لطائف قرآنية : 7 :
من استوحش من الوحدة وهو حافظ لكتاب ربه فإن تلك الوحشة لا تزول أبداً .
أبو الحسن الخوارزمي ـ تاريخ بغداد للخطيب البغدادي .
، ، ،
تأمل :
في سورة الفلق المستعاذ به مذكور بصفة واحدة وهي أنه رب الفلق ، والمستعاذ منه ثلاثة أنواع من الآفات ، وهي الغاسق والنفاثات والحاسد . أما سورة الناس فالمستعاذ به مذكور بصفات ثلاث : وهي الرب والملك والإله ، والمستعاذ منه آفة واحدة ، وهي الوسوسة . فما الفرق بين الموضعين ؟
أن الثناء يجب أن يتقدر بقدر المطلوب ، فالمطلوب في سورة الفلق سلامة النفس والبدن ، والمطلوب في سورة الناس سلامة الدين . وهذا تنبيه على أن مضرة الدين وإن قلت ، أعظم من مضار الدنيا وإن عظمت .
الفخر الرازي ـ التفسير الكبير .
، ، ،
قول تعالى : ( لا يمسه إلا المطهرون ).
فيه إشارة إلى أن القرءان الكريم لا ينتفع به إلا من طهر قلبه من الشرك ، والحقد ، والبغضاء ، ليكون طاهراً قابلاً لمعرفة المعاني .
ابن عثيمين ـ شرح صحيح مسلم
، ، ،
قال تعالى : ( وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) .
عن زهير الباني قال : مات ابن لمطرف بن عبدالله بن الشخير ، فخرج على الحي ـ قد رجّل جمته ، ولبس حلته ـ فقيل له : ما نرضى منك بهذا ، وقد مات ابنك ؛ فقال : أتأمروني أن أستكين للمصيبة ؟ فوالله ، لو أن الدنيا وما فيها لي ، فأخذها الله مني ، ووعدني عليها شربة ماء غداً ، ما رأيتها لتلك الشربة أهلاً ؛ فكيف : بالصلوات ، والهدى ، والرحمة .
حلية الأولياء لأبي نعيم .
، ، ،
لطيفة علمية : 7 :
قال : ( من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة ) . رواه مسلم .
والمشي إلى المسجد أفضل من الركوب ، وكان النبي لا يخرج إلى الصلاة إلا ماشياً حتى العيد يخرج إلى المصلى ماشياً . فإن الآتى للمسجد زائر الله ، والزيارة على الأقدام أقرب إلى الخضوع والتذلل ، كما قيل :
لو جئتكم زائراً أسعى على بصري
لم أد حقاً وأي الحق أديــت
ابن رجب الحنبلي ـ اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى .
لطائف قرآنية : 8 :
ما جلست إلى القرآن الكريم أتلوه وأتملى تفسيره وبلاغته وإعجازه ، إلا أحسست أني في جو مزيج من مهابة تبعث الإيمان ، وسعادة تمنح السكينة ، ونور يضيء جوانب النفس بالعلم الصحيح والإقناع البليغ والإمتاع المعجز ، فأهتف من أعماق نفسي : ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما ) . ثم إني على تكراره أحس أن له بشاشة متجددة ، وأنه في كل قراءة يمنحني جديداً من المعرفة يتوج قديمها ، وطارفاً من البلاغة يزكي تليدها ، فأشعر بأني إزاء كنز لا تفنى عجائبه ، وبحر لا تحجب جواهره ، وزاد يغذي الروح رَوحاً وريحاناً ، وعطاء إلهي يتحف النفس إسلاماً وإيماناً .
فأردد في سعادة غامرة قوله عز وجل : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) .
أحمد فرح عقيلان ـ من لطائف التفسير .
، ، ،
قال تعالى : ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين * الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون ) .
فإنما كبرت على غير الخاشعين لخلو قلوبهم من محبة الله تعالى وتكبيره وتعظيمه والخشوع له ، وقلة رغبتهم فيه ؛ فإن حضور العبد في الصلاة وخشوعه فيها ، وتكميله لها واستفراغه وسعه في إقامتها وإتمامها على قدر رغبته في الله .
