الشجة: شرح حديث صاحب الشجة:
وأحكام الجبيرة والمسح والتيمم والغسل والجهل والنسيان في الطهارة، و مسائل هامة.
روى
أبو داود في سننه:336، وغيره من حديث
جَابِرٍ بنِ عَبداللهِرضي الله عنه قَالَ:
خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ، فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ، فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ، فَاغْتَسَلَ، فَمَاتَ. فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ:" قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ، أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؛ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ، وَيَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا، وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ". اهـ.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : ابن الملقن في البدر المنير: 2/615 | خلاصة حكم المحدث : إسناد رجاله ثقات شرح الحديث:
فقوله صلى الله عليه وسلم: "
قتلوه " أي
تسببوا في قتله، حين أفتوه بجهل بأن يغسل موضع الجرح، فأسند القتل إليهم؛ لأنهم تسببوا له، بتكليفهم له باستعمال الماء مع وجود الجرح في رأسه، ليكون أدل على الإنكار عليهم.
وقوله: "
قتلهم الله " أي
لعنهم، كقوله تعالى:"
قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ".
{عبس:17}، أي
لُعِنَ الإنسان.
قال بعض الشراح :
هذا دُعَاء عَلَيْهِمْ، وأنهم استحقوا الدعاء عليهم جزاء ما تسببوا فيه من موت الرجل.
قال الإمام
ابن القيم":
فدعا عليهم لما أفتوا بغير علم". انتهى.
وقوله: "
ألا سألوا إذ لم يعلموا " أي
هلا سألوا، فيه حض على السؤال عند الجهل، فلم لم يسألوا حين جهلوا الحكم.
وقوله: "
إنما شفاء العي السؤال " والمعنى: أ
ن الجهل داء، شفاؤه السؤال، والتعلم.
وقوله: "
إنما كان يكفيه " أي:
الرجل المحتلم.
"
أن يتيمم " أولاً.
"
ويعصب " أي:
يشد.
"
على جرحه خرقة " أي:
حتى لا يصل الماء إلى الجرح.
"
ثم يمسح عليها " أي:
على الخرقة بالماء.
وأما عن الجمع بين المسح، والتيمم، والترتيب بينهما: فالعضو المصاب لا يخلو من أمرين:
أولهما:
أن يكون مستورا بجبيرة ونحوها، وقد نص الفقهاء على أنه
لا يُجمع في هذه الحال بين التيمم، والمسح على العضو المصاب، إلا إذا كانت الجبيرة جاوزت قدر الحاجة، فيُتيمم حينئذ عن مكان الجرح، ويُمسح عما غطته الجبيرة من البدن الصحيح، ويُغسلُ بقية البدن.
قال زكريا الأنصاري في "
أسنى المطالب: "
يَجِبُ التَّيَمُّمُ"
لِخَبَرِ الْمَشْجُوجِ السَّابِقِ، وَهَذَا التَّيَمُّمُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الْعُضْوِ الْعَلِيلِ، وَمَسْح السَّاتِرِ لَهُ، بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ مَا تَحْتَ أَطْرَافِهِ مِنْ الصَّحِيحِ، كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ بَدَلٌ عَمَّا تَحْتَ الْجَبِيرَةِ. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّاتِرُ بِقَدْرِ الْعِلَّةِ فَقَطْ، أَوْ بِأَزْيَدَ، وَغَسَلَ الزَّائِد كُلَّهُ، لَا يَجِبُ الْمَسْحُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، فَإِطْلَاقُهُمْ وُجُوب الْمَسْحِ، جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ السَّاتِرَ يَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَى مَحِلِّ الْعِلَّةِ، وَلَا يُغْسَلُ ... اهـ.
وإذا جمع بين التيمم، والمسح، مع الغسل، فإنه في الطهارة من الحدث الأكبر يخير بين:
1 )
أن يبدأ بالتيمم، فيتيمم أولا، ثم يمسح على الجرح، ثم يغسل سائر جسده. وهذا الترتيب هو الذي جاء به الحديث.
2 ) أو
يمسح، ثم يغسل سائر جسده، ثم يتيمم.
3 ) أو
يغسل جسده، ثم يمسح على موضح الجرح، ثم يتيمم.
وذلك أن الترتيب ليس واجبا في الغسل، والمهم أن يعم سائر جسده بالغسل، ويتيمم عن الجرح.
