بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين - حمداً لا ينفد أوله ، ولا ينقطع آخره ، حمداً زنة عرشه ومداد كلماته ومنتهى الرحمة من كتابه ، حمداً عدد و ملء خلقه ، عدد وملء ما في السماوات وما في الارض ، عدد وملء ما في العرش والكرسي والميزان ، عدد وملء رضاء الله - كما يليق بجلاله وعظمته -، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا اتقانا وانقانا واعبدنا واصفانا ومعلمنا ومرشدنا سيد الأولين والاخرين - محمد بن عبد الله - ، خير خلق الله ، عليه افضل الصلاة والتسليم ،ثم أما بعد
التوحيد:
تعريفه، أهميته، أقسامه وأنواعه-شرحها وتفصيلاتها-،أبوابه، نواقضه سلسلة نهديها لكم جميعا لـ-
حبنا لكم في الله -
ولخوفنا على عقيدتنا وايماننا ،
ولتصحيح الخاطئ من معتقادتنا ،
ولإزالة كل الشبهات ،
وبيان نقاط اهل الضلالات -
للتصيح لا التجريح ، وللوصول للحق ، واجتناب كل مخالف وفاسق وكافر -
...................
توحيد الأسماء - الحُسنى -والصفات - العلى -:
الاسم في اللغة:
ما دل على الذات وما قام بها من الصفات.
ومن
أسماء الله تعالى الحسنى:
الله – الرحمن – الرحيم – الغفور – العزيز – القدير – السميع – البصير – البارئ...
ورد هذا الوصف لأسماء الله عز وجل في أربعة مواضع من كتاب الله عز وجل، وهذه المواضع هي:
أ- قال تعالى:"
وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [الأعراف: 180].
وقال تعالى:"
قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى" [الإسراء: 110]
وقال تعالى:"
اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى " [طه: 8].
وقال تعالى:"
هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى " [الحشر: 24].
هام :
أسماء الله الحسنى :
حُسنى على وزن (
فُعلى) تأنيث
أفعل التفضيل، ف
حُسنى تأنيث
أحسن، ك
كبرى تأنيث
أكبر، و
صغرى تأنيث
أصغر.
ولذلك يخطئ من يقول إنها تأنيث حسن؛ لأن تأنيث (
حسن) (
حسنة)
وبناء على تقدم...
لا يصح أن نقول: إن أسماء الله
حسنة والصواب هو أن نقول: إن
أسماء الله حُسنى.
ومعنى
حُسنى:
المفضلة على الحسنة، أي
البالغة غاية الحسن وكماله .
و(
صفاته العلى):
(و
صفاته):
الصفة هي:
ما قام بالذات مما يميزها عن غيرها من أمور ذاتية أو معنوية أو فعلية.
ومن صفات الله عز وجل:
الذاتية:
اليدان – الوجه – العينان – الأصابع.
المعنوية:
العلم – القدرة – الحياة - الإرادة.
الفعلية:
النزول – الاستواء – الخلق – الرزق.
(
العُلَى): قال تعالى:"
لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَللهِ المَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ". [النحل: 60].
وقال تعالى:"
وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ المَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ " [الرُّوم: 27]
(
الأعلى) صيغة
أفعل التفضيل، أي
أعلى من غيره .
قال
القرطبي" :
وَللهِ المَثَلُ الأَعْلَى": أي
الوصف الأعلى .(
تفسير القرطبي:10/119) .
وقال
ابن كثير: "
وَللهِ المَثَلُ الأَعْلَى "
وهو كل صفة كمال؛ وكل كمال في الوجود فالله أحق به من غير أن يستلزم ذلك نقصاً بوجه .(
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان : 4/104 ) .
فيجب الإيمان بما أخبر الله به عن نفسه، وذلك بالاعتقاد الجازم بأن كل ما أخبر الله به في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الصفات هي صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه، فهو سبحانه المستحق للكمال المُطلق من جميع الوجوه.
قال
الإمام ابن القيم: (
المثل الأعلى يتضمن ثبوت الصفات العليا لله سبحانه، ووجودها العلمي، والخبر عنها، وذكرها، وعبادة الرب سبحانه بها...). (الصواعق المرسلة:3/1034) .
