بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين - حمداً لا ينفد أوله ، ولا ينقطع آخره ، حمداً زنة عرشه ومداد كلماته ومنتهى الرحمة من كتابه ، حمداً عدد و ملء خلقه ، عدد وملء ما في السماوات وما في الارض ، عدد وملء ما في العرش والكرسي والميزان ، عدد وملء رضاء الله - كما يليق بجلاله وعظمته -، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا اتقانا وانقانا واعبدنا واصفانا ومعلمنا ومرشدنا سيد الأولين والاخرين - محمد بن عبد الله - ، خير خلق الله ، عليه افضل الصلاة والتسليم ،ثم أما بعد
ذكرنا في الاجزاء الماضية التوحيد - تعريفه وانواعه وفصلناها - ولاتمام الموضوع ، لا بد من التعريج عليه باختصار التوحيد لغة: " مصدر
وَحدَ يُوحِد ، أي
جعل الشيء واحِداً "
وهذا لا يتحقق إلا بنفي وإثبات، نفي الحكم عما سوى الموحد، وإثباته له، فلا يتم للإنسان التوحيد حتى يشهد
أن لا إله إلا الله، فينفي الألوهية عما سوى الله عز وجل و
يثبتها لله وحده.
و
التوحيد بالنسبة
لله-عز وجل- :"
إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به من ربوبية و الوهية و أسماء و صفات.
إفراده بتوحيد العبادة بأن لا تصرف إلا له وحده ، أو
إفراده أفعاله - توحيد الربوبية - كالخلق والرَزْق والتدبير ، أو
إفراده بأسمائه الحسنى وصفاته العلى من غير تكييف ولا تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل.
اذن ...
لا إله إلا الله هي
كلمة التوحيد الخالص، وهي
أعظم فريضة فرضها الله على عباده، و
هي من الدين بمنزلة الرأس من الجسد.
فضلها :
جاءت أحاديث كثيرة فيها ، منها:ما رواه البخاري ومسلم من حديث
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان ».
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري.الصفحة أو الرقم: 8 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] شبَّه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الإسلامَ ببناءٍ محكَمٍ، و
شبَّه أركانَه الخَمْسَةَ بقواعدَ ثابتةٍ محكَمةٍ حاملةٍ لذلك البُنيانِ،
فلا يثبُتُ البنيانُ بدونها، وبقيَّةُ خِصالِ الإسلامِ كتتمَّةِ البنيانِ، وأوَّلُ هذه الأركانِ:
الشَّهادتانِ، وهُما ركنٌ واحد؛ لكونِهما متلازمتَينِ لا تنفَكُّ إحداهما عن الأخرى.
و
معنى الشَّهادتين:
أنْ ينطِقَ العبدُ بهما معترفًا بوحدانيَّةِ اللهِ، ورسالةِ محمَّدِ بنِ عبد الله، مصدِّقًا بقلبِه بهما، مُعتقدًا لمعناهما، عاملًا بمقتضاهما؛ هذه هي الشَّهادةُ الَّتي تنفعُ صاحبَها في الدَّارِ الآخِرة، فيفوزُ بالجنَّةِ، وينجو مِن النَّارِ.
والرُّكنُ الثَّاني: هو
إقامةُ الصَّلاةِ، ويعني
المحافظةَ على أداء الصَّلواتِ الخَمسِ في أوقاتِها، بشروطِها وأركانِها وواجباتِها.
والرُّكنُ الثَّالث:
إيتاءُ الزَّكاةِ، أي: إخراجُ الزَّكاةِ المفروضةِ، وصرفُها لمستحقِّيها.
والرُّكنُ الرَّابع:
الحجُّ، أي:
قصدُ المشاعرِ المقدَّسةِ لإقامةِ المناسكِ، تعبُّدًا لله عزَّ وجلَّ، مرَّةً واحدةً في العُمُر، على مَن استطاع إليه سبيلًا.
والرُّكنُ الخامس- وهو آخرُ الأركانِ-:
صومُ رمضانَ: وهو ع
بادةٌ بدنيَّةٌ ليست متعدِّيةً، و
الصِّيامُ يعني:
الإمساكَ، بنيَّةِ التعبُّدِ، عن الأكلِ والشُّربِ وغِشيانِ النِّساءِ، وسائرِ المُفطِّراتِ، مِن طلوعِ الفجرِ إلى غروب الشَّمس.
والحديثُ فيه دلالةٌ على أنَّ أركانَ الإسلام تنقسمُ إلى أربعة أقسامٍ، منها:
ما هو عمَلٌ لسانيٌّ قلبيٌّ، وهو الشَّهادتانِ؛ إذ لا بدَّ فيهما مِن نُطقِ اللِّسانِ، وتصديقِ الجَنانِ، ومنها: ما هو عملٌ بدَنيٌّ، وهو الصَّلاةُ والصَّومُ، ومنها: ما هو ماليٌّ محضٌ، وهو الزَّكاةُ، ومنها: ما هو عملٌ بدَنيٌّ ماليٌّ، وهو الحجُّ. ومن الاحاديث في فضل " لا اله الا الله ": ما رواه الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «
خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ" ».
