ما صحة قصة عمر - رضي الله عنه -والاعرابي الذي ولدت زوجته وهي ميتة؟
ما صحة هذا الدعاء الذي قيل ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا حزنه أمر دعا بهذا الدعاء:
" اللهم احرسني بعينك التي لاتنام و أكنفني بركنك..."؟اولا: .......
قصة الاعرابي وابنه الذي يشبهه ، وولدته امه بعد موتها في قبرها....
حدثنا عبيد بن إسحاق العطار الكوفي قال: حدثنا عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهم ـ قال: حدثني زيد بن أسلم عن أبيه قال:
بينما عمر ـ رضي الله عنه ـ يعرض الناس إذا هو برجل معه ابنه فقال له عمر ويحك حدثني ما رأيت غراباً بغراب أشبه بهذا منك قال: أما والله يا أمير المؤمنين ما ولدته أمه إلا ميتة، فاستوى له عمر ـ رضي الله عنه ـ فقال ويحك حدثني، قال: خرجت في غزاة وأمه حامل به فقالت تخرج وتدعني على هذا الحال حاملاً مثقلاً قلت أستودع الله ما في بطنك، قال: فغبت ثم قدمت فإذا بابي مغلق قلت فلانة قالوا ماتت فذهبت إلى قبرها أبكي فلما كان من الليل قعدت مع بني عمي أتحدث وليس يسترنا من البقيع شيء فرفعت لي نار بين القبور فقلت لبني عمي ما هذه النار فتفرقوا عني فأتيت أقربهم مني فسألته فقال نرى على قبر فلانة كل ليلة ناراً فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون، أما والله إن كانت لصوامة قوامة عفيفة مسلمة انطلق بنا فأخذت فأساً فإذا القبر منفرج وهي جالسة وهذا يدب حولها وناداني مناد من السماء أيها المستودع ربه وديعته خذ وديعتك أما لو استودعت أمه لوجدتها فأخذته وعاد القبر كما كان فهو والله هذا يا أمير المؤمنين.
قال عبيد: فحدثت بهذا الحديث محمد بن إبراهيم العمري فقال: هذا والله الحق وقد سمعت عم أبي عاصم يذكره وقال: ورأيت ابن ابن هذا الرجل بالكوفة وقال لي موالينا هو هذا. انتهى. .
..............................
الجواب:
هذا الأثر رواه ابن أبي الدنيا في هواتف الجنان، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول.
وسند رجاله ثقات غير عبيد بن إسحاق وقد صرح الرواة كلهم بالتحديث، وأما عبيد بن إسحاق فهو منكر الحديث كما قال البخاري في التاريخ الصغير والضعفاء.
وقال أبو حاتم في حديثه بعض الإنكار كذا في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم.
ونقل ابن حجر في اللسان تضعيفه عن جمع من المحدثين.
وقد أعل الأثر أبو حاتم بانفراد عبيد به ووثق عاصماً وزيداً كما في العلل لابن أبي حاتم أن أباه قال: هذا الحديث الذي أنكروا على عبيد لا أعلم رواه غير عبيد وعاصم ثقة وزيد بن أسلم ثقة. انتهى.
ولكن عبيداً لم يتفرد به، بل تابعه عثمان بن زفر كما قال ابن أبي الدنيا: قال محمد بن الحسين: سألت عثمان بن زفر عن هذا الحديث فقال: سمعته من عاصم بن محمد. انتهى.
وعثمان بن زفر ذكره ابن حبان في الثقات ،وذكره البخاري في التاريخ ولم يجرحه، وقال فيه ابن حجر في تقريب التهذيب صدوق من كبار العاشرة.
الا اننا نقول: مما ابتليت به أمة محمد صلى الله عليه وسلم ترويج القصاص والحاكيات المنكرة والموضوعة والضعيفة .
وكان يكفي الواحد منهم إن كان ولابد أن يقص أن يكون قاصا صدوقا كما قال الامام أحمد:" ما أحوج الناس إلى قاص صدوق ! ".
