسُ ، إني أريدُ الصومَ فأطعِمْني شيئًا ، فجئتُه بتمرٍ وإناءٍ فيه ماءٌ بعدما أذَّن بلالٌ فقال : يا أنسُ ، انظُرْ إنسانًا يأكلُ معي قال : فدعَوتُ زيدَ بنَ ثابتٍ ، فقال : يا رسولَ اللهِ ، إني شرِبتُ شربةً مِن سويقٍ ، وأنا أريدُ الصيامَ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : وأنا أريدُ الصيامَ ، فتسحَّر معه ثم صلَّى ركعتينِ ، ثم خرَج فأُقيمَتِ الصلاةُ "
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة: 3/92 .خلاصة حكم المحدث : سنده صحيح والحديث يدل أيضًا على استحباب التغليس وأن أول وقت الصبح طلوع الفجر لأنه الوقت الذي يحرم فيه الطعام والشراب والمدة التي بين الفراغ من السحور والدخول في الصلاة وهي قراءة الخمسين آية هي مقدار الوضوء فأشعر ذلك بأن أول وقت الصبح أول ما يطلع الفجر.
وعن رافع بن خديج قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم:"
أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر".
والحديث عند الخمسة صحيح ،وأخرجه أيضًا ابن حبان والطبراني قال الحافظ في الفتح: وصححه غير واحد قال:
وأبعد من زعم أنه ناسخ للصلاة في الغلس وقد احتج به من قال بمشروعية الإسفار ، وقد تقدم الكلام عليه وعلى الجمع بينه وبين أحاديث التغليس وقد تقرر في الأصول أن الخطاب الخاص بنا لا يعارضه فعل النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم والأمر بالإسفار لا يشمل النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم لا على طريق النصوصية ولا الظهور فملازمته للتغليس وموته عليه لا تقدح في مشروعية الإسفار للأمة لولا أنه فعل ذلك وفعله معه الصحابة لكان ذلك مشعرًا بعدم الاختصاص به فلا بد من المصير إلى التأويل كما سبق.
واما حديث
ابن عباس ( عند
البخاري)، و
ابن مسعود ( عند
مسلم) رضي الله عنهم الذي جاء فيه :
"
ما رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ صلَّى صلاةً بغيرِ مِيقَاتِهَا ، إلا صلاتينِ : جَمَعَ بينَ المغرِبِ والعشَاءِ ، وصلَّى الفجرَ قبلَ مِيقَاتِهَا" .
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري في صحيحه: 1682 .ومسلم: 1289 . والحديث متفق عليه كما سبق، ولمسلم: (
قبل وقتها بغلس) ولأحمد والبخاري عن عبد الرحمن بن يزيد قال:
"
خرجنَا معَ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهُ إلى مكةَ ، ثمَّ قَدِمْنَا جَمْعًا ، فصلَّى الصلاتَينِ ، كلَّ صلاةٍ وحدَهَا بأذَانٍ وإقَامَةٍ ، والعشاءُ بينهمَا ، ثمَّ صلَّى الفجرَ حينَ طلَعَ الفجرُ ، قَائِلٌ يقولُ طَلَعَ الفجرُ ، وقائِلٌ يقولُ لم يَطْلُعْ الفجرُ ، ثم قالَ : إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ :" إنَّ هاتينِ الصلاتينِ حُوِّلَتَا عن وقْتِهمَا ، في هذا المكانِ ، المغربَ والعشاءَ ، فلا يَقْدُمُ الناسُ جَمْعًا حتى يُعْتِمُوا ، وصلاةَ الفجرِ هذهِ الساعةَ ". ثم وقَفَ حتى أَسْفَرَ ، ثمَّ قالَ :" لو أنَّ أميرَ المؤمنينَ أفاضَ الآنَ أصابَ السُّنَّةَ . فمَا أَدْرِي : أقَوْلُهُ كانَ أسْرَعَ أمْ دَفْعُ عُثْمَانَ رضيَ اللهُ عنهُ ، فلَمْ يزَلْ يلَبِّي حتى رمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ يومَ النَّحْرِ ".
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري في صحيحه: 1683 . قوله: (
بجمع) بجيم مفتوحة فميم ساكنة فعين مهملة وهي
المزدلفة ويوم جمع يوم عرفة وأيام جمع أيام منى أفاده القاموس. وإنما سميت المزدلفة جمعًا لأن آدم اجتمع فيها مع حواء وازدلف إليها أي دنا منها.
