حكم حلق اللحية عند الائمة الاربعة :
اولا :
الاحاديث الواردة في اللحية واعفائها:
روى
البخاري في صحيحه عن
ابن عمر رضي الله عنهما قول رسول الله عليه الصلاة والسلام : "
خالفوا المشركين : وفروا اللحى ، وأحفوا الشواربَ ".
وكان ابنُ عمرَ : إذا حجَّ أو اعتمر قبض على لحيتِه ، فما فضل أخذَه "
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري في صحيحه . الصفحة أو الرقم: 5892 .
وفي صحيح مسلم : 259 وفي رواية ابي هريرة عند مسلم قال عليه الصلاة والسلام : "
جُزُّوا الشَّواربَ وأرخوا اللِّحَى . خالِفوا المجوسَ "
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم في صحيحه : 260 .
وفي رواية عبدالله بن عمررضي الله عنهما، عند مسلم قال عليه الصلاة والسلام : "
خالِفوا المُشركين . أحفوا الشَّواربَ وأوفوا اللِّحَى "
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : مسلم في صحيحه : 259 . وروى
مسلم في صحيحه عن
أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"
عشرٌ من الفِطرةِ : قصُّ الشَّاربِ ، وإعفاءُ اللِّحيةِ ، والسِّواكُ ، واستنشاقُ الماءِ ، وقصُّ الأظفارِ ، وغسلُ البراجمِ ، ونتفُ الإبطِ ، وحلْقُ العانةِ ، وانتقاصُ الماءِ" . قال زكريَّاءُ : قال مصعبٌ : ونسيتُ العاشرةَ . إلَّا أن تكونَ
المضمضةَ . زاد قُتيبةُ : قال وكيعٌ :
انتقاصُ الماءِ يعني
الاستنجاءَ "
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم في صحيحه: 261 ثانيا:
حلق اللحية محرم عند الحنفية والمالكية والحنابلة ووجه عند الشافعية.
قال به القفال الشاشي والحليمي وصوبه الأذرعي،
ومذهب الشافعية المعتمد عندهم هو
الكراهة .
وهو الذي نص عليه الشيخان
الرافعي والنووي.
فإن الفقهاء اختلفوا في
حكم إعفاء اللحية على قولين اثنين:
القول الأول:
وجوب إعفائها.
وهو مذهب
الحنفية و
المالكية و
الحنابلة.
الثوثيق:
:
الحنفية:
قال في
الدر المختار:" ...
وَأَمَّا الْأَخْذُ مِنْهَا وَهِيَ دُونَ ذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ وَمُخَنَّثَةُ الرِّجَالِ فَلَمْ يُبِحْهُ أَحَدٌ، وَأَخْذُ كُلِّهَا فِعْلُ يَهُودِ الْهِنْدِ وَمَجُوسِ الْأَعَاجِمِ". اهـ.
انظر الدر المختار مع حاشية ابن عابدين رد المحتار 3/398 طبعة دار الكتب العلمية بتحقيق عادل عبد الموجود وزميله.المالكية:
مذهب المالكية في اللحية هو مذهب غيرهم فيها وهو
تحريم حلقها.
بل زاد المالكية على ذلك فنصوا على تأديب حالقها بما ينزجر به مثله،
من ضرب، أو سجن، أو غيرهما.
قال
الحطاب المالكي -رحمه الله- في
مواهب الجليل شرح مختصر خليل: "
وحلق اللحية لا يجوز وكذلك الشارب، وهو مُثلة وبدعة، ويؤدَّب من حلق لحيته أو شاربه إلا أن يريد الإحرام بالحج ويخشى طول شاربه". اهـ.
انظر: مواهب الجليل 1/313 طبعة دار الكتب العلمية بتحقيق زكريا عميرات.
ومقصود
الحطاب وغيره من المالكية
بحلق الشارب المحرم هو استئصاله،
وليس مجرد تقصيره، فإن ذلك مطلوب شرعاً بإجماع العلماء.
الحنابلة:
قال شيخ
ابن تيمية كما في
الاختيارات:
"
ويحرم حلق اللحية ". اهـ.
وقال ايضا في
شرح العمدة (
فأما حلقها فمثل حلق المرأة رأسها وأشد لأنه من المثلة المنهي عنها وهي محرمة)
وقال أيضاً في
الفتاوى الكبرى (
ويحرم حلق اللحية ويجب الختان). انتهى
وقال
السفاريني في
غذاء الألباب:
"
والمعتمد في المذهب حرمة حلق اللحية.
قال في (
الاقناع): "
ويحرم حلقها".
وكذا في (
شرح المنتهى) وغيرهما.
قال في (
الفروع) :"
ويحرم حلقها ذكره شيخنا". انتهى.
وذكره في (
الإنصاف)
ولم يحك فيه خلافاً ا.هـ.
انظر غذاء الألباب 1/334 طبعة دار الكتب العلمية بتحقيق : محمد عبد العزيز الخالدي. * القول الثاني:
استحباب إعفائها .
وهو ما
ذهب إليه بعض متأخري الشافعية .
