ما حكم العمل عند اليهود في أرض فلسطين في البناء والاعمار وغيرها ؟
ما حكم العمل في الدول الكافرة التي لا تحلل ولا تحرم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
تقدمة هامة:
مِن أصول العقيدة الإسلامية أن يُوالِيَ المسلمُ أهلَها ويُعَادِيَ أعداءَها، لكن معاداتُنا للكُفَّار وهي البَرَاءُ لا تعني الإساءةَ لهم بالأقوال والأفعال، فالتبرُّؤُ مِنَ المشركين وبُغْضُهُم لا يمنع من أداء الحقوق لهم وقَبول شهادة بعضهم على بعضٍ وحُسْنِ المخالقة معهم، قال تعالى:
"
لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ".
[سورة الممتحنة: ٨] أمَّا التأييد للكُفْرِ ونُصْرَةُ أهلِه فهو محرَّمٌ يَصِلُ إلى الكفر بالله، قال الله تعالى:
"
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
[سورة المائدة: ٥١] وهو المقصودُ
بالبَرَاءِ ومن
حُقوق البراء بُغْضُ الشِّرك وأهلِه والكُفْر وأعوانِه، وعَدَمُ اتِّخاذِ الكفَّار أولياءَ أو مودَّتِهم وعدمُ التشبُّه بهم فيما هو من خصائصهم دِينًا وَدُنْيَا، وعَدَمُ مناصرتِهم ولا مدحِهم، ولا إعانتِهم على المسلمين، وعدمُ الاستعانة بهم واتِّخاذِهم بطانةً له يحفظون سرَّه ويقومون بأهمِّ أعماله، وعدمُ مشاركتهم في أعيادهم وأفراحهم وعدمُ جواز تهنئَتهم عليها وبها وفيها، وعدمُ التحاكُمِ إليهم أو الرِّضَى بحُكْمِهِم وتركِ حكم الله تعالى، وما إلى ذلك.
و
على وجه العموم:
إذا كان عملُ المسلم عند الكافر يتضمَّن مُداهَنَةً ومَداراةً على حِساب الدِّين، أو كان العملُ في ذاته غيرَ مشروعٍ، وكان المسلم في موضع إذلال وسُخريةٍ واستهزاءٍ فلا يجوز العمل عنده ، لِما فيه من تعظيم الكافر وتعظيم معصيته، وقد أذلَّه الله وأخزاه، قال تعالى: "
حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ".
[سورة التوبة: ٢٩] أمَّا
إذا خَلاَ من اي مما سبق ذكره وبيانه فهي
معاملةٌ جائزةٌ وإجارةٌ مباحةٌ، ومع ذلك فلا يُسَوِّدُه ولا يبدؤه بالسلام لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في شأن المنافق ،
كما من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه ، كما عند ابي داود في سننه بسند صحيح :"
لاَ تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ"
والكافر بطريق الأَوْلى،
ثبت في صحيح مسلم: 2167 ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قولِه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم:
"
لاَ تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بِالسَّلاَمِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ"
ما لم يكن مع الكفَّار مسلمون فيجوز له التسليم؛ لأنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: "
وفي المجلِسِ أخلاطٌ من المسلمين والمُشرِكين عَبَدَةِ الأوثانِ واليهودِ، وفي المجلِسِ عبدُ اللهِ بنُ رَواحَةَ....فسلَّم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ووقَف"
(من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه . صحيح البخاري:5663 ). اما بالنسبة للفلسطينيين العاملين والراغبين بالعمل عند اليهود والصهاينة ...
فيجب العلم ان اليهود كان سكنوا القدس اغتصابا حيث كان عددهم أكثر من مائة وخمسين الف يهودي وتأسست الدولة اليهودية الغاصبة على ايديهم بالتعاون مع الإنجليز الظلمة الفجرة الذين اخضعوا فلسطين لانتدابهم بادئ بدء ثم قاموا بتسليم السلطة لهم بعد وعد بلفور رئيس وزراء بريطانيا ، وبعد نقل كل الإمكانات والتجهيزات العسكرية التي كانت لديهم الى حيازة اليهود لتقويتهم واستمرار دعمهم لهم بعد ذلك بلا حدود والمساعدة على تكثيف هجرة اليهود من دول العالم اليها والاعتراف بها كحكومة شرعية من قبل الدول الاستعمارية الكبرى في العالم.
ثم هاجر اليها الكثير من يهود العالم وقاموا بشراء الأراضي والأملاك والعقارات من العرب الفلسطينيين وجلبوا معهم استثماراتهم ورؤوس أموالهم .ومارسوا الطرق المشروعة للمتاجرة والاستثمار وتولوا ادارة مزارعهم ومصانعهم و مشاغلهم بأنفسهم وبالاستعانة بالأيدي الوطنية الفلسطينية والعمالة العربية المسلمة جنباً الى جنب اليهود المهاجرين او المواطنين.
