تسوية و ترتيب الصفوف في الصلاة ومسائل جد هامة وضرورية كيف يكون ترتيب الصفوف في الصلاة ؟
ينبغي العلم بأن
أقَلُّ الجماعة اثنان.
وترتيب الصُّفوف في صلاة الجماعة يَكون على النَّحْو الآتي:
(
أ)
إذا كان المأمومُ رجلاً أو غلامًا ، فإنَّه:
يقف عن يمين الإمام بِجانبه تَمامًا، فلا يتقدَّم عنه ولا يتأخَّر.
قال الإمام
البخاريُّ رحمه الله: "باب:
يقوم عن يمين الإمام بحِذائه سواءً، إذا كانا اثنين"،
ذكر البخاري: 4570 ،
ابن عبَّاس صلى بجانب النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في بيت خالته
ميمونةقال
ابن عباس رضي الله عنهما :
"
بتُّ عندَ خالتي ميمونةَ ، فقُلْتُ لأَنْظُرَنَّ إلى صلاةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فطُرِحَتْ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وسادةٌ ، فنامَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في طولِها ، فجَعَلَ يَمْسَحُ النومَ عن وجهِه ، ثم قرَأَ الآياتِ العشرَ الأواخرَ مِن آلِ عمرانَ حتى ختَمَ ، ثم أتى شَنًّا مُعَلَّقًا ، فأخَذَه فتوَضَأَ ، ثم قام يُصَلِّي ، فقُمْتُ فصَنَعْتُ مثلَ ما صنَعَ ، ثم جِئْتُ، فقُمْتُ إلى جنبِه ، فوضَعَ يدَه على رأسي ، ثم أخَذَ بأُذُني فجَعَل يَفْتِلُها ، ثم صلى ركعتين ، ثم صلى ركعتين ، ثم صلى ركعتينن ، ثم صلى ركعتين ، ثم صلى ركعتين ، ثم صلى ركعتين ، ثم أَوْتَرَ ".
قال الحافظُ
ابن رجب رحمه الله في "
فتح الباري" (2/ 190) : "
وظاهِرُه المُساواة "
(أي:
وظاهر الحديث أنَّ قدَم ابن عباس رضي الله عنهما كانت محاذية لقدم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أثناء الوقوف سواءٌ بسواء، لا تتقدم عنها ولا تتأخر).
وعن
ابن جُرَيج قال: قلتُ
لعطاء:
"
الرَّجل يُصلِّي مع الرجل؛ أينَ يكونُ منه؟"
قال:"
إلى شقِّه الأيمن".
قلتُ:"
أيُحاذي به حتَّى يصِفَّ معه لا يفوت أحدهما الآخر؟"
قال:"
نعم ".
قلتُ:"
أتحبُّ أن يُساوِيَه حتَّى لا تكون بينهما فُرْجة؟ ".
قال:"
نعم".
رواه عبدالرزاق (2/ 406 - 3870) بسند صحيح وفي
الموطَّأ عن
عبدالله بن عتبة بن مسعودٍ قال:
"دخلتُ على عمر بن الخطَّاب بالهاجرة -يعني في وقت الظهيرة -، فوجدتُه يُسبِّح - يعني: يصلِّي-،
فقمتُ وراءه ، فقرَّبني حتَّى جعلَني حِذاءَه عن يمينه".
رواه مالك في "الموطأ ":1/ 154، والبيهقي :3/ 96، وإسناده صحيح. ومن حديث
ابن عباس رضي الله عنهما ، المتفق عليه ،قال:
"
صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقمت عن يساره، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه "
ماذا ينبغي أن يفعل إن كان المصلون ثلاثةً فأكثر:
يتقدَّمَ الإمام ، وَ يقف المصليان أو المصلون خلْفَه مباشرة .
كما أنه
يجوز أن يقف أحَدُهما عن يمينه والآخَرُ عن يساره إذا كانا اثنَيْن فقط ، على أن يتوَسَطَهم إمامهم فلا يتقدم عنهم ولا عليهم ، بل يكونوا سواسية. كيف تأم المرأةُ المرأةَ؟ تقفان بجانب بعضهما البعض ، سواء بسواء.
كيف تأم المرأةُ مجموعة من النساء؟ إن كُنَّ مجموعة نساء -أكثر من اثنتين-، فإن من تأمَهن ، عليها الوقوف وَسَطَهُنَّ ، فلا تتقدم عنهم، بل تحاذيهِن . ماذا لو صلى مع الإمام رجل واحد وامرأة واحدة؟على الرَّجل أن يقف بجانب الإمام على يمينه سواء بسواء.
تقفَ المرأة خلفهما. ماذا لو كان مع الإمام رجلان وامرأة؟على الرجلين أن يقَفا خلف الإمام ، وتقف المرأة خلفَ الرجلين.
ماذا لو كان مع الإمام امرأةٌ واحدة فقط؟على المرأة أن تصلي خلف الرجل .
