خوات بن جبير (ما صح وما ينبغي ان يصح، ومالم يصح)

خوات بن جبير
الصحابي ( خوات بن جبير بن النعمان بن أمية بن البرك؛ وهو امرؤ القيس بن ثعلبة بن عمرو بن عوف الأنصاري الأوسي). وهو أخو عبد الله بن جبير العقبي البدري، الذي كان أمير الرماة يوم أحد، ويكنى (خوّات):
( أبا صالح ).
قال قيس بن أبي حذيفة:
'كنيته أبو عبد الله'.
ولد سنة: 3 قبل الهجرة، وتوفي سنة 40هـ.
*وكان لخوات من الولد:
(صالح و حبيب):
أمهما من بني ثعلبة من بني فقيم،
و(سالم و أم سالم و أم القاسم):
أمهم عميرة بنت حنظلة بن حبيب البلوية، و (داود و عبد).

قال ابن سعد في:' الطبقات':
' قالوا وكان خوات بن جبير صاحب ذات النحيين في الجاهلية، ثم أسلم فحسن إسلامه'.
النحيين>> النَّحْيُ : زِقّ السّمْن.
*وفي ابمعجم المغني:
'وِعاءٌ مِنْ جِلْدٍ يُمْلأُ بِالْماءِ أَوِ اللَّبَنِ أَوِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهَا'.
✓زق السمن(قربة/ جرة/ وعاء السمن).

وقصته:
'كانت امرأة تبيع سمنًا في الجاهلية، فدخل عليها فوجدها خالية فراودها فأبت، فخرج فتنكّر ورجع، فقال:
«هل عندك من سمن طيّب؟»،
قالت: «نعم»، فحلّت زقًّا، فذاقه،
فقال: «أريد أطيب منه، فأمسكته وحلّت آخر»، فقال: «أمسكيه فقد
انفلت بعيري»،
قالت: «اصبر حتى أوثق الأول»،
قال: «لا وإلّا تركته من يدي يهراق،
فإنّي أخاف ألا أجد بعيري»،
فأمسكته بيدها الأخرى، فانقضّ عليها،
فلما قضى حاجته، قالت له: «لا هناك»'.

ذكر الواقدي....عن المسّور بن رفاعة عن عبد الله بن مكنف أن'خوّات بن جبير'، خرج إلى بدر فلما كان بالروحاء أصابه نصيل حجر فكسر ، فرده رسول الله ﷺ إلى المدينة وضرب له بسهمه وأجره ، فكان كمن شهدها.
قالوا مات خوات بالمدينة سنة ٤٠ وهو ابن ٧٤ سنة وكان يخضب وكان ربعة من الرجال.

