الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سجود الشكر مشروع عند تجدد نعمة أو اندفاع نقمة ؛ فهي سجدة لها سبب، وقد استحبه جمهور أهل العلم عند حدوث النعمة أو اندفاع النقمة؛ لما رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" في قصة توبة كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم، وفيها يقول كعب: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا وَعَرَفْتُ أَنْ قد جاء فَرَجٌ".
وفي الحديث الذي رواه أحمد والحاكم وصححه، عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: "سجد النبي صلى الله عليه وسلم فأطال السجود ثم رفع رأسه، فقال: إن جبريل أتاني فبشرني؛ فسجدت لله شكراً".
ولما رواه البيهقي -وأصله في البخاري- عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث علياً إلى اليمن فذكر الحديث؛ قال: "فكتب علي بإسلامهم، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خرَّ ساجداً شكرًا لله تعالى على ذلك".
أما سجود الشكر بغير سبب بعد كل صلاة فليس بمشروع، وبدعة لا تجوز؛ لأن السجود الوارد في السنة لا بد له من سبب من اندفاع نقمة أو حصول نعمة، فأصل العمل وهو السجود مشروع، وإنما دخلت عليه البدعة من جهة التحديد والمواظبة عليها، بلا سبب. ومن الضوابط التي وضعها العلماء للبدعة قولهم: "كل عمل لم يعمله النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي له وعدم المانع من فعله؛ ففعله الآن بدعة".
وأيضا من المقرر عند أهل العلم أن العبادات مبناها على التوقيف؛ فلا يعبد الله إلا بما شرعه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وكل أمر لم يرد به نص من الشرع ففعله والتقرب به إلى الله من البدع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" (رواه مسلم). قال الإمام الشاطبي: "ومنها -يعني: البدعة الإضافية- التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان وقيام ليلته".
وعليه فلا يجوز لكِ المواظبة على سجود الشكر عقب الصلوات؛ لأنها تعد من البدع الإضافية التي يلزم البعد عنها، والله أعلم.