العيد: (
فرحة و
ألم)...
بهجته وضرورته -
وجروح الامة ونكباتها هل تمنع احوال الامة ونكابتها وذلها وهوانها شعورَنا ببهجة العيد؟ قال تعالى:
"
قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ " سورة يونس:58
قال
أبو سعيد الخدري و
ابن عباس رضي الله عنهما :
فضل الله القرآن ،
ورحمته الإسلام .
قال
مجاهد وقتادة :
فضل الله : الإيمان ،
ورحمته : القرآن .
وقال
أبو سعيد الخدري :
فضل الله القرآن ورحمته أن جعلنا من أهله .
وقال
ابن عمر :
فضل الله : الإسلام ، ورحمته : تزيينه في القلب .
وقال
خالد بن معدان :
فضل الله : الإسلام ، ورحمته : السنن .
وقيل :
فضل الله : الإيمان ، ورحمته : الجنة .
الفرح ثلاثة أقسام:
الأول:
المحمود، وهو ما يتعلق بأمور الدين، ولهذا القسم صوره وآثاره الإيجابية،
والثاني: هو
المذموم، تحدث عنه البحث في ضوء حديث القرآن عنه، فذكر صوراً منه صدرت عن اليهود والمنافقين والكافرين والمترفين، ثم ذكر آثاره السلبية الكثيرة.
والثالث :
المباح ، ينسجم مع الطبيعة السوية للنفس البشرية، مع ضرورة الاحتراز منه؛ لكيلا يؤدي التساهل في شأنه إلى عواقبَ غيرِ محمودة.
قال تعالى:"
وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ". سورة النجم: 43
أي:
قضى أسباب الضحك والبكاء.
وقيل
لعمر :
هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون ؟ قال :
نعم ! والإيمان والله أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي.
قال
بسام بن عبد الله :
السن تضحك والأحشاء تحترق وإنما ضحكها زور ومختلق.... يا رب باك بعين لا دموع لها ورب ضاحك سن ما به رمق والفرح مطلوب ، وكيف لا ؟ والنبي عليه السلام بين ذلك فقال:"
اللَّهُ أفرَحُ بتوبةِ عبدِهِ مِن أحدِكُم ، سقَطَ على بعيرِهِ ، وقد أضلَّهُ في أرضِ فَلاةٍ"
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري قي صحيحه : 6309 | خلاصة حكم المحدث : ]صحيح] ولكل أمّةٍ مِن الأمَم عيدًا يأنسون فيه ويفرحون ،وهذا العيد يتضمَّن عقيدة هذه الأمة وأخلاقَها وفلسفةَ حياتِها، فمِن الأعيادِ ما هو منبثِق مِن الأفكارِ البشريّة البعيدة عن وحيِ الله تعالى، وهي أعيادُ العقائد غيرِ الإسلاميّة، وأمّا عيد الفطر وعيد الأضحى فقد شرعه الله تعالى لأمّة الإسلام، قال الله تعالى: "
لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ " [الحج:34]
روى
ابن جرير في تفسيره عن
ابن عبّاس قال: (
منسكًا أي:
عيدًا) .
أخرجه ابن جرير في تفسيره (17/198)، وعزاه السيوطي في الدر (6/47) لابن أبي حاتم . وقيل:
عني بذلك إراقة الدم أيام النحر بمِنى.
قال
ابن جرير : يعني :
لكل أمة نبي منسكا . قال : وأصل المنسك في كلام العرب : هو الموضع الذي يعتاده الإنسان ، ويتردد إليه ، إما لخير أو شر . قال : ولهذا سميت مناسك الحج بذلك ، لترداد الناس إليها وعكوفهم عليها.
و
العيد: وقال
ابن الأعرابي: "
سمّي عيدًا لأنّه يعود كلّ سنة بفرح متجدد".
نقله الأزهري في التهذيب (3/132). و
عيد الفطر و
عيد الأضحى يكونان بعدَ ركنٍ مِن أركان الإسلام، فعيدُ الفِطر يكون بعدَ عبادةِ الصّوم وعيد الأضحى بعد عبادة الحجّ.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت:
دخل أبو بكر، وعندي جاريتان من الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بُعاث، قالت: وليستا بمغنيتين. فقال أبو بكر:
أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
يا أبا بكر، إنّ لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا ".
