من وما المقصود بـ " ولد صالح يدعو له" ؟ جاء في الحديث الصحيح الذي رواه ابو هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال:
"
إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ : إلا من صدقةٍ جاريةٍ . أو علمٍ ينتفعُ به . أو ولدٍ صالحٍ يدعو له "
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم في صحيحه: 1631 من المعلوم أن الإنسان يُجزى يوم القيامة بعمله هو لا بعمل غيره قال تعالى: " إِ
نَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا "
[النبأ:40] وقال تعالى: "
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ * وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ . ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ "
[النجم:36-41] قال
ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية:
"
أي كما لا يُحملُ عليه وزر غيره كذلك لا يُحصِّل من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه"
ثم قال: "
وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، من ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية من بعده، أو علم ينتفع به "،
فهذه الثلاث هي في الحقيقة من سعيه وكده وعمله كما جاء في الحديث: "
إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه" .
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي: 4464 | خلاصة حكم المحدث : صحيح وثبت في الصحيح: "
من دعا إلى هدًى ، كان له من الأجرِ مثلُ أجورِ من تبِعه ، لا يُنقِصُ ذلك من أجورِهم شيئًا . ومن دعا إلى ضلالةٍ ، كان عليه من الإثمِ مثلُ آثامِ من تبِعه ، لا يُنقِصُ ذلك من آثامِهم شيئا "
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم في صحيحه: 2674 ومما سبق يتبين لنا :
الوالد ينتفع بعمل ولده الصالح الذي دله عليه، وكذا لو دعا له أو تصدق عنه ونحو ذلك.
وأما
ما الفرق بين الولد و الابن ؟
و لماذا اختص الولد الصالح أن يهدي والده صدقة او دعاء او عمل خير ؟؟
الفرق بين الابن و الولد:
الابن يفيد الاختصاص ومداومة الصحبة ولهذا يقال ابن الفلاة لمن يداوم سلوكها ، وابن السرى لمن يكثر منه،، وتقول تبنيت ابنا إذا جعلته خاصا بك ، ويجوز أن يقال إن قولنا هو ابن فلان يقتضي أنه
منسوب إليه.
ولهذا يقال الناس
بنو آدم لانهم
منسوبون إليه وكذلك
بنو إسرائيل.
و
الابن في كل شئ صغيره.
فيقول الشيخ للشاب يا بني ويسمي الملك رعيته الابناء وكذلك أنبياء من بني إسرائيل كانوا يسمون اممهم أبناءهم ولهذا
كني الرجل بأبي فلان وإن لم يكن له ولد ع
لى التعظيم.
والحكماء والعلماء يسمون المتعلمين أبناءهم ، و
يقال لطالبي العلم أبناء العلم.
وقد
يكنى بالابن كما يكنى بالاب كقولهم ابن عرس وابن نمرة وابن آوى وبنت طبق وبنات نعش وبنات وردان.
وقيل أصل الابن التأليف والاتصال من قولك بنيته وهو مبني وأصله بني وقيل بنو ولهذا جمع على أبناء فكان بين الاب والابن تأليف.
و
الولد يقتضي الولادة ولا يقتضيها الابن والابن يقتضي أبا والولد يقتضي والدا.
وقالوا:
الولد تقع على الواحد وعلى الجمع والذكر والأنثى.
قال تعالى:" "
وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ۚ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ"
النساء:4وقوله تعلى:"
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ۚ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ۚ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ ۚ "
النساء:176 و
لا يسمى الانسان والدا إلا إذا صار له ولد وليس هو مثل الاب لانهم يقولون في التكنية أبو فلان وإن لم يلد فلانا ، ولا يقولون في هذا والد فلان إنهم أنهم قالوا في الشاة والد في حملها قبل أن تلد وقد ولدت إذا ولدت إذا أخذ ولدها والابن للذكر والولد للذكر والانثى.
وقيل :
الفرق بين الابن و الولد :
الاول للذكر.
والثاني يقع على
الذكر والانثى.
و
النسل و
الذرية يقع على الجميع.
و: (
ولد صالح يدعو له)
المقصود بالولد الصالح الولد المؤمن، وقيل المقصود به أن يتصف بالاستقامة والالتزام. قال
النووي في
شرح مسلم:
"
معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته، وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه كان سببها فإن الولد من كسبه، وكذلك العلم الذي خلفه، وكذلك الوقف الذي أو قفه".
وفي "
عون المعبودعلى سنن أبي داود ،عند شرح الحديث المذكور نقلا عن
ابن الملك قال:"
قيد الولد بالصالح لأن الأجر لا يحصل من غيره ".
ثم قال: " وقال
ابن حجر المكي المراد بالولد الصالح:"
المؤمن".
وفائدة تقييده بالولد مع أن دعاء غيره ينفعه، هو تحريض الولد على الصلاح والدعاء لأبويه.
و
قيل إن كل عمل صالح يعمله الولد يلحق ثوابه لأبويه ولو لم يدع لهما.. كما أنه إذا ترك صدقة جارية يلحقه ثوابها ولو لم يدع له من انتفع بها أو استفاد منها، جاء ذلك في شرح ابن ماجه للسيوطي والدهلوي.