وجزم آخرون منهم بتحريم حلقها.
قال
ابن حجر الهيتمي في
تحفة المحتاج:
فَرْعٌ: ذَكَرُوا هُنَا فِي اللِّحْيَةِ وَنَحْوِهَا خِصَالًا مَكْرُوهَةً مِنْهَا نَتْفُهَا وَحَلْقُهَا ... لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا كَرَاهَةُ الْأَخْذِ مِنْهَا مُطْلَقًا...فَائِدَةٌ قَالَ الشَّيْخَانِ ]الرافعي والنووي] يُكْرَهُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ.
وَاعْتَرَضَهُ
ابْنُ الرِّفْعَةَ فِي
حَاشِيَةِ الْكَافِيَةِ بِأَنَّ
الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَصَّ فِي
الْأُمِّ عَلَى
التَّحْرِيمِ.
قَالَ
الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَا
الْحَلِيمِيُّ فِي
شُعَبِ الْإِيمَانِ وَأُسْتَاذُهُ
الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي
مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ وَقَالَ
الْأَذْرَعِيُّ الصَّوَابُ تَحْرِيمُ حَلْقِهَا جُمْلَةً لِغَيْرِ عِلَّةٍ بِهَا .
واعتمد
بعض علماء الشافعية كراهية حلقها في المذهب والصحيح تحريمه كما تقدم. والله أعلم .
الخلاصة:
القول بـتحريم حلق اللحية هو رأي جماهير أهل العلم.
بل نقل بعض العلماء الإجماع على حرمة ذلك:
فقد قال
ابن حزم في
مراتب الإجماع:
"
اتفقوا أن حلق جميع اللحية مُثْلة لا تجوز".
وقال
أبو الحسن ابن القطان المالكي:
"
واتفقوا أن حلق اللحية مُثْلَة لا تجوز".
الإقناع في مسائل الإجماع.
وقال الإمام
ابن عبد البر المالكي في
التمهيد:
"
يحرم حلق اللحية ".
وقال الشيخ ع
لي محفوظ من
علماء الأزهر:
"
وقد اتفقت المذاهب الأربعة علىوجوب توفير اللحية وحرمة حلقها ".
الإبداع في مضار الابتداع.
وأما ا
لرأي القائل بالكراهة فقط فهو
رأي ضعيف،
لا يجوز تبنيه لمن ظهرت له الأدلة الصحيحة في هذه المسألة، وقد ذكرنا فيما سبق أن بعض العلماء نقل
الإجماع على التحريم.
والواجب عند التنازع والاختلاف هو اتباع الدليل والرد إلى الله ورسوله، فقد قال سبحانه: "
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ". {النساء:59}.
ونحفظ للعلماء مكانتهم ولكن لا نتابعهم إلا فيما وافق الدليل، فإن كان العالم أهلا للاجتهاد فإن أخطأ فله أجر على اجتهاده وهو معذور فيما أخطأ فيه، وأما من استبانت له الحجة فيجب عليه اتباعها وترك التقليد .
فحلق اللحية ليس خلاف السنة فحسب، بل هو
أمر محرم عند الجماهير من العلماء، ثم اعلم أنك إن أردت الجمال الحقيقي فأرخ لحيتك.
يقول
ابن القيم رحمه الله:"
وأما شعر اللحية ففيه منافع منها الزينة، والوقار والهيبة، ولهذا لا يرى على الصبيان والنساء من الهيبة والوقار ما يرى على ذوي اللحى، ومنها التمييز بين الرجال والنساء". انتهى.
كما
اجمع الأئمة الأربعة على ان حلق اللحية للرجال حرام الا لامر كالتداوي...
والى من يقول انها
سُنه...
هل تعلم يا اخي ما هو تعريف السنة؟السنة هي :
كل ما فعله النبي او حبب اليه او ذكر ثواب صاحبه وفاعله ..او امر به ثم جاء عن هذا الامر صارف يصرفه من الوجوب الي الاستحباب ...
الامر..و
الصارف..
لنذكر عن ذلك مثال..كما هو معلوم ..ان
السواك سنه وليس واجبا لماذا..لقول النبي ((
لولا)
أن اشق علي أمتي (
لـ)
امرتهم بالسواك عند كل صلاة)
فـ
الصارف هنا هو (
لولا و
اللام)ومن مضمون الحديث تفهم انه
لو أمر بالسواك لصارت واجبه .
كما اتضح في حديث آخر حينما
امر النبي اصحابه بالحج فسأله اعرابي ثلاث مرات او كلّ عام ؟ فاجاب في الثالثه قائلا(
لو قلت نعم لوجبت)
لان اوامر النبي واجبه لا محاله الا ماجاء عنه صارف....
والنبي أمر باللحية بما يقارب الـ
عشرين حديثًا كلها
بصيغة الامر .