أخرجه البخاري في العيدين، باب سنة العيدين لأهل الإسلام (952). ومسلم في العيدين، باب الرخصة في اللعب، الذي لا معصية فيه أيّام العيد (892).فـ
العيد شرعاً هو
شكر لله على تمام العبادة.
والعيد إنسانياً هو
يومٌ تلتقي فيه قوة الغني، وضعف الفقير على محبة ورحمة وعدالةٍ من وحي السماء، عُنوانُها الزكاةُ، والإحسانُ، والتوسعة.
والعيد نفسياً هو
حدٌّ فاصلٌ بين تقييدٍ تخضع له النفسُ، وتَسكُنُ إليه الجوارح، وبين انطلاق تنفتح له اللهواتُ، وتتنبّه له الشهوات.
قال
ابن عابدين: "
سمّي العيد بهذا الاسم لأنّ لله تعالى فيه عوائد الإحسان، أي: أنواع الإحسان العائدة على عباده في كل عام، منها: الفطر بعد المنع عن الطعام، وصدقة الفطر، وإتمام الحج بطواف الزيارة، ولحوم الأضاحي وغير ذلك، ولأنّ العادة فيه الفرح والسرور والنشاط والحبور غالبًا بسبب ذلك".
حاشية ابن عابدين (2/165). .
قال الشاعر:
الله أكبر قولوها بلا وجل ..... وزينوا القلب من مغزى معانيها
بها ستعلو على أفق الزمان لنا ..... رايات عز نسينا كيف نفديها
الله أكبر ما أحلى النداء بها ..... كأنه الري في الأرواح يحيها قال الإمام
انس بن مالك رحمه الله :"
للمؤمن خمسة أعياد : كل يوم يمر على المؤمن ولا يكتب عليه ذنب فهو يوم عيد ، اليوم الذي يخرج فيه من الدنيا بالإيمان فهو يوم عيد ، واليوم الذي يجاوز فيه الصراط ويأمن أهوال يوم القيامة فهو يوم عيد ، واليوم الذي يدخل فيه الجنة فهو يوم عيد ، واليوم الذي ينظر فيه إلى ربه فهو يوم عيد ".
.................................
العيد .. انتزاع الفرحة من بين الآلامالأُسوة والقدوة بالرسول -صلى الله عليه وسلم- مشروعة في شؤون الحياة العامة، تأمل قوله تعالى: "
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ " (الشرح:1).
متى نزلت هذه السورة؟نزلت في
مكة، وفي
فترة معاناة وألم وحرب وعدوان، ومع ذلك امتنَّ عليه بقوله: "
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ" إذًا كان منشرح الصدر، "
وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ . الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ " (الشرح:3،2).
وأوزاره -
صلى الله عليه وسلم-
ليست ذنوبًا، وإنما وضع الله تعالى عنه الهم والغم والثقل، ولذلك كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ من الهمِّ والغمِّ. فهذا الذي أثقل ظهره.
إن هم الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى إذا تعدَّى حد الاعتدال تحوَّل إلى كابوس، يثقل المسير، ولا يحقِّق الهدف، وقد عالجت السورة هذا المعنى بالوعد الإلهي الكريم: "
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً " (الشرح:6،5)، فهو وعد صادق للمستقبل، وهو حديث عن الحاضر بقوله: (
مَعَ الْعُسْرِ)، ولم يقل: (
بعد العسر)، فثَمَّ يسر كان قبل العسر، ثم يسر معه، كما في هذه الآية، وهو مضاعف، ثم يسر بعده، كما في قوله تعالى: "
سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً "(الطلاق: من الآية7)؛ لأنه لا يستطيع أن يواصل طريقه، واعتدال الشخصية الإنسانية من أسباب المواصلة وعدم الانقطاع.
والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم-
كان يفرح في مكة، وفي المدينة، وفي الغزو، وفي كل الأحوال.
ولم يُنقل أن المسلمين حوَّلوا عيدًا من الأعياد إلى مأتم أو حزن، وإنما كانوا يفرحون بالعيد.
والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم-
يربِّي أصحابَه ويعلِّمهم على الفرح بالعيد والاستبشار به.
والقدرة على الجمع بين الفرح والسرور والاغتباط، مع الجد في الحياة واحتمال المسؤوليات، هي أساس الأمر وجوهره .