قال تعالى : ( قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون ) فعلق سبحان الفلاح بخشوع المصلي في صلاته ، فمن فاته خشوع الصلاة لم يكن من أهل الفلاح .
ابن القيم ـ كتاب الصلاة .
، ، ،
قال تعالى ذاكراً وصية يعقوب لأبنائه : ( يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله )
رغم كثرة المصائب وشدة النكبات و المتغيرات التي تعاقبت على نبي الله يعقوب ، إلا أن الذي لم يتغير أبداً هو حسن ظنه بربه تعالى .
صالح المغامسي ـ دمعة وتأملات في آيات قرآنية ( مطبوع ) .
، ، ،
لطيفة علمية : 8 :
قد يكون الواعظ صادقاً ، قاصداً للنصيحة ، إلا أن منهم من شرب الرئاسة في قلبه مع الزمان ، فيحب أن يُعظّم ، وعلامته إذا ظهر واعظ ينوب عنه ، أو يعينه على الخلق كره ذلك ، ولو صح قصده ، لم يكره أن يعينه على خلائق الخلق . وما هذه صفة المخلص في التعليم ، لأن مثل المخلص مثل الأطباء الذين يداوون المرضى لله سبحانه وتعالى ، فإذا شفي بعض المرضى على طبيب منهم فرح الآخر .
ابن الجوزي ـ تلبيس إبليس .
لطائف قرآنية : 9 :
وقد جرت سنة الله تعالى بأن الباحث عنه والمتمسك به ـ أي القرآن ـ يحصل له عز الدنيا وسعادة الآخرة .
الفخر الرازي ـ التفسير الكبير .
، ، ،
قال تعالى : ( ويتجنبها الأشقى * الذي يصلى النار الكبرى * ثم لا يموت فيها ولا يحيى ) .
الجزاء من جنس العمل ، فإنه في الدنيا لما لم يحيى الحياة النافعة الحقيقية التي خلق لها ، بل كانت حياته من جنس حياة البهائم ، ولم يكن ميتاً عديم الإحساس ، كانت حياته في الآخرة كذلك .
ابن القيم ـ شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل .
، ، ،
قال تعالى : ( ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى).
ذكر جل وعلا أنه لو عاجل الخلق بالعقوبة لأهلك جميع من في الأرض ، ولكنه حليم لا يعجل بالعقوبة ، لأن العجلة شأن من يخاف فوات الفرصة ، ورب السماوات والأرض لا يفوته شيء أراده .
الشنقيطي ـ أضواء البيان .
، ، ،
لطيفة علمية : 9 :
وإذا كان العبد ، وهو في الصلاة ليس له إلا ما عقل منها ، فليس له من عمره إلا ما كان فيه بالله ولله .
ابن القيم ـ الجواب الكافي .
لطائف قرآنية : 10 :
قال الله جل وعلا عن كتابه : ( ذلك الكتاب لا ريب فيه )
أشار إليه سبحانه بأداة البعيد ( ذلك ) لعلو منزلته لأنه أشرف كتاب ، وأعظم كتاب ، وإذا كان القرآن عالي المكانة والمنزلة ، فلا بد أن يعود ذلك على المتمسك به بالعلو والرفعة ، لأن الله سبحانه وتعالى يقول : ( ليظهره على الدين كله ) وكذلك ما وُصف به القرآن من الكرم ، والمدح ، والعظمة فهو وصف أيضاً لمن تمسك به
ابن عثيمين تفسير سورة البقرة .
، ، ،
قال تعالى في سورة الكهف : ( واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح ) .
قالت الحكماء : شبه الله سبحانه وتعالى الدنيا بالماء ؛ لأن الماء لا يستقر في موضع ، كذلك الدنيا لا تبقى على واحد ، ولأن الماء لا يستقيم على حالة واحدة ؛ كذلك الدنيا ، ولأن الماء لا يبقى ويذهب كذلك الدنيا تفنى . ولأن الماء لا يقدر أحد أن يدخله ولا يبتل كذلك الدنيا لا يسلم أحد دخلها من فتنتها وآفتها ، ولأن الماء إذا كان بقدر كان نافعاً منبتاً ، وإذا جاوز المقدار كان ضاراً مهلكاً ، وكذلك الدنيا الكفاف منها ينفع وفضولها يضر .
