أمّا الشاعر - عبد الغني التميمي - فهو الداعية الإسلامي، الأستاذ المشارك في الحديث وعلومه، وعضو رابطة علماء فلسطين، ورئيس جمعية الحديث الشريف وإحياء التراث فرع الزرقاء بالأردن، الشيخ عبد الغني بن أحمد مزهر التميمي سنة 1368/1949 بجوار مدينة رام الله بالضفّة الغربيّة لفلسطين العربيّة.
طلب العلم الشرعي، فسافر إلى مدينة الرسول، ولقي علماء الحرم المدني والمكي، وتخرّج بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وجامعة أم القرى بمكة المكرمة، واشتغل بالتدريس بعد تخرّجه في الجامعة نفسها سنة 1404/1984، ثم انتقل إلى جامعة المقدس بفلسطين وعمل فيها سنتين جامعيتين، ثم توجّه إلى الرياض فعمل بكليات التربية للبنات، ومتعاون مع جامعة الملك سعود.
نظم الشعر الإسلامي، وشارك في الأمسيات الأدبيّة، وانضمّ إلى رابطة الأدب الإسلامي العالميّة، ونشر قصائده في مجلتها، وشارك في نشاط الندوة العالميّة للشباب الإسلامي.
له دواوين شعرية مطبوعة ثلاث، وأخرى مخطوطة، وأراجيز في الأدب.
نظم الشعر الإسلامي الرائع بقلم شاعر متوقّد الجنان، متدفّق المشاعر، جيّاش العاطفة، صادق الولاء لأمّته ووطنه.
وهو في هذه القصيدة (متى تغضب) يدعو حكام المسلمين وشعوبهم لتلبية استغاثة المقاومة ودعمها بالسلاح لا بالدموع والطعام.
ويخاطبهم فيقول: لا تنصحونا بالاستسلام ودعوا الشجب والردح.
ويتساءل قائلاً: متى تغضبون؟ هل تنتظرون هدم المسجد الأقصى لتغضبون؟
إذا لم تغضبوا لهتك الحرمات، ومنظر شلالات الدم، وذبح الأطفال فمتى تغضبون؟
ويتبرّأ من الدمى الخرساء ذات البطون المنتفخة، ومن عبدة المال العاكفين على الأرقام، لأنّهم لا يغضبون.
ويحثّهم على خشية الله، لأنّه وحده الذي يحي ويميت، ولأنّ أهل الأرض لو اجتمعوا ما ضرّوا ولا نفعوا.
ويخاطب الحكام: ماذا أعددتم للحرب سوى الطبول والأناشيد والسجون، والحدود التي تحمي المحتل، والبيانات الفارغة؟
ويتساءل قائلاً: ألم تعد الخمس والخمسين سنة الماضية من الصبر كافية على الاحتلال؟
ثم ينعي أصحاب الشعارات الفارغة، وحملة السيوف الخشبيّة، والأبواق، وقمم الهوان التي لا تغضب.
متى تغضب؟
رسـالة .. من حـراس المسـجد الأقصـى
د . عبد الغني بن أحمد التميمي
أعيرونا مدافعَكُمْ ليومٍ... لا مدامعَكُمْ
أعيرونا وظلُّوا في مواقعكُمْ
بني الإسلام! ما زالت مواجعَنا مواجعُكُمْ
مصارعَنا مصارعُكُمْ
إذا ما أغرق الطوفان شارعنا
سيغرق منه شارعُكُمْ
يشق صراخنا الآفاق من وجعٍ
فأين تُرى مسامعُكُمْ؟!
* * *
ألسنا إخوةً في الدين قد كنا .. وما زلنا
فهل هُنتم، وهل هُنّا
أنصرخ نحن من ألمٍ ويصرخ بعضكم: دعنا؟
أيُعجبكم إذا ضعنا؟
أيُسعدكم إذا جُعنا؟
وما معنى بأن «قلوبكم معنا»؟
لنا نسبٌ بكم ـ والله ـ فوق حدودِ
هذي الأرض يرفعنا
وإنّ لنا بكم رحماً
أنقطعها وتقطعنا؟!