وأما قصة جلوسه مع النساء، فمصدرها ما ذكره الهيثمي في 'مجمع الزوائد ': 9/404.
'قال خوات بن جبير رضي الله عنه:
' نزَلْنا مع رسولِ اللهِ ﷺ مَرَّ الظَّهْرانِ.
قال فخرَجْتُ مِن خِبائي فإذا نسوةٌ يتحدَّثْنَ فأعجَبَني فرجَعْتُ فاستخرَجْتُ عَيْبَتي ، فاستَخْرَجْتُ منها حُلَّةً فلبِسْتُها وجِئْثُ فجلَسْتُ معهُنَّ ، فخرَج رسولُ اللهِ ﷺ فقال:
( أبا عبدِ اللهِ!)
فلمَّا رأيْتُ رسولَ اللهِ ﷺ هِبْتُه واختلَطْتُ قلْتُ:
'يا رسولَ اللهِ، جَمَلٌ لي شَرَدَ وأنا أبتغي له قَيدًا فمضى واتَّبَعْتُه!'!!
فألقى إليَّ رِداءَه ودخَل الأَراكَ كأنِّي
أنظُرُ إلى بياضِ مَتْنِه (ظهره) في
خُضرةِ الأَراكِ (شجر)، فقضى حاجتَه وتوضَّأ، وأقبَل والماءُ يَسيلُ مِن لحيتِه على صدرِه فقال:
( أبا عبدِ اللهِ ما فعَل شِرادُ جَمَلِك!)
ثمَّ ارتَحَلْنا فجعَل لا يَلْحَقُني في المَسيرِ إلَّا قال :
(السَّلامُ عليك أبا عبدِ اللهِ، ما فعَل شِرادُ ذلك الجَمَلِ !)
فلمَّا رأيْتُ ذلك تعجَّلْتُ إلى المدينةِ واجتَنَبْتُ المسجدَ ومُجالسةَ النَّبيِّ
ﷺ فلمَّا طال ذلك تحيَّنْتُ ساعةَ خَلوةِ المسجدِ فخرَجْتُ إلى المسجدِ وقُمْتُ أُصَلِّي ، وخرَج رسولُ اللهِ ﷺ مِن بعضِ حُجَرِه فجاء فصلَّى ركعتين خفيفتين وطوَّلْتُ رَجاءَ أن يذهَبَ ويَدَعَني فقال:
( طوِّلْ أبا عبدِ اللهِ ما شِئْتَ أن تُطَوِّلَ فلَسْتُ قائمًا حتَّى تنصَرِفَ !)
فقلْتُ في نفسي واللهِ لأعتَذِرَنَّ إلى رسولِ اللهِ ﷺ ولأُبَرِّئَنَّ صَدرَ رسولِ اللهِ ﷺ فلمَّا انصرَفْتُ قال :
(السَّلامُ عليك أبا عبدِ اللهِ ما فعَل شِرادُ جَمَلِك ؟!)
فقلْتُ والَّذي بعثَك بالحقِّ ما شرَد
ذلك الجَمَلُ منذُ أسْلَمْتُ فقال :
(رحِمَك اللهُ ! ، ثلاثًا)
- ثُمَّ لم يَعُدْ لشيءٍ ممَّا كان- '.

خلاصة حكم المحدث : [روي] من طريقين ورجال أحدهما رجال الصحيح غير الجراح بن مخلد وهو ثقة‏‏.

وكلام الهيثمي رحمه الله رده أهل العلم، وأصل القصة ذكرها الطبراني في الكبير، من طرق ضعيفة واهية غير مسندة.

قال ابن حجر العسقلاني في:
'تهذيب التهذيب':
'خوات بن جبير بن النعمان الأنصاري؛ أبو عبد الله، ويقال' أبو صالح'، روى
عن النبيﷺ أحاديث، وعنه ابنه صالح وعبد الرحمن بن أبي ليلى وبسر بن سعيد، وغيرهم وأرسل عنه زيد بن أسلم ...انتهى (3/147)

أقوال الأىمة العلماء:
(أبو حاتم الرازي، المزي، ابن حجر)
أنكروا سماع زيد بن أسلم من الصحابي'خوات بن جبير'.

و قال إبراهيم بن المنذر الحزامي: حدثنا زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : أن جده زيد بن أسلم توفي سنة استخلف أبو جعفر في العشر الأول من ذي الحجة سنة ست و ثلاثين و مئة.

ومن غرائب هذا الحديث الضعيف والقصة المفبركة، في القدح والذم بـ: 'خوات بن جبير'، رضي الله عنه:

١. الحديث والقصة تنتقص وتفتري وتجرح سيدنا النبي ﷺاولا،
حيث افترت بأن النبي ﷺ، تتبع
خوات المخطئ، مرات عديدة، حتى وهو يصلي، وهذا ليس من هدي
ولا من خلقه مع المسيئين ﷺ...

ثم تفتري وتنتقص القصة من الصحابي الجليل، بما لم يثبت عنه
بسند يحتج به.
٢.'خوات' مجالس النساء المتجمل لهن!!
٣. كذب'خوات'،مرارا، على النبي ﷺ.!!
٥.اجتنابه المسجد وترك الجماعة!!.
٦. تركه مجالسة النبي ﷺ، و تفويته أحكاما وهديا وفضائل عدة.
٧. تطويله صلاته لغير مقصد خير .

