أهم وأبرز الأحداث التي وقعت عبر التأريخ في شهر رمضان المبارك
مع الدليل والمصدرأهم وأبرز الأحداث التي وقعت في شهر رمضان المبارك
خلال فترة حياة النبي - عليه الصلاة و السلام -
1*
رفع عيسى عليه السلام إلى السماء .
أخرج
الحاكم رحمه الله في
المستدرك ( 3 / 143 ) من حديث
حُريث بن مَخشي وذكر أن
الحسن بن علي رضي الله عنه خطب وذكر مناقب أبيه بعد مقتله ، فقال :
(
قُتل -عليّ - ليلة أنزل القرآن ، وليلة أسري بعيسى عليه السلام ، وليلة قبض موسى ).
ومعنى أسري أي رفع إلى السماء .
صححه الحاكم :4632. وسكت عنه الذهبي .2*
نزول الوحي و القرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم .. و
بدء الدعوة الإسلامية .
كان ذلك في
يوم الإثنين الحادي والعشرين من شهر رمضان ..
وجاء التصريح به في الآية الكريمة {
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن }
[ البقرة /185] .
صح عند
مسلم :1162 ، من حديث
أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم الاثنين ، فقال " فيه ولدت وفيه أنزل عليّ فـ
يوم الاثنين .
للمزيد ينظر سيرة ابن هشام ( 1/ 304 ) حيث قال ابن إسحاق إنه في رمضان واستشهد بآيات قرآنية غير هذه ، ومسند أحمد ( 5/ 297 ، 299 ) والسنن الكبرى للبيهقي ( 4 / 293 ) واختلف العلماء في تحديد تاريخ ذلك اليوم ، ورجح المباركفوري في الرحيق المختوم ،
(حاشية ص 75-76) أنه اليوم الحادي والعشرون وهو مالم يقل به غيره ..
فقد
بدأ نزول الوحي على النبيّ صلى الله عليه وسلم في
يوم الإثنين كما صح من حديث
أبي قتادة رضي الله عنه ، المتقدم ذكره.
ومن حديث
عمر بن الخطاب :" ...
وسُئلَ عن صومِ الاثنَينِ ؟ قال " ذاك يومٌ وُلدتُ فيه . ويومُ بُعثتُ ( أو
أُنزلَ عليَّ فيه )..."
الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: المطالب العالية - الصفحة أو الرقم:1/431 .
خلاصة حكم المحدث: المحفوظ عن عبد الله بن [معبد]، عن أبي قتادة بطوله، أخرجه من ذلك الوجه مسلم وذكره ابن جرير الطبري في مسند عمر ، وهو لكمال الفائدة:
كنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فمررنا برجلٍ فقالوا يا رسولَ اللهِ " هذا لم يُفطر منذُ كذا وكذا " ، فقال :" لا صام ولا أفطرَ " أو " ما صام وما أفطرَ" ، فلما رأى عمرُ غضبَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ جعل يُسكنُه فقال عمر :" صومُ يومينِ وإفطارُ يومٍ ، فقال " أيطيقُ ذلك أحدٌ " ، قال يا رسولَ اللهِ " صومُ يومٍ وإفطارُ يومين " ، قال " وددتُ أن طقتُ ذلك " ، قال يا نبيَّ اللهِ " فصومُ يومٍ وإفطارُ يومٍ " ، فقال " ذلك صومُ أخي داودَ " ،
قال " يا نبيَّ اللهِ فصومُ يومِ الإثنينِ" قال ذلك يومٌ ولدتُ فيهِ ويومٌ أُنزلت عليَّ فيهِ النبوةُ ) ،
قال "يا نبيَّ اللهِ فصومُ يومِ عرفةَ وعاشوراءَ كذا علمتُ " ، قال :" أحدهما يعدلُ السَّنَةَ والآخرُ يكفِّرُه الباقي " ، أو قال "أحدهما يُكفِّر ما قبلَه وما بعدَه"."الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : ابن جرير الطبري | المصدر : مسند عمر: 1/289 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح قال
ابن القيم رحمه الله :
"
ولا خلاف أن مبعثه صلى الله عليه وسلم كان
يوم الإثنين، كما أن المشهور أن ذلك قد حصل في
رمضان،
قال تعالى:
]شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ...].