و يُكرَه -كراهة تحريم - أن يؤمَّ الرَّجلُ المرأة الأجنبيَّة بِمُفردها؛ حتَّى لا تكون خُلوَةً، إلاَّ أن تكون مِن مَحارمه.
كما نصَّ على ذلك الإمامُ
النَّووي في "
المَجْموع" (4/ 277).
ماذا لو وقف المأموم - المقتدي - عن يَسار إمامه ؟على الإمام أن يدير المأموم - المقتدي - مِن خلفه ، حتَّى يجعله عن يمينه بماحاذاته مباشرة. ماذا لو كان عن يَمين الإمام رجل واحد فقط ، ثم جاء رجل آخر ، فوقَفَ على يسار الإمام ؟على الإمامُ أن يؤخَّرَهما إلى ورائه ، أو أن يتقدم عليهما بمقدار ما يسمح لهما بالركوع والسجود.كما قال
ابن قُدَامة في "
المغني" (2/ 216):
"
ولا يتقدَّم الإمام إلاَّ أن يكون وراءه ضِيق، وإن تقدَّم جاز"[6].
ماذا لو صلَّى المأموم على يسار الإمام ، ولَم يُدِرْه الإمام الى يمينه، فهل صلاة المأموم صحيحة أم باطلة؟السادة الحنابلة: يرون بُطْلان صلاته ، إلاَّ إذا كان عن يمين الإمامِ رجلٌ آخر. السادة المالكٍية والشافعية و الأحناف، ورواية عن أحمد:
قالوا بـ أنَّ صلاته صحيحة على كلِّ حال، إلاَّ أنه خالَفَ السُّنة.
وهذا هو الرَّاجح؛ فلا دليل على بُطْلان تلك الصلاة .
ماذا لو صلى رجلان خلف الإمام -ابتداءً-، ثُم خرج أحدُهما لِعُذر؟
على المقتدي الثاني أن تقدَّمَ حتَّى يقف بمحاذاة إمامه عن يمينه؟ ماذا يفعل من وجد رجلين يصليان جماعة ، وَكَانَا في هيئة السجود؟على القادم الجديد أن يسجد عن يمين صاحبه المقتدي بالأمام ،
أو أن يسجد عن يسار الإمام ،
ثم عندما يقف الإمام فعليهما أن يتراجعا خلف الإمام. ما حُكم صلاة المرأة او النساء ، خلافا لما ثبت في السُّنة النبوية الشريفة ؟
والذي فيه أن المرأة تقف خلف الرِّجال ،
وصفوف النِّساء خلف صفوف الرجال ؟
فلو خالفَتْ المرأة او النساء ذلك
لو صَلّت المرأة ، النساء ، بجانب الرجال أو أمامهم ، فما حكم الصلاة ؟ روى البخاري (380) ومسلم (658) عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ جَدَّتَهُ
مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ:"
قُومُوا فَلِأُصَلِّ لَكُمْ" قَالَ أَنَسٌ :"
فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
وَصَفَفْتُ وَالْيَتِيمَ وَرَاءَهُ ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا ، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ " .
قال الحافظ
ابن حجر في
فتح الباري:2/212:
"
وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد: ... َتَأْخِير النِّسَاء عَنْ صُفُوف الرِّجَال ، وَقِيَام الْمَرْأَة صَفًّا وَحْدهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا اِمْرَأَة غَيْرهَا "
وقال
ابنُ حجر ايضا : "فلو خالفَتْ، أجزأَتْ صلاتُها عند الجمهور، وعن
الحنفيَّة:
تفسد صلاة الرَّجل دون المرأة".
فتح الباري:2/212:. والصحيح من ذلك قولُ الجمهور:
(
أن صلات المرأة صحيحة ، لعدم وجود دليل يقول ببطلان صلاتها إذا فعلت ذلك، وكذلك صلاة الرجل صحيحة).
(
فإن تعمَّدَت ذلك فإنها لا شكّ آثِمة).
هل تصح صلاة المرضى على كراسي خلف الصفوف ؟ نعَم ، صلاتهم صحيحة ؛ بشرط ألاَّ يكون أحَدُهم منفردًا...وفيها مُخالَفات:
1. حرمان المرضى من ثواب الصُّفوف المقدَّمة.
2.قطعهم للصُّفوف الواجب وصلها.
3.بُعْدهم عن الإمام والاصل الدنو منه. هل تصح صلاة المأموم في المسجد او غيره ، دون رؤيته للإمام؟نعم ، تصح صلاته واقتداؤه ، سواءٌ رأى الإمام أو رأى مَن وراءه من المصلين المقتدين به ، بِشَرط سماع التَّكبيرات من الإمام أو مِمَّن يُبلِّغ عنه كالمؤذن وغيره.
فإذا لم يسمع المأموم تكبيرات الإمام فإنه يَنْوي المفارقةَ، ويُتِمَّ صلاته لنفسه.