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي .
، ، ،
إن الخلاف جبن ، وفشل ، وذهاب ريح ، والشاهد وحي الله ، لا يكاد يذكر الأحزاب بلفظ الجمع إلا في مقام الهزيمة والخلاف ، ( فاختلف الأحزاب ) ، ولا يكاد يذكر الحزب بلفظ مفرد إلا في مقام الخير والفلاح ( ألا إن حزب الله هم المفلحون ) .
لقد مللنا جمع التكسير لكثرة ما تردد ، وسئمنا منه لكثرة ما تعدد ، ونتطلع للجمع السالم الصحيح يحدو و يغرد .
على عبدالخالق القرني ـ إيماض البرق في شجاعة سيد الخلق ( مطبوع ) .
، ، ،
لطيفة علمية : 10 :
العجب ممن تعرض له حاجة ، فيصرف رغبته وهمته فيها إلى الله ليقضيها له ، ولا يتصدى للسؤال لحياة قلبه من موت الجهل والإعراض ، وشفائه من داء الشهوات والشبهات ! ولكن إذا مات القلب لم يشعر بمعصيته !
ابن القيم الفوائد
لطائف قرآنية : 11 :
إذا سمع المتعلم من العالم حديثاً ، فإنه يرغب في فهمه ، فكيف بمن يسمعون كلام الله من المبلغ عنه ؟ بل ومن المعلوم أن رغبة الرسول في تعريفهم معاني القرآن أعظم من رغبته في تعريفهم حروفه ، فإن معرفة الحروف بدون المعاني لا تحصل المقصود ، إذ اللفظ إنما يراد للمعنى .
ابن تيمية ـ مجموع الفتاوى .
، ، ،
قال تعالى : ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ) .
أضيف الجناح إلى الذل ـ وهو الهون واللين ـ إضافة موصوف إلى صفة ـ أي اخفض جناحك الذليل ، و هذا ليفيد هوانه وانكساره عند حياطتهما حتى يشعر بأنهما مخدومان للاستحقاق ، لا متفضل عليهما بالإحسان .
وفي ذكر هذه الصورة التي تشاهد من الطير تذكير بليغ مرقق للقلب موجب للرحمة وتنبيه للولد على حالته التي كان عليها معهما في صغره ، ليكون ذلك أبعث له على العمل وعدم رؤية عمله أمام ما قدما إليه .
عبدالحميد ابن باديس ـ مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير ( تفسير ابن باديس ) .
، ، ،
قال تعالى : ( وتوكل على الحي الذي لايموت )
فإذا حقق العبد التوكل على الحي الذي لا يموت أحيا الله له أموره كلها وكملها وأتمها ، وهذا من المناسبات الحسنة التي ينتفع العبد باستحضارها وثبوتها في قلبه . فنسأل الله تعالى أن يرزقنا توكلاً يحيي به قلوبنا وأقوالنا وأفعالنا وديننا ودنيانا ، ولا يكلنا إلى أنفسنا ، ولا إلى غيره طرفة عين ، ولا أقل من ذلك إنه جواد كريم .
السعدي ـ المواهب الربانية من الآيات القرآنية .
، ، ،
لطيفة علمية : 11 :
( اختلف زيد ابن ثابت وابن عباس ، هل الحائض تخرج بدون طواف وداع أم لا ؟ فقال ابن عباس : تنفر ، وقال زيد : لا تنفر . فدخل زيد على عائشة فسألها فقالت : تنفر . فخرج زيد وهو يبتسم ويقول لابن عباس ما الكلام إلا ما قلت أنت ) .
هكذا يكون الإنصاف ، وزيد معلم ابن عباس ، فما لنا لا نقتدي بهم ، والله المستعان .
ابن عبدالبر ـ التمهيد .