وكما قال الازاهره :"
انه لم يأتي اي صارف في هذه المسأله لذلك أقول لك أخي في الله إن النبي أذا امر الصحابة بأمر قالوا سمعا وطاعه وقد امر النبي بالحية عشرين امرا وما قلنا سمعا وطاعة... "
ثالثا:
من مخالفات حلق اللحية في الشرع ما يلي :
1-
أنها تغيير لخلق الله :
والدليل قوله تعالى عن إبليس:"
وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ "
[ النساء 119 ].
قالوا :
هذا نص صريح في أن تغيير خلق الله بدون إذن منه تعالى [ بإباحة ذلك الأمر ] ،
تكون طاعة لأمر الشيطان وعصياناً لأوامر الرحمن .
فلا جرم أن
لعن رسول الله عليه الصلاة والسلام ا
لمغيرات خلق الله للحسن "
لعن اللهُ الواشماتِ والمستوشماتِ ، والنامصاتِ والمتنمصاتِ ، والمتفلجاتِ للحسنِ المغيِّراتِ خلقَ اللهِ" . قال فبلغ ذلك امرأةً من بني أسدٍ . يقال لها : أم يعقوبَ . وكانت تقرأُ القرآنَ . فأتتْه فقالت :
ما حديثٌ بلغني عنك ؛ أنك لعنتَ الواشماتِ والمستوشماتِ والمتنمصاتِ والمتفلجاتِ للحُسْنِ المغيِّراتِ خلقَ اللهِ . فقال عبدُاللهِ :
وما لي لا ألعنُ من لعن رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ؟ وهو في كتابِ اللهِ . فقالت المرأةُ :
لقد قرأتُ ما بين لوحي المصحفِ فما وجدتُه فقال :
لئن كنتِ قرأتيهِ لقد وجدتيهِ . قال اللهُ عزَّ وجلَّ :"
وَمَا أَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوْا "
[ سورة الحشر:7 ] . فقالت المرأةُ :
فإني أرى شيئًا من هذا على امرأتكَ الآن . قال :
اذهبي فانظري . قال فدخلت على امرأةِ عبدِاللهِ فلم ترَ شيئًا . فجاءت إليه فقالت :
ما رأيتُ شيئًا . فقال :
أما لو كان ذلك ، لم نُجامعها . وفي روايةٍ : "
الواشماتِ والمستوشماتِ" . وفي روايةٍ :"
الواشماتِ والموشوماتِ".
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : مسلم في صحيحه : 2125 ولا شك في دخول حلق اللحية للحسن [ ومن باب التزين ] في اللعن المذكور لأنه مأمور بغير ذلك . مثل المأمورة بعدم نمص الحواجب ولعنها رسول الله عليه الصلاة والسلام ومع ذلك تصنعها من باب الحسن مخالفة للشرع فلا شك أنها تدخل في اللعن . وأن لعن رسول الله عليه الصلاة والسلام للمرأة المغيرة لخلق الله مع كونه شرع لها التزين أكثر من الرجل ، يدل بالأولوية على تحريم هذا الفعل على الرجل وأنه داخل في تغيير الخلق وفي استحقاق اللعن والدليل على أن ما جاء في الرجال يدخل فيه النساء والعكس قوله صلى الله عليه وسلم : "
إنما النساء شقائق الرجال "
وهو مخرج في [ صحيح أبي داود للألباني (234) ] . [
من كتاب أدلة تحريم حلق اللحية ص66 بتصرف] .
وقال
التَّهَانويُّ في تفسيره المسمى "
بيان القرآن"
إن حلق اللحية داخل في هذا التعبير – أي تغيير خلق الله - .
2-
حلق اللحية فيه رغبة عن سنة النبي عليه الصلاة والسلام وسنة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وتشبه بأهل الكفر :
قال تعالى: "
فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ".
[ النور 63 ]. وقال تعالى : "
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ". [ الأحزاب 21 ] .
وقال عليه الصلاة والسلام : "
من رغبَ عن ُسنتي فليسَ مِنّي "
متفق عليه .
كما أنه لا يشك عاقل في أن إعفاء اللحية من سمات الصالحين كما قال الله تعالى محدثاً عن هارون عليه السلام عندما خاطب أخاه موسى عليه السلام حيث قال :"
قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ".
[ طه94 ] .
وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "
لتتبعُنَّ سَنَنَ من كان قبلَكم ، شبرًا بشبرٍ وذراعًا بذراعٍ ، حتى لو دخلوا جُحْرَ ضبٍّ تبعتُمُوهم " .
قلنا :
يا رسولَ اللهِ ، اليهودُ والنصارى ؟ قال :
فمَنْ!؟ "
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري في صحيحه : 7320.رابعا:
شبهة ورد:
شبهة .
فإن قال قائل : (
إن المشركين منهم من لا يحلق لحيته ومن باب المخالفة أن أحلقها أنا حتى أخالفهم ).
نقول لهؤلاء :
أما إعفاء لحاهم فهو من بقايا الدين الذي ورثوه عن إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام كما ورثوا عنه الختان أيضاً فقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى :"
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ "
[البقرة 124 ] قال : "
هي خصال الفطرة ".