هل تصح الصلاة مقتديا بإمام على التلفاز او الاذاعة او في بيوت مجاورة للمسجد ؟
لا تصحُّ الصَّلاة خلف امام على مِذياع او تِلفاز؛ لعدم اتِّصال الصُّفوف، كما لا تصحُّ الصَّلاة في البيوت المُجاوِرة للمسجد ولو كانوا يرَوْن الإمام ويَسْمعون صوته؛ لعدم تَحقُّق شرط اتِّصال الصفوف ، وأمَّا إذا اتَّصلت الصُّفوف إليهم، جازت صلاتهم واقتداؤهم به.
قال
ابن تَيْمِيَة في "
مجموع الفتاوى" (23/ 410): "
وأمَّا إذا صَفُّوا وبينهم وبين الصَّف الآخَر طريقٌ يَمْشى الناس فيه لم تَصِحَّ صلاتُهم في أظهَرِ قولَي العُلماء"
وهذا محمولٌ على عدَم الضَّرورة، وأما عند الضرورة - كوجود الزحام الشديد - فيجوز، كما يجوز التقدُّم على الإمام للضَّرورة.
ما حكم صلاة الإمامُ إذا كان أعلى من المأمومين ، أو العكس ؟
فهذه لَها حالات:
(1)
أن يَكون الإمام بِمُفرده في مكانٍ مُرتفِع: فهذا لا يجوز ، إلاَّ أن يكون لِقَصد التَّعليم.
(2)
أن يكون هناك بعض المأمومين مع الإمام في مستواه (كأنْ يكونوا في الطابق الأرضي)،
ويوجد بعضُهم أعلى منه؛ كأنْ يَكونوا في طوابق أُخرى، فلا يُكْرَه.
(3)
إذا كان الإمام بمفرده في مكانٍ أسفل من المَأْمومين ، فلا كراهةَ في ذلك.
هل تصح الصلاة في المساجد ذات الطوابق المتعددة؟
نعم تصحُّ الصلاة ، إذا كان الإمامُ في أحد هذه الطَّوابق، ويَقْتدي به مَن معه في هذا الطابق، والأفضل أن يكون هو في الطابق الأسفل، ويُشترط في الطوابق الأخرى ألاَّ يَصطفُّ فيها أحد إلاَّ عند امتلاء المسجد بالَّذين اصطفُّوا خلف الإمام.
ما حكم صلاة المقتدي الذي بينه وبين الإمام حائل ، فاصل (كأنْ يصلي المأموم خارج المسجد والأبواب مغلقة)؟
تصح صلاة المقتدي بإمام لا يتمكن من رؤيته ، بسبب حائل او فاصل كجدار او باب او طابق ونحوها
بشرط أن يَعْلم المأموم بانتقالات الإمام، عن طريق مُكبِّرات الصوت، أو بتبليغِ مَن خلف الإمام.
ماذا يصنع من صلى خلف إمام لا يراه بسبب حائل ، وانقطع التواصل مع الامام لخلل فنيـ كـ انقطاع التيَّار الكهربيُّ ـ ولم يمكن لأحد تبليغُ المقتدين لبعدهم او لغيره؟
يجوز للمأمومُ أن يَنْوي المفارقةَ لإمامه ، في هذه الحالة ، ويُتِمَّ صلاته لنفسه.
تسوية الصفوف للصلاة حكمها و كيفيتها :
الرَّاجح من اقوال أهل العلم هو :
وجوب تسوية الصُّفوف للصلاة ففي صحيح
مسلم: 436 ، من حديث
النُعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال:
"
كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يسوي صفوفَنا ، حتى كأنما يسوي بها القداحَ ، حتى رأى أنا قد عقلنا عنه ، ثم خرج يومًا فقام حتى كاد يكبِّر فرأى رجلًا باديًا صدرُه من الصفِّ ، فقال: " عبادِ اللهِ ! لتسوُّن صفوفَكم أو ليخالفنَّ اللهُ بين وجوهِكم ."
وفي رواية
ابن حبان : 2176 ، وغيره ، عن
النعمان بن بشير قال:
"
أقبَل علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
بوجهِه فقال:
(
أقيموا صفوفَكم -
ثلاثًا -
واللهِ لَتُقيمُنَّ صفوفَكم أو لَيُخالِفَنَّ اللهُ بينَ قلوبِكم ) قال: "
فرأَيْتُ الرَّجلَ يُلزِقُ كعبَه بكعبِ صاحبِه ومَنكِبَه بمَنكِبِ صاحبِه".
وثبت عند
البخاري :723 ، من حديث
أنس بن مالك رضي الله عنه ان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم اذا وقف للصلاة قال لأصحابه رضي الله عنهم:
"
سوُّوا صفَوفَكُم ، فإنَّ تَسْوِيَةَ الصفوفِ من إقَامَةِ الصلاةِ".
وعند
مسلم: 433:"
سوُّوا صفوفَكم فإنَّ تسويةَ الصفِّ من تمامِ الصلاةِ "
وتسوية الصفوف - اعتدال الصفوف على هيئة واحدة - ينبغي لها مراعاة ما يلي:
(اولا)
المُحاذاة:
وتكون بالمَناكب -
الأكتاف-، و
بالأكْعُب أو
الكِعاب فلا يتقدَّم مصلٍّ على أخر ، بل
كلهم سواء .