أما عن معاناة الأمة وآلامها:
فالأمة بقدر ما فيها من النقائص والعيوب، فيها من الخيرات والبركات والمعاني الجميلة التي يمكن للإنسان أن يستذكرها، فليكن العيد فرصة لاستذكار ما يدعو إلى التفاؤل من صنوف الخير والبر والجود والكرم والإحسان.
يجب أن ندرك أن هذا لا يعني تقصير الإنسان في إحساسه بمعاناة الآخرين، لكن عليه ألَّا يقصِّر في حفظ حق نفسه، ومجرد اجترار الأحزان لا يغيِّر من الواقع شيئًا، لكن التعاطف والتفاعل بالقول أو بالفعل أو بالمشاركة العقلية أو الحضورية، هو ما نحتاج إليه. والاعتدال في الفرح والضحك مطلوب، وقد تبسَّم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه.
وداعب صلى الله عليه وسلم أصحابه وأزواجه والكبار والصبيان والبدو والحضر، وهكذا كان أصحابه، بل من أصحابه مَن هو متخصِّص في الضحك والإضحاك وصناعة الابتسامة في مكانها الطبيعي.
أما المعنى الثاني، فهو
المعاناة الخاصة والشخصية التي تحرم الإنسان من فرحة العيد.
والمؤمن إذا رضي وسلَّم، واستحضر القضاء والقدر؛ فإنه يحمد الله على أن المصيبة كانت أقل مما هو أعظم منها. وفي كل حال يجد المرء من الألطاف الخفيَّة والمنح الإلهية ما لا يدركه إلَّا مَن عاش وجرَّب، حتى إنه قد يأنس بالحال التي هو عليها، ولا يبتغي عنها حِوَلًا.
فقد يمر العيد بالإنسان وهو سجين، فيشعر بأنه معزول عن أهله وأطفاله، وأن الناس تفرح في العيد وهو محروم . وقد يقع في السجن انعتاق للروح والعقل من أسر العادة والمألوف والسياق الذي مضى عليه الإنسان، فيفرح بقربه من الله، ويشعر بحرية أهل الكهف الذين خرجوا من قصورهم قائلين: "
فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً" (الكهف: من الآية16). أو يكون الإنسان مريضًا، وربما صحَّت الأبدانُ بالعلل، ومن المرض طهور وكفارة وزلفى إلى رب العباد.
لأنه منك حلوٌ عندي المرضُ … حاشا فلستُ على ما شئتَ أعترضُوقد أصاب المرضُ
أيوبَ ، فقال الله: "
إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ "(صّ: من الآية 44).
ويحسن بالمؤمنين الاعتبار بالمنهج النبوي؛ فالرسول -صلى الله عليه وسلم-
في مكة كانت لديه آلام كافية وأحزان مستمرة، وهناك عام يسمونه: (
عام الحزن)،
لكن كان لديهم اثنا عشر عامًا لم تكن أعوام أحزان، بل كان الغالب عليها السرور، والرضا، وقرة العين بالوحي والرسالة والإسلام، والنعم في النفس والأهل والمال والولد، واعتبار مواضع الحكمة في القضاء والقدر.
وهكذا الحال
في المدينة،
كانوا يذهبون في سريَّة أو في غزو أو في مواجهة عدو، ومع ذلك كانوا يتبادلون الأشعار ويتمازحون.
وفي
أول الهجرة عند بناء المسجد كانوا يردِّدون:
لئن قَعَدْنا والنَّبيُّ يَعملُ … ذاك إذًا لعملٌ مُضـلَّـلُ
لا يَستوي مَن يَعمُرُ المساجِدا … يَدْأبُ فيها قائمًا وقاعدَا
ومَن يُرى عن الغبار حائدَا وكان اسم أحد الصحابة: «
جُعيل» فغيَّره النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وسمَّاه: «
عمرًا»، فالتقط الصحابة وهم في عملهم ومزاحهم والأهازيج التي يردِّدونها هذه المبادرة الأبوية والتكرمة النبوية، وسبكوها ضمن نشيدهم، فقالوا:
سمَّاهُ مِنْ بَعْدِ جُعيلٍ عَمْرَا … وكانَ للبائِسِ يومًا ظَهْرَا وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يردِّد معهم، فيقول: «
عمرَا»، «
ظهرَا».
وفي «السنن» أن
النبي -صلى الله عليه وسلم-
سابق عائشةَ وهم في غزوة، فسبقته مرة، وسبقها أخرى.