وهذا يرشدنا إلى أصل مهم وهو أن مخالفة المشركين تارة تكون في أصل الحكم وتارة في وصف الحكم ،
فمثلاً :
إذا كانوا يستأصلون لحاهم وشواربهم ...خالفناهم في أصل ذلك الفعل بإعفاء اللحى وقص الشارب .
وإن كانوا يوفرون لحاهم وشواربهم وافقناهم في أصل إعفاء اللحى وخالفناهم في صفة توفير الشوارب بقصها ] .
[
من كتاب أدلة تحريم حلق اللحية للشيخ محمد بن إسماعيل ، ص(33) ] .
وإذا كانوا يُخرجون الحائض من بيوتهم ولا يؤاكلونها ولا يجامعونها ،
خالفناهم في الأصل ، بأن نجالسهن في البيوت ونأكل ونشرب معهن ولنا فيهن كل شيئ ، و
وافقناهم في عدم النكاح فقط إلا من فوق الإزار كما ثبت ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام قال : "
اصنعوا كل شيء إلا النكاح " ،
فهل يقول قائل :
هيا نجامع النساء في حيضهم حتى نخالف اليهود ؟ .
اذن
ليس معنى فعلهم لشيئ هو أصل للبشر، يجب علينا أن نخالفهم فيه كلياً ،
ولكن المخالفة تكون كما أمرنا ديننا ،
فإذا أمرنا بمخالفتهم ثم أُمِرنا بإعفاء اللحية ، علمنا أن المخالفة تكون في أن يُترك الشارب يختلط باللحية ، فعلينا مخالفة ذلك ، وإتباع الفطرة ، وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام بإعفاء اللحية .
خامسا :
ادلة المؤيدين و المخالفين واراؤهم ...المعاصرون، لا السلف:
قال الشيخ العلامة الإمام المحدث
محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله- في
آداب الزفاف ص 210-211
"
ومما لا ريب فيه عند من سلمت فطرته وحسنت طويته أن كل دليل من هذه الأدلة الأربعة كاف لإثبات وجوب إعفاء اللحية وحرمة حلقها فكيف بها مجتمعة !".
قال الشيخ المحدث
أبو عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي- رحمه الله- في كتابه
إجابة السائل ص219"
إعفاء اللحية يعتبر واجبا وحلقها محرم، وحالق اللحية يعتبر فاسقا لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول" أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى" ويقول أيضا" أرخوا اللحى" وكانت لحيته صلى الله عليه وسلم تملأ صدره وقيل لبعض الصحابة رضي الله عنهم: بم تعرفون أن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ؟ قيل: بإضطراب لحيته،.......، وحلق اللحى يعتبر تشبها بالنساء ويعتبر تشبها بالكفار والظاهر أن أول من سن هذه السنة السيئة للمسلمين هم الصوفية كما في تلبيس إبليس، ابتلى الله الإسلام بالصوفية وابتلى الله الإسلام بالشيعة، والأخذ من طولها وعرضها لم يثبت، اترك لحيتك وأعفها كما أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم،.......، وإذا اعتقد أن اللحية من القاذورات مثل الإنانة والإبط فهو كافرا مرتد، فمن استهزأ بشئ من دين الله سبحانه وتعالى أو ثوابه أو عقابه كفر والدليل قول تعالى"
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ".
(سورة التوبة:65-66) قال العلامة
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز- رحمه الله تعالى-"
أن تربية اللحية وتوفيرها وتوقيرها وإرخائها فرض لا يجوز تركه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك وأمره على الوجوب كما قال تعالى"وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" ، والواجب إعفاء اللحية وتوفيرها وإرخائها وعدم التعرض لها بشئ".
قال الشيخ
محمد صالح العثيمين - رحمه الله تعالى- :"
حلق اللحية محرم لأنه معصية لرسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال" أعفوا اللحى وأحفوا الشوارب" ولأنه خروج عن هدي المرسلين إلى هدي المجوس والمشركين والقص من اللحية خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله" وفروا اللحى" " وأرخوا اللحى"، فمن أراد اتباع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم واتباع هديه فلا يأخذن منها شيئا".
قال العلامة
صالح بن فوزان الفوزان- حفظه الله ورعاه- في كتابه "
الماتع الإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام: "
إن ترجيح المؤلف للقول بكراهة حلق اللحية فقط ترجيح باطل لا دليل عليه والأدلة الصحيحة تقتضي خلافه على أن الصواب هو القول الأول وهو تحريم حلق اللحية".
قال العلامة المحدث
ربيع بن هادي المدخلي- متع الله بعمره في "
حفظ السنة والرد على أهل البدع: "
حلق اللحية حرام وكبيرة من الكبائر ، والرسول قال :" أعفوا اللحى ، وأحفوا الشوارب " ، والآن يحلق لحيته ويوفر شاربه ،هذا معاكس لتوجيهات الرسول عليه الصلاة والسلام ، هذا متبع من ؟ خطيرة جدا ، يعني العقلية التي قامت عليها هذه العملية أخطر من نفس العملية . حلق اللحية كبيرة من الكبائر ، والحلق فيه تشبه بالنساء تشبه باليهود تشبه بالمجوس ماذا تريدون يا أخي ؟ ! يعني هذا هو التقدم وتوفير اللحى رجعية ؟ !! الرجعية حلق اللحية ، الذي يحلق اللحية ويتشبه بالكفار هو الرجعي ، هو المتخلف ، هو ضعيف العقل يا إخوة ، أهل اللحى فتحوا الدنيا وسادوها وحكموها ، عرفتم ، والحالقون هم الذين ضيعوا بلاد الإسلام والمسلمين هم المتخلفون الرجعيون ".