ولا صحة للمحاذاة بأطراف أصابع الأرجُل.
فقد صح من حديث
عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ، كما في
سنن أبي داود:666 ، وغير، ان رسول قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -قال:
"
أقيمُوا الصفوفَ وحاذُوا بين المناكبِ ، وسُدُّوا الخَللَ ولِينوا بأيدي إخوانِكم ، ولا تذَروا فُرجاتٍ للشيطانِ ، ومن وصل صفًّا وصله اللهُ ومن قطع صفًا قطعه اللهُ".
(ثانيا)
التَّراص:
فلا يكون هناك فُرُجات وخَلَلٌ بين الصُّفوف.
فقد صح من حديث
عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ، كما في
النووي في المجموع: 4/226 ، أن رسول قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -قال:
"
أقيمُوا الصفوفَ وحاذُوا بين المناكبِ ، وسُدُّوا الخَللَ ، ولِينوا بأيدي إخوانِكم ، ولا تذَروا فُرجاتٍ للشيطانِ ، ومن وصل صفًّا وصله اللهُ ومن قطع صفًا قطعه اللهُ".
وصح كما عند
ابي داود في
سننه :667 ، و
النووي في
المجموع: 4/227 ،وغيرهما ، من حديث
أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال:
"
رُصُّوا صُفوفَكم ، وقارِبوا بينها ، وحَاذوا بالأعناق ؛ فوالَّذي نفسي بيده ، إنِّي لأَرَى الشَّيطان يَدْخل من خلل الصَّف كأنَّها الحَذَف"
و
الحَذَف:
غنم سُودٌ صِغار.
قال
الخَطَّابي رحمه الله:
"
رُصُّوا صفوفكم " معناها: (
ضمُّوا بعضها إلى بعض).
ما هي صِفة رَّص الصفوف؟ صح عند
البخاري :725 ، من حديث
أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال :
"
أقيموا صُفوفَكم، فإني أراكم من وراءِ ظهري ". وكان أحدُنا يَلزَقُ مَنكِبَه بمَنكِبِ صاحبِه، وقدمَه بقدمِه".
وصح ايضا عند
ابي داود في
سننه :662 ، من حديث
النعمان بن بشير رضي الله عنه ، قال :
" أقبل رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه فقال:
[
أقيموا صفوفكم ثلاثا والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم ]
قال :"
فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبة صاحبه وكعبه بكعبه".
وفي صحيح
مسلم:432 ، من حديث
أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ :
"
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلاةِ وَيَقُولُ : (
اسْتَوُوا ، وَلا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ )".
وصح ايضا عند
ابي داود في
سننه :672 ، من حديث
عبدالله بن عباس رضي الله عنهما ،ان رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال :
"
خيارُكم ألينُكم مناكبَ في الصلاةِ "
وصح ايضا عند
المنذري في
الترغيب والترهيب:1/234، من حديث
عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ،ان رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال :
"
خيارُكُم ألينُكُم مَناكبَ في الصَّلاةِ ، وما مِن خطوةٍ أعظَمُ أجرًا مِن خطوةٍ مَشاها رَجلٌ إلى فرجةٍ في الصَّفِّ فسدَّها ".
ويتضح مما سبق من حديثه صلوات ربي وسلامه عليه أنّ التراص لا يَعْني التَّزاحُم و ايقاع الحرج بين المصلين والذي قد يُذْهِب الخشوع و يوقع الحرج.
(ثالثا)
تقارب الصفوف:
فكما سبق ...صح عند
ابي داود في
سننه :667 ، و
النووي في
المجموع: 4/227 ،وغيرهما ، من حديث
أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال:
"
رُصُّوا صُفوفَكم ، وقارِبوا بينها ، وحَاذوا بالأعناق ؛ فوالَّذي نفسي بيده ، إنِّي لأَرَى الشَّيطان يَدْخل من خلل الصَّف كأنَّها الحَذَف"
فينبغي أن تكون الصفوف متقاربة من بعضها البعض، فتكون المسافة بين الصف والآخر بمقدار السجود لمصلي في الخلف.
(رابعا)
إتمام الصُّفوف وسد الخلل :
صح عند
ابي داود في
سننه :671 ، و
النووي في
الخلاصة : 2/709 ،وغيرهما ، من حديث
أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال:
"
أتمُّوا الصفَّ المُقدَّم ثم الذي يليه فما كان من نقصٍ فلْيكُنْ في الصفِّ المُؤخَّرِ ".
فالأمرُ النبوي الشريف هو
بإتمامِ الصُّفوفِ المتقدِّمةِ في الصَّلاةِ قَبلَ البَدْءِ والشُّروعِ في بناءِ صَفٍّ آخَرَ جديد.