فهذا معناه أنه يمكن انتزاع الفرح من براثن الظروف الصعبة، والابتهاج بفضل الله ورحمته.
الفرح جزء من تكويننا الفطري، وجزء من الحياة، وعلينا أن نفرح باعتدال، وعلى الخطباء والشعراء وقادة الرأي والفكر والكُتَّاب مسؤولية زرع الأمل والتفاؤل واللغة الإيجابية عند المتلقِّين.د.سلمان العودة.................................
هل تمنع احوال الامة ونكابتها وذلها وهوانها شعورَنا ببهجة العيد؟ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن واﻻه، أما بعد :
فقد كثر الجدل والنقاش في اﻵونة اﻷخيرة حول
جعل يوم عيد الفطر يوم حزن وحداد ولبس للسواد حتى سمعنا بعض النداءات من هنا وهناك تطالب بعدم الفرح بهذا اليوم وﻻ لبس الثياب الجديدة وﻻ صنع الحلويات وﻻ شرائها وﻻ تقديمها للضيوف المهنئين والمعيدين بالعيد واﻻكتفاء بتقديم القهوة والتمر مع مبالغة بعضهم بالمطالبة بتوحيد لباس الشباب يوم العيد بلبس بلوزة سوداء مكتوب عليها: (
كلنا مع غزة) أو نحوها من العبارات التي تظهر التضامن مع إخواننا في غزة الجريحة فرج الله عن أهلها.
وبناء على ذلك أقول بيانا للحق ولحكم هذه اﻷفعال ومدى مشروعيتها:
1
. اﻷصل والواجب في مثل هذه المسائل وغيرها من المسائل الشرعية الهامة الخاصة منها والعامة الرجوع ﻷهل العلم وعدم اعتماد الرأي مهما أعجب به صاحبه. كما قال تعالى: {
فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ﻻ تعلمون} وقال تعالى: {
ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}.
2
.
الفرحة الحقيقية تكون بفضل الله ورحمته يوم يتقبل منا أعمالنا ويدخلنا الجنة في اﻵخرة. كما قال تعالى: {
قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}. فكل فرحة في الدنيا مبناها على فرحة اﻵخرة التي تكون لمن أطاع الله ويحرمها من خالف امره وعصاه.
فالمؤمن يفرح فرحا شرعيا ﻻ يطغى فيه ويحزن حزنا شرعيا ﻻ يبغي فيه. ولكن حال كثير من الناس أنه إذا فرح طغى وإذا حزن بغى والمؤمن وسط بين طرفين.
3
.
الفرحة يوم العيد مطلب شرعي واستبدالها بالحزن والحداد خلاف الهدي النبوي. بل إن الفرحة بالعيد من اﻷمور التي أمرنا بها لبيان سماحة الشريعة اﻹسلامية ونكاية في أعداء الدين الذين يحاولون تشويه صورته.كما جاء عن ﻋﺎﺋﺸﺔ أن النبي صلى الله عليه وسلم ﻗﺎل ﻳﻮﻡ ﻟﻌﺐ بعض رجال من اﻟﺤﺒﺸﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ يوم عيد: "
ﻟﺘﻌﻠﻢ ﻳﻬﻮﺩ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻨﺎ ﻓﺴﺤﺔ، ﺇﻧﻲ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﺑﺤﻨﻴﻔﻴﺔ ﺳﻤﺤﺔ".
وقال صلى الله عليه وسلم عن الجاريتين اللتين كانتا تلعبان يوم العيد لمن نهاهما عن ذلك: (
دعهما فإنّه يوم عيد).
فنقول نحن أيضا:
دعوا المسلمين فإنه يوم عيد.
4
. فرحة العيد للصائم فرحة مشروعة وذلك ﻻنتهاء صومه وفرحه بعبادته التي قدمها لربه كما جاء في الحديث: (
للصّائم فرحتان: فرحةٌ عند فطره وفرحةٌ عند لقاء ربه). فهذه الفرحة مقدمة للفرحة اﻷخرى.
فهذه هي
الفرحة الشرعية التي نريدها
وليس فرحة اﻷغاني والحفلات والمسارح والرحلات والتبذير بالمفرقعات والتبرج والسفور واﻻختﻻط وغيرها من المحرمات.
فلما صار مفهوم الفرحة عند كثير من المسلمين على هذه الشاكلة صارت فرحة مستهجنة عند حلول المصائب مع أنها مستهجنة عند كل مؤمن في المصائب وغيرها.
