السراج كاتبة متميزة واميرة الاشراف
عدد المساهمات : 410 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 53 الموقع : aahmroo@yahoo.com
| موضوع: الفاتحة ج 2: تفسير القرطبي الخميس أغسطس 01, 2013 2:18 am | |
| الثَّانِيَة : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي تَفْضِيل بَعْض السُّوَر وَالْآي عَلَى بَعْض , وَتَفْضِيل بَعْض أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى الْحُسْنَى عَلَى بَعْض , فَقَالَ قَوْم : لَا فَضْلَ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ , لِأَنَّ الْكُلَّ كَلَام اللَّه , وَكَذَلِكَ أَسْمَاؤُهُ لَا مُفَاضَلَة بَيْنَهَا . ذَهَبَ إِلَى هَذَا الشَّيْخ أَبُو الْحَسَن الْأَشْعَرِيّ , وَالْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الطَّيِّب , وَأَبُو حَاتِم مُحَمَّد بْن حِبَّان الْبُسْتِيّ , وَجَمَاعَة مِنْ الْفُقَهَاء . وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ مَالِك. قَالَ يَحْيَى بْن يَحْيَى : تَفْضِيل بَعْض الْقُرْآن عَلَى بَعْض خَطَأ , وَكَذَلِكَ كَرِهَ مَالِك أَنْ تُعَادَ سُورَة أَوْ تُرَدَّد دُون غَيْرهَا . وَقَالَ عَنْ مَالِك فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : " نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلهَا " [ الْبَقَرَة : 106 ] قَالَ : مُحْكَمَة مَكَان مَنْسُوخَة . وَرَوَى اِبْن كِنَانَة مِثْل ذَلِكَ كُلّه عَنْ مَالِك . وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِأَنْ قَالُوا : إِنَّ الْأَفْضَلَ يُشْعِر بِنَقْصِ الْمَفْضُول , وَالذَّاتِيَّة فِي الْكُلّ وَاحِدَة , وَهِيَ كَلَام اللَّه , وَكَلَام اللَّه تَعَالَى لَا نَقْص فِيهِ . قَالَ الْبُسْتِيّ : وَمَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَة ( مَا فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الْإِنْجِيل مِثْل أُمّ الْقُرْآن ) : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعْطِي لِقَارِئِ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل مِنْ الثَّوَاب مِثْل مَا يُعْطِي لِقَارِئِ أُمّ الْقُرْآن , إِذْ اللَّه بِفَضْلِهِ فَضَّلَ هَذِهِ الْأُمَّة عَلَى غَيْرهَا مِنْ الْأُمَم , وَأَعْطَاهَا مِنْ الْفَضْل عَلَى قِرَاءَة كَلَامه أَكْثَر مِمَّا أَعْطَى غَيْرهَا مِنْ الْفَضْل عَلَى قِرَاءَة كَلَامه , وَهُوَ فَضْل مِنْهُ لِهَذِهِ الْأُمَّة. قَالَ وَمَعْنَى قَوْله : ( أَعْظَم سُورَة ) أَرَادَ بِهِ فِي الْأَجْر , لَا أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآن أَفْضَل مِنْ بَعْض . وَقَالَ قَوْم بِالتَّفْضِيلِ , وَأَنَّ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْله تَعَالَى " إِلَهكُمْ إِلَه وَاحِد لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم " [ الْبَقَرَة : 163 ] وَآيَة الْكُرْسِيّ , وَآخِر سُورَة الْحَشْر , وَسُورَة الْإِخْلَاص مِنْ الدَّلَالَات عَلَى وَحْدَانِيّته وَصِفَاته لَيْسَ مَوْجُودًا مَثَلًا فِي " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب " [ الْمَسَد : 1 ] وَمَا كَانَ مِثْلهَا .
وَالتَّفْضِيل إِنَّمَا هُوَ بِالْمَعَانِي الْعَجِيبَة وَكَثْرَتهَا , لَا مِنْ حَيْثُ الصِّفَة , وَهَذَا هُوَ الْحَقّ . وَمِمَّنْ قَالَ بِالتَّفْضِيلِ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَغَيْره مِنْ الْعُلَمَاء وَالْمُتَكَلِّمِينَ , وَهُوَ اِخْتِيَار الْقَاضِي أَبِي بَكْر بْن الْعَرَبِيّ وَابْن الْحَصَّار , لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيد بْن الْمُعَلَّى وَحَدِيث أُبَيّ بْن كَعْب أَنَّهُ قَالَ قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا أُبَيّ أَيّ آيَة مَعَك فِي كِتَاب اللَّه أَعْظَم ) قَالَ فَقُلْت : " اللَّه لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيّ الْقَيُّوم " [ الْبَقَرَة : 255 ] . قَالَ : فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ : ( لِيَهْنِكَ الْعِلْم أَبَا الْمُنْذِر ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم .
قَالَ اِبْن الْحَصَّار : عَجَبِي مِمَّنْ يَذْكُر الِاخْتِلَافَ مَعَ هَذِهِ النُّصُوص . وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : قَوْله : ( مَا أَنْزَلَ اللَّه فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الْإِنْجِيل وَلَا فِي الْقُرْآن مِثْلَهَا ) وَسَكَتَ عَنْ سَائِر الْكُتُب , كَالصُّحُفِ الْمُنَزَّلَة وَالزَّبُور وَغَيْرهَا , لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَةَ أَفْضَلهَا , وَإِذَا كَانَ الشَّيْء أَفْضَلَ الْأَفْضَلِ , صَارَ أَفْضَلَ الْكُلِّ . كَقَوْلِك : زَيْد أَفْضَلُ الْعُلَمَاءِ فَهُوَ أَفْضَلُ النَّاسِ . وَفِي الْفَاتِحَة مِنْ الصِّفَات مَا لَيْسَ لِغَيْرِهَا , حَتَّى قِيلَ : إِنَّ جَمِيعَ الْقُرْآن فِيهَا . وَهِيَ خَمْس وَعِشْرُونَ كَلِمَة تَضَمَّنَتْ جَمِيعَ عُلُوم الْقُرْآن. وَمِنْ شَرَفهَا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانه قَسَمَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْده , وَلَا تَصِحّ الْقُرْبَة إِلَّا بِهَا , وَلَا يُلْحَق عَمَل بِثَوَابِهَا , وَبِهَذَا الْمَعْنَى صَارَتْ أُمّ الْقُرْآن الْعَظِيم , كَمَا صَارَتْ " قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد " تَعْدِل ثُلُثَ الْقُرْآن , إِذْ الْقُرْآن تَوْحِيد وَأَحْكَام وَوَعْظ , وَ " قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد " فِيهَا التَّوْحِيد كُلّه , وَبِهَذَا الْمَعْنَى وَقَعَ الْبَيَان فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لِأُبَيٍّ . ( أَيّ آيَة فِي الْقُرْآن أَعْظَم ) قَالَ : " اللَّه لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيّ الْقَيُّوم " [ الْبَقَرَة : 255 ] . وَإِنَّمَا كَانَتْ أَعْظَمَ آيَة لِأَنَّهَا تَوْحِيد كُلّهَا كَمَا صَارَ قَوْله : ( أَفْضَل مَا قُلْته أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ) أَفْضَل الذِّكْر ; لِأَنَّهَا كَلِمَات حَوَتْ جَمِيعَ الْعُلُوم فِي التَّوْحِيد , وَالْفَاتِحَة تَضَمَّنَتْ التَّوْحِيدَ وَالْعِبَادَةَ وَالْوَعْظَ وَالتَّذْكِيرَ , وَلَا يُسْتَبْعَد ذَلِكَ فِي قُدْرَة اللَّه تَعَالَى .
الثَّالِثَة : رَوَى عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَاتِحَة الْكِتَاب , وَآيَة الْكُرْسِيّ , وَشَهِدَ اللَّه أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ , وَقُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْك , هَذِهِ الْآيَات مُعَلَّقَات بِالْعَرْشِ لَيْسَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ اللَّه حِجَاب ) . أَسْنَدَهُ أَبُو عَمْرو الدَّانِي فِي كِتَاب الْبَيَان لَهُ .
الرَّابِعَة : فِي أَسْمَائِهَا , وَهِيَ اِثْنَا عَشَر اِسْمًا :
( الْأَوَّل ) : الصَّلَاة , قَالَ اللَّه تَعَالَى : ( قَسَمْت الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ ) الْحَدِيث . وَقَدْ تَقَدَّمَ .
( الثَّانِي ) : الْحَمْد , لِأَنَّ فِيهَا ذِكْر الْحَمْد ; كَمَا يُقَال : سُورَة الْأَعْرَاف , وَالْأَنْفَال , وَالتَّوْبَة , وَنَحْوهَا .
( الثَّالِث ) : فَاتِحَة الْكِتَاب , مِنْ غَيْر خِلَاف بَيْن الْعُلَمَاء ; وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ تُفْتَتَح قِرَاءَة الْقُرْآن بِهَا لَفْظًا , وَتُفْتَتَح بِهَا الْكِتَابَة فِي الْمُصْحَف خَطًّا , وَتُفْتَتَح بِهَا الصَّلَوَات .
( الرَّابِع ) : أُمّ الْكِتَاب , وَفِي هَذَا الِاسْم خِلَاف , جَوَّزَهُ الْجُمْهُور , وَكَرِهَهُ أَنَس وَالْحَسَن وَابْن سِيرِينَ . قَالَ الْحَسَن : أُمّ الْكِتَاب الْحَلَال وَالْحَرَام , قَالَ اللَّه تَعَالَى : " آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَأُخَر مُتَشَابِهَات " [ آل عِمْرَان : 7 ] . وَقَالَ أَنَس وَابْن سِيرِينَ : أُمّ الْكِتَاب اِسْم اللَّوْح الْمَحْفُوظ . قَالَ اللَّه تَعَالَى : " وَإِنَّهُ فِي أُمّ الْكِتَاب " . [ الزُّخْرُف : 4 ] .
( الْخَامِس ) : أُمّ الْقُرْآن , وَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا , فَجَوَّزَهُ الْجُمْهُور , وَكَرَّرَهُ أَنَس وَابْن سِيرِينَ ; وَالْأَحَادِيث الثَّابِتَة تَرُدّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ . رَوَى التِّرْمِذِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْحَمْد لِلَّهِ أُمّ الْقُرْآن وَأُمّ الْكِتَاب وَالسَّبْع الْمَثَانِي ) قَالَ : هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح . وَفِي الْبُخَارِيّ قَالَ : وَسُمِّيَتْ أُمّ الْكِتَاب لِأَنَّهُ يُبْتَدَأ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِف , وَيُبْدَأ بِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاة . وَقَالَ يَحْيَى بْن يَعْمُر : أُمّ الْقُرَى : مَكَّة , وَأُمّ خُرَاسَان : مَرْو , وَأُمّ الْقُرْآن : سُورَة الْحَمْد . وَقِيلَ : سُمِّيَتْ أُمّ الْقُرْآن لِأَنَّهَا أَوَّله وَمُتَضَمِّنَة لِجَمِيعِ عُلُومه , وَبِهِ سُمِّيَتْ مَكَّة أُمّ الْقُرَى لِأَنَّهَا أَوَّل الْأَرْض وَمِنْهَا دُحِيَتْ , وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْأُمّ أُمًّا لِأَنَّهَا أَصْل النَّسْل , وَالْأَرْض أُمًّا , فِي قَوْل أُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت : فَالْأَرْض مَعْقِلنَا وَكَانَتْ أُمّنَا فِيهَا مَقَابِرنَا وَفِيهَا نُولَد وَيُقَال لِرَايَةِ الْحَرْب : أُمٌّ ; لِتَقَدُّمِهَا وَاتِّبَاع الْجَيْش لَهَا. وَأَصْل أُمّ أُمَّهَةٌ , وَلِذَلِكَ تُجْمَع عَلَى أُمَّهَات , قَالَ اللَّه تَعَالَى : " وَأُمَّهَاتكُمْ " . وَيُقَال أُمَّات بِغَيْرِ هَاء . قَالَ : فَرَجْت الظَّلَامَ بِأُمَّاتِكَا وَقِيلَ : إِنَّ أُمَّهَات فِي النَّاس , وَأُمَّات فِي الْبَهَائِم ; حَكَاهُ اِبْن فَارِس فِي الْمُجْمَل.