أما قصة
نزول الوحي فهي ثابتة كما روته
عائشة رضي الله عنها قالت:
"
كان أول مابدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة في النوم فكان لايرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه "وهو التعبد" الليالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ ، فقال: ما أنا بقارئ ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال: اقرأ ، فقلت: ما أنا بقارئ ، فغطني الثالثة ، ثم أرسلني فقال: ]اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ] .
ولقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أميا لا يعرف القراءة ولا الكتابة وفي ذلك إبعاد لشبهة الشك في مصدر القراءة ، وفي ذلك يقول تعالى:
]وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ].
العنكبوت:48
3*
هلاك أبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك
سنة عشر للبعثة ، بعد الخروج من الشعب بزمن يسير ..
انظر : أنساب الأشراف، للبلاذري (1/406 ) .4* و
فاة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وذلك أيضاً في
السنة العاشرة من البعثة و
قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين وهو المشهور .
انظر : حاشية الدكتور قلعجي على دلائل النبوة للبيهقي (2/353) حيث ذكر معظم الأقوال في هذا الأمر. 5* من الأحداث التي وقعت في
شهر رمضان المبارك ، في
السنة الأولى للهجرة ، فهي:
إرسال سرية حمزة بن عبد المطلب و هي
سرية سيف البحر .
خرج المسلمون من ديارهم وأموالهم وأراضيهم في مكة، وهاجروا إلى المدينة المنورة، وتبعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه أبي بكر الصديق، وبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بناء مجتمع جديد يقوم على الأخوة في الدين، فآخى بين المهاجرين والأنصار، ووضع أول وثيقة للتحالف الإسلامي بين المؤمنين، أزاح بها كل ما كان موجودًا قديمًا من نعرات الجاهلية وعصبيات العرب القديمة. لكن قريشا بعثت إلى عبدالله بن أبي بن سلول، بصفته كان من ؤروس المدينة وسادتها قبل الإسلام تقول له: "إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه، أو لنسيرن إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم".
فكان لابد من رد على تلك الاستفزازات المتوصلة لقريش، والتهديدات التي كانت تزعزع أركان المسلمين بالمدينة؛ وذلك لإشعار مشركي قريش بانتهاء مرحلة الاستضعاف وبداية عهد جديد من عزة الإسلام، وهنا نزل الإذن الإلهي بالقتال، قال تعالى: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾ . سورة الحج: 39
[size=18]وكان هذا الإذن الرباني لإزاحة الباطل وإقامة شعائر الله، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [size=16]سورة الحج: 41
فبدأ المسلمون بتنفيذ مجموعة من الاستطلاعات والدوريات لتأمين طرق المدينة، ومناوأة قريش في رحلاتها التجارية، وأيضًا لعقد المعاهدات مع القبائل المتناثرة في شبه الجزيرة العربية، والقريبة من المدينة، ولإشعار قريش بقوة المسلمين.وكانت أولى هذه السرايا الاستطلاعية سرية "سيف البحر" في شهر رمضان من السنة الأولى من الهجرة، بعد 7 أشهر من الهجرة ، الموافق مارس سنة 623م. وقد أمّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هذه الغزوة سيدنا حمزة بن عبدالمطلب - رضي الله عنه - في ثلاثين رجلًا من المهاجرين، يعترضون تجارة لقريش جاءت من الشام، كان عليها أبوجهل بن هشام في ثلاثمائة رجل من المشركين!
وقد بلغ حمزة وأصحابه سيف البحر من ناحية العيص - بين ينبع والمروة ناحية البحر الأحمر - فالتفوا واصطفوا للقتال، لكن لم يحدث قتال فعلي، فقد حال بين الفريقين مجدي بن عمرو الجهني، وكان حليفًا للفريقين جميعًا، فحجز بينهم ولم يقتتلوا. وكان لواء حمزة أول لواء عقده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبيض اللون، وكان حامله مرثد كناز بن حصين الغنويانظر : طبقات ابن سعد ( 2/6) و سيرة ابن هشام ( 2/281 ) .6*
غزوة بدر الكبرى في
شهر رمضان من
السنة الثانية للهجرة ، في يوم (
17 ) الموافق 13 مارس
624م ، كانت
غزوة بدر الكبرى أو غزوة بدر أو بدر القتال أو يوم الفرقان.