﷽ انتشر مقطعُ (فيديو)
للعديد من الدكاترة والوعاظ
يذكرون فيها قصةً أحد الصحابة
-رضي الله عنهم أجمعين-، وأنّه
(كان يحبّ النِّسوان!)-
كما هو لفظُ بعضهم في(فيديو)!-
وأنّ هذا الصحابيّ ادّعى ضياعَ جملِه!
وكيف أنه جالَسَ بعضَ النساء -وقد أُعجِب بِهِنّ!- يسألُ عن جملِه..!
إلى آخِر القصّة..-:

فضلا عن إضافات وأقاويل لا
تنبغي في رجل عادي، فكيف بصحابي.!!
وقد عزا د. هداه الله، القصةَ إلى
«صحيح البخاري»!!:
وهي ليست في«صحيح البخاري» مطلقا أبدا، -لا من قريب ولا من بعيد، ومن عزاه للبخاري فقد كذب وافترى، وجانب الحق والصواب، وأبعد النجعة.
بل الرواية ذكرها الطبرانيّ في «المعجم الكبير» (4146)عن شيخينِ له؛ كلاهما ضعيفٌ!

‏وأما قول الحافظ الهيثمي:
( رواه الطبراني من طريقين، ورجال أحدهما رجال الصحيح)؛ فهو مُنتقَد لضعفِ شيخَيِ الطبراني؛ فضلاً عن كونهما ليسا من (رجال الصحيح)!

وفي سند الحديث انقطاع بين
(زيد بن أسلم)، و{خواث بن جبير}،
كما جزم أبو حاتم، والـمِزّي-!

أنكر ابن معين سماعه من جابر بن عبد الله (توفي بعد 70 هجريا)، و أبي هريرة (توفي 59 هجريا) وبين وفاتيهما -زيد و أبو هريرة- (٧٧ سنة )!! فكيف بخوات رضي الله عنه، و قد توفي (٤٠ هـ)...
كما نقله ابن عبد البر في:'الاستيعاب': ١/١٣٥، فقال:
'قال ابن إسحاق : لم يشهد خوات بن جبير بدرا ولكن رسول الله ﷺ ضرب له بسهمه مع أصحاب بدر وشهدها أخوه عبد الله بن جبير، يعد في أهل المدينة
توفي بها سنة أربعين وهو ابن أربع وتسعين وكان يخضب بالحناء والكتم'. اهـ

*للمزيد: انظر الإصابة لابن حجر (2/347) ، سير النبلاء للذهبي (2/330) تهذيب الكمال للمزي (8/350)

فبين وفاة خوات رضي الله عنه و بين وفاة زيد بن أسلم "ست و تسعون سنة".!
وقد أنكر سماعه ممن تأخرت ـ تسعة عشر سنة ـ و فاته عن هذا التاريخ:
(ابن معين) ، و [أبو زرعة الرازي]
؟ فكيف بمن تقدم موته؟

*للمزيد:
" جامع التحصيل في أحكام المراسيل"، للعلائي، تجد جملة ممن أرسل عنهم (1/178).

واسمُ هذا الصحابيّ-صاحبِ القصة المفتراة -رضي الله عنه-:
(خَوّات بن جُبَير) -وقد سمّاه د. مـ...عبد الله!)،
ثم قال-متردّداً-أبو عبد الله)-🤫
وهي كنيةُ (خَوّات)!!

إنّ الواجب والصواب،هو:
تعظيمُ الصحابة بإيرادِ ما صحّ مِن مَكارم أخلاقِهم، وبديع أفعالِهم..
وهذا -لا شكّ- خيرٌ مِن ذِكر ما لا يصحُّ مِن أخبارهم وقَصصهِم ممّا قد يُفهَم
منه الطعنُ بهم وبفضلهم وجرحهم، أو الغمزُ بسلُوكهم -رضي الله عنهم جميعا-.

رحم الله (سعيدَ بن المسيّب)، لما قالفي الحديثِ الصحيحِ غُنْيَةٌ
عن الحديث الضعيفِ).
و«الدينُ النصيحةُ».

