البسملة : (
بسم الله الرحمن الرحيم) ،
في الفاتحة -
وفي غيرها - ،
كل ما قيل فيها وعنها واراء اهل العلم واحكام اتفق أهل العلم على كتابة البسملة في المصحف بداية كل سورة ماعدا سورة براءة، وقد اختلفوا في عدها آية من بداية كل سورة، أو هي آية من الفاتحة دون غيرها من السور، أو هي آية نزلت للفصل بين السور وليست آية من الفاتحة ولا من غيرها، أو ليست من القرآن أصلا؛ إلا ما في آية النمل.
ولكن
هل اختلاف العلماء في عدِّ البسملة آية من الفاتحة يدخل في تحريف القرآن؟ هل (
بسم الله الرحمن الرحيم)
آيه من القرآن؟الإجابــةالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فلا خلاف بين العلماء في كون البسملة بعضاً من آية في سورة النمل، ولا خلاف في كتابتها في أول السور جميعاً إلاّ سورة التوبة.
وفيما عدا ذلك فالخلاف جار بين العلماء. فهي عند بعضهم آية من كل سورة ما عدا التوبة، وعند بعضهم آية من الفاتحة وليست بآية في بقية السور ، وعند بعضهم ليست بقرآن وهذا أضعف الأقوال. والدليل على ضعف هذا القول ما ثبت من حرصهم على عدم كتابة شيء مع القرآن ما لم يكن قرآناً، ولا خلاف في كتابتها في المصحف، كما سبق والله أعلم.
...........................................
القرآن الكريم نقل إلينا بالتواتر ، من غير نقص ، ولا زيادة ، ولا شك فيه ، ولا ريب ، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهذا ما تعلمناه وتربينا عليه .
سؤالي هو : كيف اختلف أهل العلم من السلف على أن البسملة آية من سورة الفاتحة ، أو أنها ليست بآية ؟
وهل هذا الخلاف معتبر ؟
وأنا هنا لا أبحث في أدلة هذا الفريق ، وذلك الفريق ، ولا أبحث عن معلومات إضافية في هذه المسألة من ناحية فقهية ، فلقد قرأت فيها الكثير والكثير من الأبحاث ، ولكن بحثي وسؤالي هو : كيف نسوِّغ الاختلاف في آية من القرآن الكريم الذي نقل إلينا بالتواتر ، جمع عن جمع ، وهكذا ، على أنها آية ، أو ليست بآية؟
هل يجب أن لا يكون هناك خلاف في هذه المسألة ؟
. أرجو أن تنفِّسوا عنِّي كربة هذا الهم الذي أصابني من هذه المسألة .
الجواب :
الحمد لله
لم يختلف المسلمون في أن الله تعالى قد حفظ كتابه من الزيادة والنقصان ؛ تحقيقاً لقوله عز وجل : (
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحِجر/ 9 .
وقد أجمع المسلمون على كفر كل من يخالف هذا فيزعم أن كتاب الله تعالى فيه ما ليس منه ، أو نقص منه ما أنزل الله فيه .
قال القاضي
عياض رحمه الله :
"
وقد أجمع المسلمون أن القرآن المتلو في جميع أقطار الأرض ، المكتوب في المصحف بأيدى المسلمين ، مما جمعه الدفتان من أول (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) إلى آخر (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) أنه كلام الله ، ووحيه المنزَّل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن جميع ما فيه حق ، وأن من نقص منه حرفاً قاصداً لذلك ، أو بدَّله بحرف آخر مكانه ، أو زاد فيه حرفاً مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع الإجماع عليه ، وأُجمع على أنه ليس من القرآن ، عامداً لكل هذا : أنه كافر" انتهى .
"الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (2/304 ، 305) . وأما اختلاف العلماء في عد البسملة آية من القرآن أم لا؟ فلا يدخل في هذا ، لأن أئمة القراءات لم يختلفوا في قراءتها في أوائل السور ، وقد اتفق الصحابة رضي الله عنهم على إثباتها في أوائل السور إلا سورة التوبة ، وذلك في المصحف الذي كتبه عثمان بن عفان رضي الله عنه وبعث به إلى الأمصار .قال
الشوكاني رحمه الله
في الكلام عن البسملة :
واعلم أن الأمة أجمعت أنه لا يكفر من أثبتها ، ولا من نفاها ؛ لاختلاف العلماء فيها ، بخلاف ما لو نفى حرفاً مُجمعاً عليه ، أو أثبت ما لم يقل به أحد : فإنه يكفر بالإجماع .
ولا خلاف أنها آية في أثناء سورة " النمل " ، ولا خلاف في إثباتها خطّاً في أوائل السور في المصحف ، إلا في أول سورة " التوبة " ."نيل الأوطار" (2/215) . وقد جعل بعض العلماء الاختلاف في عد البسملة آية من القرآن ، كاختلاف أئمة القراءات في بعض الكلمات والحروف ، فقد يثبت في بعض القراءات ما لا يثبت في غيرها .
قال الشيخ
محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :
"
اختلف العلماء في البسملة ، هل هي آية من أول كل سورة ، أو من الفاتحة فقط ، أو ليست آية مطلقاً ، أما قوله في سورة النمل : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِاِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) : فهي آية من القرآن إجماعاً .
وأما سورة " براءة " : فليست البسملة آية منها اجماعاً ، واختُلف فيما سوى هذا ، فذكر بعض أهل الأصول أن البسملة ليست من القرآن ، وقال قوم : هي منه في الفاتحة فقط ، وقيل : هي آية من أول كل سورة ، وهو مذهب الشافعي رحمه الله تعالى .
ومِن أحسن ما قيل في ذلك : الجمع بين الأقوال : بأن البسملة في بعض القراءات - كقراءة ابن كثير - آية من القرآن ، وفي بعض القرآءات : ليست آية ، ولا غرابة في هذا .
فقوله في سورة "الحديد" (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) لفظة (هُوَ) من القرآن في قراءة ابن كثير ، وأبي عمرو ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وليست من القرآن في قراءة نافع ، وابن عامر ؛ لأنهما قرءا ( فإن الله الغني الحميد ) ، وبعض المصاحف فيه لفظة (هُوَ) ، وبعضها ليست فيه .
وقوله : (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) ، (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) الآية ، فالواو من قوله ( وقالوا ) في هذه الآية من القرآن على قراءة السبعة غير ابن عامر ، وهي في قراءة ابن عامر ليست من القرآن لأنه قرأ (قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) بغير واو ، وهي محذوفة في مصحف أهل الشام ، وقس على هذا .
وبه تعرف أنه لا إشكال في كون البسملة آية في بعض الحروف دون بعض ، وبذلك تتفق أقوال العلماء " انتهى .
" مذكرة في أصول الفقه " ( ص 66 ، 67 ) .…………………........................