معاذ الله! إن خلائق الإسلام
تمنعكم وتمنعنا
ألسنا يا بني الإسلام إخوتكم؟!
أليس مظلة التوحيد تجمعنا؟!
أعيرونا مدافعَكُمْ
رأينا الدمع لا يشفي لنا صدرا
ولا يُبري لنا جُرحا
أعيرونا رصاصاً يخرق الأجسام
لا نحتاج لا رزّاً ولا قمحا
تعيش خيامنا الأيام
لا تقتات إلا الخبز والملحا
فليس الجوع يرهبنا ألا مرحى له مرحى
بكفٍّ من عتيق التمر ندفعه
ونكبح شره كبحاً
أعيرونا وكفوا عن بغيض النصح بالتسليم
نمقت ذلك النصحا
أعيرونا ولو شبراً نمر عليه للأقصى
أتنتظرون أن يُمحى وجود المسجد الأقصى
وأن نُمحى
أعيرونا وخلوا الشجب واستحيوا
سئمنا الشجب و (الردحا)
* * *
أخي في الله أخبرني متى تغضبْ؟
إذا انتهكت محارمنا
إذا نُسفت معالمنا ولم تغضبْ
إذا قُتلت شهامتنا إذا ديست كرامتنا
إذا قامت قيامتنا ولم تغضبْ
فأخبرني متى تغضبْ؟
إذا نُهبت مواردنا إذا نكبت معاهدنا
إذا هُدمت مساجدنا وظل المسجد الأقصى
وظلت قدسنا تُغصبْ
ولم تغضبْ
فأخبرني متى تغضبْ؟
عدوي أو عدوك يهتك الأعراض
يعبث في دمي لعباً
وأنت تراقب الملعبْ
إذا لله، للحرمات، للإسلام لم تغضبْ
فأخبرني متى تغضبْ؟!
رأيت هناك أهوالاً
رأيت الدم شلالاً
عجائز شيَّعت للموت أطفالاً
رأيت القهر ألواناً وأشكالاً
ولم تغضبْ
فأخبرني متى تغضبْ؟
وتجلس كالدمى الخرساء بطنك يملأ المكتبْ
تبيت تقدس الأرقام ك الأصنام فوق ملفّها تنكبْ
رأيت الموت فوق رؤوسنا ينصب
ولم تغضبْ
فصارحني بلا خجلٍ لأية أمة تُنسبْ؟!
إذا لم يُحْيِ فيك الثأرَ ما نلقى
فلا تتعبْ
فلست لنا ولا منا ولست لعالم الإنسان منسوبا
فعش أرنبْ ومُت أرنبْ
ألم يحزنك ما تلقاه أمتنا من الذلِّ
ألم يخجلك ما تجنيه من مستنقع الحلِّ
وما تلقاه في دوامة الإرهاب والقتل ِ
ألم يغضبك هذا الواقع المعجون بالهول ِ
وتغضب عند نقص الملح في الأكلِ!!
* * *
ألم تنظر إلى الأحجار في كفيَّ تنتفضُ
ألم تنظر إلى الأركان في الأقصى
بفأسِ القهر تُنتقضُ
ألست تتابع الأخبار؟ حيٌّ أنت!
أم يشتد في أعماقك المرضُ
أتخشى أن يقال يشجع الإرهاب
أو يشكو ويعترضُ
ومن تخشى؟!
هو الله الذي يُخشى
هو الله الذي يُحيي
هو الله الذي يحمي
وما ترمي إذا ترمي
هو الله الذي يرمي
وأهل الأرض كل الأرض لا والله
ما ضروا ولا نفعوا، ولا رفعوا ولا خفضوا
فما لاقيته في الله لا تحفِل
إذا سخطوا له ورضوا
ألم تنظر إلى الأطفال في الأقصى
عمالقةً قد انتفضوا
تقول: أرى على مضضٍ
وماذا ينفع المضضُ؟! أتنهض طفلة العامين غاضبة
وصُنَّاع القرار اليوم لا غضبوا ولا نهضوا؟!