وروي عن
قتادة أنه قال:
إنما سميت جمعا لأنه يجمع فيها بين الصلاتين وقيل وصفت بفعل أهلها لأنهم يجتمعون بها ويزدلفون إلى اللَّه أي يتقربون إليه بالوقوف فيها وقيل غير ذلك.
قوله: (
حتى يعتموا) أي
يدخلوا في العتمة .
وتمام حديث ابن مسعود في البخاري بعد قوله
وصلاة الفجر هذه الساعة ثم وقف حتى أسفر ثم قال يعني ابن مسعود:
لو أن أمير المؤمنين أفاض الآن أصاب السنة فما أدري أقوله كان أسرع أم دفع عثمان فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر. انتهى.
والحديث استدل به من قال باستحباب الإسفار لأن قوله قبل ميقاتها قد بين في رواية مسلم أنه في وقت الغلس فدل على أن ذلك الوقت أعني وقت الغلس متقدم على ميقات الصلاة المعروف عند ابن مسعود فيكون ميقاتها المعهود هو الإسفار لأنه الذي يتعقب الغلس فيصلح ذلك للاحتجاج به على الإسفار وقد تقدم الكلام على ذلك.
وبناء على ما تقدم:
فصلاة الصبح لها وقت محدد شرعاً يبدأ من طلوع الفجر الصادق الذي هو البياض المنتشر في الأفق يميناً وشمالاً، ويمتد إلى طلوع الشمس فلا يجزئ أداؤها قبل هذا الوقت ولا يجوز تأخيرها عنه.
والأدلة الصحيحة دالة على أفضلية تعجيل صلاة الصبح بعد التحقق من وقتها بحيث تؤدى بغلس كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم واستمر عليه فعله.
قال
ابن قدامة في المغني:"
وأما صلاة الصبح فالتغليس بها أفضل وبهذا قال الشافعي وإسحاق وروي عن أبي بكر وعمر وابن مسعود وأبي موسى وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز ما يدل على ذلك".
قال
ابن عبد البر:"
صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يغلسون، ومحال أن يتركوا الأفضل ويأتون الدون، وهم النهاية في إتيان الفضائل". إلى أن قال:" ولنا ما تقدم من حديث جابر وأبي برزة وقول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس. متفق عليه. وعن أبي مسعود الأنصاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غلس بالصبح ثم أسفر مرة ثم لم يعد إلى الإسفار حتى قبضه الله. رواه أبو داود. قال الخطابي: وهو صحيح الإسناد". انتهى
وقال
ابن دقيق العيد في
إحكام الأحكام شارحاً الحديث المتفق عليه السابق:"
الغلس اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل. وفي هذا الحديث حجة لمن يرى التغليس في صلاة الفجر وتقديمها في أول الوقت، لا سيما ما روي من طول قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح، وهذا مذهب مالك والشافعي، وخالف أبو حنيفة، ورأى أن الإسفار بها أفضل لحديث ورد فيه: " أسفروا بالفجر ، فإنه أعظم للأجر." انتهى
وعليه،
فمن صلى الصبح بغلس بعد التحقق من وقتها الشرعي وهو طلوع الفجر الصادق، فقد أصاب السنة التي استمر عليها النبي صلى الله عليه وسلم حتى آخر حياته كما ثبت و ذكرناه.
والضابط المعول عليه شرعاً في هذا هو ضياء الصبح وظلمة الليل، والساعة المستخدمة الآن لضبط الوقت إنما هي دليل على ذلك وعلامة عليه.
.........................................