غزوة بدر - يوم الفرقان :
هي أول معركة في الإسلام قامت بين الحق والباطل؛ لذلك سميت يوم الفرقان ، وكانت البداية خروج المسلمون للقاء قافلة أبو سفيان ولم يريدوا القتال ، دارت بين المسلمين بقيادة "النبي محمد " صلى الله عليه وسلم وقبيلة قريش ومن حالفها من العرب بقيادة عمرو بن هشام المخزومي القرشي...(أبو جهل) وتُعد غزوةُ بدر أولَ معركةٍ من معارك الإسلام الفاصلة، وقد سميت بهذا الاسم نسبةً إلى منطقة بدر التي وقعت المعركة فيها، وبدر بئرٌ مشهورةٌ تقع بين مكَّة والمدينة المنورة. بدأت المعركة بمحاولة المسلمين اعتراضَ عيرٍ لقريشٍ متوجهةٍ من الشام إلى مكة يقودها أبو سفيان بن حرب، ولكن أبا سفيان تمكن من الفرار بالقافلة، وأرسل رسولاً إلى قريش يطلب عونهم ونجدتهم، فاستجابت قريشٌ وخرجت لقتال المسلمين.
كان عددُ المسلمين في بدر ثلاثمئة وبضعة عشر رجلاً، معهم فَرَسان وسبعون جملاً، وكان تعدادُ جيش قريش ألفَ رجلٍ معهم مئتا فرس، أي كانوا يشكِّلون ثلاثة أضعاف جيش المسلمين من حيث العدد تقريباً. وانتهت غزوة بدر بانتصار المسلمين على قريش وقتل قائدهم عمرو بن هشام، وكان عدد من قُتل من قريش في غزوة بدر سبعين رجلاً وأُسر منهم سبعون آخرون، أما المسلمون فلم يستشهد منهم سوى أربعة عشر رجلاً، ستة منهم من المهاجرين وثمانية من الأنصار. تمخَّضت عن غزوة بدر عدة نتائج نافعةٍ بالنسبة للمسلمين، منها أنهم أصبحوا مهابين في المدينة وما جاورها، وأصبح لدولتهم مصدرٌ جديدٌ للدخل وهو غنائم المعارك، وبذلك تحسّن حالُ المسلمين الماديّ والاقتصاديّ والمعنويّ.للمزيد عن غزوة-بدر-الكبرى-يوم-الفرقان :انظر الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركفوري، الناشر: دار الهلال - بيروت، الطبعة الأولى .7*
مصرع أبي جهل (
عمرو بن هشام ) و
أمية بن خلف و
العاص بن هشام بن المغيرة – خال أمير المؤمنين
عمر بن الخطاب رضي الله عنه - في هذا الشهر في غزوة بدر وغيّبوا في
القليب .. فلم تنفعهم اللات والعزى ، وقيل بعداً للقوم الظالمين .
ثبت في (الصحيحين) من طريق يوسف بن يعقوب بن الماجشون، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف.
قال: إني لواقف يوم بدر في الصف فنظرت عن يميني وشمالي، فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، فتمنيت أن أكون بين أظلع منهما فغمزني أحدهما فقال: يا عم أتعرف أبا جهل؟ فقلت: نعم وما حاجتك إليه؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا. فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال لي أيضا مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل وهو يجول في الناس فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكم الذي تسألان عنه.فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه ثم انصرفا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبراه، فقال: «أيكما قتله؟». قال كل منهما: أنا قتلته. قال: «هل مسحتما سيفيكما؟». قالا: لا.
قال: فنظر النبي صلى الله عليه وسلم في السيفين، فقال: «كلاهما قتله».
وقضى بسلبه لـمعاذ بن عمرو بن الجموح والآخر معاذ بن عفراء.البداية والنهاية/الجزء الثالث/مقتل أبي جهل لعنه الله.