ومن هنا كان للتعامل مع اليهود في فلسطين جهتان :
محرمة و
مشروعةفأما الجهة
المحرمة فالعمل في نفس جميع هذه الوزارات والدوائر والإدارات والشركات والمصانع الحكومية ومصانع الأسلحة وغيرها من الأجهزة الحكومية أو لحسابها وذلك لكونها حكومة مستعمرة غاشمة باغية غاصبة وكذا مع جميع اجهزتها السياسية والعسكرية و كل ماله دخل في تقوية نظامها الحاكم .
وكذا سائر وجميع الوظائف ذات الصلة بالجهاز الحاكم الغاصب اما لكونه من المؤسسات شبه الحكومية أو لكونها تابعة للمنظمات الصيونية المتطرفة أو ذات الصبغة التجارية وتساهم وتدعم الاقتصاد الاسرائيلي التابع للدولة المستعمرة مباشرة وكذلك العمل لدى المنظمات الصهيونية المعادية للمسلمين والتي تنتهج سياسات معادية لهم في داخل وخارج فلسطين.
فإن
العمل في جميع هذه الأماكن والتعامون معها وتسويق منتجاتها محرم وكذا اخذ الأجرة منها و
مخالفة ذلك الحكم يعني الرضوخ والقبول بشرعية المحتل واعانته وتقويته على استمرار احتلاله وتمرده وطغيانه وانتهاكاته المستمرة لحقوق الفلسطينيين والاعتداء على انفسهم و املاكهم والتنكيل بهم وشريك في ظلمهم .
يقول الحق سبحانه وتعالى :"
وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا"
[الطلاق: 2- 3] . روي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال :" جعَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتلو هذه الآيةَ {
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}
[الطلاق: 2، 3] قال :
فجعَل يُرَدِّدُها علَيَّ حتَّى نعَسْتُ فقال : (
يا أبا ذرٍّ لو أنَّ النَّاسَ كلَّهم أخَذوا بها لَكفَتْهم )
ثمَّ قال : (
يا أبا ذرٍّ كيف تصنَعُ إذا أُخرِجْتَ مِن المدينةِ ) ؟ قُلْتُ :
إلى السَّعةِ والدَّعةِ أكونُ حَمَامًا مِن حَمَامِ مكَّةَ قال : (
كيف تصنَعُ إذا أُخرِجْتَ مِن مكَّةَ ) ؟
قُلْتُ : إلى السَّعةِ والدَّعةِ إلى أرضِ الشَّامِ والأرضِ المُقدَّسةِ قال : (
فكيف تصنَعُ إذا أُخرِجْتَ منها ) ؟
قُلْتُ : إذَنْ والَّذي بعَثك بالحقِّ آخُذَ سَيفي فأضَعَه على عاتقي فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (
أوَ خيرٌ مِن ذلك تسمَعُ وتُطيعُ لِعبدٍ حبَشيٍّ مُجدَّعٍ )"
الراوي: أبو ذر . ابن حبان في صحيحه : 6669 . خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه . (وفيه انقطاع عند بعض اهل الحديث) فالرازق الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى وقد تكفل وضمن رزق عباده فيما لو توكلوا عليه واطاعوه وان تنوعت الأسباب في الظاهر واختلفت المصادر .
ومن يذهب للعمل لدى اولئك الأنجاس والأرجاس المحتلين اليهود فانما يعمل لديهم طمعاً في نيل اغراءاتهم وزياداتهم التي يمنحونها لمن يعمل لديهم بالقياس الى الأجور المتدنية عند العمل لدى ارباب المزارع والمصانع والمشاغل الفلسطينيين انفسهم.
ناهيك عن الفضائح التي يمارسها اليهود مع اولئك العمال منها استغلال الفتيات والنساء الفلسطينيات اللاتي يعملن في المنازل والفنادق للدعارة والبغاء وتكثير الملاهي واوكار الدعارة في المناطق الصناعية التي يعمل فيها الفلسطينيون لاعادة سلب الأجور التي يتقاضونها منهم على يد الغانيات والعاهرات اليهوديات بعد الايقاع بأولئك العمال في الرذيلة والانحراف والادمان على العهر والفجور.
كما أن فرص العمل ان لم تتهيأ في المناطق الفلسطينية فإن الكثير منهم يهاجر من غزة الى الضفة الشرقية في الأردن او الى الدول العربية المجاورة والى الخليج كما هو معلوم فلا يوجد مبرر ولا عذر .