( السَّادِس ) : الْمَثَانِي , سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلّ رَكْعَة . وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا اُسْتُثْنِيَتْ لِهَذِهِ الْأُمَّة فَلَمْ تَنْزِل عَلَى أَحَد قَبْلَهَا ذُخْرًا لَهَا .
( السَّابِع ) : الْقُرْآن الْعَظِيم , سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَضَمُّنِهَا جَمِيعَ عُلُوم الْقُرْآن , وَذَلِكَ أَنَّهَا تَشْتَمِل عَلَى الثَّنَاء عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِأَوْصَافِ كَمَالِهِ وَجَلَاله , وَعَلَى الْأَمْر بِالْعِبَادَاتِ وَالْإِخْلَاص فِيهَا , وَالِاعْتِرَاف بِالْعَجْزِ عَنْ الْقِيَام بِشَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا بِإِعَانَتِهِ تَعَالَى , وَعَلَى الِابْتِهَال إِلَيْهِ فِي الْهِدَايَة إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم ; وَكِفَايَة أَحْوَال النَّاكِثِينَ , وَعَلَى بَيَانه عَاقِبَةَ الْجَاحِدِينَ.
( الثَّامِن ) : الشِّفَاء , رَوَى الدَّارِمِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَاتِحَة الْكِتَاب شِفَاء مِنْ كُلّ سُمّ ) .
( التَّاسِع ) : الرُّقْيَة , ثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ وَفِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلرَّجُلِ , الَّذِي رَقَى سَيِّدَ الْحَيّ : ( مَا أَدْرَاك أَنَّهَا رُقْيَة ) فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّه شَيْء أُلْقِيَ فِي رَوْعِي ; الْحَدِيث . خَرَّجَهُ الْأَئِمَّة , وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ .
( الْعَاشِر ) : الْأَسَاس , شَكَا رَجُل إِلَى الشَّعْبِيّ وَجَع الْخَاصِرَة ; فَقَالَ : عَلَيْك بِأَسَاسِ الْقُرْآن فَاتِحَة الْكِتَاب , سَمِعْت اِبْنَ عَبَّاس يَقُول : لِكُلِّ شَيْء أَسَاس , وَأَسَاس الدُّنْيَا مَكَّة , لِأَنَّهَا مِنْهَا دُحِيَتْ ; وَأَسَاس السَّمَوَات عَرِيبَا , وَهِيَ السَّمَاء السَّابِعَة ; وَأَسَاس الْأَرْض عَجِيبَا , وَهِيَ الْأَرْض السَّابِعَة السُّفْلَى ; وَأَسَاس الْجِنَان جَنَّة عَدْن , وَهِيَ سُرَّة الْجِنَان عَلَيْهَا أُسِّسَتْ الْجَنَّة ; وَأَسَاس النَّار جَهَنَّم , وَهِيَ الدَّرَكَة السَّابِعَة السُّفْلَى عَلَيْهَا أُسِّسَتْ الدَّرَكَات , وَأَسَاس الْخَلْق آدَم , وَأَسَاس الْأَنْبِيَاء نُوح ; وَأَسَاس بَنِي إِسْرَائِيل يَعْقُوب ; وَأَسَاس الْكُتُب الْقُرْآن ; وَأَسَاس الْقُرْآن الْفَاتِحَة ; وَأَسَاس الْفَاتِحَة بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم ; فَإِذَا اِعْتَلَلْت أَوْ اِشْتَكَيْت فَعَلَيْك بِالْفَاتِحَةِ تُشْفَى .
( الْحَادِي عَشَر ) : الْوَافِيَة , قَالَهُ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ , لِأَنَّهَا لَا تَتَنَصَّف وَلَا تَحْتَمِل الِاخْتِزَال , وَلَوْ قَرَأَ مِنْ سَائِر السُّوَر نِصْفَهَا فِي رَكْعَة , وَنِصْفهَا الْآخَر فِي رَكْعَة لَأَجْزَأَ ; وَلَوْ نُصِّفَتْ الْفَاتِحَة فِي رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُجْزِ .
( الثَّانِي عَشَر ) : الْكَافِيَة , قَالَ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير : لِأَنَّهَا تَكْفِي عَنْ سِوَاهَا وَلَا يَكْفِي سِوَاهَا عَنْهَا . يَدُلّ عَلَيْهِ مَا رَوَى مُحَمَّد بْن خَلَّاد الْإسْكَنْدَرانِيّ قَالَ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُمّ الْقُرْآن عِوَض مِنْ غَيْرهَا وَلَيْسَ غَيْرهَا مِنْهَا عِوَضًا ) .
الْخَامِسَة : قَالَ الْمُهَلَّب : إِنَّ مَوْضِع الرُّقْيَة مِنْهَا إِنَّمَا هُوَ " إِيَّاكَ نَعْبُد وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين " [ الْفَاتِحَة : الْآيَة 5 ] . وَقِيلَ : السُّورَة كُلّهَا رُقْيَة , لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام لِلرَّجُلِ لَمَّا أَخْبَرَهُ : ( وَمَا أَدْرَاك أَنَّهَا رُقْيَة ) وَلَمْ يَقُلْ : أَنَّ فِيهَا رُقْيَة ; فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ السُّورَةَ بِأَجْمَعِهَا رُقْيَة , لِأَنَّهَا فَاتِحَة الْكِتَاب وَمَبْدَؤُهُ , وَمُتَضَمِّنَة لِجَمِيعِ عُلُومه , كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّه أَعْلَم.