فقد صح عند
مسلم في
صحيحه :430، من حديث
جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:
" خرج علينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فقال:
"
مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذنابُ خيلٍ شُمُسٍ! اسكُنوا في الصلاةِ "
قال : " ثم خرج علينا فرآنا حَلقًا ". فقال:
"
ما لي أراكم عِزين! ".
قال :" ثم خرج علينا فقال:
"
ألا تَصُفُّون كما تَصُفُّ الملائكةُ عند ربِّها؟"
فقلنا:يا رسولَ اللهِ وكيف تَصُفُّ الملائكةُ عند ربِّها؟ قال:
"
يتمون الصفوفَ الأُولَ ويتراصون في الصفِّ ".
شرح الحديث :
ما لي أراكم، أي: في الصَّلاةِ، رافعي أيديكم، أي: عند التسليمِ، كأنَّها أذنابُ خيلٍ شُمْسٍ؟! أي: ذُيولُها، و"شُمْس": وهي الخيلُ الَّتي لا تستقرُّ بل تضطربُ وتتحرَّكُ بأذنابِها وأرجُلِها.وجاء في رواية أخرى، قوله ،
" علامَ تُومِئون بأيديكم؟" أي: تُشيرون بها، كأذنابِ خيلٍ شُمْسٍ؟!
"اسكُنوا في الصَّلاةِ" أي: اخْشَعوا فيها
" وإنَّما يكفي أحدَكم أن يضَعَ يدَه على فخِذِه، ثمَّ يُسلِّمُ على أخيه عن يمينِه وشِمالِه " أي: بوجهِهِ إلى اليمينِ وإلى اليَسارِ عند السَّلامِ.
فرآنا حِلَقًا، أي: نُصلِّي في حَلَقاتٍ، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم:" ما لي أراكم عِزِينَ؟!" أي: جماعاتٍ مُتفرِّقين في حلقاتٍ مُتعدِّدة
" ألَا تصفُّون كما تصفُّ الملائكةُ عند ربِّها؟ " فقُلْنا: يا رسولَ الله، وكيف تصُفُّ الملائكةُ عند ربِّها؟ قال: " يُتمُّونَ الصُّفوفَ الأُوَلَ ويتراصُّون في الصَّفِّ " أي: تتراصُّون في الصُّفوفِ بجوارِ بعضِكم البعضِ، وتتمُّونها صفًّا صفًّا، الأوَّلَ ثمَّ الثَّانيَ ثمَّ الثَّالثَ، وهكذا في كلِّ الصُّفوفِ.
وفي الحديثِ الشريف بيانُ ملاحظةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأصحابِه، وإرشادُهم وتعليمُهم كلَّما رأى منهم ما يستدعي ذلك، وهكذا يَنبغي أن يفعلَ العلماءُ مع النَّاسِ.
وفيه الحثُّ على الخُضوعِ في الصَّلاةِ، وعدمِ التَّشبُّهِ بالحيوانات.
وفيه إنكارُ التَّفرقةِ في المجالسِ، والحثُّ على التَّجمُّعِ.
وفيه الأمرُ بإتمامِ الصُّفوفِ وتسويتِها في الصَّلاةِ.(خامسا)
الدنو من الأمام :
لما صح عند
مسلم :432 ، من حديث
عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبو مسعود ، و
عبدالله بن مسعود رضي الله عنهم قال :
"
كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يمسح مَنا كِبَنا في الصلاةِ ويقولُ:
(
استووا ولا تختلفوا فتختلفَ قلوبُكم ، ليلني منكم أولو الأحلامِ والنهى ، ثم الذين يلونَهم ثم الذين يلونَهم).
قال أبو مسعودٍ:
فأنتم اليوم أشدَّ اختلافًا.
وكلَّما كان أقربَ كان أَولى ، ولهذا جاء الحثُّ على الدُّنوِّ مِن الإِمام في صلاة الجُمعة ، لأن الدُّنوَّ مِن
الإِمام في صلاة الجُمعة يحصُل به الدُّنُو إليه في الصَّلاةِ ، لما صح عند
أبي داود في
سننه :345، من حديث
أوس بن أبي أوس او
أوس بن أوس والد عمرو رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله:
"
من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب ، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها"
(سادسا)
ترتيب الاصطفاف خلف الامام :
إذا اجتمع رجال وصبيان وخناثى ونساء : لما ذكره البيهقي في السنن الكبرى: 3/97 ، من حديث أبي مالِكٍ الأشعريُّ قال:
" ألا أحدِّثُكُم بصَلاةِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ : [b]أقامَ الصَّلاةَ فصفَّ ، يعني الرِّجالَ ، وصفَّ خلفَهُمُ الغِلمانَ ، ثمَّ صلَّى بِهِم قالَ : فجَعلَ إذا سجدَ وإذا رفعَ رأسَهُ كبَّرَ ، وإذا قامَ منَ الرَّكعتينِ كبَّرَ ، وسلَّمَ عن يمينِهِ وعن شمالِهِ ثمَّ قالَ : هَكَذا صلاةٌ . قالَ عبدُ الأعلى : لا أحسبُهُ إلَّا قالَ : صلاةُ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ.