قال
النووي في
المجموع:
وَأَمَّا وَقْتُ مَسْحِ الْجَبِيرَةِ بِالْمَاءِ، فَإِنْ كَانَ جُنُبًا مَسَحَ مَتَى شَاءَ إذْ لَا تَرْتِيبَ عَلَيْهِ ... اهــ.
وقال
المرداوي الحنبلي
في الإنصاف:
إنْ كان الْجُنُبُ جَرِيحًا، فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَيَمَّمَ لِلْجُرْحِ قبل غَسْلِ الصَّحِيحِ، وَإِنْ شَاءَ غَسَلَ الصَّحِيحَ، وَتَيَمَّمَ بَعْدَهُ. اهـ.
ثانيهما:
أن يكون العضو المصاب مكشوفا ليس عليه جبيرة، فإنه يغسل الصحيح، ويتيمم عن العضو المصاب، ولا يمسح عليه.
قال
النووي في
المجموع:"
فَيَجِبُ غَسْلُ الصَّحِيحِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ هُنَاكَ، وَيَجِبُ التَّيَمُّمُ مَعَ غَسْلِ الصَّحِيحِ، وَلَا يَجِبُ مَسْحُ مَوْضِعِ الْكَسْرِ بِالْمَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْهُ ضَرَرًا؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ بِالْمَاءِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ ..". اهـ.
وقال
ابن قدامة في
المغني:"
وإذا لم يكن على الجرح عصاب، فقد ذكرنا فيما تقدم أنه يغسل الصحيح، ويتيمم للجرح ..". اهـ.
ويرى بعض الفقهاء أنه
يمسح العضو المصاب ولا يتيمم، فإن تعذر المسح تيمم له.
قال الشيخ
ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- في
الشرح الممتع:"
الجُرحُ ونحوَه إِما أن يكون مكشوفاً، أو مستوراً. فإِن كان مكشوفاً فالواجبُ غسلُه بالماء، فإِن تعذَّر فالمسحُ، فإِن تعذَّر المسحُ فالتيمُّمُ، وهذا على الترتيب". اهـ.
..............
مسألة :
هل يتوضأ صاحب الشجة او العصبة او الجبيرة قبل غسل الجنابة؟
لا... لان الوضوء في أول غسل الجنابة سنة مستحبة، ولا يجب، والواجب هو تعميم البدن بالماء.
اما الوضوء ان أراد المريض الصلاة!
نية الطهارة من الحدث الأكبر تكفي عن الوضوء، فمن تطهر من الجنابة، جاز له أن يصلي من غير أن يتوضأ.
وقال
أبو بكر بن العربي:"
لم يختلف العلماء أن الوضوء داخل تحت الغسل، وأن نية طهارة الجنابة تأتي على طهارة الحدث وتقضي عليها؛ لأن موانع الجنابة أكثر من موانع الحدث، فدخل الأقل في نية الأكثر، وأجزأت نية الأكبر عنه". اهــ.
سئل الشيخ
ابن باز رحمه الله: س:
ما حكم من صلى بالناس جماعة وفيه جرح؟
فأجاب:
إذا كان الجرح عليه جبيرة فإنه يمسح عليها وقت الوضوء وغسل الجنابة، ويجزئه ذلك، وصلاته صحيحة، سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا، فإن لم تكن عليه جبيرة تيمم عنه بعد غسل أعضائه السليمة، وأجزأه ذلك وصحت صلاته، لقول الله سبحانه وتعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ـ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين الذين أصيبوا ببعض الجراحات يوم أحد صلوا بجروحهم، ولما روى أبو داود ـ رحمه الله ـ عن جابر رضي الله عنه: أن رجلا أصابه جرح فأفتاه بعض أصحابه بغسله, فغسله فمات, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا؟ إنما شفاء العي السؤال، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما كان يكفيه أن يَعصِب على جرحه خرقة، ويمسح عليها، ويغسل سائر جسده. انتهى.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود: 336 | خلاصة حكم المحدث : حسن دون قوله: "إنما كان يكفيه" ...............................
ما حكم صلاة من ترك المسح على الجبيرة جهلا أو نسيانا و ماذا يفعل ؟
فالواجب في الوضوء هو غسل العضو مباشرة إن امكن ، استطاع وقدر، فإن كان غسله يترتب عليه حدوث مرض أو زيادته أو تأخر شفاء مُسح عليه مباشرة، فإن تعذر مسحه جعلت عليه جبيرة ومسح عليها.