رواه: عبدالرحمن بن عوف . صحيح مسلم:1752 8*
وفاة رقية بنت رسول الله - عليه الصلاة والسلام- من
السنة الثانية ،
زوج عثمان بن عفان رضي الله عنه . و
رقية بنت رسول الله ، أمها
خديجة بنت خويلد ، فهي بنت سيد البشر
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمية. وكان رسول الله قد زوج ابنته رقية من
عتبة بن أبي لهب، وكانت دون العاشرة، وزوج أختها
أم كلثوم عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت
سورة تبت قال لهما أبوهما
أبو لهب وأمهما
أم جميل بنت حرب بن أمية حمالة الحطب: فارقا ابنتي محمد. ففارقاهما قبل أن يدخل بهما كرامة من الله تعالى، وهوانًا لابني أبي لهب.
توفيت السيدة
رقية -رضي الله عنها- عند
عثمان بن عفان مرجع رسول الله من بدر، ودفنت بالمدينة، وذلك أن عثمان استأذن رسول الله في التخلف عند خروجه إلى بدر لمرض ابنته رقية، وتوفيت رقية يوم قدوم
زيد بن حارثة العقيلي من قبل يوم بدر ولها من العمر
اثنتان وعشرون سنة، ودفنت في
البقيع.
انظر : طبقات ابن سعد ( 8/36 ) والاستيعاب (4/292) والسير للذهبي ( 2/177 ) .9*
سرية قتل عصماء بنت مروان، في السنة (
الثانية ) وبالتحديد في يوم (
25 ) و بعد عودته صلى الله عليه وسلم من بدر مباشرة ،
كانت سرية قتل عصماء بنت مروان التي كانت ممن يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم وتعيب الإسلام وتحرض على النبي صلى الله عليه وسلم وقالت في ذلك شعراً .
حَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ عَصْمَاءَ بِنْتَ مَرْوَانَ مِنْ بَنِي أُمَيّةَ بْنِ زَيْدٍ كَانَتْ تَحْتَ يَزِيدَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حِصْنٍ الْخَطْمِيّ وَكَانَتْ تُؤْذِي النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَعِيبُ الْإِسْلَامَ وَتُحَرّضُ عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ شِعْرًا:
فَبِاسْتِ بَنِي مَالِكٍ والنّبِيتِ ... وَعَوْفٍ وَبِاسْتِ بَنِي الْخَزْرَجِ
أَطَعْتُمْ أَتَاوِيّ مِنْ غَيْرِكُمْ ... فَلَا مِنْ مُرَادٍ وَلَا مُذْحِجِ
تَرَجّوْنَهُ بَعْدَ قَتْلِ الرّءُوسِ ... كَمَا يُرْتَجَى مَرَقُ الْمُنْضَجِ
قَالَ عُمَيْرُ بْنُ عَدِيّ بْنِ خَرَشَةَ بْنِ أُمَيّةَ الْخَطْمِيّ حِينَ بَلَغَهُ قولها وتحريضها :
اللهم إن لك علي نذرا لئن رددت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لأقتلنها - ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ببدر - فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر جاءها عمير بن عدي في جوف الليل حتى دخل عليها في بيتها ، وحولها نفر من ولدها نيام منهم من ترضعه في صدرها ، فجسها بيده فوجد الصبي ترضعه فنحاه عنها ، ثم وضع سيفه على صدرها حتى أنفذه من ظهرها ، ثم خرج حتى صلى الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة . فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى عمير فقال أقتلت بنت مروان ؟ قال نعم بأبي أنت يا رسول الله. تنبيه هام جدا :
ما جاء في خبر مقتل عصماء بنت مروان الذي يروج له هؤلاء الأفاكون فهو خبر موضوع ، رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (856) والخطيب في "التاريخ" (13/99) وابن عساكر في "تاريخه" (51/224) وابن عمر الحربي في "فوائده" (50) كلهم من طريق محمد بن الحجاج اللَّخمي أبو إبراهيم الواسطي عن مجالد بن سعيد عن الشعبي عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قال :
( هجت امرأة من بني خطمة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهجاء لها ، قال : فبلغ ذلك النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فاشتد عليه ذلك ، وقال :
( من لي بها ) ، فقال رجل من قومها : أنا يا رسول الله ! وكانت تمّارة ؛ تبيع التمر ، قال : فأتاها ، فقال لها : عندك تمر ؛ فقالت : نعم ، فأرته تمراً ، فقال أردتُ أجود من هذا ، قال : فدخلت لتريه ، قال : فدخل خلفها ونظر يميناً وشمالاً ، فلم ير إلا خِواناً ، فعلا به رأسها حتى دمغها به ، قال : ثم أتى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : يا رسول الله ! قد كفيتُكَها . قال : فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إنه لا ينتطح فيها عنزان ). وهذه المرأة هي عصماء بنت مروان .
