صلاة المسبوق في صلاة جهرية:
(كتبه، ووثقه: أبو أويس الأيوبي}
اختلف العلماء فيما أدركه المأموم ( المسبوق) من صلاة الإمام، هل هو أول صلاته أو آخرها على ثلاثة أقوال، وسبب اختلافهم في ذلك هو اختلاف روايات الحديث:
فروى البخاري،ج:1، ص:129،ح: 635،
عن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ (ت:٩٥ هـ)، عَنْ أَبِيهِ (الحارث بن ربعي السلني،ت ٥٤ هـ بالمدينة)، قَالَ:
' بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، إِذْ
سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ:
{" مَا شَأْنُكُمْ ؟ "} قَالُوا:
[اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلَاةِ]،
قَالَ: " فَلَا تَفْعَلُوا ؛ إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ،
فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا،
وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا
".
(كتبه، ووثقه: أبو أويس الأيوبي}
وروى أبو داود، ج:1، ص:274،ح: 573
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ :
" ائْتُوا الصَّلَاةَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ،
فَصَلُّوا مَا أَدْرَكْتُمْ،
وَاقْضُوا مَا سَبَقَكُمْ
".
قَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَكَذَا قَالَ ابْنُ سِيرِينَ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
" وَلْيَقْضِ ". وَكَذَا قَالَ أَبُو رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبُو ذَرٍّ رَوَى عَنْهُ :
" فَأَتِمُّوا وَاقْضُوا ".
{كتبه، وذكر به وبلغه ووثقه:
أبو أويس الأيوبي...علم وصدقة}
وعليه:
ف
الإتمام
يقتضي أن يكون ما أدركه المسبوق »»هو أول صلاته««.
والقضاء
يعني أن ما أدركه المسبوق»»هو آخر صلاته««.
وللمزيد
بداية المجتهد) (1/361) لابن رشد.
{كتبه، وذكر به وبلغه ووثقه:
أبو أويس الأيوبي...علم وصدقة}
وأخذ برواية
(فاقضوا)
أبو حنيفة، وأحمد في المشهور.
وأخذ الشافعي وغيره برواية
(فأتموا)
وأخذ مالك بن أنس بالروايتين.
فحمل رواية (فأتموا) على الأفعال، ورواية "فاقضوا" على الأقوال.
فمن أدرك ركعة من صلاة المغرب ،مثلا، مع إمامه فإنه يأتي بركعتين بالفاتحة وسورة فيهما، ويجلس بينهما، فيجمع في حال قضاء ما فاته بين القضاء في الأقوال، والبناء في الأفعال.
وهذا هو مذهب [مالك]،
وضعفه ابن رشد لأنه يترتب عليه أن يكون بعض الصلاة أداءً وبعضها قضاءً.
وللمزيد:
( بدائع الصنائع) للكاساني (1/247)، و( المغني) لابن قدامة مع الشرح الكبير (2/10)، وحاشية الدسوقي (1/346)، و) التمهيد) لابن عبد البر (20/234) و (المجموع) للنووي (4/118).
(كتبه، ووثقه: أبو أويس الأيوبي}
وبناء على ما سبق بيانه، فإنه من أدرك مع الإمام ركعتين من صلاة العشاء ،مثلا،
فإنه يتم صلاته [سراً]، ويكون ما أدركه مع الإمام أول صلاته.
هذا هو الراجح لسببين:
أحدهما: أن رواة
"فأتموا" أكثر وأحفظ من رواة
"فاقضوا".
والثاني:
أن القضاء محمول على الفعل، لا القضاء المعروف في الاصطلاح، لأن هذا اصطلاح متأخري الفقهاء، والعرب تطلق القضاء وتريد به الفعل، قال عز وجل
فإذا قضيتم مناسككم) [سورة البقرة:200]
وفي قوله ﷺ: "...
وما فاتكم
" دليل أيضاً، لأن المعنى:
ما فاتكم من صلاتكم أنتم، لا من صلاة الإمام، والذي فات المأموم من صلاة نفسه إنما هو آخرها.
ولو قام من أدرك مع الإمام ركعتين من صلاة العشاء ،مثلا،
فأتم صلاته [جهراً]، صحت على القول الآخر لأهل العلم.
{كتبه، وذكر به وبلغه ووثقه:
أبو أويس الأيوبي...علم وصدقة}