جاء في
شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: "
يعني أن من كان في أعضاء وضوئه إن كان محدثا حدثا أصغر، أو في جسده إن كان محدثا حدثا أكبر موضع مألوم من جرح وغيره، فإن قدر على غسل ذلك الموضع من غير ضرر وجب غسله في الوضوء والغسل، وإن خاف من غسله بالماء خوفا كالخوف المتقدم ذكره في التيمم في قوله إن خافوا باستعماله مرضا، أو زيادته، أو تأخر برء فله أن يمسح على ذلك الموضع المألوم مباشرة، فإن خاف من وصول البلل إليه في المسح ضررا كما مر، فإنه يجعل عليه جبيرة ثم يمسح عليها ويستوعبها بالمسح وإلا لم يجزه". انتهى.
وعليه:
فـإن كان المريض قد غسل مكان الجرح أو مسح عليه في الوضوء، ثم جعل عليه لاصقا بعد ذلك فوضوؤه مجزئ، وتصح الصلوات التي أداها وصلاها.
وإن كان قد عجز عن غسل الجرح ومسحه مباشرة، وترك المسح على اللاصق أيضا جهلا أو
نسيانا، فإن
وضوءه لم يقع صحيحا، وبالتالي فإن الصلوات التي أداها بذاك الوضوء لم تكن صحيحة لفقدها شرط الصحة، وعليه فإنه
يجب عليه قضاء جميع الصلوات التي أداها بذلك الوضوء على مذهب الجمهور، وهو الراجح .
واختار شيخ الإسلام
ابن تيمية عدم بطلان الصلاة بترك شرطها جهلا أو نسيانا، وبالتالي فلا إعادة عليك.
والراجح مذهب الجمهور كما سبق.
................................
هل يجب على من لا تعلم أن الاحتلام يوجب الغسل قضاء الصلاة؟
أو التي اغتسلت ثم تذكرت أن بها طلاء أظافر، فهل عليها أن تقضي الصلاة علما بأن ذلك كان منذ سنوات
وما هي الحالات التي توجب قضاء الصلاة ؟
من صلت جنبا فقد تركت شرطا من شروط صحة الصلاة وهو الطهارة، وقد اختلف العلماء فيمن ترك شرطا جهلا بالحكم.
فـمنهم من أوجب عليه إعادة الصلاة .
ومنهم من لم يوجب عليه إعادة الصلاة إلا صلاة الوقت.
وأما نسيان طلاء الأظافر عند الغسل فإن كان ثخينا يمنع وصول الماء فتلزمها إعادة الصلوات التي صلتها بذلك الغسل،
وإن كان الطلاء لا يمنع وصول الماء لم يلزمها إعادة تلك الصلوات.
فحكم صلاة الجنب جاهلا وجوب الطهارة عليه من الاحتلام.
فالطهارة شرط من شروط صحة الصلاة.
والفقهاء مختلفون فيمن ترك شرطا من شروط الصلاة جهلا بحكمه هل تلزمه إعادة ما مضى من الصلوات أم لا؟
فمن العلماء من قال
الشروط تسقط ، كما هو اختيار شيخ الإسلام
ابن تيمية حيث قال رحمه الله تعالى:"
لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص مثل أن يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ.. فهل عليه إعادة ما مضى؟ فيه قولان هما روايتان عن أحمد، ونظيره أن يمس ذكره ويصلي ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر، والصحيح في جميع هذه المسائل عدم وجوب الإعادة لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان ولأنه قال: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً، فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين لم يثبت حكم وجوبه عليه، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمارا لما أجنبا فلم يصل عمر وصلى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أياما لا يصلي، وكذلك لم يأمر من أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء، كما لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ بالقضاء.. ا
نتهى. مختصرا من الفتاوى الكبرى. والقول الآخر
أن الشروط لا تسقط بالجهل كما لا تسقط بالنسيان.
قال
الرحيباني الحنبلي في
مطالب أولي النهى:
ولا تسقط الشروط عمدا أو سهوا أو جهلا.
ومثله في
حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج للرملي الشافعي: ..
لأن الشروط لا تسقط بالجهل ولا النسيان.
وعلى هذا،
فمن صلى جنبا عن احتلام جاهلا بوجوب الغسل عليه فإن في وجوب قضاء الصلوات عليه قولان، منها:
وجوب الإعادة ،
فإن كانت كثيرة لا يعلم عددها على وجه اليقين فإنه يقضي ما يغلب على ظنه براءة ذمته به.
والصلاة إذا كانت بغير طهارة فإنها صلاة باطلة ، سواء كانت الطهارة الكبرى (الاغتسال)، أو الطهارة الصغرى (الوضوء)، ولا يرتفع الحدث الأكبر (الجنابة) بالوضوء، بل لا بد من الاغتسال، لما روى مسلم وغيره عن ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "
لا يقبل الله صلاة بغير طهور ".