قال محدث المدينة الشيخ
عبدالمحسن العباد - حفظه الله ورعاه-"
حلق اللحية من الرجال تشبه بالنساء؛ لأن النساء لا شعر لهن، والرجال إذا فعلوا ذلك فإنهم يكونون بذلك متشبهين بالنساء".
فلا تغتروا أيها الأخوة في الله بكثرة المبتلين بهذه المخالفة وإن كان فيهم من ينتسب إلى أهل العلم، فإن العلم الذي لا يثمر العمل بما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم من الهدى والنور، فالجهل خير منه ولا سيما إذا استعمل هذا العلم في تأويل النصوص الصريحة وردها اتباعا للهوى وجريا مع التيار والله المستعان.
تنبيه:
قول البعض بأن
إعفاء اللحية يشهوه الخلقة ويطلق ألسنة المغتابين ويروع الأطفال والزوجات قول باطل من وجهين:
الوجه الأول:
أن النبي صلى الله عليه وسلم من أجمل خلق الله سبحانه وتعالى وقد كانت لحيته كثة وعظيمة وضخمة ويرى اضطرابها وهو يصلي، فلم يكن ذلك تشويها فيه بل كان من أجمل خلق الله سبحانه وتعالى.
الوجه الثاني:
أن إعفاء اللحية متابعة للنبي صلى الله عليه وسلم ومتابعته رفعة وكرامة وإن سخر به سفلة الناس.
.............................
آراء اخرى تبيح الحلق ...خلافا لاهل العلم :
الرأي الاخر للامانة العلمية
جاء كتاب "
اتحاف ذوى الافهام بان حلق اللحية مكروه وليس بحرام "
للعلامة
الغماري محدث المغرب،
مالكي المذهب
اشعري العقيدة الدليل الاول
قالوا الأصل في الأوامر الوجوب إلا إن وجد صارف وقد امر الرسول باعفاء اللحية (تركها تنمو) مخالفة للمشركي .
قلنا :
ان الامر باعفاء اللحية جاء مرتبط دائما بمخالفة المشركين فيقول الرسول "خالفوا النصارى واعفوا اللحى"، وقد وجدنا ان الامر بمخالفة المشركين مستحب وليس واجب ووجدنا قرائن تصرفه عن الوجوب .أن مخالفة المسلمين غيرهم مطلوبة فيما هو من شعائر دينهم لا مطلقاً. وهناك ادلة كثيرة على ذلك تصرف الامر عن الوجوب الى الاستحباب فى مخالفة المشركين ذلك منها ما جاء بالأمر بخضاب الشيب لمخالفة اليهود والنصارى، ولم يفعله عدد من الصحابة.
ففى الحديث يقول الرسول:" ان اليهود والنصارى لايصبغون فخالفوهم "رواه البخارى فى صحيحه:3462 ، ولم يفعله كل الصحابه واجمعوا على ان الصبغة مستحبه .
ومن ذلك ايضا : امر الرسول" باحفاء الشوارب مخالفة للكفار" رواه البخارى فى صحيحه
ومع ذلك كان عمر بن الخطاب يترك شاربه لدرجة انه كان يفتله اذا غضب.
ومن ذلك ايضا: قول الرسول " صلوا فى نعالكم ولا تشبهوا باليهود " رواه فى المعجم الكبير ،وقد اجمع الفقهاء على اباحة الصلاة بدون نعال.
ومن ذلك ايضا :" نهى الرسول عن سدل الرجل ثوبه فى الصلاة كفعل اليهود"
وقد اجمعوا ان ذلك مكروه.
ومن ذلك ايضا :" قول الرسول" اللحد لنا والشق لاهل الكتاب"، والصحابة لا تقول بتحريم الشق ولهذا لما توفى الرسول اختلفوا هل يلحون له ام يشقون ؟ وارسلوا الى من يلحد ويشق فقالوا ان من اتى اولا هو صاحب الامر فجاء الذى يلحد اولا فالحدوا للرسول .فلو كان النهى للتحريم لما اختلفوا فيما يفعلون برسول الله ولجزموا من اول مرة باللحد ولو لم يكن هناك دليل على ان الامر المرتبط بعلة مخالفة الكفار يحمل على الاستحباب الا هذه الواقعة لكفى دليل على ذلك لانها اجماع من الصحابة على جواز اللحد والشق الذى اخبر الرسول انه من فعل اهل الكتاب.
