النجاسة على الثياب او البدن ...شكًّا ويقينًا ، بعد اداء صلاة او عدة صلوات،
ما حكم الصلاة – الصلوات – التي صلاها شخص – ذكرا ام انثى - ، بعد اكتشافه لبقع نجاسة في / على ملابسه - الداخلية او الخارجية كـ - بول ، غائط ، دم حيض ، مذي ، ودي ، مني ، رطوبة الفرج ، قيح ، ريق ، لعاب ، مخاط ، عرق ، بلغم ، قيء - استفراغ - ؟مقدمة هامة:
تعريف النجاسة: النَّجَس بفتح الجيم عين النجاسة،
و
بكسرها = نَجِسَ : ما لا يكون طاهرًا.
والنَّجْس والنِّجْس والنَّجَس:
القذر من الناس ومن كل شيء قذرته.
و
نَجِسَ الشيء بالكسر يَنْجَس نجسًا، فهو نَجِسٌ، ونَجَسٌ.
و
رجل نَجِسٌ ونَجَسٌ، والجمع: أنجاس.
وقيل:
النجس يكون للواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد،
رجل نجس، ورجلان نجس، وقوم نجس؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾[سورة التوبة:28]
فإذا كسروا، ثنوا وجمعوا وأنثوا، فقالوا: أنجاس ونَجَسَة.
وقال الفراء:
نجس لا يجمع ولا يؤنث.
والنجس:
الدنس.
والنجس أيضًا:
اتخاذ عوذة للصبي عند أهل الجاهلية، وقد نجس له ونجسه: عوذه. ويقال للمعوذ منجس.
[لسان العرب]. النجاسة اصطلاحًا:
قال
ابن عابدين:
النجاسة عين مستقذرة شرعًا .
حاشية ابن هابدين:1/85. وقوله: "
عين" خرج به الوصف؛ فإن النجاسة عين لها جرم محسوس، وليست من المعاني.
وقوله: "
مستقذرة شرعًا" خرج به الأشياء المستقذرة بالطبع، ولم يأتِ الشرع بتنجيسها، كالمخاط والبصاق.
قال
المتولي: النجاسة في اصطلاح الفقهاء:
"
كل عين حرم تناولها على الإطلاق، مع إمكان التناول لا لحرمتها".
قال: وقولنا: "
على الإطلاق"
احتراز من السموم التي هي نبات؛ فإنها لا يحرم تناولها على الإطلاق، بل يباح القليل منها، وإنما يحرم الكثير الذي فيه ضرر.
قال: وقولنا: "مع إمكان التناول" احتراز من الأشياء الصلبة؛ لأنه لا يمكن تناولها.
وقولنا: "لا لحرمته" احتراز من الآدمي.
قال
النووي:
"
وهذا الذي حدد به المتولي ليس محققًا؛ فإنه يدخل فيه التراب والحشيش المسكر والمخاط والمني، وكلها طاهرة مع أنها محرمة. وفي المني وجه أنه يحل أكله ، فينبغي أن يضم إليها: "لا لحرمتها، أو استقذارها، أو ضررها في بدن أو عقل"
المجموع (2/565)، المنثور في القواعد (3/248)، الإنصاف (1/26) النجاسة:
هي كل عين مستقذرة أمر الشارع باجتنابها.
وهي نوعان:
النوع الأول:
نجاسة عينية أو حقيقيةالتي هي:
نجاسة الخبث حاجة عينية لها جِرم وهي: التي لا تطهر بحال لأن عينها نجسة كـروث الحمار والدم والبول.
النوع الثاني:
نجاسة حكمية.
وهي
أمر إعتباري يقوم بالأعضاء، ويمنع من صحة الصلاة، ويشمل الحدث الأصغر الذي يزول بالوضوء كـالغائط، والحدث الأكبر الذي يزول بالغسل كـالجنابة.
فالنجاسة الحكمية تزول إذا كانت حدثا أصغر بالوضوء، أو أكبر فيزول بالغسل.
و
الأصل الذي تزال به النجاسة هو الماء فهو الأصل في التطهير - إزالة النجاسة - .