ما حكم قراءة البسملة في الصلاة الجهرية؟
وهل هي من القرآن الكريم وآية من الفاتحة، وإن كانت كذلك فما الحكمه في عدم قراءتها جهرا في الصلاة الجهرية لدى بعض المذاهب رغم وجودها آية أساسية في الفاتحة؟
و[b]ما معنى الحديث الشريف :"
كلُّ كلامٍ ، أو أمرٍ ذي بالٍ لا يُفتَحُ بذِكْرِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ فَهوَ أبترُ أو قالَ : أقطعُ"
الإجابــةالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا خلاف بين العلماء في كون البسملة بعضا من آية في سورة النمل ولا خلاف بينهم في كتابتها في أوائل السور جميعا عدا سورة التوبة، وفيما عدا ذلك خلاف، فعند بعضهم هي آية من كل سورة عدا سورة التوبة وهذا مذهب الشافعي، واستدل بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"
إذا قرأتم : الحَمْدُ للهِ فاقرأوا : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، إنها أمُّ القرآنِ ، وأمّ الكتابِ ، والسبعُ المثاني ، و بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إحداها (إِحْدَى آياتِها )"
الراوي : أبو هريرة | المحدث : موفق الدين ابن قدامة | المصدر : المغني.الصفحة أو الرقم: 2/151 | خلاصة حكم المحدث : موقوف عليه رفعه كان وهما من عبد الحميد.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن القطان | المصدر : الوهم والإيهام
الصفحة أو الرقم: 5/140 | خلاصة حكم المحدث : لا يصح.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : العيني | المصدر : نخب الافكار
الصفحة أو الرقم: 3/556 | خلاصة حكم المحدث : [فيه] عبد الحميد جعفر كان سفيان الثوري يضعفه ويحمل عليه.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الذهبي | المصدر : تنقيح التحقيق
الصفحة أو الرقم: 1/144 | خلاصة حكم المحدث : الصحيح وقفه إن صخ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة.الصفحة أو الرقم: 1183 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح مرفوعاً وموقوفا ولأن الصحابة
أثبتوها في المصاحف ولم يثبتوا بين الدفتين سوى القرآن، واختار هذا القول
النووي في
المجموع .
وذهب الجمهور من أهل العلم إلى أنها ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها ولا يجب قراءتها في الصلاة، واختاره ابن قدامه الحنبلي في المغني.
وذهب بعض العلماء إلى أنها آية من الفاتحة وليست بآية في بقية السور.
وذهب البعض إلى أنها ليست بقرآن وهذا أضعف الأقوال .. بل إن من أهل العلم من قال بكفر من يقول بذلك.
قال
ابن العربي :
من قال إنها ليست بآية في أوائل السور لم يكفر لأنه موضع خلاف، ومن قال إنها ليست من القرآن كفر لوجودها في آية النمل .
وبناء على ما سبق فإنه
ينبغي قراءة البسملة في كل صلاة جهرية كانت أو سرية ... وذلك مراعاة للقول بالوجوب الذي هو مذهب
الشافعي ومن وافقه كـ
ابن المبارك.
ومن ترك قراءتها عملا بمذهب الجمهور فصلاته صحيحة، والمسألة من مواطن الخلاف السائغ ..التي لا ينكر فيها على المخالف.
ثم إننا
ننبه السائل إلى أمر مهم وهو أنه
لا تلازم بين كونها آية من الفاتحة وبين مسألة الجهر بها أو الإسرار في الصلاة الجهرية.
والصحيح من قول أهل العلم أن
كليهما مشروع وبكل ورد الخبر الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، و
كلا الأمرين فعله صحابته الكرام .. لكن
الأكثر من حاله صلى الله عليه وسلم وصحابته هو الإسرار بها.
وأما الحديث المسؤول عنه فقد ضعفه غير واحد من أهل العلم وحسنه بعضهم:
لراوي : - | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف.الصفحة أو الرقم: 7 | خلاصة حكم المحدث : لم أره هكذا. الراوي : محمد بن مسلم بن شهاب الزهري | المحدث : السخاوي | المصدر : الأجوبة المرضية.الصفحة أو الرقم: 1/200 | خلاصة حكم المحدث : مرسل. الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : إرواء الغليل.الصفحة أو الرقم: 1/30 | خلاصة حكم المحدث : [فيه] خارجة قال الحافظ متروك وكان يدلس على الكذابين ويقال إن ابن معين كذبه. الراوي : أبو هريرة | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد.الصفحة أو الرقم: 16/290 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ومعناه أن كل أمر ذي أمر أهمية ينبغي أن يبدأ بالتسمية أو بالحمدلة كما في بعض روايات الحديث، فإن لم يفعل كان ذلك الأمر أبتر، يعني ناقص البركة.
