السراج كاتبة متميزة واميرة الاشراف
عدد المساهمات : 410 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 53 الموقع : aahmroo@yahoo.com
| موضوع: البدعة : خلاف السنة اعتقاداً وعملاً وقولاً. أحكام وقضايا وفتاوى الأحد ديسمبر 28, 2014 11:12 pm | |
| ما تعريف البدعة؟
هل يوجد بدعة حسنة وبدعة سيئة؟ وهل يوجد تصنيفات أخرى للبدعة؟ هل البدعة حرام، وهل من أمثلة؟ هل الخيط الذي يوضع في بعض المساجد لتسوية الصف، ومسك المصحف لاتباع الإمام أثناء صلاة التراويح والتهجد، والتسبيح بالسبحة من البدع؟ وهل هي محرمة؟
الإجابــة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فأما تعريف البدعة فقد عرف محمد الخادمي الحنفي البدع بقوله:" جمع بدعة خلاف السنة اعتقاداً وعملاً وقولاً " ، وهذا معنى ما قالوا: البدعة في الشريعة: إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذكر أيضاً: أن المعنى الشرعي للبدعة هو: الزيادة في الدين أو النقصان منه الحادثان بعد الصحابة بغير إذن من الشرع.
والشاطبي عرف البدعة بقوله: طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه.
والبدعة لها إطلاق لغوي وإطلاق شرعي:
أما من حيث الإطلاق اللغوي: فيجوز أن تقسم إلى حسنة وسيئة؛ لأن البدعة من بدع فلان الشيء يبدعه بدعًا، وابتدعه إذا أنشأه وفعله ابتداءً، وقد يكون ذلك الابتداع إبداعًا مستحسنًا فتكون البدعة حسنة، وقد يكون مستهجنًا فتكون البدعة سيئة.
وأما الإطلاق الشرعي للبدعة فلا يصح فيه هذا التقسيم؛ لأن البدعة بهذا المعنى هي الأمر المحدث في الدين، ولا شك أن ذلك سيئ مذموم على كل حال.
هل يصح تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة مع وجود النص "..وكل بدعة ضلالة..."؟ قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي رواية "من عمل عملاً " كما في الصحيحين عن عائشة، وقوله صلى الله عليه وسلم في خطبه "وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة" كما في صحيح مسلم وغيره.
والبدع ليست على حد سواء، وقد بين الشاطبي ـ رحمه الله ـ هذا المعنى فقال في الاعتصام:" البدع إذا تؤمل معقولها وجدت رتبها متفاوتة؛ فمنها ما هو كفر صراح، كبدعة الجاهلية التي نبه عليها القرآن، كقوله تعالى: " وقالوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الأنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أزْوَاجِنَا، وإنْ يكُنْ مَيْتَةَ فَهُمْ فِيهِ شرَكاءُ "، وكذلك بدعة المنافقين حيث اتخذوا الدين ذريعة لحفظ النفس والمال، وما أشبه ذلك مما لا يشك أنه كفر صراح، ومنها ما هو من المعاصي التي ليست بكفر أو يختلف هل هي كفر أم لا! كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة ومن أشبههم من الفرق الضالة، ومنها ما هو معصية ويتفق عليها بكفر كبدعة التبتل والصيام قائماً في الشمس، والخصاء بقصد قطع شهوة الجماع، ومنها ما هو مكروه: كالاجتماع للدعاء عشية عرفة، وذكر السلاطين في خطبة الجمعة وما أشبه ذلك، فمعلوم أن هذه البدع ليست في رتبة واحدة . فلا يصح مع هذا أن يقال: إنها على حكم واحد، هو الكراهة فقط، أو التحريم فقط".