السَّادِسَة : لَيْسَ فِي تَسْمِيَتهَا بِالْمَثَانِي وَأُمّ الْكِتَاب مَا يَمْنَع مِنْ تَسْمِيَة غَيْرهَا بِذَلِكَ , قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : " كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ " [ الزُّمَر : 23 ] فَأَطْلَقَ عَلَى كِتَابه : مَثَانِيَ ; لِأَنَّ الْأَخْبَارَ تُثَنَّى فِيهِ . وَقَدْ سُمِّيَتْ السَّبْع الطُّوَل أَيْضًا مَثَانِيَ ; لِأَنَّ الْفَرَائِضَ وَالْقَصَص تُثَنَّى فِيهَا . قَالَ اِبْن عَبَّاس : أُوتِيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي ; قَالَ : السَّبْع الطُّوَل . ذَكَرَهُ النَّسَائِيّ , وَهِيَ مِنْ " الْبَقَرَة " إِلَى " الْأَعْرَاف " سِتّ , وَاخْتَلَفُوا فِي السَّابِعَة , فَقِيلَ : يُونُس , وَقِيلَ : الْأَنْفَال وَالتَّوْبَة ; وَهُوَ قَوْل مُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر . وَقَالَ أَعْشَى هَمْدَان : فَلِجُوا الْمَسْجِدَ وَادْعُوا رَبَّكُمْ وَادْرُسُوا هَذِي الْمَثَانِيَ وَالطُّوَل وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيد بَيَان فِي سُورَة " الْحِجْر " إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى .
السَّابِعَة : الْمَثَانِي جَمْع مَثْنَى , وَهِيَ الَّتِي جَاءَتْ بَعْدَ الْأُولَى , وَالطُّوَل جَمْع أَطْوَل . وَقَدْ سُمِّيَتْ الْأَنْفَال مِنْ الْمَثَانِي لِأَنَّهَا تَتْلُو الطُّوَل فِي الْقَدْر . وَقِيلَ : هِيَ الَّتِي تَزِيد آيَاتهَا عَلَى الْمُفَصَّل وَتَنْقُص عَنْ الْمِئِينَ. وَالْمِئُونَ : هِيَ السُّوَر الَّتِي تَزِيد كُلّ وَاحِدَة مِنْهَا عَلَى مِائَة آيَة .
[ الْبَاب الثَّانِي - فِي نُزُولهَا وَأَحْكَامهَا ] وَفِيهِ عِشْرُونَ مَسْأَلَة
الْأُولَى : أَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى أَنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَاب سَبْع آيَات ; إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ حُسَيْن الْجُعْفِيّ : أَنَّهَا سِتّ ; وَهَذَا شَاذّ. وَإِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَمْرو بْن عُبَيْد أَنَّهُ جَعَلَ " إِيَّاكَ نَعْبُد " آيَة , وَهِيَ عَلَى عِدَّة ثَمَانِي آيَات ; وَهَذَا شَاذّ . وَقَوْله تَعَالَى : " وَلَقَدْ آتَيْنَاك سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي " [ الْحِجْر : 87 ] , وقَوْله : ( قَسَمْت الصَّلَاةَ ) الْحَدِيث , يَرُدّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ . وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّة أَيْضًا عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْقُرْآن . فَإِنْ قِيلَ : لَوْ كَانَتْ قُرْآنًا لَأَثْبَتهَا عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود فِي مُصْحَفه , فَلَمَّا لَمْ يُثْبِتهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآن , كَالْمُعَوِّذَتَيْنِ عِنْدَهُ. فَالْجَوَاب مَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْر الْأَنْبَارِيّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الْحُبَاب حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن الْأَشْعَث حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي قُدَامَةَ حَدَّثَنَا جَرِير عَنْ الْأَعْمَش قَالَ : أَظُنّهُ عَنْ إِبْرَاهِيم قَالَ : قِيلَ لِعَبْدِ اللَّه بْن مَسْعُود : لِمَ لَمْ تَكْتُب فَاتِحَةَ الْكِتَاب فِي مُصْحَفك ؟ قَالَ لَوْ كَتَبْتهَا لَكَتَبْتهَا مَعَ كُلّ سُورَة . قَالَ أَبُو بَكْر : يَعْنِي أَنَّ كُلّ رَكْعَة سَبِيلهَا أَنْ تُفْتَتَحَ بِأُمِّ الْقُرْآن قَبْل السُّورَة الْمَتْلُوَّة بَعْدَهَا , فَقَالَ : اِخْتَصَرْت بِإِسْقَاطِهَا , وَوَثِقْت بِحِفْظِ الْمُسْلِمِينَ لَهَا , وَلَمْ أُثْبِتهَا فِي مَوْضِع فَيَلْزَمنِي أَنْ أَكْتُبَهَا مَعَ كُلّ سُوَره , إِذْ كَانَتْ تَتَقَدَّمهَا فِي الصَّلَاة.