وإن كان القصد من ذكرك للحديث هو الاستدلال به على مشروعية قراءة البسملة في الصلاة لكيلا تكون ناقصة فنقول إنه لا دليل فيه مطلقا.
………….............…..
ما هو حكم قراءة البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) الآية رقم واحد من سورة الفاتحة في الصلاة الجهرية؟
وما حكمة عدم الجهر بها لدى بعض الأئمة في المساجد بالرغم من أنها آية من فاتحة الكتاب وهي من القرآن الكريم بدليل وجودها في سورة النمل في الآية (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ....)؟
وهل تكون الصلاة الجهرية كاملة بدون قراءة بسم الله الرحمن الرحيم استنادا إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (لا صلاةَ إلَّا بقراءةِ أمِّ القرآنِ )؟ الراوي : - | المحدث : البخاري | المصدر : خير الكلام.الصفحة أو الرقم: 13 | خلاصة حكم المحدث : متواتر.
أرجو الرد استنادا إلى حديث شريف وآيات القرآن الكريم وليس استنادا إلى المذاهب الأربعة.الإجابــةالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع العلماء على أن البسملة بعض آية من سورة النمل، وأنها ليست آية في أول سورة براءة، وأجمعوا على صحة صلاة من جهر بها أو أسر، واختلفوا في كونها آية مستقلة في أول كل سورة، وفي كونها آية من أول الفاتحة دون غيرها من السور، وفي كونها كتبت للفصل بين السور لا أنها آية، والذي نراه صواباً في هذا هو قول من قال: إنها آية كاملة من أول سورة الفاتحة، وكل سور القرآن غير سورة براءة -التوبة- وهذا هو مذهب الشافعية رحمهم الله تعالى.
قال الإمام
النووي رحمه الله في
المجموع:
أما حكم المسألة فمذهبنا أن بسم الله الرحمن الرحيم آية كاملة من أول الفاتحة بلا خلاف، وليست في أول براءة بإجماع المسلمين، وأما باقي السور غير الفاتحة وبراءة، ففي البسلمة في أول كل سورة منها ثلاثة أقوال حكاها الخراسانيون أصحها وأشهرها وهو الصواب أو الأصوب أنها آية كاملة..
وقال أيضاً:
ولا خلاف عندنا أنها تجب قراءتها في أول الفاتحة، ولا تصح الصلاة إلا بها لأنها كباقي الفاتحة. وهذا هو الراجح.
وقال أيضاً: ق
د ذكرنا أن مذهبنا أن البسملة آية من أول الفاتحة بلا خلاف، فكذلك هي آية كاملة من أول كل سورة غير براءة على الصحيح في مذهبنا كما سبق، وبهذا قال خلائق لا يحصون من السلف.
قال
الحافظ ابو عمر بن عبد البر:
هذا قول ابن عباس وابن الزبير وطاوس وعطاء ومكحول وابن المنذر وطائفة.
واحتج أصحابنا بأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على إثباتها في المصحف في أوائل السور جميعاً سوى براءة بخط المصحف بخلاف الأعشار وتراجم السور، فإن العادة كتابتها بحمرة ونحوها، فلو لم تكن قرآناً لما استجازوا إثباتها بخط المصحف من غير تمييز، لأن ذلك يحمل على اعتقاد أنها قرآن فيكونون مغررين بالمسلمين، وحاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن، فهذا مما لا يجوز اعتقاده في الصحابة رضي الله عنهم. قال أصحابنا هذا أقوى أدلتنا في إثباتها. ا.هـ
وعلى ضوء هذا الترجيح، فإنه
يشرع الجهر عند قراءتها في الصلاة الجهرية عند قراءة سورة الفاتحة، وسائر السور ما عدا براءة، و يشرع الإسرار بها أيضاً في الصلوات الجهرية لثبوته في أحاديث صحيحة، وهو مذهب أكثر أهل العلم،
فلا ينكر على من فعل أحد الأمرين اجتهاداً أو تقليداً، وهذا من
السعة في الأحكام الشرعية.