قال الذهبي:" لا أكاد أراهم إلا في كتاب أو تحت تراب".
وانما ذم القصاص عند السلف فهجروا مجالسهم وحذروا عنها لأنهم أكثروا من ذلك حتى اشغلوا الناس عن تعلم التوحيد والأحكام والسنة ولم يتميز حديثهم بين المكذوب والصحيح والسقيم فحدثوا بالمستحيل والمنكر الغريب ، والقصص بهذا المعنى بدعة فإنها لم تكن القصص في عصور الاحتجاج عصر النبي صلى الله عليه وسلم وعصر اصحابه من بعده إلى وقوع الفتنة كما جاء عند ابن حبان من طريق نافع عن ابن عمر لم تكن القصص في زمن النبي صلى الله عليه ولا في زمن أبي بكر ولا في زمن عمر ولا في زمن عثمان وانما أحدثت القصص في زمن الفتنة.
وفي الطبراني من حديث خباب مرفوعا " ان بني اسرائيل لما هلكوا قصوا اشتغلوا بالزهديات والحكايات حتى جهل الناس التوحيد والسنن فوقعوا في الشرك فهلكوا ".
وهذا الذي نعظ به وعاظ زماننا الذين قد نسي الناس بكثرة قصصهم ومواعظهم التوحيد وليس لهم في أبواب التوحيد والشرك كلام مفصل وقد قال شيخ الاسلام :" والناس محتاجون لعلم مفصل يرفع الجهل عنهم فهل شرحوا للناس أسام التوحيد وأدلته والشرك وصوره شرك الخوف والمحبة والطاعة والصلاة وشروطها ومفسداتها وسجود السهو فان قوم نوح لما تنسخ بينهم علم التوحيد وكانوا اهل توحيد وقعوا في الشرك كما في صحيح البخاري عنبن عباس.
وهذا الأثر من القصص والعجائب والغرائب والاحاديث التي لا ولم يثبت صحة سندها ولا متنها...بل منكرة باطلة!! ولا يرويها الا صاحب هوى ضال مضل له مقصد سيئ وهو " إشغال الناس عن فقه الكتاب والسنة " أو " ربط عوام الناس بأهل الخرافة من غلاة المتصوفة وأمثالهم ".
اخرجها
الطبراني في
الدعاء 1/260:
حدثنا محمد بن العباس المؤدب ثنا عبيد بن إسحق العطار ثنا عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب حدثني زيد بن أسلم عن أبيه قال
بينما عمر رضي الله عنه يعرض الناس إذا هو برجل معه ابنه فقال له عمر ما رأيت غرابا بغراب أشبه بهذا منك قال أما والله يا أمير المؤمنين ما ولدته أمه إلا ميتة فاستوى له عمر رضي الله عنه فيقال ويحك حدثني قال خرجت في غزاة وأمه حامل به فقالت تخرج وتدعني على هذه الحالة حاملا مثقلا فقلت أستودع الله ما في بطنك قال فغبت ثم قدمت فإذا بابي مغلق فقلت فلانه فقالوا ماتت فذهبت إلى قبرها فبكيت عنده فلما كان من الليل قعدت مع بني عمي أتحدث وليس يسترنا من البقيع شي فارتفعت لي نار بين القبور فقلت لبني عمي ما هذه النار فتفرقوا عني فأتيت أقربهم مني فسألته فقال نرى على قبر فلانة كل ليلة نارا فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون أما والله إن كانت لصوامة قوامة عفيفة مسلمة انطلق بنا فأخذت الفاس فإذا القبر منفرج وهي جالسة وهذا يدب حولها ونادى مناد ألا أيها المستودع ربه وديعته خذ وديعتك أما والله لو استودعت أمه لوجدتها فأخذته وعاد القبر كما كان فهو والله هذا يا أمير المؤمنين.
الرواية والاثر ضعيفان ...بل لا يصحان...
