قصة الذئب و اليهودي (
أهبان - أهبان بن أوس -) أو (
الأعرابي):
جاء في
البداية والنهاية » سنة
إحدى عشرة من الهجرة »
فصل
إيراد ما بقي علينا من متعلقات السيرة الشريفة » باب
ما يتعلق بالحيوانات من دلائل النبوة »
قصة الذئب وشهادته بالرسالة قال الإمام
أحمد : حدثنا يزيد ، ثنا القاسم بن الفضل الحداني ، عن أبي نضرة ، عن
أبي سعيد الخدري قال :
"
عدا الذئب على شاة فأخذها ، فطلبه الراعي ، فانتزعها منه ، فأقعى الذئب على ذنبه فقال : ألا تتقي الله؟ تنزع مني رزقا ساقه الله إلي؟! فقال : يا عجبا! ذئب مقع على ذنبه يكلمني كلام الإنس؟! فقال الذئب : ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد صلى الله عليه وسلم بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق . قال : فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة ، فزواها إلى زاوية من زواياها ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي : الصلاة جامعة . ثم خرج فقال للراعي : " أخبرهم " . فأخبرهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدق ، والذي نفس محمد بيده ، لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس ، ويكلم الرجل عذبة سوطه ، وشراك نعله ، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده " .
وهذا إسناد على شرط الصحيح وقد صححه
البيهقي ، ولم يروه إلا
الترمذي من قوله : "
والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس..." إلى آخره ، عن سفيان بن وكيع ، عن أبيه ، عن القاسم بن الفضل .
ثم قال :
وهذا حديث حسن غريب صحيح ، لا نعرفه إلا من حديث القاسم ، وهو ثقة مأمون عند أهل الحديث ، وثقه يحيى وابن مهدي .
طريق أخرى عن
أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه :
قال الإمام
أحمد : حدثنا أبو اليمان ، أنا شعيب ، حدثني عبد الله بن أبي حسين ، حدثني شهر ، أن أبا سعيد الخدري حدثه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
بينا أعرابي في بعض نواحي المدينة في غنم له عدا عليه الذئب ، فأخذ شاة من غنمه ، فأدركه الأعرابي فاستنقذها منه وهجهجه ، فعانده الذئب يمشي ، ثم أقعى مستذفرا بذنبه يخاطبه ، فقال :
أخذت رزقا رزقنيه الله! قال :
واعجبا من ذئب مقع مستذفر بذنبه يخاطبني! فقال :
والله إنك لتترك أعجب من هذا قال : و
ما أعجب من هذا؟ قال :
رسول الله صلى الله عليه وسلم في النخلات بين الحرتين يحدث الناس عن نبأ ما قد سبق وما يكون بعد ذلك . قال فنعق الأعرابي بغنمه حتى ألجأها إلى بعض المدينة ، ثم مشى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى ضرب عليه بابه ، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
أين الأعرابي صاحب الغنم؟ " فقام الأعرابي ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "
حدث الناس بما سمعت وبما رأيت " . فحدث الأعرابي الناس بما رأى من الذئب وما سمع منه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : "
صدق ، آيات تكون قبل الساعة ، والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يخرج أحدكم من أهله فيخبره نعله أو سوطه أو عصاه بما أحدث أهله بعده".
وهذا على
شرط أهل السنن ولم يخرجوه . وقد رواه
البيهقي من حديث
النفيلي قال : قرأت على معقل بن عبيد الله ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي سعيد ، فذكره . ثم رواه عن
الحاكم وأبي سعيد بن أبي عمرو ، عن الأصم ، عن أحمد بن عبد الجبار ، عن يونس بن بكير ، عن عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن
أبي سعيد ، فذكره . ورواه الحافظ
أبو نعيم ، من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن تميم ، عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن
أبي سعيد ، فذكره .