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : مسلم في صحيحه: 224 فعلى هذا، فإن تلك الصلوات غير صحيحة، ولا إثم على الجاهل بالحكم، ويجب قضاء تلك الصلوات. وصفة القضاء للصلوات : فهو
أن تصلي ما فاتك من الصلوات على الفور حسب استطاعتك في أي ساعة من ليل أو نهار مع مراعاة الترتيب بين الفوائت، الفجر ثم الظهر ثم العصر... الخ خروجاً من الخلاف حيث إن بعض أهل العلم يرى وجوب الترتيب بين الفوائت، وليكن عملك ذلك مقدماً على كل عمل إلا الفرائض الخمس الحاضرة، والقيام بالحقوق التي عليك، وما تحتاجين إليه من أمور المعاش.
قال
الدسوقي المالكي:
فالواجب حالة وسطى، فيكفي أن يقضي في اليوم الواحد صلاة يومين فأكثر، ولا يكفي قضاء يوم في يوم إلا إذا خشي ضياع عياله إن قضى أكثر من يوم. انتهى
.......................
أما الطلاء ثخينا بحيث يمنع وصول الماء إلى الأظافر فيلزمها إعادة الصلوات التي صلتها بذلك الغسل الناقص، وإن كان لا يمنع وصول الماء فالغسل صحيح ولا تعيد الصلوات التي صلتها بذلك الغسل.
فعلى من وضعت طلاء الأظافر على أظافرها أن تزيله قبل كل وضوء أو غسل، لأن من شروط صحة الطهارة إزالة ما يمنع وصول الماء إلى أعضائها. هذا إذا كانت وضعت الطلاء وهي غير متوضئة، أو انتقض وضوؤها والطلاء عليها.
أما
إذا وضعت الطلاء بعد أن توضأت وبقيت محافظة على وضوئها، فتصلي به ما شاءت من الصلوات ما دام وضوؤها لم ينتقض.
ومرة اخرى للاهمية...
فالصلاة بهذه الطهارة الناقصة باطلة تجب إعادتها، لأن الله تبارك وتعالى قال: "
يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا "
[النساء: 3، 4].
وحقيقة الاغتسال تعميم جميع ظاهر البدن بالماء بشراً وشعراً وظفراً، أما الغسل الذي ترك صاحبه بعض البدن فلم يصله الماء فقد اختلف أهل العلم فيه فمنهم من قال :
لا تجب إعادته، وإنما الواجب إكماله بغسل موضع الطلاء الذي حال بين البشرة والماء، ولابد في غسله من نية مستأنفة إن طال ما بين الانتباه له والغسل، لأنه صار بمثابة طهارة مستقلة، وهي عمل محتاج إلى نية لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "
إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.."
متفق عليه من حديث عمر رضي الله عنه. ومنهم
من أوجب إعادة جميع الغسل إذا كان قد حصل طول يخل بالموالاة ، فإنها شرط عندهم في صحة الطهارة وضوءا كانت أو غسلا ، مستدلين على ذلك بما رواه أبو داود وأحمد من حديث بعض الصحابة
أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعيد الوضوء والصلاة.
قالوا :
فلو لم تكن الموالاة واجبة لما أمره بإعادة جميع الوضوء، بل أمره بغسل موضع اللمعة فقط .
ومنهم من أوجبها في الوضوء دون الغسل ، تمسكا بالحديث السابق .
وقد صحح هذا الحديث جماعة من أهل العلم .وأعله أصحاب القول الأول بوجود بقية بن الوليد في سنده، وهو مدلس كثير الرواية عن الضعفاء، لكنه صرح بالتحديث في إحدى روايات الحديث .
ولا شك أن الأخذ بالمذهب الأوسط - وهو
وجوب الموالاة في الوضوء والغسل - أحوط وأبرأ للذمة..........................
من ترك شيئا من الاعضاء في غسل الجنابة او الحيض او النفاس- جهلا - هل تلزمه الإعادة للصلوات لكون الطهارة غير كاملة - كما عند بعض الفقهاء - ؟ و
هل يجب تمرير اليد على سائر البدن اثناء الغسل؟
يجب تعمييم سائر البدن بالماء في غسل الجنابة، فإن بقي جزء لم يصل إليه الماء من ظاهر الجسم وما في حكمه مما يخفى من الجسم مثل السرة والرفغين ونحو ذلك لم يصح الغسل، ولم تصح الصلاة ويجب القضاء سواء وقع ذلك عمداً أو جهلاً أو نسياناً عند الجمهور.