الثَّانِيَة : اِخْتَلَفُوا أَهِيَ مَكِّيَّة أَمْ مَدَنِيَّة ؟ فَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة وَأَبُو الْعَالِيَة الرِّيَاحِيّ - وَاسْمه رُفَيْع - وَغَيْرهمْ : هِيَ مَكِّيَّة. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة وَمُجَاهِد وَعَطَاء بْن يَسَار وَالزُّهْرِيّ وَغَيْرهمْ : هِيَ مَدَنِيَّة . وَيُقَال : نَزَلَ نِصْفهَا بِمَكَّة , وَنِصْفهَا بِالْمَدِينَةِ. حَكَاهُ أَبُو اللَّيْث نَصْر بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم السَّمَرْقَنْدِيّ فِي تَفْسِيره . وَالْأَوَّل أَصَحّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَلَقَدْ آتَيْنَاك سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ " [ الْحِجْر : 87 ] وَالْحِجْر مَكِّيَّة بِإِجْمَاعٍ . وَلَا خِلَافَ أَنَّ فَرْض الصَّلَاةِ كَانَ بِمَكَّةَ . وَمَا حُفِظَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْإِسْلَام قَطُّ صَلَاة بِغَيْرِ " الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ " ; يَدُلّ عَلَى هَذَا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام : ( لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب ) . وَهَذَا خَبَر عَنْ الْحُكْم , لَا عَنْ الِابْتِدَاء , وَاَللَّه أَعْلَم. وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي اِبْن الطَّيِّب اِخْتِلَافَ النَّاس فِي أَوَّل مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآن ; فَقِيلَ : الْمُدَّثِّر , وَقِيلَ : اِقْرَأْ , وَقِيلَ : الْفَاتِحَة. وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَنْ أَبِي مَيْسَرَة عَمْرو بْن شُرَحْبِيل أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِخَدِيجَة : ( إِنِّي إِذَا خَلَوْت وَحْدِي سَمِعْت نِدَاءً وَقَدْ وَاَللَّه خَشِيت أَنْ يَكُونَ هَذَا أَمْرًا ) قَالَتْ : مَعَاذ اللَّه ! مَا كَانَ اللَّه لِيَفْعَلَ بِك , فَوَاَللَّهِ إِنَّك لَتُؤَدِّي الْأَمَانَةَ , وَتَصِل الرَّحِمَ , وَتَصْدُق الْحَدِيثَ . فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو بَكْر - وَلَيْسَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَّ - ذَكَرَتْ خَدِيجَة حَدِيثَهُ لَهُ , قَالَتْ : يَا عَتِيق , اِذْهَبْ مَعَ مُحَمَّد إِلَى وَرَقَة بْن نَوْفَل . فَلَمَّا دَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ أَبُو بَكْر بِيَدِهِ , فَقَالَ : اِنْطَلِقْ بِنَا إِلَى وَرَقَة , فَقَالَ : ( وَمَنْ أَخْبَرَك ) . قَالَ : خَدِيجَة , فَانْطَلَقَا إِلَيْهِ فَقَصَّا عَلَيْهِ ; فَقَالَ : ( إِذَا خَلَوْت وَحْدِي سَمِعْت نِدَاء خَلْفِي يَا مُحَمَّد يَا مُحَمَّد فَأَنْطَلِق هَارِبًا فِي الْأَرْض ) فَقَالَ : لَا تَفْعَل , إِذَا أَتَاك فَاثْبُتْ حَتَّى تَسْمَعَ مَا يَقُول ثُمَّ اِئْتِنِي فَأَخْبِرْنِي . فَلَمَّا خَلَا نَادَاهُ : يَا مُحَمَّد , قُلْ " بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم , الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ - حَتَّى بَلَغَ وَلَا الضَّالِّينَ " , قُلْ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . فَأَتَى وَرَقَة فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ; فَقَالَ لَهُ وَرَقَة : أَبْشِرْ ثُمَّ أَبْشِرْ , فَأَنَا أَشْهَد أَنَّك الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى اِبْن مَرْيَم , وَأَنَّك عَلَى مِثْل نَامُوس مُوسَى , وَأَنَّك نَبِيّ مُرْسَل , وَأَنَّك سَوْفَ تُؤْمَر بِالْجِهَادِ بَعْدَ يَوْمك هَذَا , وَإِنْ يُدْرِكنِي ذَلِكَ لَأُجَاهِدَنَّ مَعَك . فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَرَقَة قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَقَدْ رَأَيْت الْقَسّ فِي الْجَنَّة عَلَيْهِ ثِيَاب الْحَرِير لِأَنَّهُ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي ) يَعْنِي وَرَقَة . قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : هَذَا مُنْقَطِع . يَعْنِي هَذَا الْحَدِيث , فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ نُزُولهَا بَعْدَمَا نَزَلَ عَلَيْهِ " اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبّك " [ الْعَلَق : 1 ] وَ " يَا أَيّهَا الْمُدَّثِّر " [ الْمُدَّثِّر : 1 ] .
الثَّالِثَة : قَالَ اِبْن عَطِيَّة : ظَنَّ بَعْض الْعُلَمَاء أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام لَمْ يَنْزِل بِسُورَةِ الْحَمْد ; لِمَا رَوَاهُ مُسْلِم عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : بَيْنَمَا جِبْرِيل قَاعِد عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقه , فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ : هَذَا بَاب مِنْ السَّمَاء فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَح قَطُّ إِلَّا الْيَوْم , فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَك , فَقَالَ : هَذَا مَلَك نَزَلَ إِلَى الْأَرْض لَمْ يَنْزِل قَطُّ إِلَّا الْيَوْم ; فَسَلَّمَ وَقَالَ : أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتهمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيّ قَبْلَك : فَاتِحَة الْكِتَاب , وَخَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة ; لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيته . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ , فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام تَقَدَّمَ الْمَلَك إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْلِمًا بِهِ وَبِمَا يَنْزِل مَعَهُ ; وَعَلَى هَذَا يَكُون جِبْرِيل شَارَكَ فِي نُزُولهَا ; وَاَللَّه أَعْلَم .
قُلْت : الظَّاهِر مِنْ الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام لَمْ يُعْلِم النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ . وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ نُزُولَهَا كَانَ بِمَكَّةَ , نَزَلَ بِهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام , لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين " [ الشُّعَرَاء : 193 ] وَهَذَا يَقْتَضِي جَمِيعَ الْقُرْآن , فَيَكُون جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام نَزَلَ بِتِلَاوَتِهَا بِمَكَّةَ , وَنَزَلَ الْمَلَك بِثَوَابِهَا بِالْمَدِينَةِ . وَاَللَّه أَعْلَم. وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهَا مَكِّيَّة مَدَنِيَّة , نَزَلَ بِهَا جِبْرِيل مَرَّتَيْنِ ; حَكَاهُ الثَّعْلَبِيّ . وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى . فَإِنَّهُ جَمْع بَيْنَ الْقُرْآن وَالسُّنَّة , وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة .
الرَّابِعَة : قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنْهَا عَلَى الْقَوْل الصَّحِيح , وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَحُكْم الْمُصَلِّي إِذَا كَبَّرَ أَنْ يَصِلهُ بِالْفَاتِحَةِ وَلَا يَسْكُت , وَلَا يَذْكُر تَوْجِيهًا وَلَا تَسْبِيحًا , لِحَدِيثِ عَائِشَة وَأَنَس الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَغَيْرهمَا , وَقَدْ جَاءَتْ أَحَادِيث بِالتَّوْجِيهِ وَالتَّسْبِيح وَالسُّكُوت , قَالَ بِهَا جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء ; فَرُوِيَ عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَعَبْد اللَّه بْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ إِذَا اِفْتَتَحَا الصَّلَاة : سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك , تَبَارَكَ اِسْمك , وَتَعَالَى جَدّك , وَلَا إِلَهَ غَيْرك . وَبِهِ قَالَ سُفْيَان وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَصْحَاب الرَّأْي . وَكَانَ الشَّافِعِيّ يَقُول بِاَلَّذِي رُوِيَ عَنْ عَلِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا اِفْتَتَحَ الصَّلَاةَ كَبَّرَ ثُمَّ قَالَ : ( وَجَّهْت وَجْهِيَ ) الْحَدِيث , ذَكَرَهُ مُسْلِم , وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ فِي آخِر سُورَة الْأَنْعَام , وَهُنَاكَ يَأْتِي الْقَوْل فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة مُسْتَوْفًى إِنْ شَاءَ اللَّه. قَالَ اِبْن الْمُنْذِر : ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاة سَكَتَ هُنَيْهَة قَبْل أَنْ يَقْرَأَ يَقُول : ( اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْب الْأَبْيَض مِنْ الدَّنَس اللَّهُمَّ اِغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْج وَالْبَرَد ) وَاسْتَعْمَلَ ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَة . وَقَالَ أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن : لِلْإِمَامِ سَكْتَتَانِ فَاغْتَنِمُوا فِيهِمَا الْقِرَاءَةَ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيّ وَسَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز وَأَحْمَد بْن حَنْبَل يَمِيلُونَ إِلَى حَدِيث النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَاب .
الْخَامِسَة : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي وُجُوب قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة ; فَقَالَ مَالِك وَأَصْحَابه : هِيَ مُتَعَيِّنَة لِلْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِد فِي كُلّ رَكْعَة. قَالَ اِبْن خُوَيْزِ مَنْدَاد الْبَصْرِيّ الْمَالِكِيّ : لَمْ يَخْتَلِف قَوْل مَالِك أَنَّهُ مَنْ نَسِيَهَا فِي صَلَاة رَكْعَة مِنْ صَلَاة رَكْعَتَيْنِ أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُل وَلَا تُجْزِيهِ . وَاخْتَلَفَ قَوْله فِيمَنْ تَرَكَهَا نَاسِيًا فِي رَكْعَة مِنْ صَلَاة رُبَاعِيَّة أَوْ ثُلَاثِيَّة ; فَقَالَ مَرَّة : يُعِيد الصَّلَاة , وَقَالَ مَرَّة أُخْرَى : يَسْجُد سَجْدَتَيْ السَّهْو ; وَهِيَ رِوَايَة اِبْن عَبْد الْحَكَم وَغَيْره عَنْ مَالِك . قَالَ اِبْن خُوَيْزِ مِنْدَاد وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ يُعِيد تِلْكَ الرَّكْعَة وَيَسْجُد لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَام. قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : الصَّحِيح مِنْ الْقَوْل إِلْغَاء تِلْكَ الرَّكْعَة وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَدَلًا مِنْهَا , كَمَنْ أَسْقَطَ سَجْدَةً سَهْوًا . وَهُوَ اِخْتِيَار اِبْن الْقَاسِم . وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَأَكْثَر أَهْل الْبَصْرَة وَالْمُغِيرَة بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَخْزُومِيّ الْمَدَنِيّ : إِذَا قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآن مَرَّة وَاحِدَة فِي الصَّلَاة أَجْزَأَهُ وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَة ; لِأَنَّهَا صَلَاة قَدْ قَرَأَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآن ; وَهِيَ تَامَّة لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام : ( لَا صَلَاة لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ بِأُمِّ الْقُرْآن ) وَهَذَا قَدْ قَرَأَ بِهَا .
قُلْت : وَيُحْتَمَل لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ بِهَا فِي كُلّ رَكْعَة , وَهُوَ الصَّحِيح عَلَى مَا يَأْتِي . وَيُحْتَمَل لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ بِهَا فِي أَكْثَر عَدَد الرَّكَعَات , وَهَذَا هُوَ سَبَب الْخِلَاف وَاَللَّه أَعْلَم .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَالثَّوْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ : إِنْ تَرَكَهَا عَامِدًا فِي صَلَاته كُلّهَا وَقَرَأَ غَيْرَهَا أَجْزَأَهُ ; عَلَى اِخْتِلَاف عَنْ الْأَوْزَاعِيّ فِي ذَلِكَ . وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمَّد بْن الْحَسَن : أَقَلّه ثَلَاث , آيَات أَوْ آيَة طَوِيله كَآيَةِ الدَّيْن. وَعَنْ مُحَمَّد بْن الْحَسَن أَيْضًا قَالَ : أُسَوِّغ الِاجْتِهَادَ فِي مِقْدَار آيَة وَمِقْدَار كَلِمَة مَفْهُومَة ; نَحْو : " الْحَمْد لِلَّهِ " وَلَا أُسَوِّغهُ فِي حَرْف لَا يَكُون كَلَامًا . وَقَالَ الطَّبَرِيّ : يَقْرَأ الْمُصَلِّي بِأُمِّ الْقُرْآن فِي كُلّ رَكْعَة , فَإِنْ لَمْ يَقْرَأ بِهَا لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا مِثْلهَا مِنْ الْقُرْآن عَدَد آيهَا وَحُرُوفهَا . قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ ; لِأَنَّ التَّعْيِينَ لَهَا وَالنَّصّ عَلَيْهَا قَدْ خَصَّهَا بِهَذَا الْحُكْم دُونَ غَيْرهَا ; وَمُحَال أَنْ يَجِيءَ بِالْبَدَلِ مِنْهَا مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَتَرَكَهَا وَهُوَ قَادِر عَلَيْهَا , وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَجِيءَ بِهَا وَيَعُود إِلَيْهَا , كَسَائِرِ الْمَفْرُوضَات الْمُتَعَيِّنَات فِي الْعِبَادَات.