وفي اسناد هذه القصة الضعيفة جدا :
عبيد بن إسحق العطار...
قال فيه الإمام البخاري كما في التاريخ الكبير5/441 عبيد بن إسحاق أبو عبد الرحمن العطار الكوفي مات سنة عشرة عنده مناكير.
وقال في الضعفاء الكبير 3/ 115:
عبيد بن إسحاق العطار كوفي يقال له عطار المطلقات قال يحيى هو ضعيف وقال ايضاً 1/74: عبيد بن إسحاق العطار ضعيف.
وقال فيه النسائي 1/72: عبيد بن إسحاق العطار متروك الحديث كوفي ، يحيى بن معين أنه قال : عبيد بن إسحاق العطار : لا شيء .
وقال أبو حاتم الرازي : ما رأينا إلا خيراً ! وما كان بذاك الثبت ، في حديثه بعض الإنكار.
" الجرح والتعديل " ( 5 / 401 ) .
وفي " الضعفاء والمتروكين " للنسائي ( ص 72 ) : متروك الحديث .
وقال الذهبي : ضعفه يحيى ، وقال البخاري : عنده مناكير ، وقال الأزدي : متروك الحديث ، وقال الدارقطني : ضعيف ، وأما أبو حاتم فرضيَه ! وقال ابن عدي : عامَّة حديثه منكر .
" ميزان الاعتدال " ( 5 / 24 ) .
وذكر ابن عدي في " الكامل " ( 5 / 347 ) هذا الحديث من جملة منكراته ، وقال :وعامة ما يرويه إما أن يكون منكر الإسناد أو منكر المتن .
وأما سنان بن هارون :قال ابن حبان :منكر الحديث جدّاً ، يروي المناكير عن المشاهير ...
عن يحيى بن معين: قال سنان بن هارون البرجمي ليس حديثه بشيء .
" المجروحين " ( 1 / 354 ) .
وذكره العقيلي في " الضعفاء " ( 2 / 171 ) ، وذكر له هذا الحديث . جاءت القصة في كتاب لرجل من غلاة المتصوفة وهو
ابن عطاء الله الاسكندراني وقد شرح هذا الكتب الحكم متصوفا آخر هو
احمد بن محمد بن عجيبة الحسني . قال فيه صاحب معجم المطبوعات العربية العارف الصوفي وسمى شرحه إيقاظ الهمم شرح متن الحكم والقصة موجودة في الشرح .
فاتضح وبان وظهر بهذا التقرير إن مصادر القصة ليست موثوقة حتى يعمد إليها في وعظ الناس وعظ يراد به إصلاح حالهم وترغيبهم في الخيرات وترهيبهم من المنكرات والسيئات.
.............................
ملحوظة هامة وتنبيه وتذكير وتعليم وتبلغ عن النبي عليه الصلاة والسلام: جاء من حديث
عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كما عند
ابن حبان و
الطبراني و
ابن حجر العسقلاني و
العراقي - عن
مجاهد بن جبر المكي-
"
خرَجْتُ إلى العراقِ أنا ورجلٌ معي فشيَّعَنا عبدُ اللهِ بنُ عمرَ فلمَّا أراد أنْ يُفارِقَنا قال: إنَّه ليس معي شيءٌ أُعطيكما ولكنْ سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: (
إذا استُودِع اللهُ شيئًا حفِظه وإنِّي أستودِعُ اللهَ دِينَكما وأمانتَكما وخواتيمَ عمَلِكما ).