هناك بعض الناس يصلون صلاة الصبح في المسجد بنية النافلة وبعد وقت محدد يصلونها (الصبح) في منازلهم، عندما سألتهم قالوا إننا صلينا والوقت لم يحن بعد، أرجو منكم الشرح، وهل يكون قيام صلاة الصبح والنجوم لم تختف أم بعد اختفائها، وما هو وقت الصلاة بالضبط؟الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم مواقيت الصلاة -ومنها وقت صلاة الفجر- بياناً واضحاً لا لبس فيه وذلك في أحاديث كثيرة منها ما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"وقتُ صلاةِ الظُّهرِ إذا زالَت الشَّمسُ وَكانَ ظلُّ الرَّجلِ كَطولِهِ ما لم تحضُرِ العصرُ ووقتُ صلاةِ العَصرِ ما لم تصفرَّ الشَّمسُ ووقتُ صلاةِ المغربِ ما لم يَغِبْ الشَّفقُ ووقتُ صلاةِ العِشاءِ إلى نصفِ اللَّيلِ ووقتُ صلاةِ الصُّبحِ مِن طلوعِ الفَجرِ ما لم تطلُعِ الشَّمسُ فإذا طلَعَت فأمسِكْ فإنَّها تَطلُعُ بينَ قرنَي شَيطانِ أو مع قرنَي شَيطانٍ "
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : أحمد شاكر في مسنده : 12/32 . إسناده صحيح ومنها حديث جابر بن عبد الله قال :"
جاء جبريلُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ زالتِ الشَّمسُ فقال: قُمْ يا محمَّدُ فصَلِّ الظُّهرَ فقام فصلَّى الظُّهرَ ثمَّ جاءه حينَ كان ظلُّ كلِّ شيءٍ مِثْلَه فقال: قُمْ فصَلِّ العصرَ فقام فصلَّى العصرَ ثمَّ جاءه حينَ غابتِ الشَّمسُ فقال: قُمْ فصَلِّ المغربَ فقام فصلَّى المغربَ ثمَّ مكَث حتَّى ذهَب الشَّفقُ فجاءه فقال: قُمْ فصَلِّ العِشاءَ فقام فصلَّاها ثمَّ جاءه حينَ سطَع الفجرُ بالصُّبحِ فقال: قُمْ يا محمَّدُ فصَلِّ فقام فصلَّى الصُّبحَ ، وجاءه مِن الغدِ حينَ صار ظلُّ كلِّ شيءٍ مِثلَه فقال: قُمْ فصَلِّ الظُّهرَ فقام فصلَّى الظُّهرَ ثمَّ جاءه حينَ كان ظلُّ كلِّ شيءٍ مِثْلَيْهِ فقال: قُمْ فصَلِّ العصرَ فقام فصلَّى العصرَ ثمَّ جاءه حينَ غابتِ الشَّمسُ وقتًا واحدًا لم يَزُلْ عنه فقال: قُمْ فصَلِّ المغربَ فقام فصلَّى المغربَ ثمَّ جاءه العِشاءَ حينَ ذهَب ثُلُثُ اللَّيلِ فقال: قُمْ فصَلِّ العِشاءَ فقام فصلَّى العِشاءَ ثمَّ جاءه الصُّبحَ حينَ أسفَر جدًّا فقال: قُمْ فصَلِّ الصُّبحَ فقام فصلَّى الصُّبحَ فقال: ما بيْنَ هذَيْنِ وقتٌ كلُّه "
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : ابن حبان في صحيحه: 1472 .خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه
ورواه أحمد والنسائي وابن الملقن والعيني. وفي رواية
للهيثمي عن
ابي بكر رضي الله عنه :"
... ثم أسفر في الفجر حتى لا أرى في السماء نجماً...".
والمقصود بطلوع الفجر هو ظهور الفجر الصادق المعترض بالأفق ولا يعقبه ظلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
لا يغرنَّكم من سحورِكم أذانُ بلالٍ ، ولا بياضُ الأفقِ المستطيلِ هكذا ، حتى يستطيرَ هكذا "
الراوي : سمرة بن جندب | المحدث : مسلم في صحيحه : 1094 ."
لا يغرنَّكم أذانُ بلالٍ ، ولا هذا البياضُ لعمودِ الصبحِ حتى يستطيرَ هكذا "
الراوي : سمرة بن جندب | المحدث : مسلم في صحيحه : 1094 . ورواه
أحمد والترمذي بلفظ:"
ولكن الفجر المستطير في الأفق".
وهذا الحديثُ فيه بيانٌ وتحديدٌ لوقتِ إمساكِ الصَّائِمِ عن الطعامِ في شَهْرِ رَمَضَانَ، وهو وَقْتُ الفَجْرِ الصَّادِقِ، وأنَّ المُسلِمَ يَأكُلُ ويَشرَبُ إلى أوَّلِ أذانِ الفَجْرِ الحَقِيقِيِّ.