إلا أن في سؤال الأخ السائل شيئاً يحتاج إلى تنبيه وتصحيح، وهو قوله:
أرجو الرد استناداً إلى حديث شريف وآيات القرآن الكريم، وليس استناداً إلى المذاهب الأربعة.
وهذا القول خطأ محض، وتجرؤ على المذاهب الأربعة وأصحابها وأتباعها الآخذين لها جيلاً عن جيل، وكأن هذه المذاهب لا تستند في أقوالها إلى الكتاب والسنة. وهذا غير صحيح فالأئمة الأربعة ومن جاء بعدهم من علماء مذاهبهم لا يقولون قولاً إلا ولهم دليل على قولهم ذلك مع غض النظر عن صحة الدليل وسلامة الاستدلال. وننبه الأخ السائل إلى أنه لا بد للمتأخر من سلف سبقوه في فهم الآية والحديث. والله أعلم.
………………............………
يوجد أمر محيرني بشدة من فترة والمشكلة أني ما سألت أحدا عنه هذا الأمر وهذه أول مرة أسأل عنه هنا ...
وهو لماذا تُحسب البسملة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) في بداية سورة الفاتحة كآية ؟ أي بعد بسم الله الرحمن الرحيم نجد رقم واحد رغم أنها بسملة وهذا الموضوع غير موجود إلا في سورة الفاتحة .الإجابــةالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اتفق أهل العلم على كتابة البسملة في المصحف بداية كل سورة ماعدا سورة براءة، وقد اختلفوا في عدها آية من بداية كل سورة، أو هي آية من الفاتحة دون غيرها من السور، أو هي آية نزلت للفصل بين السور وليست آية من الفاتحة ولا من غيرها، أو ليست من القرآن أصلا؛ إلا ما في آية النمل:
إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ{النمل:30}.
وإنما يؤتى بها للتبرك باسم الله تعالى وهو أضعف الأقوال.
هذا؛ وقد قال
ابن العربي المالكي:
من قال إنها ليست بآية في أوائل السور لم يكفر لأنه موضع خلاف، ومن قال إنها ليست من القرآن كفر لوجودها في آية النمل، وعلى هذا؛ فمن أخذ بالعد المدني لا يعد بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة ولا من غيرها، ومن أخذ بالعد الكوفي عدها آية من الفاتحة دون غيرها، ونجد الإشارة إلى هذا التفصيل في المصاحف المطبوعة برواية حفص عن عاصم فهي تعد البسملة آية من الفاتحة، وهذه المصاحف هي المنشرة في المشرق.
أما المصاحف المكتوبة برواية قالون وورش عن نافع فإنها لا تعد البسملة آية من الفاتحة، ومصاحف قراءة نافع أكثر انتشار في بلاد المغرب. مع اتفاقهم على كتابتها في بداية كل سورة ـ كما أشرنا ـ ما عدا براءة، واتفاقهم على أن الفاتحة سبع آيات، فمن عد البسملة آية لم يعد: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ.آية ، والذين لا يعدون البسملة آية يعدون: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، آية وبعدها: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ...
والحاصل أن الذي جعلهم يحسبون البسملة آية من بداية الفاتحة دون غيرها هو اتباعهم
للعد الكوفي الذي طبعت عليه المصاحف التي بين أيدينا، وهو يوافق العد المكي في عدها آية من الفاتحة. وعدد الآيات القرآنية توقيفي يعتمد فيه على الرواية والأخذ من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين أقرأهم القرآن. والله أعلم.