لقوله تعالى: "
...وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ..."
سورة الأنفال:11 ويجزئ عن الوضوء لضرور وعذر "التيمم ، لما في الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام :
"
الصَّعيدُ الطَّيِّبُ وضوءُ المسلمِ وإن لم يجدِ الماءَ عشرَ سنينَ "
أبو ذر الغفاري. النسائي : 321. صحيحورواية
ابن حجر في تخريج مشكاة المصابيح : 1/267"
إنَّ الصَّعيدَ الطَّيِّبَ وضوءُ المسلمِ وإن لم يجدِ الماءَ عشرَ سنينَ فإذا وجدَ الماءَ فليُمسَّهُ بشرتَه فإنَّ ذلِك خيرٌ"
و
النجاسات على ثلاثة أقسام باعتبار كيفية التطهير :
*
نجاسة مغلظة:
وهي نجاسة الكلب مثلا والخنزير وما تولد منهما.
فالنجاسة المغلظة تحتاج إلى تسبيع وتتريب (استخدام التراب في احدى الغسلات)، لما صح من حديث ابي هريرة :
"
طَهورُ إناءِ أحدِكم ، إذا ولَغ فيه الكلبُ ، أن يغسِلَه سبعَ مرَّاتٍ . أُولاهنَّ بالتُّرابِ"
صحيح مسلم:279*
النجاسة المخففة:
هي نجاسة بول الغلام - الرضيع الذكر - فإنه يكفي في طهارة بوله النضح - رش الماء فقط - فهذه نجاسة مخففة.
لما صح من حديث
أم قيس بنت محصن الأسدية أخت
عكاشة بن محصن ، قالت:
"
جِئْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بابنٍ لي لم يأكُلِ الطَّعامَ فأخَذه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأجلَسه في حجرِه فبال على ثوبِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فأخَذ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ماءً فنضَحه ولم يغسِلْه".
قال ابنُ شهابٍ: فمضَتِ السُّنَّةُ بأنْ لا يُغسَلَ مِن بولِ الصَّبيِّ حتَّى يأكُلَ الطَّعامَ، فإذا أكَل الطَّعامَ غُسِل مِن بولِه.
صحيح ابن حبان : 1374*و
نجاسة متوسطة:
وهي سائر النجاسات - بقية النجاسات - كالبول والغائط والمذي والودي الميتة.
لما صح من حديث امنا
عائشة رضي الله عنها ،
قالت لنسوةٍ عندَها مُرنَ أزواجَكُنَّ أن يغسِلوا عنهُم أثرَ الغائطِ والبَولِ فإنِّي أستَحييهم وإنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يفعلُهُ".
ابن عبدالبر في الاستذكار: 1/246 .حديث صحيح ثابت . وقد
مدح الله تعالى أهل قباء لقيامهم بالاستنجاء بالماء، فقد أخرج
أبو داود والترمذي وابن ماجه عن
أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"
نزلت هذه الآية في أهل قباء: (
فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)
[التوبة:108] قال:
كانوا يستنجون بالماء".
أما من صلى ووجد على ثيابه بقعة نجاسة من (
دم ،
بول ،
غائط) فعلى أصح أقوال أهل العلم (
إلا السادة الشافعية).
ففيها ما يلي:
اولا:
لا يحكم بنجاسة البقع على الثياب بمجرد الشك ، بل لا بد من التأكد و اليقين. فمَن شك َّ- ذكرا ام أنثى- كان، في كونها نجاسة أم لا: فلا يحكم بأنها نجاسة.
فإن تيقن المصلي -ذكرا ام أنثى-
أنها نجاسة ولكن لم يعلم متى طرأت وحدثت ووصلت اليه أقبل الصلاة أم
بعدها ؟
فإن صلاته بها صحيحة.
و
كذلك لو تيقن أنها طرأت عليه قبل الصلاة وكان قد صلى بها جاهلاً بوجودها ، فإن صلاته صحيحة ، ولا يلزمه إعادتها.