وأما بالنسبة للخيط الذي يوضع لتسوية الصفوف: فإنه لا بأس به؛ لأنه لمصلحة الصلاة. ولا بأس من حمل المصحف خلف الإمام ومتابعته في القراءة لغرض الفتح عليه إن غلط، من شخص واحد أو أكثر، فإن تحقق الغرض بشخص واحد فالأولى أن يكتفى به. ولا شك أن التسبيح باليد أفضل من التسبيح بالمسبحة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعقد التسبيح بيده، وأما عده بالنوى والحصى ونحو ذلك فحسن، وكان من الصحابة رضي الله عنهم من يفعل ذلك، ومن العلماء من ألحق السبحة بالنوى والحصى، قال الشوكاني: " والحديثان الآخران يدلان على جواز عد التسبيح بالنوى والحصى، وكذا بالسبحة لعدم الفارق لتقريره صلى الله عليه وسلم للمرأتين على ذلك، وعدم إنكاره، والإرشاد إلى ما هو أفضل لا ينافي الجواز" والله أعلم. ……………………………….. ما هي البدعة في ضوء الكتاب والسنة ؟
الإجابــة : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد عرف محمد الخادمي الحنفي البدع بقوله: جمع بدعة خلاف السنة اعتقاداً وعملاً وقولاً، وهذا معنى ما قالوا: البدعة في الشريعة إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذكر أيضاً: أن المعنى الشرعي للبدعة هو: الزيادة في الدين أو النقصان منه الحادثان بعد الصحابة بغير إذن من الشرع. وبهذا التعريف يعلم أنه لا اختلاف بين تعريف الحنفية للبدعة، وتعريف غيرهم من العلماء من أهل المذاهب الأخرى، فالشاطبي عرف البدعة بقوله: " طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه. " وقوله (تضاهي الشرعية) أي: تشبه الطريقة الشرعية لكنها في الحقيقة مضادة لها، وقد مثل الشاطبي للبدعة بقوله:" ومنها: التزام الكيفيات والهيئات المعينة، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيداً، وما أشبه ذلك. " ومنها: التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة، كالتزام صيام يوم النصف من شبعان وقيام ليلته. انتهى
ومن الضوابط التي وضعها العلماء للبدعة قولهم:
كل عمل لم يعمله النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي له، وعدم المانع من فعله، ففعله بعد ذلك بدعة، وهذا يخرج صلاة التراويح وجمع القرآن من البدعة، لأن صلاة التراويح لم يستمر النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها (جماعة) لوجود المانع، وهو الخوف من أن تفرض. وأما جمع القرآن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، لعدم وجود المقتضي لذلك، فلما كثر الناس واتسعت الفتوحات وخاف الصحابة من دخول العجمة جمعوا القرآن.
وليعلم المسلم أن البدعة خطرها عظيم على صاحبها وعلى الناس وعلى الدين، وهي مردودة على صاحبها يوم القيامة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد" رواه البخاري ومسلم . وعند مسلم : "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو رد" ، وقوله:" في أمرنا" أي: في ديننا، وقوله:" رد " أي: مردود على صاحبه كائناً من كان. وأيضاً: البدعة ضلالة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" رواه النسائي . نعوذ بالله من البدع ومن النار. والله أعلم. .............................
ماهي المحدثة أي البدعة التي تؤدي إلى الضلالة وجزاؤها النار؟.
فاعلم أولا أن بعض العلماء قد قسموا البدعة إلى بدعة حسنة وأخرى سيئة، وقالوا إن البدعة تجري فيها الأحكام التكليفية الخمسة، وهذا القول مع جلالة قائله وعظم منزلته ليس بصواب، لمخالفته عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:" كل بدعة ضلالة "ـ وما مثلوا به للبدعة الحسنة ليس داخلا في حد البدعة المذمومة أصلا، وهذا كلام نفيس للشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ننقله للفائدة، قال رحمه الله:" فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينما قال:" كل بدعة ضلالة "ـ كان يدري ما يقول، وكان يدري معنى ما يقول، وقد صدر هذا القول منه عن كمال نصح للأمة، وإذا تم في الكلام هذه الأمور الثلاثة كمال النصح والإرادة وكمال البيان والفصاحة، وكمال العلم والمعرفة، دل ذلك على أن الكلام يراد به ما يدل عليه من المعنى، أفبعد هذه الكلية يصح أن نقسم البدعة إلى أقسام ثلاثة، أو إلى أقسام خمسة؟ أبدا، هذا لا يصح، وما ادعاه العلماء من أن هناك بدعة حسنة، فلا تخلو من حالين: 1ـ أن لا تكون بدعة لكن يظنها بدعة. 2ـ أن تكون بدعة فهي سيئة لكن لا يعلم عن سوئها. فكل ما ادعي أنه بدعة حسنة فالجواب عنه بهذا، وعلى هذا فلا مدخل لأهل البدع في أن يجعلوا من بدعهم بدعة حسنة وفي يدنا هذا السيف الصارم من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" كل بدعة ضلالة "ـ إن هذا السيف الصارم إنما صنع في مصانع النبوة والرسالة، إنه لم يصنع في مصانع مضطربة، لكنه صنع في مصانع النبوة، وصاغه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذه الصياغة البليغة فلا يمكن لمن بيده مثل هذا السيف الصارم أن يقابله أحد ببدعة يقول: إنها حسنة، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " كل بدعة ضلالة ". انتهى.