…………………….........…
صليت بالناس إماما وقد نسيت أن أقرأ البسملة في الفاتحة والسورة التي تليها سراً وقد سجدت للسهو فهل عليّ شيء؟.الإجابــةالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق القراء على وجوب قراءة البسملة في بداية الفاتحة، سواء كان القارئ مبتدئًا القراءة أو في أثنائها. كما اتفقوا على وجوب الإتيان بها في ابتداء ما سوى الفاتحة من السور إلا سورة التوبة، فإنها لا تبتدأ بها.
وقد
اختلف في
عدها آية من آيات الفاتحة وفي عدمه كُـتّابُ المصاحف مع اتفاقهم جميعًا على كتابتها، وعلى
أن الفاتحة سبع آيات، فهي آية من الفاتحة في المصحف ا
لمكي والمصحف الكوفي، وليست آية مستقلة في المصحف
لامدني والشامي والبصري.
قال
عبد الفتاح القاضي في
نظم عد الآي:
والكوفِ مع مكٍ يعد البسملة........ سواهما أولى عليهم عدله فإذا علمت كلام القراء فيها،
فاعلم أن الفقهاء اختلفوا في كونها آية في الفاتحةة
لا تتم الفاتحة إلا بها،
وعليه فلا تصح الصلاة دونها.
وفي كونها ليست آية منها:
فذكر
ابن قدامة في
المغني، و
النووي في
المجموع، و
ابن حزم في
المحلى:
أن الشافعي وابن المبارك وأحمد في رواية عنه جعلوها آية مستقلة، ولا تصح الصلاة دونها.
ورجح هذا المذهب النووي وابن حزم.
ومن أوضح حجج هذا المذهب حديث
الدارقطني والبيهقي :
"
إذا قرأتم الحمد لله، فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم، إنها أم الكتاب والسبع المثاني، بسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها". والحديث صحيح، كما قال الألباني في صحيح الجامع، وصحح ابن حجر كونه موقوفًا.
وذهب
أبو حنيفة ومالك وأحمد -في رواية ذكر
ابن قدامة في المغني أنها الرواية المنصورة عند أصحابه- إلى
أن البسملة ليست آية مستقلة في الفاتحة.
ومن أوضح ما احتجوا به ما أخرجه الإمام
مالك في الموطأ، والإمام مسلم في الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تبارك وتعالى :"
قَسَمْتُ الصلاَةَ بَـيْنِي وَبَـيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: اقْرَأُوا يَقُولُ الْعَبْدُ (الْحَمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ). يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: حَمَدَنِي عَبْدِي..."
محل الشاهد أنه بدأ الفاتحة بالحمد لله رب العالمين، ولم يذكر البسملة.
ويضاف إلى هذا ما استفاض من عدم جهر الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه بها في الصلاة، كما في حديث أنس رضي الله عنه قال:
صَلّيْتُ خَلْفَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ. فَكَانُوا يستَفتحونَ بِـ(الْحَمْدُ لله رَبّ الْعَالَمِينَ)، لاَ يَذْكُرُونَ (بِسْمِ الله الرّحْمَنِ الرّحِيمِ) فِي أَوّلِ قِرَاءَةٍ، وَلاَ فِي آخِرِهَا. رواه مسلم
وفي رواية
ابن خزيمة" :
يُسِرُّونَ".
وفي رواية
لأحمد وابن حبان -صححها الأرناؤوط-:"
لا يَجْهَرون بِـ(
بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ)."
ومن هنا يعلم السائل أن مسألة
البسملة في الفاتحة وما يترتب على تركها من المسائل الخلافية التي بحث فيها العلماء قديمًا ولم يصلوا فيها إلى ما يقطع النزاع ويرفع الخلاف. وعليه فمن قلد من لم ير أنها آية من الفاتحة فلا يسجد لتركها لا في الفاتحة ولا في السورة بالأولى، ومن قلد مخالفيه أعاد الصلاة إذا لم يتذكر أنه تركها، إلا بعد فوات التدارك، ولا يكفي السجود عنها. والله أعلم.
........
يتبع في الجزء الثاني...ان شاء الله