السَّادِسَة : وَأَمَّا الْمَأْمُوم فَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَام رَاكِعًا فَالْإِمَام يَحْمِل عَنْهُ الْقِرَاءَة ; لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَدْرَكَهُ رَاكِعًا أَنَّهُ يُكَبِّر وَيَرْكَع وَلَا يَقْرَأ شَيْئًا وَإِنْ أَدْرَكَهُ قَائِمًا فَإِنَّهُ يَقْرَأ , وَهِيَ الْمَسْأَلَة :
السَّابِعَة : وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَدَعَ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ إِمَامه فِي صَلَاة السِّرّ ; فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ أَسَاءَ ; وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِك وَأَصْحَابه. وَأَمَّا إِذَا جَهَرَ الْإِمَام وَهِيَ الْمَسْأَلَة :
الثَّامِنَة : فَلَا قِرَاءَةَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب وَلَا غَيْرهَا فِي الْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب مَالِك ; لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى : " وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآن فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا " [ الْأَعْرَاف : 204 ] , وَقَوْل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا لِي أُنَازَع الْقُرْآنَ ) , وَقَوْله فِي الْإِمَام : ( إِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا ) , وَقَوْل : ( مَنْ كَانَ لَهُ إِمَام فَقِرَاءَة الْإِمَام لَهُ قِرَاءَة ) .
وَقَالَ الشَّافِعِيّ فِيمَا حَكَى عَنْهُ الْبُوَيْطِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل : لَا تُجْزِئ أَحَدًا صَلَاةٌ حَتَّى يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب فِي كُلّ رَكْعَة , إِمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا , جَهَرَ إِمَامه أَوْ أَسَرَّ . وَكَانَ الشَّافِعِيّ بِالْعِرَاقِ يَقُول فِي الْمَأْمُوم : يَقْرَأ إِذَا أَسَرَّ وَلَا يَقْرَأ إِذَا جَهَرَ ; كَمَشْهُورِ مَذْهَب مَالِك. وَقَالَ بِمِصْرَ : فِيمَا يَجْهَر فِيهِ الْإِمَام بِالْقِرَاءَةِ قَوْلَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يَقْرَأَ وَالْآخَر يُجْزِئهُ أَلَّا يَقْرَأ وَيَكْتَفِي بِقِرَاءَةِ الْإِمَام. حَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر . وَقَالَ اِبْن وَهْب وَأَشْهَب وَابْن عَبْد الْحَكَم وَابْن حَبِيب وَالْكُوفِيُّونَ : لَا يَقْرَأ الْمَأْمُوم شَيْئًا , جَهَرَ إِمَامه أَوْ أَسَرَّ ; لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام : ( فَقِرَاءَة الْإِمَام لَهُ قِرَاءَة ) وَهَذَا عَامّ , وَلِقَوْلِ جَابِر : مَنْ صَلَّى رَكْعَةً لَمْ يَقْرَأ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآن فَلَمْ يُصَلِّ إِلَّا وَرَاءَ الْإِمَام .
التَّاسِعَة : الصَّحِيح مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَال قَوْل الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَمَالِك فِي الْقَوْل الْآخَر , وَأَنَّ الْفَاتِحَةَ مُتَعَيِّنَة فِي كُلّ رَكْعَة لِكُلِّ أَحَد عَلَى الْعُمُوم ; لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب ) , وَقَوْله : ( مَنْ صَلَّى صَلَاة لَمْ يَقْرَأ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآن فَهِيَ خِدَاج ) ثَلَاثًا . وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة : أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُنَادِيَ أَنَّهُ : ( لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَة الْكِتَاب فَمَا زَادَ ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. كَمَا لَا يَنُوب سُجُود رَكْعَة وَلَا رُكُوعهَا عَنْ رَكْعَة أُخْرَى , فَكَذَلِكَ لَا تَنُوب قِرَاءَة رَكْعَة عَنْ غَيْرهَا ; وَبِهِ قَالَ عَبْد اللَّه بْن عَوْن وَأَيُّوب السِّخْتِيَانِيّ وَأَبُو ثَوْر وَغَيْره مِنْ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ وَدَاوُدُ بْن عَلِيّ , وَرُوِيَ مِثْله عَنْ الْأَوْزَاعِيّ ; وَبِهِ قَالَ مَكْحُول . وَرُوِيَ عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَعَبْد اللَّه بْن عَبَّاس وَأَبِي هُرَيْرَة وَأُبَيّ بْن كَعْب وَأَبِي أَيُّوب الْأَنْصَارِيّ وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاص وَعُبَادَة بْن الصَّامِت وَأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ وَعُثْمَان بْن أَبِي الْعَاص وَخَوَّات بْن جُبَيْر أَنَّهُمْ قَالُوا : لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب . وَهُوَ قَوْل اِبْن عُمَر وَالْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب الْأَوْزَاعِيّ ; فَهَؤُلَاءِ الصَّحَابَة بِهِمْ الْقُدْوَة , وَفِيهِمْ الْأُسْوَة , كُلّهمْ يُوجِبُونَ الْفَاتِحَةَ فِي كُلّ رَكْعَة.