إلا السادة الشافعية ، يرون أن عليه الإعادة فمن صلى متيقنًّا بأن على ثوبه أو بدنه أو مكان صلاته نجاسة فـ صلاته باطلة و يلزمه إعادة الصلاة -الصلوات- التي صلاها وهو يعلم بالنجاسة.
والأصل والواجب أصلا...هو
اجتناب النجاسة بشرط العلم والقدرة.
و
أما مَن فرط وقصر في الاستنجاء والطهارة ، حتى بقيت تلك النجاسة في محلها، وانتشرت في الثياب والبدن:
فالواجبُ عليه /عليها متى رأها أن يزيلها من بدنه وثيابه
وعليه / عليها إعادة الصلاة او الصلوات التي تيقن من ادائها بتلك النجاسة.
و إذا كانت تلك النجاسة يسيرة قد خرجت من الشخص بعد الوضوء:
فإن الوضوء ينتقض بخروجها ويجب و يلزم إعادة الوضوء والصلاة. فإن ازالة النجاسة وجتنابها شرطٌ لصحة الصلاة جاء في '
الشرح الكبير على المقنع'،
لابن قدامة على المذهب -
الحنبلي- ما معناه:
(
إن الشخص إذا صلى وعليه نجاسة لا يعلم بها حتى فرغ من صلاته ففيه روايتان إحداهما:
لا تفسد صلاته .
وهو قول ابن عمر وعطاء وسعيد ابن المسيب ومجاهد وإسحاق وابن المنذر.
و الثانية:
يعيد صلاته.
وهو قول
الشافعي. لأنها طهارة مشترطة للصلاة فلم تسقط بالجهل كطهارة الحدث.
وقال
ربيعة ومالك يعيد ما دام في الوقت -اي ان وقت الصلاة لم يخرج او ينتهي-.
وقال
ابن وهب في '
المدونة':
" وقد قال ربيعة وابن شهاب
فيمن صلى بثوب غير طاهر أنه يعيد ما كان في الوقت أي ما دام الوقت لم يخرج ".
قال
ابن تيمية:
'
فلو صلى وببدنه أو ثيابه نجاسة، ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة، لم تجب عليه الإعادة في أصح قولي العلماء، وهو مذهب( مالك وغيره، وأحمد في أقوى الروايتين)، وسواء كان عَلمها ثم نَسيها، أو جهلها ابتداء، لما تقدم من أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وجد في نعليه نجاسة ، ثم خلعهما في أثناء الصلاة، لما أخبره جبريل أن بهما أذى، ومضى في صلاته، ولم يستأنفها، مع كون ذلك موجوداً في أول الصلاة، لكن لم يعلم به... '.
انتهى وخلاصة القول بتفصيلاته:
اختلف الفقهاء في مَن صلى وعلى ثوبه نجاسة - لا يعلم بها، ثم علم بها بعد الصلاة -على ثلاثة أقوال:
الأول:
لا تفسد صلاته.فكل ما صلاه قبل رؤية النجاسة من صلاة فهو صحيح، وبهذا قال ابن عمر، وعطاء، وسعيد بن المسيب، وسالم، ومجاهد، والشعبي، والزهري، ويحيى الأنصاري، وإسحاق، وابن منذر، والشافعي في أحد قوليه، وأحمد في رواية، و ابن تيمية.
الثاني:
يعيد الصلاة.
وهو قول: أبي قلابة، والشافعي في الأصح من قوليه، وأحمد في رواية المذهب.
لأنها طهارة مشترطة للصلاة، فلم تسقط بجهلها، كطهارة الحدث.
الثالث:
أنه يعيد ما كان في الوقت، ولا يعيد بعد انقضاء وقت الصلاة.
وهو قول: ربيعة، ومالك.
والراجح -والله اعلم- :أن
الصلاة صحيحة ، لقوله تعالى:
(
وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ )
سورة الأحزاب: 5 وقوله تعالى:
(
رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )
البقرة:286 وهذا قول وعمل كثير من الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين ، والتابعين رحمهم الله.