وهذا إسناد باطل ، وخبر موضوع ؛ راويه محمد بن الحجاج قال البخاري : منكر الحديث.
وقال ابن معين : كذاب خبيث .
وقال الدارقطني : كذاب ، وقال – مرة : ليس بثقة ، "ميزان الاعتدال" (3 /509) .
وقال ابن عدى : " محمد بن الحجاج وضع حديث المرأة التي كانت تهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قتلت قال : لا تنتطح فيها عنزان " .انتهى من "الموضوعات" لابن الجوزي (3 /18)أخرجه القضاعي في"مسند الشهاب" (2/46/856) ، وكذا ابن عدي (6/2156) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل" (1/175) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (14/768 - المدينة) من طريق محمد بن إبراهيم بن العلاء الشامي : حدثنا محمد بن الحجاج اللَّخمي أبو إبراهيم الواسطي عن مجالد بن سعيد عن الشعبي عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قال : هجت امرأة من بني خطمة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهجاء لها ، قال : فبلغ ذلك النبيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فاشتد عليه ذلك ، وقال : « من لي بها ؛ » ، فقال رجل من قومها : أنا يا رسول الله ! وكانت تمّارة ؛ تبيع التمر ، قال : فأتاها ، فقال لها : عندك تمر ؛ فقالت : نعم . فأرته تمراً ، فقال أردتُ أجود من هذا . قال : فدخلت لتريه . قال : فدخل خلفها ونظر يميناً وشمالاً ، فلم ير إلا خِواناً ، فعلا به رأسها حتى دمغها به ، قال : ثم أتى النبيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فقال : يا رسول الله ! قد كفيتُكَها . قال : فقال النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : «إنه لا ينتطح فيها عنزان » ، فأرسلها مثلاً
وقال ابن عدي - وتبعه ابن الجوزي - : "هذا مما يتهم بوضعه محمد بن الحجاج " .
قلت : وهو كذاب خبيث ؛ كما قال ابن معين ، وهو واضع حديث الهريسة ، وقد تقدم (690) ، وقبله حديث آخر له موضوع .
والراوي عنه محمد بن إبراهيم الشامي ؛ كذاب أيضاً .
أخرجه الخطيب في "التاريخ" (13/99) من طريق مسلم بن عيسى - جار أبي مسلم المُسْتَمْلي - : حدثنا محمد بن الحجاج اللخمي ... به .
ذكره في ترجمة ابن عيسى هذا ، ولم يزد فيها على أن ساق له هذا الحديث ، فهو مجهول العين .
ذكره علقه ابن سعد في "الطبقات" (2/27 - 28) بأتمِّ مما هنا ، والظاهر أنه مما تلقاه عن شيخه الواقدي ، وقد وصله القضاعي (2/48/858) من طريقه بسند آخر نحوه . لكن الواقدي متهم بالكذب ؛ فلا يعتدُّ به .
وأورد منه الشيخ العجلوني في "كشف الخفاء" (2/375/3137) حديث الترجمة فقط من رواية ابن عدي ، وسكت عنه ؛ فأساء !
سيرة ابن هشام ( 4/377 – 379 ) وابن سعد في الطبقات ( 2/27 ) .و كتاب المغازي للواقدي10*
مولد الحسن بن علي ،
ابن فاطمة ابنة النبي ، في شهر
رمضان من
السنة الثالثة للهجرة وبالتحديد ليلة النصف منه
ولَدت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم ابنها
الحسن رضي الله عنهما .
تاريخ خليفة ( ص 66 ) وتاريخ بغداد ( 1/140 ) . 11*
زواج النبي عليه الصلاة و السلام من
زينب بنت خزيمة في
شهر رمضان من
السنة الثالثة للهجرة تزوج النبي صلى الله علية وسلم بـ
زينب بنت خزيمة بنت الحارث ،
أم المساكين .