ومن ذلك ايضا :"نهى الرسول عن اتخاذ المحاريب فى المساجد كما يفعل النصارى فى كنائسهم"
ولم يقل احد بكراهة ذلك ولا بحرمته بل وقع الاجماع فى مشارق الارض ومغاربها على اباحة ذلك.
ومن ذلك ايضا :" نهى الرسول عن تشييد المساجد وزخرفتها كما يفعل اليهود والنصارى فى كنائسهم "
ومع ذلك نجد ان الفقهاء اجمعوا على استحباب ذلك وصرح الامام السبكى بجواز الزخرفة بالذهب والفضة فى كتابه قناديل المدينة.
ومن ذلك ايضا: " نهى الرسول عن الصلاة وقت غروب الشمس ووقت طلوعها لان الكفار يصلون فى هذا الوقت " ، ومع ذلك نجد ان الفقهاء اجمعوا على كراهة ذلك وليس تحريمه.
ومن ذلك ايضا :" نهي النبي عن التمايل فى الصلاة لانه من فعل اليهود"، ولم يقل احد بتحريم ذلك.
ومن ذلك ايضا : " نهى الرسول عن حلق القفا لانه من فعل المجوس "
واجمعوا انه مكروه بل يفعله اليوم من يلعن ويحرم حلق اللحية . الدليل الثانى :
قالوا إنه تشبه بالنساء، و مُثلة، وتغيير لخلق الله، وداخل بالنمص المحرم، وهو من الكبائرقلنا :
وهذا تغافل منهم عن قاعدة أن الحُكم الواحد لا يجوز أن يُعَلّل بعِلّتين عن جمهور الأصوليين الذي اشترطوا في العلة الانعكاس. كما أن الخلاف في "جوز التعليل بعلتين" محله "ا العلل المستنبَطة" لا "العلل المنصوصة للشارع". فالعلة الوحيدة التي ذكرها النبي هي التشبه بالمجوس. فلا يجوز أن نزيد على ذلك من كَيسنا. أما أنه تغييرٌ لخلق الله، فماذا عن الصبغ وحلق الرأس ونتف الإبط وقص الأظافر وأمثال ذلك؟ أما أنه تشبه بالنساء، فلا يلزم إن لم يحلق الشوارب. أما الادعاء على أنها من الكبائر قياساً على النمص، فهذا تغافلٌ عما تقرر في كتب الأصول أن القياس يكون في الأحكام لا في العقوبات المعنوية كاللعن وغضب الله وعدم دخول الجنة. وذلك أن الله وحده هو الذي يعلم من يستحق تلك العقوبة، ولا يجوز تعميمها بقياس.
ردود اخرى على الدليل الثانىاما قولهم ان حلق اللحية تشبه بالنساء يرد عليه من ست وجوه
الاول:
انه ليس فيه تشبه بالنساء لان المشابهة بين شيئين تقتضى لغة وعرفا ان يكون بينهما وجه اتفاق ونحن ندرك بالحس والمشاهدة ان المراة لا لحية لها تحلقها حتى يقال ان الرجل اذا حلقها تشبه بها بل اننا ندرك الفرق بين وجه المراة ووجه الرجل المحلوق فالاول املس لاشعر فيه اصلا.
والثانى :
عكس ذلك واثر الشعر فيه ظاهر ولو بالغ فى الحلق ما بالغ وحيث ثبت الفرق بينهما سقط القياس الثانى انه لايصح لغة وعرفا ان يطلق على وجه المراة محلوق بخلاف وجه الرجل فكيف يجوز قياسهما على بعض .
الثالث :
ان الاحتجاج بحديث التشبه بالنساء فى هذا المقام لايجوز حتى على فرض جواز تعليل الحكم بعلتين وذلك لانه يجب تخصيص حديث تحريم التشبه بالنساء بحديث اللحية الذى يدل على ان علة النهى عن الحلق هى مخالفة المشركين وليس التشبه بالنساء لان حمل العلم على الخاص واجب كما هو متقرر فى علم اصول الفقه.
الرابع :
انه يلزم من قولهم ان" حلق اللحية تشبه بالنساء" ان يكون حلق الراس واجب لان المراة تترك شعر راسها وهذا لايقول به احد
الخامس:
ان النهى عن التشبه بالنساء انما ورد فى الملبس لقول الرسول "لعن المراة تلبس لبسة الرجل والرجل يلبس لبسة المراة" فهذا الحديث يخصص عموم حديث تحريم التشبه بالنساء.