ومن حديث
أبي هريرة في ذلك :
قال الإمام
أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن أشعث بن عبد الله ، عن شهر بن حوشب ، عن
أبي هريرة قال :
"
جاء ذئب إلى راعي غنم ، فأخذ منها شاة ، فطلبه الراعي حتى انتزعها منه . قال : فصعد الذئب على تل ، فأقعى واستذفر ، وقال : عمدت إلى رزق رزقنيه الله ، عز وجل ، انتزعته مني! فقال الرجل : بالله إن رأيت كاليوم ذئبا يتكلم! فقال الذئب : أعجب من هذا رجل في النخلات بين الحرتين يخبركم بما مضى ، وبما هو كائن بعدكم . وكان الرجل يهوديا ، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم ، وخبره فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها أمارة من أمارات بين يدي الساعة ، قد أوشك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى تحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله بعده".
تفرد به أحمد ، وهو
على شرط السنن ولم يخرجوه ، ولعل شهر بن حوشب قد سمعه من
أبي سعيد و
أبي هريرة أيضا . والله أعلم .
ومن حديث
أنس بن مالك ، في ذلك :
قال
أبو نعيم في "
دلائل النبوة " : ثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا محمد بن يحيى بن منده ، ثنا علي بن الحسن بن سالم ، ثنا الحسين الرفاء ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أنس ، ح وحدثنا سليمان هو الطبراني ، ثنا عبد الله بن محمد بن ناجية ، ثنا هشام بن يونس اللؤلؤي ، ثنا حسين بن سليمان الرفاء ، عن عبد الملك بن عمير ، عن
أنس بن مالك قال :
"
كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فشددت على غنمي ، فجاء الذئب فأخذ منها شاة ، فاشتد الرعاء خلفه ، فقال :
طعمة أطعمنيها الله تنزعونها مني! قال :
فبهت القوم ، فقال : ما تعجبون من كلام الذئب وقد نزل الوحي على محمد ، فمن مصدق ومكذب".
ثم قال
أبو نعيم :
تفرد به حسين بن سليمان عن عبد الملك . قلت : الحسين بن سليمان الرفاء هذا يقال له : الطلحى . كوفي أورد له ابن عدي عن عبد الملك بن عمير أحاديث ، ثم قال :
لا يتابع عليها .
ومن حديث
ابن عمر ، في ذلك :
قال
البيهقي : أخبرنا أبو سعد الماليني ، أنا أبو أحمد بن عدي ، ثنا عبد الله بن أبي داود السجستاني ، ثنا يعقوب بن يوسف بن أبي عيسى ، ثنا جعفر بن جسر أخبرني أبي جسر ، ثنا عبد الرحمن بن حرملة ، عن سعيد بن المسيب قال : قال
ابن عمر :
"
كان راع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غنم له ، إذ جاء الذئب فأخذ شاة ، ووثب الراعي حتى انتزعها من فيه ، فقال له الذئب : أما تتقي الله أن تمنعني طعمة أطعمنيها الله تنزعها مني! فقال له الراعي : العجب من ذئب يتكلم! فقال له الذئب : أفلا أدلك على ما هو أعجب من كلامي؟ ذلك الرجل في النخل يخبر الناس بحديث الأولين والآخرين ، أعجب من كلامي ، فانطلق الراعي حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره وأسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حدث به الناس..."
قال الحافظ
بن عدي : قال لنا
أبو بكر بن أبي داود : ولد هذا الراعي يقال لهم :
بنو مكلم الذئب . ولهم أموال ونعم ، وهم من
خزاعة ، واسم مكلم الذئب
أهبان . قال :
ومحمد بن أشعث الخزاعي من ولده . قال
البيهقي :
فدل على اشتهار ذلك ، وهذا مما يقوي الحديث .
وقد روى من حديث
محمد بن إسماعيل البخاري في "
التاريخ " حدثني أبو طلحة ، حدثني سفيان بن حمزة الأسلمي ، سمع عبد الله بن عامر الأسلمي ، عن ربيعة بن أوس ، عن أنيس بن عمرو ، عن
أهبان بن أوس قال :"
كنت في غنم لي ، فكلمه الذئب" ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم.
قال
البخاري :
إسناده ليس بالقوي .