الراوي : جد عمرو بن شعيب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي.الصفحة أو الرقم: 3585 | خلاصة حكم المحدث : حسن ومنها ما رواه البخاري في " الأدب المفرد " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «
...إنَّ نبيَّ اللهِ نوحًا صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ لما حَضرتْهُ الوَفاةُ ، قال لابنِه : إنِّي قاصٌّ عليكَ الوصيَّةَ ، آمُرُك باثنَتينِ ، وأنهاكَ عَن اثنَتَينِ : آمُرُك بلا إلهَ إلَّا اللهُ ؛ فإنَّ السَّماواتِ السَّبعِ والأرَضينَ السَّبعَ ، لَو وُضِعَتْ في كفَّةٍ ، ووُضِعَتْ لا إلهَ إلَّا اللهُ في كفَّةٍ ، لرجَحت بهنَّ ، ولَو أنَّ السَّماواتِ السَّبعَ ، والأرضينَ السَّبعَ ، كُنَّ حلقةً مُبهمةً لقَصمَتْهُنَّ لا إلهَ إلَّا اللهُ ، وسُبحان اللهِ وبحمدِه ؛ فإنَّها صَلاةُ كلِّ شيءٍ ، وبها يُرْزَقُ كلُّ شيءٍ . وأنهاكَ عن الشِّركِ والكِبرِ... »
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الأدب المفرد.الصفحة أو الرقم: 426 | خلاصة حكم المحدث : صحيح معنى " لا اله الا الله ":
قال العلماء إنه:
لا معبود بحق ويستحق العبادة إلا الله.
فهي تتكون من ركنين أساسيين
الأول: نفي الألوهية الحقيقية عن غير الله سبحانه
والثاني: إثبات الألوهية الحقيقية له سبحانه دون من سواه.
وليس المقصود من دعوة الرسل مجرد التلفظ بالكلمة فحسب، بل لا بد من توفر شروطها .
وقد ذكر العلماء من شروط "لا إله إلا الله " ما يلي:1-
العلم بمعناها:
وذلك بأن
يعلم الناطق بها معنى هذه الكلمة وما تضمنته من نفي الألوهية عن غير الله وإثباتها له سبحانه ، قال تعالى : {
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلأ اللَّهُ } [محمد:19].
2-
اليقين:
بمعنى
ألا يقع في قلب قائلها شك فيها أو فيما تضمنته، لقوله تعالى: {
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَـئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } [الحجرات:15]
وقال صلى الله عليه وسلم: «...
" أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله "، لا يلقى الله بهما عبد ، غير شاك فيهما ، إلا دخل الجنة »
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم.الصفحة أو الرقم: 27 | خلاصة حكم المحدث : صحيح 3-
القبول لما اقتضته هذه الكلمة بالقلب و اللسان:
والمراد بالقبول هنا هو
المعنى المضاد للرد والاستكبار، ذلك أن الله أخبرنا عن أقوام رفضوا قول لا إله إلا الله، فكان ذلك سبب عذابهم، قال تعالى: {
إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ.إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } [الصافات:34-35]
4-
الانقياد لما دلت عليه:
بمعنى
أن يكون العبد عاملاً بما أمره الله به، منتهياً عما نهاه الله عنه، قال تعالى: {
وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأَمُورِ } [لقمان:22]
وقال
عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "
العروة الوثقى هي لا إله إلا الله ".
5-
الصدق:
ومعناه
أن يقولها صادقاً من قلبه، يوافق قلبه لسانه قال تعالى: {
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ.يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ } [البقرة:8-9].
6-
الإخلاص:
وهو
إرادة وجه الله تعالى بهذه الكلمة، قال تعالى: {
وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ } [البينة:5].
7-
المحبة لهذه الكلمة ولأهلها العاملين بها الملتزمين بشروطها، وبُغض ما ناقضها، قال تعالى: {
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ } [البقرة:165].
فهذا هو معنى هذه الكلمة، وهذه هي شروطها التي بها تكون سبب النجاة عند الله سبحانه.وقد قيل للحسن إن أناساً يقولون: من قال لا إله إلا الله دخل الجنة. فقال: من قال: لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة.
فإن " لا إله إلا الله " لا تنفع قائلها إلا أن يكون عاملاً بها، آتيا بشروطها، أما من تلفظ بها مع تركه العمل بما دلت عليه، فلا ينفعه تلفظه حتى يقرن بالقول العمل.
..........................
للمزيد حول " شروط لا اله الا الله "، تفضلا اضغط هنا:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]..........................
يتبع ان شاء الله....ج 4
تعلموا وطبقوا وعلموا وبلغوا وانشروا - مخلصين لله - تؤجروا