ثم اعلم أن البدعة الشرعية المذمومة التي يستحق فاعلها الذم والتي يصدق فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم:" وكل بدعة ضلالة "ـ قد اختلفت عبارات العلماء في تعريفها وإن كان مؤداها واحدا، وهاك بعض ما قيل في حد البدعة المذمومة، قال الشاطبي في الاعتصام:" فَالْبِدْعَةُ إِذَنْ عِبَارَةٌ عَنْ: طَرِيقَةٍ فِي الدِّينِ مُخْتَرَعَةٍ، تُضَاهِي الشَّرْعِيَّةَ يُقْصَدُ بِالسُّلُوكِ عَلَيْهَا الْمُبَالَغَةُ فِي التَّعَبُّدِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ." انتهى.
وفي المنثور للزركشي:" الْبِدْعَةُ قَالَ ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ: هِيَ فِي اللُّغَةِ إحْدَاثُ سُنَّةٍ لَمْ تَكُنْ، وَتَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَمَوْضُوعَةٌ لِلْحَادِثِ الْمَذْمُومِ، وَإِذَا أُرِيدَ الْمَمْدُوحُ قُيِّدَتْ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مَجَازًا شَرْعِيًّا حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً، وَفِي الْحَدِيثِ:" كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ "ـ وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ الْمُحْدَثَاتُ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا أُحْدِثَ مِمَّا يُخَالِفُ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً أَوْ أَثَرًا أَوْ إجْمَاعًا، فَهَذِهِ الْبِدْعَةُ الضَّلَالَةُ، وَالثَّانِي: مَا أُحْدِثَ مِنْ الْخَيْرِ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ فِي قِيَامِ ـ رَمَضَانَ: نِعْمَتْ الْبِدْعَةُ هِيَ ـ يَعْنِي أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ لَمْ تَكُنْ، وَإِذَا كَانَتْ لَيْسَ فِيهَا رَدٌّ لِمَا مَضَى." انْتَهَى.
وجاء في قواعد الفقه للمجددي: الْبِدْعَة هِيَ الْأَمر الْمُحدث الَّذِي لم يكن عَلَيْهِ الصَّحَابَة والتابعون وَلم يكن مِمَّا اقْتَضَاهُ الدَّلِيل الشَّرْعِيّ. انتهى.
على أننا إذ عرفناك حد البدعة المتعرض فاعلها للوعيد والمستحق للذم ننبهك على أن البدع ليست على حد سواء، وقد بين الشاطبي ـ رحمه الله ـ هذا المعنى فقال في الاعتصام:" الْبِدَع إِذَا تُؤُمِّلَ مَعْقُولُهَا وُجِدَتْ رُتْبَتُهَا مُتَفَاوِتَةً، فَمِنْهَا مَا هُوَ كُفْرٌ صُرَاحٌ، كَبِدْعَةِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي نَبَّهَ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا "{ الأنعام: 136} وَقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ " { الأنعام: 139} وَمِنْهَا مَا هُوَ مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي لَيْسَتْ بِكُفْرٍ أَوْ يُخْتَلَفُ، هَلْ هِيَ كُفْرٌ أَمْ لَا؟ كَبِدْعَةِ الْخَوَارِجِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ مِنَ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَعْصِيَةٌ، وَيُتَّفَقُ عَلَيْهَا، وَلَيْسَتْ بِكُفْرٍ كَبِدْعَةِ التَّبَتُّل وَالصِّيَامِ قَائِمًا فِي الشَّمْسِ، وَالْخِصَاءِ بِقَصْدِ قَطْعِ شَهْوَةِ الْجِمَاعِ، ومنها ما هو مكروه كالاجتماع للدعاء عشية عرفة فَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الْبِدَعَ لَيْسَتْ فِي رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَصِحُّ مَعَ هَذَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهَا عَلَى حُكْمٍ وَاحِدٍ، هُوَ الْكَرَاهَةُ فَقَطْ، أَوِ التَّحْرِيمُ فَقَطْ." انتهى بتصرف. والله أعلم. .........