5
.
ﻻ زالت المصائب والنكبات تتوالى في فلسطين منذ احتلالها في نكبة عام 1948م بل وقبل ذلك أيام اﻹنجليز وبعده في نكسة عام
1967م ووو
فإذا أردنا مواكبة هذه النكبات واستدامة اﻷحزان والنكسات لما فرحنا بعيد من أعيادنا أصلا. بل إن المسلمين في فلسطين ﻻ يقلون شأنا عن المسلمين في بقية بلدان العالم.
فهل رأينا هذا الحداد على مسلمي بورما؟!
أو الشيشان؟!
أو إفريقيا؟!
أو البوسنة؟!
أو سوريا والعراق؟!أو غيرها من البلدان.لم يكن شيء من ذلك من قبل وﻻ من بعد!
6
.
كانت الغزوات والسرايا والبعوث كل عام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين من بعده ودوما هناك حروب ودماء وجرحى وشهداء ومع ذلك لم يأمر النبي بالحداد في يوم العيد بل كان يأمر بالفرح فيه ويزجر من ينهى عنه .
وقد استشهد في
غزوة بدر عدة صحابة وكانت غزوة بدر في رمضان أي بعدها عيد الفطر وفي
أحد قتل سبعون صحابيا وفي
الخندق و
مؤتة كان هناك عدد من الشهداء من خيرة الصحابة. والقراء السبعون الذين استشهدوا في
بئر معونة هم من علماء الصحابة. وغير ذلك
فلم يفعل النبي شيئا من هذه المظاهر المحدثة.
فدل على عدم مشروعيتها.
7
.
لو أردنا أن نعلن الحداد ونحزن على مصيبة فإن أعظم مصائبنا هي موت النبي صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك فقد فرح الصحابة بالعيد بعد موته وﻻ زالت اﻷمة تفرح بأعيادها بعد موته بأبي هو وأمي.
فهل يكون من يفرح بالعيد بعد موته عديم وفاقد اﻹحساس ؟!8
.
اﻻقتصار في ضيافة المهنئين والمعيدين يوم العيد باﻷقل كالقهوة السادة والتمر مع إمكانية تقديم اﻷفضل يخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإكرام الضيف وقد قال صلى الله عليه وسلم: (
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه).
9
.
هل فكرنا بهذه المظاهر من حداد أو لبس لسواد أنها ستقدم شيئا ﻷهلنا وإخواننا في غزة او في الشام او في الشيشان او في اي مكان يعاني فيه المسلمون؟!
أم أنها مجرد مظاهر ستعبر عما بداخلنا ونظن أننا صنعنا شيئا لهم بها وفي الحقيقة ما سددنا لهم بها جوعا وﻻ سترنا لهم بها عورة وﻻ أنقذنا لهم بها طفﻻ وﻻ أعنا شيخا وﻻ جبرنا كسر امرأة ثكلى وﻻ مسحنا رأس يتيم وﻻ حررنا أرضا وﻻ كسرنا قيدا وﻻ أغثنا ملهوفا وﻻ رددنا فقيدا وﻻ نصرنا شهيدا.
10
.
أما علم وعرف من يدعو إلى هذا الحداد واللباس اﻷسود الموحد أن عادة لبس السواد عند الحزن من العادات المستوردة من عند الكفار الذين أمرنا بمخالفتهم ونهينا عن التشبه بهم والذين يقصفون بيوتنا ويقتلون إخواننا ويسوموننا سوء العذاب صباح مساء ؟!!
و
عليه فلا يجوز جعل يوم العيد حدادا بشكل من اﻷشكال أو بحال من اﻷحوال لما تقدم من اﻷدلة واﻷقوال.
اللهم إﻻ أن تكون الفرحة شرعية ﻻ طغيان فيها وﻻ شين يعتريها مع اﻻستمرار في الدعاء ﻹخواننا المؤمنين المستضعفين في غزة او في اي مكان يعاني فيه المسلمون بأن ينصرهم الله على عدوهم وأن يفرج همهم وينفس كربهم ويجبر كسرهم ويقوي عزيمتهم. ومع عدم نسيانهم من التبرع بالمال ﻹغاثة ملهوفهم وسد حاجاتهم.