هي زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو الهلالية العامرية . أمها هي هند بنت عوف بن الحارث بن حماطة الحميرية ، وأخواتها لأبيها وأمها : أم الفضل – أم بني العباس بن عبد المطلب - ، ولبابة - أم خالد بن الوليد - ، وأختها لأمها : ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين .
وقد اختلفوا فيمن كان زوجها قبل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقيل إنها كانت عند الطفيل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف رضي الله عنه ثم طلقها ، وقيل : إنها كانت عند ابن عمّها جهم بن عمرو بن الحارث الهلالي ثم عند عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه والذي استشهد في بدر ، وأقرب الأقوال في زواجها أنها كانت تحت عبد الله بن جحش رضي الله عنه ، ثم تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة زوجها يوم أحد .
والذي يهمّنا أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوّجها مواساة لها فيما أصابها من فقدها لأزواجها ، ومكافأة لها على صلاحها وتقواها ، وكان زواجه صلى الله عليه وسلم بها في رمضان من السنة الثالثة للهجرة بعد زواجه بحفصة رضي الله عنها ، وقبل زواجه بـميمونة بنت الحارث .
وذُكر أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبها إلى نفسها فجعلت أمرها إليه ، فتزوجها وأصدقها أربعمائة درهم ، وأَوْلَمَ عليها جزوراً ، وقيل إن عمّها قبيصة بن عمرو الهلالي هو الذي تولّى زواجها .
امتلأت شغفاً وحبّاً بما عند الله من نعيم الآخرة ، صرفت اهتماماتها عن الدنيا لتعمر آخرتها بأعمال البر والصدقة ، حيث لم تألُ جهداً في رعاية الأيتام والأرامل وتعهّدهم ، وتفقّد شؤونهم والإحسان إليهم ، وغيرها من ألوان التراحم والتكافل ، فاستطاعت بذلك أن تزرع محبتها في قلوب الضعفاء والمحتاجين ، وخير شاهد على ذلك ، وصفها بـ" أم المساكين " ، حتى أصبح هذا الوصف ملازما لها إلى يوم الدين .
ولم تلبث زينب رضي الله عنها طويلاً في بيت النبوة ، فقد توفيت في ربيع الآخر سنة أربع للهجرة عن عمر جاوز الثلاثين عاماً ، بعد أن قضت ثمانية أشهر مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد صلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنها بالبقيع ، وبذلك تكون ثاني زوجاته به لحوقاً بعد خديجة بنت خويلد ، فرضي الله عنها وعن جميع أمهات المؤمنين .انظر : الطبقات الكبرى لـابن سعد ( 8/115 ) .12* وفي شهر رمضان من
السنة الخامسة من الهجرة نزلت براءة الطاهرة المطهرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها من حديث الإفك الذي اتهمت فيه بعد منصرفهم من
غزوة بني المصطلق وهي
غزوة المريسيع ، حيث كانت هذه الغزوة في
شعبان ، وفي
قصة الإفك من حديث عائشة رضي الله عنها :
قالت أم المؤمنين عائشة بنت الإمام الصديق الأكبر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق، وقد روى الحديث البخاري وغيره، ونحن ننقله بطوله لما فيه من العبر والعظات:
قالت أمنا عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه، قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أنزل الحجاب، فكنت أحمل في هودجي وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل، ودنونا من المدينة قافلين، آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي، فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه، قالت: وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي، فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه، وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن، ولم يغشهن اللحم، إنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل فساروا، ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها منهم داع ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما تكلمنا بكلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطئ على يدها، فقمت إليها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نزول، قالت: فهلك من هلك، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول. قال عروة: أخبرت أنه كان يشاع ويتحدث به عنده، فيقره ويستمعه ويستوشيه. وقال عروة أيضا: لم
يسم من أهل الإفك أيضا إلا حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، في ناس آخرين لا علم لي بهم، غير أنهم عصبة، كما قال الله تعالى، وإن كبر ذلك يقال له:
عبد الله بن أبي ابن سلول.