وأما
الجهة المشروعة فالعمل في جميع الوظائف التي تكون في جهات أهلية يهودية لا علاقة لها بالسلطة المحتلة ولا تحمل صفة حكوميةكالمصانع الحرفية التقليدية لدى عامة اصحاب المهن والمتاجر والمشاغل في اوساط السكان اليهود والعرب الأصليين الذين يعيشون داخل الدولة العبرية الغاصبة وكذا لدى المستثمرين المهاجرين الذي هاجروا واشتروا املاكهم بصفة شرعية وقانونية بدون غصب واستيلاء قهري وقسري، وكذلك فروع الشركات الأجنبية غير اليهودية فإن جميع هذه المصانع والشركات والمتاجر يجوز التعامل معها والعمل فيها واخذ الأجرة منها .
وليعلم المسلم المتقي لله بأن أرض فلسطين استولى عليها اليهود واغتصبوها كما هو معلوم للداني والقاصي ، لذا فإن عمل المسلم كعامل او كأجير بناء او متعهد بناء لليهود - عندهم ومعهم ولديهم - في أرض فلسطين المغتصبة يعتبر إعانة لليهود في اغتصابهم للأرض المقدسة وعونا وتأييدا لهم في اعتدائهم عليها وإهانة للمسلمين ، ومساهمة من ذلك المسلم - أيا كان نوع عمله - في تثبيت اليهود وإعطاء الشرعية للمغتصب فهو غير جائز وحرام ولا يجوز.
قال
الشافعي في (
الأم 4/248) :
"
لا تُسقط دار الحرب عنهم - أي عن المسلمين -
فرضًا، كما لا تُسقط عنهم صومًا ولا صلاة".
وقال ايضا في (
الأم 7/355):
"
والحرام في دار الإسلام حرام في دار الكفر".
ما حكم العمل في المنشأت عند اهل الكفر؟
نقسم المنشآت التي تقدم المحرم إلى قسمين:
1.
منشآت الأصل فيها تقديم المحرم والباقي تبعكالبنوك الربوية والبارات والحانات التي تقدم الخمور أصالة كما تقدم مشروبات ومأكولات أخرى تبعاً.
فهذه
لا يجوز العمل فيها بحال؛ لأنها إعانة صريحة على الإثم والعدوان وإن لم يباشر العامل العمل بيده.
2.
منشآت تقدم عدداً من المنتجات منها منتجات محرمةكالبقالات أو المطاعم التي تبيع وتقدم عدداً من المنتجات ومن ضمنها منتجات خنزير أو منتجات كحولية.
وهذه المنشآت
يجوز العمل فيها عند الحاجة بشرط عدم مباشرة المحرم حملاً أو تقديماً أو تعبئة أو بيعاً.
فتحريم المشاركة في المحرم ثابتٌ معلومٌ في الشرع فالله تعالى يقول:
"
وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"
المائدة:2وعن جابر قال: "
لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء".
(رواه مسلم 1598)وعن أنس بن مالك قال: "
لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له".
(رواه الترمذي 1295) وحتى لا يقول قائل ..."
العمل مع وعند اليهود والذميين والكفرة والمشركين ...
جائز مطلقا لثبوت الادلة ...
نقول مرة اخرى مبينين مختصر اقوال العلم ...
فقد وضعوا شروطا وضوابط للعمل عند الكفار وخاصة الحربيين منهم وأدرجوها تحت عنوان الإجارة (
الإجارة على كافر) والشروط هي :
1-
الا تكون الإجارة في عمل محرم
كبيع الخمور ورعي الخنازير وتربيته والعمل في الربا والبنوك والمقامر ، أو فيما يعين على عمل محرم كالعمل في بناء الكنس والمعابد ودور الكفر - لا العبادة - ، ودور الدعارة وصناعة الفاحشة واشباهها.
قال تعالى في حق المسلم مع المسلم :"
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ "
(سورة المائدة:2) فكيف بالتعاون مع الكافر؟
وفي الصحيحين عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "
على كلِّ مسلمٍ صدقةٌ"، فقالوا : يا نبيَّ اللهِ، فمن لم يجدْ ؟ قال : " يعمل بيدِه، فينفع نفسَه ويتصدَّق". قالوا : فإن لم يجدْ ؟ قال :"يعين ذا الحاجةِ الملهوفَ ". قالوا : فإن لم يجدْ ؟ قال :" فلْيعملْ بالمعروفِ، ولْيمسكْ عن الشرِّ، فإنها له صدقةٌ".
(من حديث أبي موسى الأشعري عبدالله بن قيس . صحيح البخاري، :1445، صحيح مسلم:1008). قال الشيخ
عبد العزيز بن باز رحمه الله في (فتاواه) (1/274) :
"
وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم ، كما قال الله سبحانه (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )
المائدة : 51 ".