فالقصة -مع عدم صحتها- بينت:
* سوء فعل الصحابي'خوات بن جبير' رضي الله عنه.
* وانكار النبي ﷺ لفعلته، بجلوسه مع النساء المحرم عليه مخالطتهن.
* وبيان حسن أدب وخلق النبي ﷺ مع المسيء، وكيف تصرف معه ولم يفضحه ولم يعيّره.
* وبيان إصرار النبي ﷺ على بيان الخطأ للصحابي ، وإصرار النبي ﷺ
على جعله يقر بذنبه وقوله للحقيقة.
* استغفار النبي ﷺ للصحابي خوات
و دعائه له، وذهاب ما كان يجده.
* توبة الصحابي وانصرافه عن سوء فعلته، وكراهته لما كان يفعل.

تنبيه وبيان هاام:
قد يلجأ ويحتج بعض السذج والبلهاء والسفهاء بتناقلهم للقصة....قد يلجأون الى اتخاذها ذريعة ومسوغا للحديث
مع النساء والاختلاء بهن وخضوع
القول معهن و الاختلاط بهن.

أو قد يقول جاهل أحمق:
! بأن الصحابي كان يفعل كذا وكذا،
فما حالي انا؟!!

او لا قدر اللّه يقع مفتون بليد بوهة في المحذور، فيشتم الصحابي أو يتكلم فيه بما ليس فيه، وقد قال ﷺ:
(  لا تسبوا أصحابي! لا تسبوا أصحابي! فوالذي نفسي بيدِه ! لو أن أحدَكم أنفق مثلَ أحدٍ ذهبًا، ما أدرك مدَّ أحدِهم، ولا نصيفَه'.
رواه أبو هريرة. صحيح مسلم: 254.

* وعلى فرض أن القصة مسندة -وهي ليست كذلك-:
فالصحابي المذكور -زعما-، كان مفتونا بالنساء...فدعا له النبي ﷺ، واستقر الايمان في قلبه ولم يعد يحدث النساء، المحرمات ولا يختلط بهن.

فما العبرة والحكمة والمستفادة،
من ذكر قصة لم تصح، على الملأ
وتذكر مثالب صحابي جليل أديب،
و تصف النبيﷺ، بالمتتبع الفاضح للمسيء...
وهو كامل الخلق الحيي ﷺ...
فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ ﷺ، أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِى خِدْرِهَا، فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِى وَجْهِهِ' مسلم: (6176)

قال النووي في شرحه على مسلم:٥/٧٢ :
' هُوَ مُوَافِق لِلْمَعْرُوفِ مِنْ خُطَبه ﷺ فِي مِثْل هَذَا أَنَّهُ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا فَخَطَبَ لَهُ ذَكَرَ كَرَاهِيَته، وَلَا يُعَيِّن فَاعِله، وَهَذَا مِنْ عِظَم خُلُقه ﷺ، فَإِنَّ الْمَقْصُود مِنْ ذَلِكَ الشَّخْص وَجَمِيع الْحَاضِرِينَ وَغَيْرهمْ مِمَّنْ يَبْلُغهُ ذَلِكَ، وَلَا يَحْصُل تَوْبِيخ صَاحِبه فِي الْمَلَأ'. اهـ

وقد ضعف'المصيصي' ، الأهوازي
مع الانقطاع بين "زيد"،
و'خوات '، فاجتماع ضعفين أشد من انفراد أحدهما .
هل يدخل الحديث في باب:
النصيحة ، أو التربية ، أو .....

فالصحيح كثير، ويغني عن الضعيف.

الصحيح الثابت من خلقه ﷺ، مع أصحابه، الرفق بهم و تخولهم بالموعظة، و ترك التعيين، والستر.

ذكر مثالب الصحابي'خوات'، بأي فائدة ترجى من ورائها ؛ بل إنها قد تعين السذج والحمقى على ارتكاب المعاصي بحجة أنه فعل صحابي .

ولو صحت القصة، والحديث،
(جدلا)...فليس كل حق يقال.
و قد بوب البخاري في صحيحه:
[ باب مَنْ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ كَرَاهِيَةَ أَنْ لاَ يَفْهَمُوا].

وَقَالَ عَلِي بن أبي طالب:
'حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ،
أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ'.