اللهم انصر إخواننا المؤمنين المستضعفين في فلسطين والشام والعراق ومصر واليمن والشيشان و بورما وفي كل مكان
اللهم ارفع عنهم البلاء والظلم والطغيان ، واولياء الشيطان
اللهم فرج كربهم والطف بهم وارحمهم وانصرهم على عدوك وعدوهم
اللهم ارحم موتاهم وقتلاهم وداو جرحاهم واشف مرضاهم وفك اسراهم وتقبل شهداءهم
اللهم عليك باليهود الكفرة المعتدين والنصارى والظلمة والطغاة والبغاة اجمعين ، اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا وﻻ تغادر منهم أحدا
اللهم رد كيدهم في نحورهم واجعل تدميرهم في تدبيرهم ،وارنا فيهم عجائب قدرتك يا الله يا منتقم يا جبار يا الله.
..................................
هل يُعقل أو يستقيم أن يُنهى الناسُ عن إقامة شعائر العيد!بلى، وإن كان ذلك من غير التقليدي ولا المتوقع، ولكنه أمرٌ موجود وفي تزايد!فلقد صِرْنا نجد مِن بيننا مَن يُصرُّ على رفع لافتات:
لا للعيد، كما ذكرنا، ومن هؤلاء مفكرون، ولبعضهم وزن اجتماعي، وتأتي تلك الدعوات من "
مسلمين" من أماكن مختلفة في بلادنا والعالَم، الذي صار من حيث الاتصال والتواصل كما نعلم (قرية صغيرة)، والحجة غالبًا:
تلك الكوارث والابتلاءات التي يتعرَّض لها المسلمون في مختلف بلادهم، ولا تخفى على أحد!
ولا يوضحون ماذا يريدون منا:
ألا نكبِّر، ألا نصلي صلاة العيد، ألا نبتسم مثلًا؟!
ا
لمهم - من خلال كلامهم -
أن يبقى العيد مطرودًا منذ اللحظة الأولى للفطر أو الأضحى؛ حتى لا تسوِّل لكم أنفسكم أمرًا، وتفشلوا في اختبار الصمود مع "
المأساة" (الفردية أو الجماعية)، وأن تقمعوا أرواحكم ومشاعركم، ولا تخونوا "
القضية الإنسانية والاجتماعية" والمبادئ الفكرية (التي اختاروا لها في هذا الموطن رفض العيد وتكريس الحزن شعارًا!).
نداءات تنتشر كالوباء، تتجاوب أصداؤُها عند من تجد هوى في نفسه، أو عند الكثيرين من البسطاء الذين يصدقونها ويسعَوْن للتعاطفِ مع المبتلَيْنَ من المسلمين بما استطاعوا، (وهو هنا اللسان والقلب)، مع أن أكثرهم يشعُر أنه يريد العيد وينتظره، وبعضهم قد يكون مبتلًى ولكنه في حَيرة من أمره! وأغلب منظِّري تلك الحملات يستخدم الفضاءَ الإلكتروني، وبالذات شبكات التواصل، فيغيِّر صورة الهوية "بروفيله"؛ ليضع تلك الشعارات الرافضة للبهجة المتممة لعبادة الصيام أو الحج، متجاهلاً قلوب الأطفال ووجوهَهم المتلهفة في المناطق المنكوبة (التي يوجه النداء لها بالدرجة الأولى)، بل ويلاحقُهم ليصادر ضحكتَهم بحجج مثل: "ما في عيد؛ من أجل أم الشهيد" ، " أنا لن أعيد والناس تستشهد"! ويدهشك أنه بعد قليل (رابع يوم العيد مثلاً) يهنِّئُ صديقه أو قريبه على شبكة التواصل ذاتها! بعيد ميلاده!وبعضهم يتوعد "العيد" ألا يقترب من البلاد المبتلاة التي قد ينتمي هو إليها، ولكنه يعيش خارجها؛ لأنه ليس له مكان مع الهدم والألم، ويضعون رسومًا لقلوب وورود تدفق دمًا! شيء عجيب كيف يفكِّرُ هؤلاء؟!