* * *
ألم يهززك منظر طفلة ملأت
مواضع جسمها الحفرُ
ولا أبكاك ذاك الطفل في هلعٍ
بظهر أبيه يستترُ
فما رحموا استغاثته
ولا اكترثوا ولا شعروا
فخرّ لوجهه ميْتاً
وخرّ أبوه يُحتضرُ
متى يُستل هذا الجبن من جنبَيْك والخورُ؟
متى التوحيد في جنبَيْك ينتصرُ؟
متى بركانك الغضبيُّ للإسلام ينفجرُ
فلا يُبقي ولا يذرُ؟
أتبقى دائماً من أجل لقمة عيشكَ
المغموسِ بالإذلال تعتذرُ؟
متى من هذه الأحداث تعتبرُ؟
وقالوا: الحرب كارثةٌ
تريد الحرب إعدادا
وأسلحةً وقواداً وأجنادا
وتأييد القوى العظمى
فتلك الحرب، أنتم تحسبون الحرب
أحجاراً وأولادا؟
نقول لهم: وما أعددْتُمُ للحرب من زمنٍ
أألحاناً وطبّالاً وعوّادا؟
سجوناً تأكل الأوطان في نهمٍ
جماعاتٍ وأفرادا؟
حدوداً تحرس المحتل توقد بيننا
الأحقاد إيقادا
وما أعددتم للحرب من زمنٍ
أما تدعونه فنّـا؟
أأفواجاً من اللاهين ممن غرّبوا عنّا؟
أأسلحة، ولا إذنا
بيانات مكررة بلا معنى؟
كأن الخمس والخمسين لا تكفي
لنصبر بعدها قرنا!
أخي في الله! تكفي هذه الكُرَبُ
رأيت براءة الأطفال كيف يهزها الغضبُ
وربات الخدور رأيتها بالدمّ تختضبُ
رأيت سواريَ الأقصى لكالأطفال تنتحبُ
وتُهتك حولك الأعراض في صلفٍ
وتجلس أنت ترتقبُ
ويزحف نحوك الطاعون والجربُ
أما يكفيك بل يخزيك هذا اللهو واللعبُ؟
وقالوا: كلنا عربٌ
سلام أيها العربُ!
شعارات مفرغة فأين دعاتها ذهبوا
وأين سيوفها الخَشَبُ؟
شعارات قد اتَّجروا بها دهراً
أما تعبوا؟
وكم رقصت حناجرهم
فما أغنت حناجرهم ولا الخطبُ
فلا تأبه بما خطبوا
ولا تأبه بما شجبوا
* * *
متى يا أيها الجنـديُّ تطلق نارك الحمما؟
متى يا أيها الجنديُّ تروي للصدور ظما؟
متى نلقاك في الأقصى لدين الله منتقما؟
متى يا أيها الإعـلام من غضب تبث دما؟
عقول الجيل قد سقمت
فلم تترك لها قيماً ولا همما
أتبقى هذه الأبواق يُحشى سمها دسما؟
دعونا من شعاراتٍ مصهينة
وأحجار من الشطرنج تمليها
لنا ودُمى
تترجمها حروف هواننا قمما
* * *
أخي في الله قد فتكت بنا علل
ولكن صرخة التكبير تشفي هذه العللا
فأصغ لها تجلجل في نواحي الأرض
ما تركت بها سهلاً ولا جبلا
تجوز حدودنا عجْلى
وتعبر عنوة دولا
تقضُّ مضاجع الغافين
تحرق أعين الجهلا
فلا نامت عيون الجُبْنِ
والدخلاءِ والعُمَلا
* * *
وقالوا: الموت يخطفكم وما عرفوا
بأن الموت أمنية بها مولودنا احتفلا
وأن الموت في شرف نطير له إذا نزلا
ونُتبعه دموع الشوق إن رحلا
فقل للخائف الرعديد إن الجبن
لن يمدد له أجلا
وذرنا نحن أهل الموت ما عرفت
لنا الأيام من أخطاره وجلا
«هلا» بالموت للإسلام في الأقصى
وألف هلا