هناك من يقول إن البدعة الحسنة جائز القول بها والدليل حديث:" من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها". وإذا قلت له إن هذا الحديث له سبب وهو التصدق بأكثر من تمرة الخ الخ ، فيستعمل القاعدة الأصولية:" العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. " فكيف رد عليهم الشرع الحنيف وما موقف العلماء من هذه القاعدة وهل يجوز تطبيقها هنا أم لا؟
الإجابــة :الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإحداث شيء في الدين لا يستند إلى دليل شرعي أمر مذموم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد." متفق عليه. وفي رواية لمسلم:" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد." وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم:" وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة."
أما فعل شيء دل عليه الدليل الشرعي فهذا لا يسمى بدعة في الشرع، وإن أطلق عليه لفظ البدعة فهو من الإطلاق اللغوي للبدعة وهو في الحقيقة سنة حسنة ومن هذا الباب قول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح جماعة:" نعمت البدعة هذه." وهذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنُّ الاجتماع لها طوال أيام الشهر، إنما صلَّى بهم ليالي ثم ترك ذلك، وكان عمر رضي الله عنه أول من جمع الناس عليها وندبهم إليها على النحو المعروف الآن فالاجتماع لصلاة التراويح سنة حسنة؛ لأنها موافقة للأصول الشرعية، فقد رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في قيام رمضان، وصلَّى بهم جماعة ليالي من رمضان ثم ترك ذلك خشية أن تفرض على الأمة، فلما مات صلوات الله وسلامه عليه وانقطع الوحي واستقرت الفرائض على ما هي عليه، كان فعل عمر لها مع انتفاء المانع الذي خشيه النبي صلى الله عليه وسلم سنة حسنة، وبهذا يظهر بطلان الاستدلال بحديث:" من سن في الإسلام سنة حسنة. "على ما يسمى بالبدعة الحسنة وذلك لأن مقصود الحديث بالسنة الحسنة هو الفعل الصالح الذي دل عليه دليل شرعي كما أفهمه سبب ورود الحديث من ابتداء أحد الصحابة بالصدقة وتتابع الناس على إثره.
وقد سئل الشيخ الفوزان حفظه الله: ما حكم تقسيم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة؟ وهل يصح لمن رأى هذا التقسيم أن يحتج بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:" من سن سنة حسنة في الإسلام..." الحديث، وبقول عمر: نعمت البدعة هذه...؟نرجو في ذلك الإفادة، جزاكم الله خيرًا.
الجواب: ليس مع من قسم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة دليل، لأن البدع كلها سيئة؛ لقوله:" كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. "رواه النسائي في سننه من حديث جابر بن عبد الله بنحوه، ورواه الإمام مسلم في صحيحه بدون ذكر:" وكل ضلالة في النار." من حديث جابر بن عبد الله. وأما قوله صلى الله عليه وسلم:" من سن في الإسلام سنة حسنة. " رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جرير بن عبد الله، فالمراد به: من أحيا سنة، لأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك بمناسبة ما فعله أحد الصحابة من مجيئه بالصدقة في أزمة من الأزمات، حتى اقتدى به الناس وتتابعوا في تقديم الصدقات. وأما قول عمر رضي الله عنه:" نعمت البدعة هذه. " رواه البخاري في صحيحه من حديث عبد الرحمن بن عبد القاري، فالمراد بذلك البدعة اللغوية لا البدعة الشرعية، لأن عمر قال ذلك بمناسبة جمعه الناس على إمام واحد في صلاة التراويح، وصلاة التراويح جماعة قد شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث صلاها بأصحابه ليالي، ثم تخلف عنهم خشية أن تفرض عليهم. انظر: صحيح البخاري. (2/252) من حديث عائشة رضي الله عنها. وبقي الناس يصلونها فرادى وجماعات متفرقة، فجمعهم عمر على إمام واحد كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليالي التي صلاها بهم، فأحيا عمر تلك السنة، فيكون قد أعاد شيئًا قد انقطع، فيعتبر فعله هذا بدعة لغوية لا شرعية، لأن البدعة الشرعية محرمة، لا يمكن لعمر ولا لغيره أن يفعلها، وهم يعلمون تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من البدع. انتهى من المنتقى من فتاوى الفوزان. أما الاستدلال على ذلك بالقاعدة الأصولية :" العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب." فغير مسلم لأنا لو تنزلنا مع الخصم وسلمنا له بأن لفظ الحديث يعم كل ابتداع فيدخل فيه ما يسمى بالبدعة الحسنة فقد خص ظاهر هذا العموم بالأحاديث التي تذم البدعة وهي ما سبق من مثل قوله: صلى الله عليه وسلم:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد." وقوله:" وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة." وقد تقرر في علم الأصول أنه إذا تعارض عام وخاص فإن الخاص يقضي على العام ويقدّم عليه. على أنا نقول: إن البدعة لم تدخل أصلا في عموم هذا الحديث لأن الحديث موضوعه السنة الحسنة، وابتداع شيء في الدين ليس بحسن بل هو قبيح فبطل إذن كونه سنة حسنة وبذا يكون خارجا عن مدلول الحديث أصلا. والله أعلم. .............
ما تعريف المصلحة وشروط الاحتجاج بها؟
الإجابــة : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالمصلحة المعتبرة عند أهل العلم واعتد بها بعضهم أصلاً لاستنباط الأحكام هي المصلحة المرسلة من القيود أي لم تقيد من طرف الشارع باعتبار ولا إلغاء.. وعرفها بعضهم بالاستصلاح، لاشتمالها على المصلحة، وبالمصلحة المرسلة لعدم التنصيص عليها لا بالاعتبار ولا بالإلغاء، وهي حجة عند الإمام مالك ومن وافقه من أهل العلم لأخذ الخلفاء الراشدين والسلف الصالح بها، فقد جمع الخلفاء الراشدون القرآن الكريم عملا بالمصلحة المرسلة، وعهد أبو بكر بالخلافة لعمر وسن عثمان الأذان الأول للجمعة عندما كثر الناس وتوسعت المدينة ودعت المصلحة لذلك وهكذا، فالمصلحة المرسلة معمول بها في الضروريات والحاجيات والتحسينيات على ما تقتضيه مقاصد الشريعة الإسلامية. ومن شروط المصلحة المرسلة : 1. ألا يخالف الحكم المثبت بها نصا شرعياً. 2. عدم إضافة عبادة جديدة أو ركن أو شرط... أو زيادة أو نقص في مقدر شرعي. 3. أن يكون حصول المصلحة بالحكم مقطوعا به أو غالبا على الظن . 4. أن يكون الحكم المبني على المصلحة المرسلة عاما للأمة فإذا كان لمصلحة فئة دون أخرى فإنه يعتبر باطلا.
وفي تعريف المصلحة المرسلة والأمثلة عليها يقول العلامة الشنقيطي في المراقي (ألفية الأصول): والوصف حيث الاعتبار يجهل فهو الاستصلاح قل والمرسل نقبــــله لعــمل الصحـــــابة كالنـقـط للمـصحـف والكتـابـة تـوليــة الصــديق للفــاروق وهـدم جــار مسـجـد للضـيـق وعـمل السكـة تجـديـد الندا والسـجـن تدوين الدواوين بـدا .................
هل يجوز استخدام الشريط اللاصق لتسوية الصفوف أم أنه بدعة محدثة؟
الإجابــة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فمن المعلوم أن الوسائل لها أحكام المقاصد، وأن الوسيلة للأمر المشروع مشروعة والوسيلة للأمر المحرم محرمة، ولا شك في أن تسوية الصفوف أمر مشروع إما استحبابا كقول الجمهور أو وجوبا كما ذهب إليه بعض أهل العلم، وقد دلت النصوص الكثيرة على فضل تسوية الصفوف والأمر به.