ثم روى
البيهقي عن أبي عبد الرحمن السلمي ، سمعت الحسين بن أحمد الرازي ، سمعت أبا سليمان المقرئ يقول :"
خرجت في بعض البلدان على حمار ، فجعل الحمار يحيد بي عن الطريق ، فضربت رأسه ضربات ، فرفع رأسه إلي وقال :" اضرب يا أبا سليمان ، فإنما على دماغك هو ذا تضرب" . قال : قلت له : كلمك كلاما يفهم؟! قال : كما تكلمني وأكلمك حديث آخر عن
أبي هريرة في الذئب :
على وجه آخر : وقد قال سعيد بن منصور : ثنا حبان بن علي ، ثنا عبد الملك بن عمير ، عن أبي الأوبر الحارثي ، عن
أبي هريرة قال :
"
جاء الذئب فأقعى بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم
وجعل يبصبص بذنبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
هذا وافد الذئاب ، جاء يسألكم أن تجعلوا له من أموالكم شيئا " . قالوا :
والله لا نفعل . وأخذ رجل من القوم حجرا فرماه ، فأدبر الذئب وله عواء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
الذئب وما الذئب ؟
وقد رواه
البيهقي ، عن الحاكم عن أبي عبد الله الأصبهاني ، عن محمد بن مسلمة ، عن يزيد بن هارون ، عن شعبة ، عن عبد الملك بن عمير به . ورواه الحافظ
أبو بكر البزار ، عن محمد بن المثنى ، عن غندر ، عن شعبة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن رجل ، عن مكحول ، عن
أبي هريرة ، فذكره .
وعن يوسف بن موسى ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أبي الأوبر ، عن
أبي هريرة قال :" صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما صلاة الغداة ، ثم قال : "
هذا الذئب ، وما الذئب؟ جاءكم يسألكم أن تعطوه أو تشركوه في أموالكم " . فرماه رجل بحجر ، فمر - أو ولى - وله عواء ".
وقال محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن حمزة بن أبي أسيد قال :" خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار بالبقيع ، فإذا الذئب مفترشا ذراعيه على الطريق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
هذا جاء يستفرض فافرضوا له " . قالوا : نرى رأيك يا رسول الله . قال : "
من كل سائمة شاة في كل عام " . قالوا : كثير . قال :"
فأشار إلى الذئب أن خالسهم" . فانطلق الذئب رواه
البيهقي .
وروى
الواقدي ، عن رجل سماه ، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال :
" بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة إذ أقبل ذئب ، فوقف بين يديه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
هذا وافد السباع إليكم ، فإن أحببتم أن تفرضوا له شيئا لا يعدوه إلى غيره ، وإن أحببتم تركتموه واحترزتم منه ، فما أخذ فهو رزقه " . فقالوا يا رسول الله ، ما تطيب أنفسنا له بشيء .
فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصابعه الثلاث أن خالسهم .
قال :
فولى وله عسلان.
قال أبو نعيم : ثنا سليمان بن أحمد ، ثنا معاذ بن المثنى ، ثنا محمد بن كثير ، ثنا سفيان ، ثنا الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن رجل من مزينة أو جهينة قال :" أتت وفود الذئاب قريب من مائة ذئب حين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقعين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
هذه وفود الذئاب ، جئنكم يسألنكم لتفرضوا لهن من قوت طعامكم وتأمنوا على ما سواه " . فشكوا إليه الحاجة ، قال : "
فأدبروهم " . قال : فخرجن ولهن عواء".
وقد تكلم القاضي
عياض على حديث
الذئب ، فذكره ، عن
أبي هريرة و
أبي سعيد ، وعن
أهبان بن أوس وأنه كان يقال له :
"
مكلم الذئب".
قال : وقد روى ابن وهب أنه جرى مثل هذا
لأبي سفيان بن حرب و
صفوان بن أمية مع ذئب وجداه أخذ ظبيا ، فدخل الظبي الحرم ، فانصرف الذئب ، فعجبا من ذلك ، فقال الذئب :"
أعجب من ذلك محمد بن عبد الله بالمدينة يدعوكم إلى الجنة ، وتدعونه إلى النار "، فقال أبو سفيان
واللات والعزى لئن ذكرت هذا بمكة لتتركنها خلوفا).