فيجب الوقوف في أسماء الله وصفاته على ما جاءت به نصوص القرآن والسنة لا نزيد على ذلك ولا ننقص منه. فلا نسمي أو نصف الله بما لم يسم أو يصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. وذلك لأنه لا طريق إلى معرفة أسماء الله وصفاته إلا من طريق واحد هو طريق الخبر – أي الكتاب والسنة -ولا يجوز الإثبات أو النفي إلا بالنص.
قال الإمام
أحمد (ت 241) رحمه الله: (
لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم ، لا نتجاوز القرآن والسنة). (الفتوى الحموية:61) .
وقال
ابن عبد البر (ت 463) رحمه الله: (
ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصاً في كتاب الله، أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أجمعت عليه الأمة، وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يسلم له ولا يناظر فيه). (جامع بيان العلم وفضله:96) .
فعلى المؤمن الموحد بالدعاء بما ذكر الله في كتابه من أسمائه ،قال تعالى: "
وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا " [الأعراف: 180]، فأن الله يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته، ويثنوا عليه بها، ويأخذوا بحظهم من عبوديتها، فالدعاء بها يتناول:
دعاء المسألة: كقولك:
ربّ ارزقني.
ودعاء الثناء: كقولك:
سبحان الله.
ودعاء التعبد: كدعاء الركوع والسجود .
قال صلى الله عليه وسلم: "
إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحد، من أحصاها دخل الجنة "متفق عليه.
أي
حفظها ألفاظاً، و
فهم معانيها ومدلولاتها، و
عمل بمقتضياتها وأحكامها.
فالعلم بأسماء الله وصفاته، واعتقاد تسمي الله واتصافه بها هو من العبادة، وإدراك القلب لمعانيها، وما تضمنته من الأحكام والمقتضيات، واستشعاره وتجاوبه لذلك بالقدر الذي يؤدي إلى سلامة تفكيره واستقامة سلوكه، هو عبادة أيضاً.وكل اسم من أسماء الله يدل على معنى الذي نسميه (الصفة)، فلذلك كان لزاماً على من يؤمن بأسماء الله تعالى أن يراعي الأمور التالية:
أولاً: الإيمان بثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
ثانياً: الإيمان بما دل عليه الاسم من المعنى أي (الصفة).
ثالثاً: الإيمان بما يتعلق به من الآثار والحكم والمقتضى.مثال ذلك: (
السميع).اسم من أسماء الله الحسنى، فلابد من الإيمان به من:
1- إثبات اسم (
السميع) باعتباره اسماً من أسماء الله الحسنى.
2- إثبات (
السمع) صفة له.
3- إثبات الحكم (أي الفعل) وهو أن الله يسمع السر والنجوى.
وإثبات المقتضى والأثر: وهو
وجوب خشية الله، ومراقبته، وخوفه، والحياء منه عز وجل.
قال
ابن القيم رحمه الله: (
كل اسم من أسمائه عز وجل له تعبد مختص به علماً ومعرفة وحالاً:
علماً ومعرفة:
أي إن من علم أن الله مسمى بهذا الاسم وعرف ما يتضمنه من الصفة ثم اعتقد ذلك فهذه عبادة.
وحالاً:
أي إن لكل اسم من أسماء الله مدلولاً خاصاً وتأثيراً معيناً في القلب والسلوك، فإذا أدرك القلب معنى الاسم وما يتضمنه واستشعر ذلك، تجاوب مع هذه المعاني، وانعكست هذه المعرفة على تفكيره وسلوكه). (
مدارج السالكين:1/420) .
وكذلك الشأن في صفات الله عز وجل، فلابد من الإيمان بمعانيها وأحكامها، فهذه عقيدة أهل السنة، بخلاف عقيدة المعطلة الذين نفوا ما دلت عليه تلك الصفات من المعاني، وتلاعبوا بتلك المعاني فحرفوها وبدلوها.
فأهل السنة يرون أنه لزاماً على من أراد إثبات الصفات والإيمان بأنها صفات كمال تثبت لله حقيقة – أن يراعي الأمور التالية:
1
-
إثبات تلك الصفة فلا يعاملها بالنفي والإنكار.