والمقصود بالدعاء أن يسأل الله تعالى لهما الرحمة والمغفرة، وأن يجيرهما من عذاب القبر وعذاب النار، وما أشبه ذلك كما قال الله تعالى:
"
وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً "
{الاسراء: 24}روى
أبو أسيد الساعدي مالك بن ربيعة قال:
"
ينَما أَنا جالسٌ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، إذ جاءَه رجلٌ منَ الأنصارِ فقالَ: هل بقِيَ مِن برِّ والديَّ شيء بعدَ موتِهِما ؟ ، قالَ:" نعَم ، خصالٌ أربعٌ: الصَّلاةُ عليهِما والاستغفارُ لَهُما ، و إنفاذُ عَهْدِهِما بعدَ موتِهما ، وإِكْرامُ صديقِهِما ، وصِلةُ الرَّحمِ الَّتي لا رَحمَ لَكَ إلَّا مِن قِبَلِهِما "
الراوي : أبو أسيد الساعدي مالك بن ربيعة | المحدث : ابن حجر العسقلاني في الفتوحات الربانية: 4/106 | خلاصة حكم المحدث : حسن قال صلى الله عليه وسلم: "
إنَّ مِن أَبَرِّ البِرِّ صلةُ الرجلِ أهلَ وُدِّ أبيه ، بعد أن يُولِّيَ "
وتمام الحديث:
ان ابن عمر كان إذا خرج إلى مكةَ كان له حمارٌ يتروَّحُ عليه ، إذا ملَّ ركوبَ الراحلةِ . وعمامةً يشدُّ بها رأسَه . فبينا هو يومًا على ذلك الحمارِ . إذ مرَّ به أعرابيٌّ . فقال : ألستَ ابنَ فلانِ بنِ فلانٍ ؟ قال : بلى . فأعطاه الحمارَ وقال : اركب هذا . والعمامةَ ، قال : اشدُدْ بها رأسَك . فقال له بعضُ أصحابِه : غفر اللهُ لك ! أعطيتَ هذا الأعرابيَّ حمارًا كنت تروحُ عليه ، وعمامة ًكنت تشدُّ بها رأسَك ! فقال : إني سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول " إنَّ مِن أَبَرِّ البِرِّ صلةُ الرجلِ أهلَ وُدِّ أبيه ، بعد أن يُولِّيَ " وإنَّ أباه كان صديقًا لعمرَ ".الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : مسلم في صحيحه: 2552 قال صلى الله عليه وسلم: "
نفس المؤمن مُعَلّقة بدَيْنِه حتى يُقْضى عنه "
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الترمذي في سننه: 1079 عن بريدة بن الحصيب الأسلمي قال:"
يينما أنا جالسٌ عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . إذ أتتْهُ امرأةٌ . فقالت : إني تصدقتُ على أمي بجاريةٍ . وإنها ماتت . قال . فقال : " وجب أجركِ . وردَّها عليكِ الميراثُ " قالت : يا رسولَ اللهِ ! إنَّهُ كان عليها صومُ شهرٍ . أفأصومُ عنها ؟ قال : " صومي عنها " قالت : إنها لم تحجَّ قط . أفأحجُّ عنها ؟ قال " حُجِّي عنها " .
وفي روايةٍ : كنتُ جالسًا عند النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . بمثلِ حديثِ ابنِ مسهرٍ . غيرَ أنَّهُ قال :
صومُ شهرينِ . وفي روايةٍ : جاءت امرأةٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . فذكر بمثلِه . وقال :
صومُ شهرٍ" .
الراوي : بريدة بن الحصيب الأسلمي | المحدث : مسلم في صحيحه: 1149 عن سعد بن عبادة قال:"
يا رسولَ اللهِ ! إنَّ أمي ماتت ، أفأتصدقُ عنها ؟ قال : نعم . قلتُ : فأيُّ الصدقةِ أفضلُ ؟ قال : سقْيُ الماءِ".
الراوي : سعد بن عبادة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي: 3666 | خلاصة حكم المحدث : حسن عن جابر بن عبدالله عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال:"
من بنى مسجِدًا كمَفْحَصِ قطاةٍ ، أو أصغرَ بنَى اللَّهُ لهُ بَيتًا في الجنَّةِ ".
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : النووي في الخلاصة : 1/303 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح وعليه :
تشرع زيارة قبور الوالدين او احدهما ، والدعاء لهما بالمغفرة والرحمة ، وقراءة القران واهداء مثل الثواب لهما ، التصدق لهما ، وحفر ابار المياه - او ما ينوب عنها حاليا - صدقة لهما واليهما ، العمرة والحج واداء ديونهما وحقوق الله عنهما ، و
توزيع وطباعة المصاحف والكتب الدينية والدعوية وامثالها
، وبناء المساجد لهما و بيوت السبيل و دور الايتام والارامل والسعي عليهم ...فإن الوالد ينتفع بذلك بإذن الله؛ لما ثبت في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً - ونحن بصدد توضيحه - قال عليه الصلاة والسلام:" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
وعن
ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:
أنَّ رجلًا قال للنبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إنَّ أمي افتُلِتَتْ نَفْسُهَا ، وأُرَاهَا لو تكلَّمتْ تصدَّقتْ ، أفأتصدَّقُ عنها ؟ قال : (
نعم ، تصدَّقْ عنها ) .
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري في صحيحه: 2760 قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "
وكذلك ينفعه الحج عنه والأضحية عنه والعتق عنه والدعاء والاستغفار له بلا نزاع بين الأئمة ".
وأما القراءة على القبر فلم تكن معروفة عند السلف، وقد تنازع الناس في القراءة على القبر فكرهها أبو حنيفة ومالك وأحمد في أكثر الروايات عنه.
للمزيد حول:
قراءة القرآن للميت... هل يصل ثوابها أم لا؟ جمع من أقوال أهل العلم بالأدلة .ج1
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]قراءة القرآن للميت... هل يصل ثوابها أم لا؟ .ج2
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]