2-
أن لايكون فيها عون لكافر على مسلم .
قال تعالى:"
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ "
سورة المائدة : 51 وقد نص الفقهاء من أئمة
الحنفية و
المالكية و
الشافعية و
الحنابلة وغيرهم من فقهاء الإسلام
على :
تحريم بيعهم ما يستعينون به على المسلمين سلاحاً أو عتاداً أو دواباً ، فلا يجوز أن يعطوا طعاماً ولا أن يباع لهم طعام ولا شراب ولا ماء ولا خيام ولا شاحنات ولا نقل ولا أن تعقد معهم عقود صيانة أو نقليات ونحو ذلك والكسب الناتج عن ذلك كسب خبيث حرام ، وهو سحت، والسحت النار أولى به .
قال
النووي في "
المجموع" :
"
وَأَمَّا بَيْعُ السِّلاحِ لأَهْلِ الْحَرْبِ فَحَرَامٌ بِالإِجْمَاعِ ..." اهـ .
وقال
ابن القيم في "
إعلام الموقعين" :
" قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ :
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ السِّلاحِ فِي الْفِتْنَةِ . . . وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَتَضَمَّنُ الإِعَانَةَ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، وَفِي مَعْنَى هَذَا كُلُّ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ مُعَاوَضَةٍ تُعِينُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ كَبَيْعِ السِّلاحِ لِلْكُفَّارِ وَالْبُغَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ . . . أَوْ إجَارَةُ دَارِهِ لِمَنْ يُقِيمُ فِيهَا سُوقَ الْمَعْصِيَةِ ، وَبَيْعِ الشَّمْعِ أَوْ إجَارَتِهِ لِمَنْ يَعْصِي اللَّهَ عَلَيْهِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ إعَانَةٌ عَلَى مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَيُسْخِطُهُ " اهـ
3-
أن لا يكون فيها إهانة للمسلم قال الله تعالى :" فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا" (سورة النساء:141)
لذلك حرم فقهاء الأمة الإجارة على أشخاص ( كخادم أو عبد) .
وقد بان أنَّ التعامل مع غير أهل الإسلام - الكفار والنصارى - مشروع بضوابطه الشرعية
واستدل على ذلك الأصل بأدلة منها:
1) حديث
كعب بن عجرة -رضي الله عنه- قال:" أتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم فرأَيْتُه متغيِّرًا فقُلْتُ بأبي أنتَ ما لي أراكَ متغيِّرًا قال :"
ما دخَل جوفي ما يدخُلُ جوفَ ذاتِ كَبِدٍ منذُ ثلاثٍ"، قال:"
فذهَبْتُ فإذا يهوديٌّ يَسْقي إبلًا له فسقَيْتُ له على كلِّ دلوٍ بتمرةٍ فجمَعْتُ تمرًا فأتَيْتُ به النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم فقال :"
من أين لك يا كعبُ؟،
فأخبَرْتُه فقال النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم:" أتُحِبُّني يا كعبُ ؟" قُلْتُ بأبي أنتَ نَعَمْ ، قال: "
إنَّ الفقرَ أسرعُ إلى مَن يُحِبُّني من السَّيلِ إلى معادنِه وإنَّه سيُصِيبُك بلاءٌ فأَعِدَّ له تِجْفافًا "، قال ففَقَده النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم فقال :"
ما فعَل كعبٌ ؟" قالوا مريضٌ فخرَج يمشي حتَّى دخَل عليه فقال :"
أبشِرْ يا كعبُ"، فقالت أمُّه :"
هنيئًا لك الجنَّةُ يا كعبُ "، فقال النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم :"
مَن هذه المُتألِّيةُ على اللهِ ؟" قُلْتُ هي أمِّي يا رسولَ اللهِ ، قال :"
وما يُدْرِيكِ يا أمَّ كعبٍ لعلَّ كعبًا قال ما لا ينفَعُه ومنَع ما لا يُغْنِيه؟"
الراوي : كعب بن عجرة | المحدث : الهيثمي في مجمع الزوائد: 10/316 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد 2- عن عبدالله بن عباس ذكر :"
أن عليًّا -رضي الله عنه-
أَجَرَ نفسَه مِنْ يهوديٍّ يَسْقِي له كلَّ دَلْوٍ بتمرةٍ، وإن عددَ التَمْرِ سَبْعَ عَشْرَةَ".
ذكره الشوكاني في نيل الأوطار : 6/34 . خلاصة حكم المحدث : في إسناده حنش وهو ضعيف والحديثين فيهما مقال عند اهل الحديث ...وان حسنهما البعض بالشواهد، ولا يكفيان ليكونا دليل على جواز العمل عند اليهود والصهاينة الغاصبين.