2
-
أن لا يتعدى بها اسمها الخاص الذي سماها الله به، بل يحترم الاسم كما يحترم الصفة، فلا يعطل الصفة ولا يغير اسمها ويعيرها اسماً آخر ،
كما تسمي
المعطلة سمعه وبصره وكلامه (أعراضاً).
ويسمون وجهه ويديه وقدمه (جوارح وأبعاضاً).
ويسمون علوه على خلقه واستواءه على عرشه (تحيزاً).
3
-
عدم تشبيهها بما للمخلوق، فإن الله سبحانه (ليس كمثله شيء)
لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
4
-
اليأس من إدراك كنهها وكيفياتها، فيجب قطع الطمع عن إدراك حقيقة كيفية صفات الله تعالى لأن إدراك المخلوق لذلك مستحيل، فإنه لا يعلم كيف الله إلا الله، وهذا معنى قول أهل السنة: (
بلا كيف): أي بلا كيف يعقله البشر، فإن من لا تعلم حقيقة ذاته وماهيته كيف تعرف كيفية نعوته وصفاته؟ ولا يقدح في الإيمان بها، ومعرفة معانيها، فالكيفية وراء ذلك . (
مدارج السالكين:3/358) .
5
-
تحقيق المقتضى والأثر لتلك الصفات، فلكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها توجب العلم بها، والتحقق بمعرفتها ، فعلم العبد بتفرد الرب بالخلق، والرزق، والإحياء، والإماتة، يثمر له عبودية (التوكل).
وعلم العبد بجلال الله وعظمته وعزه، يثمر له الخضوع، والاستكانة، والمحبة.
وبناء على سبق بيانه وايضاحه ، فـ
توحيد الاسماء والصفات هو:
إثبات ما أثبت الله لنفسه من أسماء و صفات ، وأثبت له رسوله صلى الله عليه وسلم - من غير تحريف ولا تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل- ونفي ما نفى الله عن نفسه من أسماء وصفات ، ونفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات والإقرار لله تعالى بمعانيها الصحيحة ودلالاتها واستشعار آثارها ومقتضياتها في الخلق . و
التحريف : هو
التغيير وإمالة الشيء عن وجهه . وهو قسمان :
1
-
تحريف لفظي: .
وذلك بالزيادة في الكلمة أو النقص أو تغيير حركة في الكلمة كتحريف كلمة
استوى في قوله تعالى : {
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } (طه : 5) إلى
استولى .
قال
ابن القيم في
النونية :
نون اليهود ولام جهمي هما ... في وحي رب العرش زائدتان
أمر اليهود بأن يقولوا حطة ... فأبوا وقالوا حنطة لهوانقال
ابن القيم: إن
اللام في استولى مزيدة زادها أهل التحريف كما زاد اليهود
النون في (
حطة) فقالوا: (
حنطة) .
2
-
تحريف معنوي: . وذلك بتفسير اللفظ على غير مراد الله ورسوله منه كمن فسر "
اليد " لله تعالى
بالقوة أو النعمة . فإن هذا تفسير باطل لا يدل عليه الشرع ولا اللغة .
و
التعطيل : هو
نفي صفات الله تعالى كمن زعم أن الله تعالى لا يتصف بصفة .
والفرق بين
التحريف و
التعطيل هو أن
التحريف نفي المعنى الصحيح الذي دلت عليه النصوص واستبداله بمعنى آخر غير صحيح، أما
التعطيل فهو نفي المعنى الصحيح من غير استبدال له بمعنى آخر .
و
التكييف :
تعيين كيفية الصفة والهيئة التي تكون عليها كفعل بعض المنحرفين في هذا الباب الذين يكيفون صفات الله فيقولون كيفية يده : كذا وكذا ، وكيفية استوائه على هيئة كذا وكذا . فإن هذا باطل إذ لا يعلم كيفية صفات الله إلا هو وحده وأما المخلوقون فإنهم يجهلون ذلك ويعجزون عن إدراكه .
و
التمثيل - التشبيه -: هو
كمن يقول لله سمع كسمعنا ووجه كوجوهنا تعالى الله عن ذلك .