قال عروة ، كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان، وتقول: إنه الذي قال:
فإن أبي ووالده وعرضي * لعرض محمد منكم وقاء
قالت عائشة: فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهرا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك، لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم، ثم يقول: (كيف تيكم؟). ثم ينصرف، فذلك يريبني ولا أشعر بالشر، حتى خرجت حين نقهت، فخرجت مع أم مسطح قبل المناصع، وكان متبرزنا، وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا، قالت: وأمرنا أمر العرب الأول في البرية قبل الغائط، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، قالت: فانطلقت أنا وأم مسطح، وهي ابنة أبي رهم ابن المطلب بن عبد مناف، وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب، فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت: تعس مسطح، فقلت لها: بئس ما قلت، أتسبين رجلا شهد بدرا؟ فقالت: أي هنتاه أو لم تسمعي ما قال؟ قالت: وقلت: وما قال؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك، قالت: فازددت مرضا على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم، ثم قال: (كيف تيكم؟). فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأريد أن أستيقن الخبر من قبلهما، قالت: فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: يا أمتاه، ماذا يتحدث الناس؟ قالت: يا بنية، هوني عليك، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها، لها ضرائر، إلا أكثرن عليها. قالت: فقلت: سبحان الله، أو لقد تحدث الناس بهذا؟ قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي، قالت: ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ابن أبي طالب وأسامة بن زيد، حين استلبث الوحي، يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله، قالت: فأما أسامة أشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه، فقال أسامة: أهلك، ولا نعلم ألا خيرا. وأما علي فقال: يا رسول الله، لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدقك. قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة، فقال: (أي بريرة، هل رأيت شيء يريبك؟). قالت له بريرة: " والذي بعثك بالحق، ما رأيت عليها أمرا قط أغمصه أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله"، قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه فاستعذر من عبد الله ابن أبي، وهو على المنبر، فقال: (يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما يدخل على أهلي إلا معي). قالت: فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل فقال: أنا يا رسول الله أعذرك، فإن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج، أمرتنا ففعلنا أمرك. قالت: فقام رجل من الخزرج، وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه، وهو سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج، قالت: وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد: كذبت لعمر الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله، ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل. فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عم سعد، فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. قالت : فثار الحيان الأوس والخزرج، حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر، قالت: فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم، حتى سكتوا وسكت، فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، قالت: وأصبح أبوي عندي، قد بكيت ليلتين ويوما، ولا يرقأ لي دمع لا أكتحل بنوم، حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي، فبينما أبواي جالسان عندي وأنا أبكي، فاستأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها، فجلست تبكي معي، قالت: فبينما نحن على ذلك دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فسلم ثم جلس، قالت: لم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء، قالت: فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس، ثم قال: (أما بعد، ياعائشة، إنه بلغني عنكك كذا وكذا، فإن كنت بريئة، فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف ثم تاب، تاب الله عليه). قالت عائشة: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم عني فيما قال، فقال أبي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت أمي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيرا: إني والله لقد علمت: لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة، لا تصدقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر، والله يعلم أني منه بريئة، لتصدقني، فوالله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف حين قال: {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون}. ثم تحولت واضطجعت على فراشي، والله يعلم أني حينئذ بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها، فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه، ولا خرج أحد من أهل البيت، حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء، حتى إنه ليتحدر منه العرق مثل الجمان، وهو في يوم شات، من ثقل القرآن الذي أنزل عليه، قالت: فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فكانت أو كلمة تكلم بها أن قال: (يا عائشة، أما والله فقد برأك). فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه، فإني لا أحمد إلا الله عز وجل، قالت: وأنزل الله تعالى: {إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم}. العشر الآيات، ثم أنزل الله هذا في براءتي، قال أبو بكر الصديق، وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا، بعد الذي قال لعائشة ما قال. فأنزل الله: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم - إلى قوله - غفور رحيم}. قال أبو بكر الصديق: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا، قالت عائشة: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال لزينب ماذا علمت، أو رأيت؟). فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيرا، قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع. قالت: وطفقت أختها تحارب لها، فهلكت فيمن هلك.
قال ابن شهاب: فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرهط.
ثم قال عروة: قالت عائشة: والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول: سبحان الله، فوالذي نفسي بيده ما كشفت من كنف أنثى قط، قالت: ثم قتل بعد ذلك في سبيل الله. "
فحديث الإفك امتد إلى رمضان يقيناً .