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : ابن حبان في صحيحه: 2693 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه فلو قال مسلم أيّا من الألفاظ التالية او غيرها - صح ولا مخالفة فيها - بل هي مما ثبت في السنة الصحيحة عن النبي عليه الصلاة والسلام:
"
اللهُمّ إنّي أستَودِعُكَ ديني وأمَاناتي و خَواتيمَ عَملي "
"
اللهُمّ إنّي أستودِعُكَ هذا المنزِلَ ومَنْ فيه وما فيهِ وما فَوقه ومَا تحتَه ومَا حَوله"
"
اللهم اني أستودِعُكَ أمّي وأبي - والديّ- وزوجَتي واولادي وأرحَامي "
"
اللهم اني استودعك قلبي ولبّي وديني وايمَاني واهلي وبَلدي واهله وامنَه وايمانَه "
لما سبق و ثبت ...وهذا ايضا :
[ قالَ القاسمُ بنُ مُحمَّدٍ ]:"
كنتُ عندَ ابنِ عمرَ فجاءَهُ رجلٌ فقال: أرَدتُ سَفرًا فقال عبدُ اللَّهِ: انتظِر حتَّى أودِّعَك كَما كان رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يودِّعُنا أستودِعُ اللَّهَ دينَك وأمانتَك وخَواتيمَ عملِك"
الراوي : ابن عمر | المحدث : الحاكم في المستدرك: 2/86 | خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط الشيخين ................
ومرة اخرى ...حتى لا يكون قد فهم غير ما اوردنا القصة مُنكرة المتن والسند، غريبة جدا..لا تصح ولا يجوز تناقلها .
قال الشيخ عبيد الجابري القصة لا تصح ورُويت على أن المرأة وَلدتْ المولود وهي في القبر ! أي : أنها ولدته بعدما ماتت ! وأنها كانت جالسة في قبرها والمولود يدبّ حولها !
وكما اسلفنا فالقصة رواها ابن أبي الدنيا في كتاب " مجابو الدعوة " ، وفي " مَن عاش بعد الموت " وفي " هواتف الجنان " ، وفي كتاب " القبور ".
ورواها الخرائطي في " مكارم الأخلاق"
والطبراني في " الدعاء " .
وأوردها العجلوني في " كشف الخفاء " نقلا عن عز الدين بن جماعة في كتاب " هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك " ، أنه قال : رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه – فَذَكَر القصة – . والتعبير بـ " رُوي " تضعيف ، إذ أنها صيغة تمريض .
ومدار إسناد القصة على : عُبيد بن إسحاق العطار .
قال عنه يحيى بن معين: ليس بشيء .
و قال البخاري : عنده مناكير .
و قال الدارقطني : ضعيف .
و قال الأزدي : متروك الحديث .
و قال النسائي : متروك الحديث .
و قال ابن عدي : وعامة ما يرويه إما أن يكون منكر الإسناد أو منكر المتن . ........................
اما الدعاء الذي قيل ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه :اذا حزنه أمر دعا بهذا الدعاء.."
اللَّهُمَّ احْرُسْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لا تَنَامُ، وَاكْنُفْنِي بِرُكْنِكَ الَّذِي لا يُرَامُ، وَاغْفِرْ لِي بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ، وَلا أَهْلِكُ وَأَنْتَ رَجَائِي، رَبِّ كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ، قَلَّ لَكَ عِنْدَهَا شُكْرِي، وَكَمْ مِنْ بَلِيَّةٍ ابْتَلَيْتَنِي بِهَا، قَلَّ لَكَ عِنْدَهَا صَبْرَى. فَيَا مَنْ قَلَّ عِنْدَ نِعَمِهِ شُكْرِي، فَلَمْ يَحْرِمْنِي، وَيَا مَنْ قَلَّ عِنْدَ بَلِيَّتِهِ صَبْرَى، فَلَمْ يَخْذُلْنِي، وَيَا مَنْ رَآنِي عَلَى الْخَطَايَا فَلَمْ يَفْضَحْنِي، يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لا يَنْقَضِي أَبَدًا، وَيَا ذَا النِّعَمِ الَّتِي لا تُحْصَى أَبَدًا، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَبِكَ أَدْرَأُ فِي نَحْرِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ، اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى دِينِي بِدُنْيَايَ، وَعَلَى آخِرَتِي بِتَقْوَايَ، وَاحْفَظْنِي فِيمَا غِبْتُ عَنْهُ، وَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي فِيمَا حَضَرَتْهُ، يَا مَنْ لا تَضُرُّهُ الذُّنُوبُ، وَلا تَنْقُصُهُ الْمَغْفِرَةُ، اغْفِرْ لِي مَالا يَضُرُّكَ، وَأَعْطِنِي مَالا يَنْقُصُكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، أَسْأَلُكَ فَرَجًا قَرِيبًا، وَصَبْرًا جَمِيلا ، وَرِزْقًا وَاسِعًا، وَالْعَافِيَةَ مِنْ جَمِيعِ الْبَلاءِ، وَشُكْرَ الْعَافِيَةِ . وما معنى "وَبِكَ أَدْرَأُ فِي نَحْرِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ" ".