وإذا تبين هذا، فوضع ما يعين على تسوية الصفوف من خط أو شريط لاصق لا حرج فيه، ولا يوصف بكونه بدعة شرعية لما في وضعه من تحقيق مقصود من مقاصد الشارع، وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم عمل خط على الحصير أو السجاد بالمسجد نظرا إلى أن القبلة منحرفة قليلا بقصد انتظام الصف ؟ فأجابت: لا بأس بذلك، وإن صلوا في مثل ذلك بلا خط فلا بأس ؛ لأن الميل اليسير لا أثر له. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " البدعة هي التعبد لله عز وجل بغير ما شرع. وعلى هذا فالبدع لا تدخل في غير العبادات، بل ما أُحدث من أمور الدنيا ينظر فيه هل هو حلال أم حرام، ولا يقال إنه بدعة. فالبدعة الشرعية هي أن يتعبد الإنسان لله تعالى بغير ما شرع يعني الذي يسمى بدعة شرعاً، وأما البدعة في الدنيا فإنها وإن سميت بدعةً حسب اللغة العربية فإنها ليست بدعةً دينية، بمعنى أنه لا يحكم عليها بالتحريم ولا بالتحليل ولا بالوجوب ولا بالاستحباب إلا إذا اقتضت الأدلة الشرعية ذلك. وعلى هذا، فما أحدثه الناس اليوم من الأشياء المقربة إلى تحقيق العبادة لا نقول إنها بدعة وإن كانت ليست موجودة، من ذلك مكبّر الصوت. مكبر الصوت ليس موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكنه حدث أخيراً إلا أن فيه مصلحة دينية يبلغ للناس صلاة الإمام وقراءة الإمام والخطبة، وكذلك في اجتماعات المحاضرات فهو من هذه الناحية خير ومصلحة للعباد، فيكون خيراً، ويكون شراؤه للمسجد لهذا الغرض من الأمور المشروعة التي يثاب عليها فاعلها. ومن ذلك ما حدث أخيراً في مساجدنا من الفرش التي فيها خطوط من أجل إقامة الصفوف وتسويتها فإن هذا وإن كان حادثاً ولكنه وسيلةٌ لأمرٍ مشروع، فيكون جائزاً أو مشروعاً لغيره، ولا يخفى على الناس ما كان الأئمة الحريصون على تسوية الصفوف يعانونه قبل هذه الخطوط، فكانوا يعانون مشاكل إذا تقدم أحد ثم قالوا له تأخر. تأخرَ أكثر ثم قالوا له تقدم. تقدم أكثر يحصل تعب. الآن والحمد لله يقول الإمام: سووا صفوفكم على الخطوط، توسطوا منها، فيحصل انضباطٌ تام في إقامة الصف. هذا بدعة من حيث العمل والإيجاد، لكنه ليس بدعة من حيث الشرع ؛ لأنه وسيلة لأمرٍ مطلوبٍ شرعاً. " انتهى. والله أعلم. ....................
هل من دليل على وجوب التسوية في الصفوف عند إقامة الصلاة وما رأي المذاهب؟
الإجابــة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد أجمع العلماء على مشروعية تسوية الصفوف في الصلاة، واختلفوا في وجوبها، فالجمهور على الاستحباب فقط، وحُكي هذا إجماعاً. وذهب الظاهرية والإمام البخاري إلى الوجوب حيث قال في صحيحه ( باب إثم من لم يتم الصف ) وهو ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية كما قال ابن مفلح في الفروع، واستدلوا بـالأدلة التالية :
1. حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق" رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان. الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 1050خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 667 خلاصة حكم المحدث: صحيح النووي - المصدر: المجموع - الصفحة أو الرقم: 4/227خلاصة حكم المحدث: صحيح
2. حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سووا صفوفكم، فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة". البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 723خلاصة حكم المحدث: صحيح
3. حديث النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لتسونَّ صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم" رواه البخاري ومسلم، ورواه أبو داود وأحمد بلفظ: "أو ليخالفن الله بين قلوبكم".
uk النعمان بن بشيررضي الله عنه قال :" كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يسوي صفوفَنا . حتى كأنما يسوي بها القداحَ . حتى رأى أنا قد عقلنا عنه . ثم خرج يومًا فقام حتى كاد يكبِّر . فرأى رجلًا باديًا صدرُه من الصفِّ . فقال:" عبادِ اللهِ ! لتسوُّن صفوفَكم أو ليخالفنَّ اللهُبين وجوهِكم ." الراوي: النعمان بن بشير المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 436خلاصة حكم المحدث: صحيح
4. حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أتموا الصف الأول، ثم الذي يليه وإن كانَ نقصٌ فليَكن في الصَّفِّ المؤخَّرِ ". الراوي : أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 817خلاصة حكم المحدث: صحيح. ورواه الخمسة إلا الترمذي.