انظر : البداية والنهاية ( 3/91 – 92 ) .والسيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية ( ص 436 – 440 ) .
13* سرية عبد الله بن عتيك لقتل سلام بن أبي الحقيق . حيث ذكر بعض المؤرخين أنها كانت في رمضان من السنة السادسة .
و سرية عبد الله بن عتيك كانت لقتل أبي رافع سلام بن أبي الحقيق
حيث استأذن نفر من الخزرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قتل سلام بن أبي حقيق ذباً عن الله وعن رسوله صلّى الله عليه وسلّم وتشبهاً بالأوس فيما فعلوه من قتل ابن الأشرف فأذن لهم وكذلك كانوا رضي الله عنهم يتنافسون فيما يزلف إلى الله وإلى رسوله.
وكان سلام بن أبي الحقيق بـ خيبر فخرج إليه من الخزرج من بني سلمة خمسة نفر :
عبد الله بن عتيك ومسعود بن سنان وعبد الله بن أنيس وأبو قتادة بن ربعي وخزاعي بن أسود حليف لهم من أسلم ، وأمّر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليهم عبدالله بن عتيك ونهاهم أن يقتلوا وليداً أو امرأة ، فخرجوا حتى إذا قدموا خيبر أتوا دار ابن أبي الحقيق ليلاً فلم يدخلوا بيتاً في الدار إلا أغلقوه وعلى أهله ، وكان في علية له إليها عجلة ، فأسندوا فيها حتى قاموا على بابه فاستأذنوا فخرجت إليهم امرأته فقالت: من أنتم ؟ فقالوا ناس من العرب نلتمس الميرة ، قالت: ذا كم صاحبكم فادخلوا عليه ، فلما دخلنا أغلقنا علينا وعليه الحجرة تخوفاً أن يكون دونه محولة تحول بيننا وبينه ، وصاحت المرأة فنوهت بنا ، وابتدرناه وهو على فراشه بأسيافنا والله ما يدلنا عليه في سواد الليل إلا بياضه كأنه قبطية ملقاة ، ولما صاحت بنا امرأته جعل الرجل منا يرفع عليها سيفه ثم يذكر نهي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيكف يده ولولا ذلك لفرغنا منها بليل. فلما ضربناه بأسيافنا تحامل عليه عبد الله بن أنيس بسيفه في بطنه حتى أنفذه وهو يقول قطني قطني ، أي حسبي حسبي ، قال وخرجنا وكان عبد الله ابن عتيك رجلاً سيء البصر فوقع من الدرجة فوثئت يده وثئاً شديداً ، ويقال رجله فيما قال ابن هشام وغيره ، قال وحملناه حتى نأتي منهراً من عيونهم فندخل فيه قال فأوقدوا النيران واشتدوا في كل وجه يطلبون حتى إذا يئسوا رجعوا إلى صاحبهم فاكتنفوه يقضي بينهم. قال فقلنا كيف لنا بأن نعلم بأن عدو الله قد مات ، قال فقال رجل منا أنا أذهب فأنظر لكم فانطلق حتى دخل في الناس قال فوجدتها ورجال يهود حولها وفي يدها المصباح تنظر في وجهه وتحدثهم وتقول أما والله لقد سمعت صوت ابن عتيك ثم أكذبت قلت إني ابن عتيك بهذه البلاد ثم أقبلت تنظر في وجهه ثم قال فاض والله يهود فما سمعت كلمة ألذ إلى نفسي منها قال ثم جاءنا فأخبرنا الخبر فاحتملنا صاحبنا فقدمنا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبرناه بقتل عدو الله واختلفنا عنده في قتله كلنا يدعيه قال فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هاتوا أسيافكم فجئناه بها فنظر إليها فقال لسيف عبد الله بن أنيس هذا قتله أرى فيه أثر الطعام.
قال ابن سعد هي في شهر رمضان سنة ست قال وقالوا كان أبو رافع قد أجلب في غطفان ومن حوله من مشركي العرب وجعل لهم الجعل العظيم لحرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وذكر ابن عقبة فيمن قتل أبا رافع أسعد بن حرام ولم يذكره غيره. والعجلة :درجة من نخل قاله القتبي.
للمزيد: السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة ( ص 174 – 175 ) .