السادس:
اننا لو سلمنا شمول حديث التشبه بالنساء للحالق لحيته لوجب تخصيصه بالاحاديث التى امرة باعفاء اللحية والتى دلت على ان العلة فى النهى عن الحلق هى مخالفة المشركين لا التشبه بالنساء بمعنى ان حالق اللحية يستثنى من عموم النهى عن التشبه بالنساء
اما قولهم ان حلق اللحية حرام لانه تنميص (يقصدون بالتنميص الاخذ من شعر الحواجب عند المراة وقد جاء النص يحرمه فى قوله " لعن الله النامصة..." ) وهذا يرد عليه باربع وجوه:
الاول :
ان
الحلق والتنميص حقيقتان متغايرتان فى اللغة فالحلق هو ازالة الشعر الظاهر على البشرة بالموسى مع بقاء بصيلاته التى هى اصوله اما النمص فهو اقتلاع الشعر باصوله بالملقاط بحيث لاينبت الا لو تخلقت بصيلة جديدة فكيف يقاس كلاهما على بعض وهما حقيقتان متغايرتان؟؟؟؟؟
الثانى :
انه
لا يجوز قياس اللحية على التنمص لان من شروط القياس ان يكون الفرع مسكوت عنه واللحية منصوص عليها فكيف يقاس منصوص على منصوص؟؟؟؟؟
الثالث :
انه
تقرر فى الاصول ان تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز .وقد ثبت فى الصحيح فى حديث النامصة انه كان اجابة لسؤال امراة عن وصل الشعر فبين لها حكم الوصل وما يشبهه الوصل ولم يذكر حلق اللحية فدل ذلك على عدم دخول الحلق اللحية فى التنمص والا كان ذكره هنا.
الرابع :
تقرر فى الاصول ان القياس يكون فى الاحكام كقياس النبيذ على الخمر فى الحرمة اما
العقوبات المعنوية كاللعن والغضب وعدم دخول الجنة فلا يجوز القياس فيها بل يوقف فيها على الوارد لان الشارع وحده يعلم من يستحق ذلك ولا نجرؤ ان نعممها بالقياس لاننا وجدنا المشرع
لعن النامصة ولم يلعن الزانية مع ان الزنا اقبح واشد و
لعن قاطع الرحم ولم يلعن قاطع الطريق فيكون قياس حالق اللحية على التنمص فى اللعن قياس مردود باتفاق الاصوليين (حيث ان التنمص قد لعن الله فاعله فدخلفيه عقوبة معنوية وهى اللعن ).
اما قولهم ان
حلق اللحية تغيير لخلق الله:
فيرد عليه بانه قد تقرر فى الاصول ان السكوت فى مقام البيان يفيد الحصر والنبى بين فى الحديث من يوصف بتغيير خلق الله وحكم بلعنه وهى "النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة" الى اخر الحديث حتنى قال "لعن الله مغيرات خلق الله " ولم يذكر فى الحديث حلق اللحية فجزمنا بان حلق اللحية ليس من هذا القبيل اصلا وهو تغيير خلق اللهالدليل الثالث:
الرد على دعوى الاجماع على تحريم حلق اللحيةإن
ابن حزم نقل الإجماع على تحريم قصهاالرد أقول:
لم ينقل الاتفاق أحدٌ قبله، وعنه نقل البعض كابن القطان، مع قصور شديد في النصوص عن السلف. قال ابن حزم في مراتب الإجماع (ص182): «واتفقوا أن حلق جميع اللحية مُثلة لا تجوز».
والجواب: إن كان لا يجوز حلق اللحية فهي إما مكروهة وإما محرمة. فليس هذا نصاً. ومن الصواب أن المثلة لا تجوز، لكن تسليم أن يكون حلق اللحية مُثْلة موضع نظر.
وقد نص ابن حزم أن علة التحريم في الحلق كونها "مثلة" باتفاق من ذهب إلى عدم الجواز. والمثلة تختلف باختلاف الأزمان والأماكن. فمثلاً كان عمر كان يرى حلق الرأس مثلة. كما أن التعليل بأن عدم جواز حلق اللحية لأجل المُثلَة غير مُسلّم أيضاً. لأن رسول الله نص على علة النهي عن ذلك، وهي مخالفة المشركين. فلا يجوز القول في ذلك بغير ما ورد به النص، كما هو معلوم. ولأجل ذلك تجِد القول بأن العلة هي المُثلة لا يستقيم مع هذا الوقت. لأن عدم الحلق صار هو المثلة! فلو عملنا ومشينا على القول بهذه العلة، لما كان في الحلق تحريمٌ مطلقاً أبداً.
ومما يوهّن دعوى الإجماع أن المعتمد في المذهب الشافعي هو الكراهية لا التحريم.
وليس للإمام الشافعي نص في المسألة ولا أحد من أصحابه، لكن هذا ما حرره المتأخرون بناءً على أصول المذهب.
أما ادعاء ابن الرفعة (معاصر لابن تيمية) بأن الشافعي نص في كتاب "الأم" على التحريم، فهو غلطٌ منه في الفهم.
فكلام الشافعي (6|88) في "جراح العمد" عن الحلق: «وهو وإن كان في اللحية لا يجوز...».
وكلمة "لا يجوز" قد تعني الكراهة كذلك، فلذلك لم يره محققوا الشافعية نصاً في التحريم.
والحليمي (ت403) الذي ربما يكون أول من قال بالتحريم من الشافعية، قد سبقه الخطابي (ت388) وقد قال بكراهة الحلق وندب التوفير في "معالم السنن".
والفتوى عند الشافعية المتأخرين تكون على ما قرره الرافعي والنووي، وابن حجر والرملي.