قال تعالى:"
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " (الشورى : 11)
وقال الله تعالى :"
فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ " (النحل : 74)
وقال تعالى :"
هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا " (مريمَ : 65) قال
ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها : "
هل تعلم للرب مثلًا أو شبيهًا؟ " .
وقال تعالى "
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ " (الإخلاص : 4) قال
الطبري : "
ولم يكن له شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء " .
وقال تعالى:"
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ }{ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ .هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " (الحشر : 22- 24) .
احذروا الْإِلْحَادُ فِي أَسْمَاء الله:
فَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ
ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ : (
وَالْإِلْحَادُ فِي أَسْمَائِهِ هُوَ الْعُدُولُ بِهَا وَبِحَقَائِقِهَا وَمَعَانِيهَا عَنِ الْحَقِّ الثَّابِتِ لَهَا ؛ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمَيْلِ ؛ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَادَّةُ ( ل ح د ) ، فَمِنْهُ اللَّحْدُ ، وَهُوَ الشَّقُّ فِي جَانِبِ الْقَبْرِ ، الَّذِي قَدْ مَالَ عَنِ الْوَسَطِ ، وَمِنْهُ الْمُلْحِدُ فِي الدِّينِ : الْمَائِلُ عَنِ الْحَقِّ ، الْمُدْخِلُ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ ) . اهـ
فَالْإِلْحَادُ فِيهَا: إِمَّا أَنْ يَكُونَ
بِجَحْدِهَا وَإِنْكَارِهَا بِالْكُلِّيَّةِ ، وَإِمَّا
بِجَحْدِ مَعَانِيهَا وَتَعْطِيلِهَا ، وَإِمَّا
بِتَحْرِيفِهَا عَنِ الصَّوَابِ وَإِخْرَاجِهَا عَنِ الْحَقِّ بِالتَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةِ ، وَإِمَّا
بِجَعْلِهَا أَسْمَاءً لِبَعْضِ الْمُبْتَدَعَاتِ ، كَإِلْحَادِ أَهْلِ الِاتِّحَادِ .
وَاعلَموا أَنَّ السَّلَفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
يُؤْمِنُونَ بِكُلِّ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ ، وَبِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيمَانًا سَالِمًا مِنَ التَّحْرِيفِ وَالتَّعْطِيلِ ، وَمِنَ التَّكْيِيفِ وَالتَّمْثِيلِ ، وَيَجْعَلُونَ الْكَلَامَ فِي ذَاتِ الْبَارِي وَصِفَاتِهِ بَابًا وَاحِدًا ؛ فَإِنَّ الكَلَامَ فِي الصِّفَاتِ فَرْعُ الْكَلَامِ فِي الذَّاتِ ، يُحْتَذَى فِيهِ حَذْوُهُ ، فَإِذَا كَانَ إِثْبَاتُ الذَّاتِ إِثْبَاتَ وُجُودٍ لَا إِثْبَاتَ تَكْيِيفٍ ؛ فَكَذَلِكَ إِثْبَاتُ الصِّفَاتِ .
وَقَدْ يُعَبِّرُونَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ : (
تُمَرُّ كَمَا جَاءَتْ بِلَا تَأْوِيلٍ ) ، وَمَنْ لَمْ يَفْهَمْ كَلَامَهُمْ ظَنَّ أَنَّ غَرَضَهُمْ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ هُوَ قِرَاءَةُ اللَّفْظِ دُونَ التَّعَرُّضِ لِلْمَعْنَى ، وَهُوَ بَاطِلٌ ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْوِيلِ الْمَنْفِيِّ هُنَا هُوَ حَقِيقَةُ الْمَعْنَى وَكُنْهُهُ وَكَيْفِيَّتُهُ ... قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ : (
لَا يُوصَفُ اللَّهُ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ ، أَوْ وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ ، لَا يُتَجَاوَزُ الْقُرْآنُ وَالْحَدِيثُ ) .
...............
يتبع ان شاء الله....ج 3
تعلموا وطبقوا وعلموا وبلغوا وانشروا - مخلصين لله - تؤجروا