فهذا الدعاء لا يثبت مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ورد عن جعفر بن محمد المشهور بجعفر الصادق، كما أخرجه ابن أبي الدنيا في كتابه " الفرج بعد الشدة ".
وروي عن عليّ بن ابي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : يا علي إذا أحزنك أمر فَقُل ... ثم ذَكَره .
ولم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قاله .
وقد أورده الديلمي في مسند الفردوس مِن غير إسناد .
وروى نحوه
ابن أبي الدنيا – ومِن طريقه :
اللالكائي في "
كرامات الأولياء "
و
ابن عساكر في "
تاريخ دمشق " – مِن طريق خلف بن تميم قال : حدثني عبد الجبار بن كثير قال : قيل لإبراهيم بن أدهم : هذا السبع قد ظهر لنا . قال : أرنيه ، فلما رآه ، قال : يا قسورة ، إن كنت أمرت فينا بشيء فامضِ لِمَا أُمِرْتَ به ، وإلاَّّ فعودك على بدئك ! قال : فَوَلَّى السَّبُع ذاهبا . قال : أحسبه قال : يُصَوِّت بذنبه . قال : فتعجبت كيف فَهِم السَّبُع كلام إبراهيم بن أدهم ، فأقبل علينا إبراهيم ، فقال : قولوا :
اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام ، واكفنا بِرُكْنِك الذي لا يُرام ، وارحمنا بقدرتك علينا ، ولا نهلك وأنت رجاؤنا . قال خلف : فما زلت أقولها منذ سمعتها ، فما عرض لي لص ولا غيره .
ورواه
أبو نُعيم في "
الحلية " و
ابن عساكر في "
تاريخ دمشق " مِن طريق خلف بن تميم قال : كنا مع إبراهيم بن أدهم في سَفَر له ، فأتاه الناس فقالوا : إن الأسد قد وَقف على طريقنا ! قال : فأتاه فقال : يا أبا الحارث ! إن كنت أُمِرْتَ فِينا بِشيء فامضِ لِمَا أُمِرْتَ به ، وإن لم تكن أُمِرت فينا بشيء فَتَـنَحّ عن طريقنا ، قال : فمضى وهو يهمهم ! فقال لنا إبراهيم بن أدهم : وما على أحدكم إذا أصبح وإذا أمسى أن يقول :
اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام ، واحفظنا بِرُكْنِك الذي لا يُرام ، وارحمنا بقدرتك علينا ، ولا نَهْلِك وأنت الرجاء . قال إبراهيم : إني لأقولها على ثيابي ونفقتي ، فما فقدت منها شيئا .