وقد ذكر الغزالي (505هـ) في "إحياء علوم الدين" (1|142) خصال مكروهة في اللحية منها: «نتفها أو بعضها بحُكم العَبَث والهوس، وذلك مكروه»، والنتف أشد من الحلق.
كما نقل الإمام النووي (676هـ) في شرح مسلم (3|149) عن العلماء، حيث ذكر اثنا عشر خصلة مكروهة في اللحية، منها: «حلقها». ونص صراحة على الكراهية في كتابه "التحقيق" الذي كتبه بعد المجموع والروضة، كما في مقدمته.
وكذلك فهم المتأخرون من الشافعية كلامه على الكراهة.
ويكفي في ذلك الفقيه ابن حجر الهيتمي إذ هو عمدة المتأخرين، فانظر كلامه في "تحفة المحتاج " والحواشي عليه (9|376)، وفي الحاشية النص على أن الرافعي والنووي يريان الكراهة.
وقال الرملي الشافعي في فتاواه (4|69): "حلق لحية الرجل ونتفها مكروه لا حرام".
وقول الحليمي في منهاجه: "لا يحل لأحد أن يحلق لحيته ولا حاجبيه"، ضعيف».
وفي حاشية البجيرمي على الخطيب (كتاب الشهادات)، الكراهية كذلك.
وقال زكريا في أسنى المطالب: «قوله "ويكره نتفها" أي اللحية إلخ، ومثله حلقها. فقول الحليمي في منهاجه "لا يحل لأحد أن يحلق لحيته ولا حاجبيه" ضعيف».
وكذلك قال الدمياطي في "إعانة الطالبين" (2|240) عند قول الشارح "ويحرم حلق اللحية" ما نصه: «المعتمد عند الغزالي، وشيخ الإسلام (زكريا الأنصاري) وابن حجر في "التحفة"، والرملي، والخطيب الشربيني ، وغيرهم: الكراهة»، ثم ضعّف قول الشارح مبينا أن المعتمد هو الكراهة.
وكذلك ليس هناك نص عن مالك ولا وأصحابه، لكن الذي قرره أكثر المتأخرين هو التحريم، وبعضهم قال بالكراهة.
قال القاضي المالكي عياض (ت544هـ) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (والنقل من غيره) (2|63) عن أحكام اللحية: «يكره حلقها وقصُّها وتحذيفها. وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن. وتكره الشهرة في تعظيمها وتحليتها، كما تكره في قصها وجزها. وقد اختلف السلف: هل في ذلك حد؟ فمنهم من لم يحدد إلا أنه لم يتركها لحد الشهرة، ويأخذ منها، وكره مالك طولها جداً. ومنهم من حدد بما زاد على القبضة فيزال. ومنهم من كره الأخذ منها إلا في حج أو عمرة». والكراهة هنا تنزيهية كما هو واضح، لأن كل الأمور التي كرهها هي غير محرمة.
والكراهة هي الرواية عن أحمد. إذ سأله مُهنّا (كما في المغني 1|66) عن حف الوجه، فقال: «6]]ليس به بأس للنساء، وأكرهه للرجال[/b]».
والحف هو أخذ الشعر من الوجه، والكراهة التنزيهية هي الأصل كما قرره الشيخ بكر في "المدخل".
وقال المروذي: قيل لأبي عبد الله: تكره للرجل أن يحلق قفاه أو وجهه؟ فقال: «أما أنا فلا أحلق قفاي».
وقال صالح بن أحمد في "المسائل": وسألته عن رجل قد بُلِيَ بنتف لحيته، وقطع ظفره بيده، ليس يصبر عنهما؟ قال: «إن صبر على ذلك، فهو أحب إلي».
وأول من صرح بالتحريم من الحنابلة هو ابن تيمية (ت728هـ) ثم تلامذته.
بينما الذي كان قبل ذلك هو التنصيص على الندب والاستحباب والسُنّية. فمثلاً قال الشمس (وهو ممن لا يخرج عن أقوال أحمد، ت682هـ) في الشرح الكبير (1|255): «ويستحب إعفاء اللحية».
وقال ابن تمية الحراني (ت675هـ) في مختصره (1|132): «ويستحب توفير اللحية».
وقال ابن عمر الضرير (ت 684هـ) في الحاوي الصغير (ص26): «ويسن أن يكتحل وترا بإثمد، ويدهن غبا، ويغسل شعره ويسرحه ويفرقه، ويقص شاربه، ويعفي لحيته».
وقال ابن عبد القوي (ت699هـ) في "منظومة الآداب" (ص40): «وإعفاء اللحى ندب».
ولا يضر إيجاب الدية في حلق اللحية إذا كانت لا تعود، لأن الأمر كذلك في حلق الرأس، ومعلومٌ أنه لا يحرم حلق الرأس في المذهب.................
...
وهناك ردود اخرى ...لمبيحي حلق اللحية ، و مؤيدي فتوى كراهية حلقها - فقط- ، لكن هذا تيسر ايراده وجمعه وتحقيقه و بيانه ، والله السمتعان وعليه التكلان ولا قوة الا بالله العلي العظيم.