(والحديث فيه مقال عند بعض اهل الحديث ، فضعفوه) وعموما
على الرجال ان يتقدموا ـ فيكونوا خلف امامهم ـ ،
ثم الصبيان ،
ثم الخناثى ،
ثم النساء ، كما قاله
النووي في
المجموع: "
وإن حضر رجال وصبيان وخناثى ونساء ، تقدم الرجال ثم الصبيان ثم الخناثى ثم النساء ...".
وهذا الذي ذكر في تقديم الرِّجالِ، ثم الصبيان، ثم الخناثى ثم النساء، إنَّما هو في ابتداءِ الأمرِ، أما إذا سَبَقَ المفضولُ إلى المكان الفاضلِ كأنْ جاءَ الصَّبيُّ مبكِّراً وتقدَّمَ وصار في الصَّفِّ الأولِ فإن القولَ الرَّاجحَ الذي اختاره بعضُ أهلِ العِلم أنه لا يُقامُ المفضولُ مِن مكانِه ويُستدَلَّ على وقوف الصبيان في الصُّفوف مع الرجال بحديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما في
صحيح البخاري:493، قال:
"
أقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وأنا يومَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلاَمَ، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي بالناسِ بمِنًى إلى غيرِ جِدارٍ، فمَرَرتُ بين يَدَيْ بعضِ الصَّفِّ، فنزَلْتُ وأرْسلتُ الأتانَ تَرتَعُ، ودَخَلتُ في الصفِّ، فلم يُنكِر ذلكَ علَيَّ أحَدٌ".
وأما حديثه عليه الصلاة والسلام : "
ليلني منكم أولو الأحلام والنهى "...
فهم بلا شك
البالغون ، العُقَلاء؛ لشرفهم ومزيد تفَطُّنِهم وتيقُّظهم، وضَبْطِهِم لصلاة الإمام، وكذلك
حملة القرآن، العالِمون بأحكام الصلاة.
(سابعا)
يبدأ الصف من خلف الإمام مباشرة، وتُفَضَّل مَيامن الصُّفوف عن شمائلها:
وذلك لِمَا صح عند
ابي داود في
سننه:676 ، من حديث أمنا
عائشة رضي الله عنها ، عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال :
"
إنَّ الله وملائكته يُصَلُّون على ميامن الصُّفوف "
ولا حرجَ أن يكون يمينُ الصفِّ أكثر من يساره حِرصًا على تحصيل الفَضْل، كما انه لا حَرَجَ في أن يكون يمين الصف مثل يساره في العدد.
(ثامنا)
تُكْرَه أن تُصَفَّ صفوف الصَّلاة بين الأعمدةِ وبعضها إلاَّ لحاجة:
لما ثبت عند
الترمذي في
سننه :673 ، من حديث
أنس بن مالك قال: "
صلَّيتُ مع أنس بن مالك يوم الجمعة، فدفعَنا إلى السَّواري - (أي دفعنا بعيداً عن الأعمدة) -
فتقدَّمنا وتأخرنا، فقال أنس: "
كُنَّا نتقي هذا على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -".
وفي رواية اخرى عند
الترمذي في
سننه :229 ، من حديث
عبدالحميد بن محمود قال:صلَّينا خلفَ أميرٍ منَ الأمراءِ ، فاضطرَّنا النَّاسُ فصلَّينا بينَ السَّاريتينِ : فلمَّا صلَّينا قالَ أنسُ بنُ مالِكٍ :
"
كنَّا نتَّقي هذا علَى عَهْدِ رسولِ اللهِ".
اما اذا امتلأ المسجد في صلاة الجماعة او الجمعة او العيدين ، ولم يجد المصلي مكاناً يصلي فيه غير الفراغ بين السواري والاعمدة...فلا حرج.
وعن
قرة بن إياس بن هلال، قال:
"
كنَّا نُنهَى أن نَصُفَّ بينَ السَّواري على عَهْدِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ونُطرَدُ عنها طردًا ".
من الألفاظ الواردة عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لتسوية الصُّفوف:
" سَوُّوا صفوفكم؛ فإنَّ تسوية الصفوف من إقامة الصلاة ".
" أقيموا صُفوفكم ، أقيموا صُفوفكم، أقيموا صُفوفكم ".
" لا تختلفوا فتختَلِف قلوبُكم ".
" أقيموا صفوفكم، وحاذوا بين المَناكب، وسُدُّوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذَرُوا فُرجاتٍ للشيطان، ومن وصَلَ صفًّا وصله الله، ومن قطع صفًّا قطعه الله".
" رُصُّوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق".