فالجهل لا يعذر به فيما يتعلق بالإخلال بطهارة الحدث.
قال في
كشاف القناع:
والشرط ما يتوقف عليه صحة مشروطه إن لم يكن عذر، فمتى أخل بشرط لغير عذر لم تنعقد صلاته ولو ناسياً أو جاهلاً. انتهى
ويرى شيخ الإسلام
ابن تيمية أن
من جهل واجباً أو شرطاً من شروط الصلاة ثم علمه فلا إعادة عليه فيما مضى".
فإذا كان السائل يعمم جسمه بالماء بما في ذلك خفايا الجسم التي لها حكم الظاهر مثل داخل السرة ونحوه من كل موضع ينبو عنه الماء أو لا يصل إليه كالرفغين والإبطين
فإن غسله صحيح،
إذ لا يشترط إمرار اليد على الجسم على الصحيح.
قال
ابن قدامة في
المغني:"
ولا يجب عليه إمرار يده على جسده في الغسل أو الوضوء، إذا تيقن أو غلب على ظنه وصول الماء إلى جميع جسده، وهو قول الحسن والنخعي والشعبي وحماد والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي. وقال مالك: إمرار يده إلى حيث تنال يده واجب". انتهى.
وإن كان الماء لا يصل إلى هذه الأماكن فإن الطهارة لم تكتمل، وبالتالي فهو ملزم بإعادة الصلوات التي كان يصليها وهو على غير طهارة كاملة، فإن لم يدر عددها اجتهد وأعاد ما يغلب على ظنه براءة ذمته.
..........................
ما حكم من توضأ دون أن يمسح رأسه (مدة طويلة) ودون أن يعلم أن مسح الرأس فرض في الوضوء؟
وما حكم وضوئه وصلواته التي صلاها دون أن يمسح رأسه ؟
لا يصح الوضوء بدون مسح الرأس لأنه من فرائضه المتفق عليها، ومن لم يمسح على رأسه لم يتم وضوؤه لفقد ركن من أركانه، ولا تصح الصلاة به، ويجب قضاء جميع الصلوات التي أديت بهذا الوضوء الناقص، سواء ترك ذلك عن جهل أم لا، هذا مذهب الجمهور.
ويرى شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله تعالى
أن من ترك مثل هذا جاهلا بحكمه أنه تجب عليه إعادة صلاة الوقت والالتزام به في المستقبل، ولا تجب عليه إعادة ما مضى".،
واستدل على ذلك بأدلة كثيرة منها:
قال في
مجموع الفتاوى:
"
وأما من لم يعلم الوجوب فإذا علمه صلى صلاة الوقت وما بعدها ولا إعادة عليه . كما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي المسيء في صلاته : { ارجع فصل فإنك لم تصل" قال : والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني ما يجزيني في صلاتي فعلمه صلى الله عليه وسلم } وقد أمره بإعادة صلاة الوقت ولم يأمره بإعادة ما مضى من الصلاة مع قوله : " لا أحسن غير هذا " . وكذلك لم يأمر عمر وعمارا بقضاء الصلاة وعمر لما أجنب لم يصل وعمار تمرغ كما تتمرغ الدابة ولم يأمر أبا ذر بما تركه من الصلاة وهو جنب ولم يأمر المستحاضة أن تقضي ما تركت مع قولها إني أستحاض حيضة شديدة منعتني الصوم والصلاة" .
إلى أن قال: "
من كان يصلي بلا طمأنينة ولا يعلم أنها واجبة فهذا قد اختلفوا فيه : هل عليه الإعادة بعد خروج الوقت أو لا ؟ على قولين معروفين . وهما قولان في مذهب أحمد وغيره والصحيح أن مثل هذا لا إعادة عليه ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال للأعرابي المسيء في صلاته : { اذهب فصل فإنك لم تصل - مرتين أو ثلاثا - فقال : والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا : فعلمني ما يجزيني في صلاتي } فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة بالطمأنينة . ولم يأمره بإعادة ما مضى قبل ذلك الوقت مع قوله : والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا : ولكن أمره أن يعيد تلك الصلاة ؛ لأن وقتها باق . فهو مأمور بها أن يصليها في وقتها، وأما ما خرج وقته من الصلاة فلم يأمره بإعادته مع كونه قد ترك بعض واجباته". انتهى