وهذه الأحاديث تحث على الأمر بالتسوية، والأمر يقتضي الوجوب إلا أن يصرفه صارف، ولا صارف هنا، وهذا هو الراجح.
وعليه فوضع الخطوط في المساجد، لتسهيل تسوية الصفوف، وخاصة في المساجد ذات الصفوف الطويلة أمر لا حرج فيه إن شاء الله، لأن هذه الخطوط تعين على تسوية الصفوف وهذا أمر مطلوب في الشريعة، وجاءت أحاديث كثيرة فيه كحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة". [متفق عليه]. وورد النهي الشديد عن مخالفة الصفوف وعدم تسويتها، كما في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ". [ وهو حديث متفق عليه]. والله أعلم. ....................
في صلاة التراويح يرغب البعض في متابعة الإمام من خلال مصحف محمول باليد وقد أفتوا بعدم جواز إمساك المصحف إلا لشخص واحد يصحح للإمام أما غير ذلك فغير جائز الرجاء إفادتنا عن مدى جواز أو حرمانية الإمساك بمصحف في صلاة التراويح للمصلين عموما ؟
الإجابــة : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالقراءة من المصحف في الصلاة جائزة سواء للإمام أو المنفرد لعموم الأدلة الدالة على مشروعية القراءة في الصلاة وهي تعم القراءة من المصحف والقراءة عن ظهر قلب، ومن أصرم الأدلة على ذلك ما رواه البخاري تعليقاً من أن ذكوان مولى عائشة كان يصلي بها في الليل من المصحف، ولا بأس من حمل المصحف خلف الإمام ومتابعته في القراءة لغرض الفتح عليه إن غلط، من شخص واحد أو أكثر، فإن تحقق الغرض بشخص واحد فالأولى أن يكتفى به. والله أعلم. .............
هل يجوز لي القراءة من المصحف أثناء الصلاة ، مع العلم أن ملكة الحفظ عندي ضعيفة؟
الإجابــة :الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد: فإن القراءة من المصحف في الصلاة فرضا كانت أو نفلا لا حرج فيها إذا دعت إليها حاجة ، بأن كان الشخص لا يستطيع أن يقرأ دون المصحف. فإن للمصلي أن يقرأ من المصحف في صلاة النافلة وكذا المكتوبة، وهذا هو مذهب الشافعية والقول المعتمد في مذهب أحمد. وذهب المالكية إلى الكراهة.
ودليل المجيزين ما رواه البيهقي عن -عائشة رضي الله عنها- أنها كان يؤمها غلامها ذكوان من المصحف في رمضان. قال الزهري: كان خيارنا يقرؤون من المصاحف. وذهب الحنفية إلى أن القراءة من المصحف تفسد الصلاة، إلا إذا كان المصلي حافظاً وقرأ من المصحف من غير حمل.
ولهذا نقول: الأولى ترك ذلك في الصلاة المكتوبة، خروجاً من الخلاف ومراعاة لسنن الصلاة من النظر إلى موضع السجود وترك الانشغال بالنظر وتقليب الأوراق. وقد علل الحنفية البطلان بأمرين: الأول: أن هذا عمل كثير. الثاني: أن التلقي من المصحف شبيه بالتلقي من المعلم، وإذا كان مجرد القراءة من المصحف محل خلاف بين أهل العلم مما حدا ببعضهم إلى القول ببطلان الصلاة به. فلا شك أن انضمام الاستماع إليه أشد تأثيراً في صحة الصلاة عند من قال بالبطلان. ينضاف إلى هذا أن القرآن إنما يقرأ ليتدبر، ولا شك أن تدبره متعذر ممن هو مشتغل بقراءته والاستماع إليه في آن واحد. فالحاصل أن تجنب ذلك في الصلاة مطلوب طلباً مؤكداً، وهو في صلاة الفرض أشد تأكيداً، إذ لا يطلب فيها تطويل أصلاً ، فتكفي فيها أم الكتاب، وما تيسر معها. والله أعلم.
| |
|