وإسناد هذه القصة صحيح إلى إبراهيم بن أدهم رحمه الله . وروى
ابن أبي الدنيا مِن طريق الفضل بن الربيع ، قال : حدثني أبي قال : حج أبو جعفر سنة سبع وأربعين ومائة ، فقدم المدينة ، فقال : ابعث إلى جعفر بن محمد من يأتيني به تَعبا ، قتلني الله إن لم أقتله ! فأمسكت عنه رجاء أن ينساه ، فأغلظ لي في الثانية ، فقلت : جعفر بن محمد بالباب يا أمير المؤمنين ، قال : ائذن له ، فأذنت له ، فدخل فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، فقال : لا سلم الله عليك يا عدو الله ، تُلْحِد في سلطاني ، وتبغيني الغوائل في ملكي ، قتلني الله إن لم أقتلك ، قال جعفر : يا أمير المؤمنين ، إن سليمان أعطي فَشَكر ، وإن أيوب ابتلي فَصَبر ، وإن يوسف ظُلِم فَغَفَر ، وأنت أسمح من ذلك . فنكّس طويلا ثم رفع رأسه ، فقال : إليّ وعندي يا أبا عبد الله ، البريء الساحة ، والسليم الناحية ، القليل الغائلة ، جزاك الله من ذي رحم أفضل ما يجزي ذوي الأرحام عن أرحامهم ، ثم تناول بيده فأجلسه معه على مفرشه ، ثم قال : يا غلام ، علي بالمنفحة ، والمنفحة : مدهن كبير فيه غالية فأتي به ، فَغَلّفه بيده حتى خلت لحيته قاطرة ، ثم قال له : في حفظ الله وكلاءته . يا ربيع ، الْحِق أبا عبد الله جائزته وكسوته ، فانصرف ، فلحقته ، فقلت : إني قد رأيت قبل ذلك ما لم تَر ، ورأيت بعد ذلك ما قد رأيت ، رأيتك تحرك شفتيك ، فما الذي قلت ؟ قال : نعم ، إنك رجل منا أهل البيت ، ولك محبة وودّ ، قلت :
اللهم احرسني بعينك التي لا تنام ، واكنفني بركنك الذي لا يرام ، واغفر لي بقدرتك عليّ ، ولا أهلك وأنت رجائي ، رب كم من نعمة أنعمت بها عليّ قَلّ لك عندها شكري ، وكم مِن بلية ابتليتني بها قَلّ لك عندها صبرى ، فيا مَن قلّ عند نعمه شكري فلم يحرمني ، ويا مَن قلّ عند بليته صبري فلم يخذلني ، ويا مَن رآني على الخطايا فلم يفضحني ، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدا ، ويا ذا النعم التي لا تُحْصَى أبدا ، أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد ، وبك أدرأ في نحره ، وأعوذ بك من شره ، اللهم أعني على ديني بدنياي ، وعلى آخرتي بتقواي ، واحفظني فيما غبت عنه ، ولا تكلني إلى نفسي فيما حضرته ، يا مَن لا تضره الذنوب ، ولا تنقصه المغفرة ، اغفر لي ما لا يضرك ، وأعطني ما لا ينقصك ، إنك أنت الوهاب ، أسألك فرجا قريبا ، وصبرا جميلا ، ورزقا واسعا ، والعافية من جميع البلاء ، وشكر العافية ".
....
ملحوظة هامة ...:
ليس هناك ما يمنع من الدعاء بهذه الدعوات وغيرها - التي لم ترد عن النبي - ...ولكن لا تنسب للنبي عليه الصلاة والسلام ، لانها من الكذب عليه. وجملة "
وبك أدرأ في نحره، وأعوذ بك من شره "،قد صح الدعاء بمعناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،من حديث
أبي موسى الأشعري عبدالله بن قيس أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ إذا خافَ قومًا قالَ: " اللَّهمَّ إنَّا نجعلُكَ في نحورِهِم، ونعوذُ بِكَ من شرورِهِم"
الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس | المحدث : النووي في الأذكار: 286 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح .
وأخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم . قال
العيني: قوله: "
نجعلك في نحورهم " يقال:
جعلتُ فلانا في نحر العدو، أي: قبالته وحذاءه، وتخصيص النحر بالذكر لأن العدو يستقبل بنحره عند المناهضة للقتال، والمعنى: نسألك أن تتولانا في الجهة التي يُريدون أن يأتونا منها، ونتوقى بك عما يواجهوننا به، فأنت الذي تدفع شرورهم، وتكفينا أمرهم، وتحولُ بيننا وبينهم. اهـ.