" أتِمُّوا الصف المقدَّم، ثم الذي يليه، فما كان من نقصٍ، فلْيَكن في الصف المؤخَّر". ما حكم صلاة المُنْفرد ـ جماعة ـ خلف الصف؟لا يجوز للمأموم أن يُصلِّي خلف الصَّف منفردًا لِما ثبت عند
ابن حبان في
صحيحه:2203 ، من حديث
أبي علي بن شيبان ، قال:
"
صلَّيْتُ خلْفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
صلاتَه نظَر إلى رجلٍ خلْفَ الصَّفِّ وحدَه فقال النَّبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ـ: "
هكذا صلَّيْتَ "؟ قال:
نَعم .
قال: "
فأعِدْ صلاتَك فإنَّه لا صلاةَ لفردٍ خلْفَ الصَّفِّ وحدَه"
وصح عند
النووي في
المجموع:4/298 بسند حسن ، من حديث
علي بن شيبان قال:
"
صلينَا خلفَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ فانصرَفَ ، فرَأَى رجلًا يصلِّي خلفَ الصفِّ ، فوقَفَ نبيُّ اللهِ حتى انصَرَفَ الرجلُ ، فقالَ لهُ :
"اسْتَقْبِلْ صلاتَكَ ، لا صلاةَ للذي خلفَ الصَّفِّ".
وهذا الأمرُ مَحمولٌ على وقوفِ الرَّجُلِ خلفَ الصفِّ مع وجودِ مكانٍ ومُتَّسعٍ في الصفِّ، وأمَّا إذا لم يَجِد مكانًا في الصفوفِ ووقَفَ وحْدَه؛ فهذا لا بأسَ به لأنَّ هذا هو المستطاعُ، ولا يُكلِّفُ اللهُ نفْسًا إلَّا وُسعَها .
وعليه
فلا يَجوز جَذْبُ أحد المُصلِّين من الصُّفوف المتقدِّمة؛ لِيُنشئ به صفًّا جديدًا، فالحديث الوارد في من اوردوه كدليل على جواز ذلك حديث ...ضعيف... وفي فعل ذلك مُخالَفات منها:
التَّشويش وايقاع الخوف و الهاع والدهشة على مَن يتم جذبه من مكانه ، وعلى المُصلِّين أيضا.
كذلك فيه قَطْع الصف،لما ثبت عند
النسائي :818 ،و
النووي في
الخلاصة: 2/707 ، و
مسند أحمد: 8/82، من حديث
عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ،قال : كان رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم -يحث على وَصْلِ الصُّفوفِ في الصَّلاةِ والمحافظةِ على استِقامَتِها، والتَّحذيرُ مِن قَطعِها، والحَذَرُ مِن اعوِجاجِها، فيقول:
"
0]أقيموا الصُّفوفَ وحاذُوا بينَ المناكبِ وسُدُّوا الخللَ ولينوا بأيدي إخوانِكم ولا تذَروا فرُجاتٍ للشَّيطانِ ، ومَن وصَلَ صفًّا وصَلَه اللَّهُ ومن قطعَ صفًّا قطعَه اللَّهُ ـ عز وجل ـ"
ماذا لو حضر اثنانِ أثناء الصَّلاة وفي الصَّف فُرْجة ، فراغ ، فـ
أيهما أفضل:
وقوفُهما جميعًا، أو سَدُّ أحدهما الفُرجةَ وينفرد الآخَر؟
الافضل ان يصطفا وقوفا معاً، مع بقاء الفُرجة اوالفراغ خاليا ؛ لأنَّ سدَّ الفرجة مستحَب، والاصطفاف واجب . وهو ما رجَّحه ابن تَيْمِيَة .
ماذا يفعل مَن دَخَلَ المسجد، فوَجَدَ الإمامَ راكعاً، وليس يدرك الركوع الا عند الباب فقط؟
جازَ له أن يتوجه إلى القِبلة، ثم يركع خلف الصَّف، ثم يمشي وهو راكع حتَّى يدخل في الصف.
وذلك لِما ثبت أن
ابن الزُّبير رضي الله عنهما أنه قال وهو على المِنْبَر:
"
إذا دخل أحدُكم المسجد والناس ركوعٌ، فلْيَركع حتَّى يدخل - أي حين يدخل -، ثم يَدُبّ راكعًا - يعني يمشي وهو راكع - حتَّى يدخل في الصف، فإنَّ ذلك السُّنة".
r=#cc9900]ابن خزيمة (1571)، والطبراني في "الأوسط" (7/ 115)، والحاكم (1/ 214)، وصحَّحه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في "السلسلة اصحيحة" (229)].
وثبتَ أيضاً عن جَماعة من كِبار الصَّحابة كـ
ابن مسعود، و
زيد بن ثابت لقول
ابن الزُّبير رضي الله عنه: "
فإنَّ ذلك السُّنة"، ولَم يُنكِر عليه أحَدٌ من الصَّحابة.
كيف يصلي من لديه عذر شرعي يمنعه من القيام للصلاة؟
يصلي جالسا بأي هيئة تمكنه من أداء الصلاة، لما ثبت عند البخاري :1066 ، من حديث
عمران بن حصين رضي الله عنه قال :"
كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال :
"
صَلِّ قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ " .
قال
ابن قدامة المقدسي في "
المغني": 1 / 443:
"
أجمع أهل العلم على أن من لا يطيق القيام له أن يصلي جالساً ".
قال
النووي في"
المجموع ": 4 / 226 :
"
أجمعت الأمة على أن من عجز عن القيام في الفريضة صلاها قاعداً ولا إعادة عليه ، قال أصحابنا : ولا ينقص ثوابه عن ثوابه في حال القيام ؛ لأنه معذور ، وقد ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" ... إذا مرضَ العبدُ ، أو سافرَكُتِبَ له مثلُ ما كان يعملُ مُقيمًا صحيحًا ") ".
قال
الشوكاني في "
نيل الأوطار ": 3 / 243:
"
وحديث عمران يدل على أنه يجوز لمن حصل له عذر لا يستطيع معه القيام أن يصلي قاعداً ، ولمن حصل له عذر لا يستطيع معه القعود أن يصلي على جنبه".
وينبغي للمصلي على كرسي التنبه لما يلي :
إذا كان معذوراً في ترك القيام ، فلا يبيح له عذره هذا الجلوس على الكرسي لركوعه وسجوده .
وإذا كان معذوراً في ترك الركوع والسجود على هيئتهما ، فلا يبيح له عذره هذا عدم القيام والجلوس على الكرسي .
للقاعدة الفقهية:
أن ما استطاع المصلي فعله ، وجب عليه فعله ، وما عجز عن فعله ، سقط عنه .فمن كان عاجزاً عن القيام جاز له الجلوس على الكرسي أثناء القيام ، ويأتي بالركوع والسجود على هيئتهما ، فإن استطاع القيام وشقَّ عليه الركوع والسجود : فيصلي قائماً ثم يجلس على الكرسي عند الركوع والسجود ، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه .
كيف يجب وضع الكرسي في الصف لمن سيصلى على كرسي؟
قال اهل العلم رحمهم الله :
أن العبرة فيمن صلى جالساً مساواة الصف بمقعدته ، فلا يتقدم أو يتأخر عن الصف بها ، لأنها الموضع الذي يستقر عليه البدن .
"أسنى المطالب" (1/222) ، "تحفة المحتاج" (2/157) ، "شرح منتهى الإرادات" (1/279) . وجاء في "
الموسوعة الفقهية" (6/21) :
"
يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الاقْتِدَاءِ (أي اقتداء المأموم بالإمام)
أَلا يَتَقَدَّمَ الْمُقْتَدِي إمَامَهُ فِي الْمَوْقِفِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (
الْحَنَفِيَّةِ وَ
الشَّافِعِيَّةِ وَ
الْحَنَابِلَةِ )...
وَالاعْتِبَارُ فِي التَّقَدُّمِ وَعَدَمِهِ لِلْقَائِمِ بِالْعَقِبِ ، وَهُوَ مُؤْخِرُ الْقَدَمِ لا الْكَعْبِ ، فَلَوْ تَسَاوَيَا فِي الْعَقِبِ وَتَقَدَّمَتْ أَصَابِعُ الْمَأْمُومِ لِطُولِ قَدَمِهِ لَمْ يَضُرَّ . . . . . وَالْعِبْرَةُ فِي التَّقَدُّمِ بِالأَلْيَةِ لِلْقَاعِدِينَ ، وَبِالْجَنْبِ لِلْمُضْطَجِعِينَ "
انتهى . إن كان المصلي سيجلس على الكرسي من أول الصلاة إلى آخرها ، كيف يضع الكرسي؟
يحاذي الصف بموضع جلوسه .
فإن كان سيصلي قائماً ، غير أنه سيجلس على الكرسي في موضع الركوع والسجود ، كيف يضع كرسيه؟
العبرة بالقيام . فيحاذي الصف عند قيامه .
فيكون الكرسي خلف الصف ، في موضع لا يتأذى به من خلفه من المصلين.
وعليه ومرة أخرى حالات : وضع الكرسي في الصف للعاجز عن القبام مع المصلين:
1.
أن يصلي جالسا على الكرسي من أول الصلاة إلى آخرها:
فهذا يحاذي الصف بموضع جلوسه بمقعدته سواء تقدمت أرجل الكرسي قليلا أو تأخرتوقد نص العلماء رحمهم الله أن
العبرة بمكان المأموم الجالس موضع جلوسه.
جاء في
الموسوعة الفقهية:
والاعتبار في التقدم وعدمه للقائم بالعقب وهو مؤخر القدم لا الكعب، فلو تساويا في العقب وتقدمت أصابع المأموم لطول قدمه لم يضر..والعبرة في التقدم بالألية للقاعدين وبالجنب للمضطجعين.
2.
أن يصلي قائما ويجلس عند الركوع والسجود:
العبرة بالقيام للمصلي ، فيحاذي الصف عند قيامه،فيكون الكرسي خلف الصف، في موضع لا يتأذى به من خلفه من المصلين.