والأعجب أن بعضهم بعد أن شنُّوا تلك الحملة على شبكة التواصل في أعياد مضت، ما لبثوا بعد قليل أن أبدَوا إعجابهم بإبداع الأطفال في اجتراح الفرح من قلب الحصار والدمار والألم في تلك المناطق المسلِمة المنكوبة! وتداوَلوا صورَ ذلك الفرَح المبدع التي انتشرت على الشبكة، فظنهم المرءُ اقتنعوا أن العيد ضمادٌ للجراح، ليس من كلامنا، ولكن من جذل الأطفال الذي أفرحنا جميعًا، ثم إذا بهم عينِهم يعودون بعد عام (كانوا تبادلوا خلاله التهنئة بأعياد دنيوية متنوعة) لنفس الدَّيدن وبتركيز أشد على الشهيد وأمِّه، والدماء والأبرياء، ويتداولون شعارات جديدة؛ مثل: (التبرُّؤ من المدعو "عيد سعيد")، لا بل ويُشهدون الله - تعالى - على ذلك!
و
كأن بعضهم بينه وبين العيد ثأر، ولا أفهم ما الذي يَضير هؤلاء - وهم ليسوا قلة في المجتمعات الإسلامية مع الأسف - في أن يفرَح المسلم بإتمام نعمة الله عليه بالصيام على أكمل وجه، أو أداء شعائر الحج، من خلال صلاة العيد مع أسرته، والتوسعة عليهم قدر استطاعته، وتيسير سبل اللهو البريء لهم ولعامة الأطفال، وذبح الأضحية، والأكل منها، والإطعام، وصلة رحِمِه، والسلام على إخوانه المسلمين، وتهنئتهم بالعيد؟!
وإن كان بعض المحرِّضين على منع العيد يفعل ذلك عن حسن نية، فلا بد أن نبين له شأن العيد شرعةً وفطرة.
من جمال شِرعة الله - تعالى -: عيدانِ أكرمنا بهما خالقُنا:
إن الله - تعالى - عندما خلقَنا، جعل نفوسنا تستطيب الفرح وإدخال السرور على الآخر، فشرَعَ لنا - عندما أكمل للأمة الدِّين، وأتمَّ النعمة، ورضي للبشرية الإسلامَ دينًا - الاحتفالَ بعيد الفطر وعيد الأضحى بعد الفراغ من العبادة؛ قال - تعالى -: ﴿
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، فكان العيد بهجة متممة لشعيرة الصيام في الأول، وسرورًا لإتمام الحج وعشر ذي الحجة وذبح الأضحية في الثاني؛ (
فمن لم يحجَّ كان عيدُه فرحًا لحجاج المسلمين، وبركة تقديم الأضاحي).
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - (بسند صحيح) قال: قدمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ ولهم يومانِ يلعبونَ فيهما، فقال: ((
ما هذانِ اليومانِ؟))، قالوا:
يومان كنا نلعبُ فيهما في الجاهليةِ، فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((
إن اللهَ قد أبدلَكم بِهما خيرًا منهما؛ يوم الأضحى، ويوم الفطر))[3].
وهذه الحقيقة تضفي على "العيد" في أمتنا:•
صبغة إيمانية:
كونه هبةً من رب العالمين.
•
وجماعية (ت
شمل المجتمعَ؛ بل والأمة): إذ تجتمع الأممُ المسلمة في شهود شعائره ونشاطاته من "
اللعب واللهو" التي لا تقرب المحرمات، كما يدل عليه الحديثُ الشريف.
والمهم أن تلك الصبغة تجعل قلوبنا تلتقي على السرور لقدوم العيد فطرةً وليس تكلفًا أو تظاهرًا، كالحال في الأعياد الدنيوية التي تتفاوت مشاعر الناس خلالها بما فيها عيد الأم، وعيد الطفل، وعيد الشجرة، وعيد الميلاد، وعيد العمال، وعيد الفلاح، وعيد الطبيب، وبقية القائمة الطويلة المصطنعة بشريًّا (لا المشرعة ربانيًّا)، والتي من أحسنِ وأحكمِ ما قرأت فيها قول أحدهم: "
إنه كلما تأخرت أمَّة، كثُرت أعيادُها".
قال ا
بن عابدين:
"
سمِّي العيد بهذا الاسم؛ لأن لله - تعالى - فيه عوائدَ الإحسان؛ أي: أنواع الإحسان العائدة على عباده في كل عام، منها: الفِطرُ بعد المنع عن الطعام، وصدقة الفطر، وإتمام الحج بطواف الزيارة، ولحوم الأضاحي وغير ذلك، ولأن العادةَ فيه الفرحُ والسرور، والنشاط والحُبور غالبًا بسبب ذلك".
وقال
الرازيُّ في مختار الصحاح: "
وقد عيَّدوا تعييدًا؛ أي: شهِدوا العيد"،