وهذا الحديثُ مُرتَبِطٌ في معناه برواياتٍ أُخرَى توضِّح أنَّه كان على عَهْدِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أَذَانَانِ للفَجْرِ:
الأوَّلُ يَرفَعُه بِلَالُ بنُ رَبَاحٍ رضِي اللهُ عنه، وهذا هو الذي قال فيه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم:" لا يَغُرَّنَّكُمْ مِن سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ، ولا بَيَاضُ الأُفُقِ المُستَطِيلُ هكذا حتَّى يَستَطِيرَ هكذا "، فهو نَهْيٌ لإرشادِ المسلمين إلى أنْ يَأكُلوا ويَشْرَبُوا إذا سَمِعُوا أَذَانَ بِلَالٍ؛ لأنَّه كان تَنبِيهًا على اقتِرابِ دُخولِ وقتِ الفَجْرِ فقط، وكان أَذَانُ بِلَالٍ في وقتِ استِطالَةِ بَياضِ الأُفُقِ في السَّماءِ، وكان لِيُوقِظَ النائِمَ، ويَرْجِعَ القائِمُ، أي: لِيَسْتَيْقِظَ النَّائِمُ، ويَنتَبِهَ القائِمُ الذي يُصلِّي، ثُمَّ يكونُ بعدَه الأذانُ الثاني الذي يَرْفَعُه عبدُ الله ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وبِسَماعِه يُمسِكُ الناسُ عن الطَّعامِ والشَّرابِ، ويَبْدَأُ الصِّيامُ.
وقد وجَّه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الناسَ إلى علامةِ هذا الفَجْرِ الصَّادِقِ؛ فأمَرهم أن يَأكُلوا ويَشرَبُوا "حتَّى يَستطيرَ هكذا"، أي: حتَّى يَظهَرَ في الأُفُقِ الفَجْرُ مُستطِيرًا، أي: مُستَعرِضًا.
وفي الحديثِ: أنَّ الطَّعامَ والشَّرابَ إلى آخِرِ وقتٍ قَبْلَ الفَجْرِ قال
ابن رشد: "
واتفقوا أن أول وقت الصبح طلوع الفجر الصادق وآخره طلوع الشمس إلا ما روي عن ابن القاسم وعن بعض الشافعية أن آخره الإسفار". انتهى.
وقال
ابن قدامة في المغني: "
وقت الصبح يدخل بطلوع الفجر إجماعاً.... وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق ويسمى الفجر الصادق.. فأما الفجر الأول فهو البياض المستدق صعداً من غير اعتراض فلا يتعلق به حكم ويسمى الفجر الكاذب". انتهى.
ومن خلال ما تقدم يعلم أن صحة الصلاة لا تتم إلا بدخول الوقت ومن صلى ولم يتحقق دخول الوقت أو يغلب ذلك على ظنه فلا تجوز صلاته ولا تجزئه ولا يصح الاقتداء به لا في فريضة ولا في نافلة، ويمكن الاعتماد على التقاويم الموجودة بين أيدي الناس عندكم إن كانت موافقة للواقع وإلا فالعبرة بالرؤية، ولكن الرؤية اليوم لا تتاح لجميع الناس فمن أمكنه أن يرى طلوع الفجر عياناً أو يثبت عنده بشهادة ثقة لزمه ذلك، وإن لم يمكنه فإنه يعمل بالآذان والتقاويم ويتحرى الصواب قدر استطاعته، قال الله تعالى:" فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ " {التغابن:16}، وقال تعالى: " لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا " {البقرة:286}، كما يمكنك الرجوع لعلماء بلدك فإنهم أعلم بصحة المواقيت عندكم.
أما قولك هل يكون قيام صلاة الصبح والنجوم لم تختف أم بعد اختفائها؟ فالجواب:
أن أول وقت صلاة الفجر عند إدبار النجوم للأفول ولكن يبقى أثرها حتى تختفي عند الإسفار، أما الكتب التي ننصحك بقراءتها فمنها:
كتاب صلاة الجماعة للسدلان، وكتاب صلاة الجماعة في ضوء الكتاب والسنة للدكتور سعيد بن وهف القحطاني، وكتاب أهمية صلاة الجماعة للدكتور فضل إلهي .
.........................................
يتبع ان شاء الله ج.2.....
اللهم تقبل منا ، يالله مخلصين مبلغين معلمين مذكرين....