anayasmeen كاتبة متميزة واميرة الاشراف
عدد المساهمات : 441 تاريخ التسجيل : 11/12/2010 العمر : 31 الموقع : hotmail.com
| موضوع: بيان حقيقة النّسخ في القران الثلاثاء يناير 21, 2014 8:48 am | |
| باب بيان حقيقة النّسخ
النّسخ في اللّغة على معنيين:
أحدهما: الرّفع والإزالة، يقال: نسخت الشّمس الظّلّ إذا رفعت ظلّ الغداة بطلوعها وخلفه ضوؤها. ومنه قوله تعالى: {فينسخ اللّه ما يلقي الشّيطان}.
والثّاني: تصويرٌ مثل المكتوب في محلٍّ آخر، (يقولون) نسخت الكتاب، ومنه قوله تعالى: {إنّا كنّا نستنسخ ما كنتم تعملون}. وإذا أطلق النّسخ في الشّريعة أريد به المعنى الأوّل، لأنّه رفع الحكم الّذي ثبت تكليفه للعباد إمّا بإسقاطه إلى غير بدلٍ أو إلى بدلٍ.
وقال شيخنا عليّ بن عبيد اللّه: الخطاب في التّكليف على ضربين: أمرٌ، ونهيٌ، فالأمر استدعاء الفعل، والنّهي استدعاء التّرك، واستدعاء الفعل يقع على ثلاثة أضرب:
أحدهما: ما يكون على سبيل الإلزام والانحتام إمّا بكونه فرضًا أو واجبًا ونسخ ذلك يقع على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يخرج من الوجوب إلى المنع، مثل ما كان التّوجّه إلى بيت المقدس واجبًا ثمّ نسخ بالمنع منه. والثّاني: أن ينسخ من الوجوب إلى الاستحباب مثل نسخ وجوب الوضوء لكلّ صلاةٍ إلى أن جعل مستحبًّا. والثّالث: أن ينسخ من الوجوب إلى الإباحة مثل نسخ وجوب الوضوء ممّا غيّرت النّار إلى الجواز فصار الوضوء منه جائزًا.
والضّرب الثّاني: استدعاءٌ على سبيل الاستحباب، فهذا ينتقل إلى ثلاثة أوجه أيضاً:
أحدها: أن ينتقل من الاستحباب إلى الوجوب، وذلك مثل الصّوم في رمضان كان مستحبًّا فإن تركه وافتدى جاز ثمّ نسخ ذلك بانحتامه في حقّ الصّحيح المقيم. والثّاني: أن ينسخ من الاستحباب إلى التّحريم، مثل نسخ (اللّطف) بالمشركين وقول الحسنى لهم فإنّه نسخ بالأمر بقتالهم. والثّالث: أن ينسخ من الاستحباب إلى الإباحة، مثل نسخ استحباب الوصيّة للوالدين بالإباحة.
والضّرب الثّالث: المباح وقد اختلف العلماء هل هو [مأمورٌ به والصّحيح أنّه مأذونٌ فيه] غير مأمورٍ به، ويجوز أن يدخله النّسخ عن وجهٍ واحدٍ وهو النّسخ إلى التّحريم. مثاله: أنّ الخمر مباحةٌ ثمّ حرّمت. وأمّا نسخ الإباحة إلى الكراهة، فلا يوجد، لأنّه لا تناقض، فأمّا انتقال المباح إلى كونه واجبًا فليس بنسخٍ، لأنّ (إيجاب) المباح إبقاء تكليفٍ لا نسخٌ.
وأمّا القسم الثّاني من الخطاب: وهو النّهي فهو يقع على ضربين:
أحدهما: على سبيل التّحريم، فهذا قد ينسخ بالإباحة، مثل تحريم الأكل على الصّائم في اللّيل بعد النّوم والجماع. والثّاني: على سبيل الكراهة، لم يذكر له مثالٌ.
**أمّا (الأخبار) فهي على ضربين:
أحدهما: ما كان لفظه لفظ الخبر، ومعناه معنى الأمر كقوله تعالى: {لا يمسّه إلاّ المطهّرون}، فهذا لاحقٌ بخطاب التّكليف في جواز النّسخ عليه.
والثّاني: الخبر الخالص، فلا يجوز عليه، لأنّه يؤدّي إلى الكذب وذلك محالٌ. وقد حكى جواز ذلك عن عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم والسّدّيّ وليس بشيءٍ يعوّل عليه. وقال أبو جعفرٍ النّحّاس: وهذا القول عظيم جداً يؤول إلى الكفر، لأنّ قائلا لو قال: قام فلانٌ ثمّ قال: لم يقم، فقال: نسخته لكان كاذباً.
وقال ابن عقيلٍ: الأخبار لا يدخلها النّسخ، لأنّ نسخ الأخبار كذبٌ وحوشي القرآن من ذلك.
**وقد زعم قومٌ: أنّ المستثنى ناسخٌ لما استثني منه، وليس هذا بكلام من يعرف ما يقول، لأنّ الاستثناء إخراج بعض ما شمله اللّفظ، وليس ذلك بنسخٍ، وكذلك التّخصيص، وقد يجوّزه بعض السّلف فيقول "هذه الآية نسخت هذه الآية. أي: نزلت بنسختها".
| |
|