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْإِمَام أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن يَزِيد بْن مَاجَهْ الْقَزْوِينِيّ فِي سُنَنه مَا يَرْفَع الْخِلَافَ وَيُزِيل كُلَّ اِحْتِمَال فَقَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , ح , وَحَدَّثَنَا سُوَيْد بْن سَعِيد حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُسْهِر جَمِيعًا عَنْ أَبِي سُفْيَان السَّعْدِيّ عَنْ أَبِي نَضْرَة عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ فِي كُلّ رَكْعَة بِالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُورَة فِي فَرِيضَة أَوْ غَيْرهَا ) . وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِلَّذِي عَلَّمَهُ الصَّلَاةَ : ( وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتك كُلّهَا ) وَسَيَأْتِي . وَمِنْ الْحُجَّة فِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ نَافِع بْن مَحْمُود بْن الرَّبِيع الْأَنْصَارِيّ قَالَ : أَبْطَأَ عُبَادَة بْن الصَّامِت عَنْ صَلَاة الصُّبْح ; فَأَقَامَ أَبُو نُعَيْم الْمُؤَذِّن الصَّلَاةَ فَصَلَّى أَبُو نُعَيْم بِالنَّاسِ , وَأَقْبَلَ عُبَادَة بْن الصَّامِت وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى صَفَفْنَا خَلْفَ أَبِي نُعَيْم , وَأَبُو نُعَيْم يَجْهَر بِالْقِرَاءَةِ ; فَجَعَلَ عُبَادَة يَقْرَأ بِأُمِّ الْقُرْآن ; فَلَمَّا اِنْصَرَفَ قُلْت لِعُبَادَةَ : سَمِعْتُك تَقْرَأ بِأُمِّ الْقُرْآن وَأَبُو نُعَيْم يَجْهَر ؟ قَالَ : أَجَلْ ! صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْض الصَّلَوَات الَّتِي يَجْهَر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَالْتَبَسَتْ عَلَيْهِ ; فَلَمَّا اِنْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ : ( هَلْ تَقْرَءُونَ إِذَا جَهَرْت بِالْقِرَاءَةِ ) ؟ فَقَالَ بَعْضنَا : إِنَّا نَصْنَع ذَلِكَ ; قَالَ : ( فَلَا . وَأَنَا أَقُول مَا لِي يُنَازَعُنِي الْقُرْآن فَلَا تَقْرَءُوا بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآن إِذَا جَهَرْت إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآن ) . وَهَذَا نَصّ صَرِيح فِي الْمَأْمُوم . وَأَخْرَجَهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بِمَعْنَاهُ ; وَقَالَ : حَدِيث حَسَن . وَالْعَمَل عَلَى هَذَا الْحَدِيث فِي الْقِرَاءَة خَلْف الْإِمَام عِنْدَ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ ; وَهُوَ قَوْل مَالِك بْن أَنَس وَابْن الْمُبَارَك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق , يَرَوْنَ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَام . وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ : هَذَا إِسْنَاد حَسَن , وَرِجَاله كُلّهمْ ثِقَات ; وَذُكِرَ أَنَّ مَحْمُودَ بْن الرَّبِيع كَانَ يَسْكُن إِيلِيَاء , وَأَنَّ أَبَا نُعَيْم أَوَّل مِنْ أَذَّنَ فِي بَيْت الْمَقْدِس . وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد عَبْد الْحَقّ : وَنَافِع بْن مَحْمُود لَمْ يَذْكُرهُ الْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَلَا اِبْن أَبِي حَاتِم ; وَلَا أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم شَيْئًا . وَقَالَ فِيهِ أَبُو عُمَر : مَجْهُول . وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ يَزِيد بْن شَرِيك قَالَ : سَأَلْت عُمَر عَنْ الْقِرَاءَة خَلْفَ الْإِمَام , فَأَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ , قُلْت : وَإِنْ كُنْت أَنْتَ ؟ قَالَ : وَإِنْ كُنْت أَنَا ; قُلْت : وَإِنْ جَهَرْت ؟ قَالَ : وَإِنْ جَهَرْت. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : هَذَا إِسْنَاد صَحِيح . وَرُوِيَ عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْإِمَام ضَامِن فَمَا صَنَعَ فَاصْنَعُوا ) . قَالَ أَبُو حَاتِم : هَذَا يَصِحّ لِمَنْ قَالَ بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَام ; وَبِهَذَا أَفْتَى أَبُو هُرَيْرَة الْفَارِسِيّ أَنْ يَقْرَأَ بِهَا فِي نَفْسه حِينَ قَالَ لَهُ : إِنِّي أَحْيَانًا أَكُون وَرَاء الْإِمَام , ثُمَّ اِسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( قَسَمْت الصَّلَاة بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَنِصْفهَا لِي وَنِصْفهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ) . قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اِقْرَءُوا يَقُول الْعَبْد الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ ) الْحَدِيث .
الْعَاشِرَة : أَمَّا مَا اِسْتَدَلَّ بِهِ الْأَوَّلُونَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام : ( وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا ) أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ ; وَقَالَ : وَفِي حَدِيث جَرِير عَنْ سُلَيْمَان عَنْ قَتَادَة مِنْ الزِّيَادَة ( وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا ) قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : هَذِهِ اللَّفْظَة لَمْ يُتَابَع سُلَيْمَان التَّيْمِيّ فِيهَا عَنْ قَتَادَة ; وَخَالَفَهُ الْحُفَّاظ مِنْ أَصْحَاب قَتَادَة فَلَمْ يَذْكُرُوهَا ; مِنْهُمْ شُعْبَة وَهِشَام وَسَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة وَهَمَّام وَأَبُو عَوَانَة وَمَعْمَر وَعَدِيّ بْن أَبِي عُمَارَة . قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : فَإِجْمَاعهمْ يَدُلّ عَلَى وَهْمه . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَامِر عَنْ قَتَادَة مُتَابَعَة التَّيْمِيّ ; وَلَكِنْ لَيْسَ هُوَ بِالْقَوِيِّ , تَرَكَهُ الْقُطْعَان . وَأَخْرَجَ أَيْضًا هَذِهِ الزِّيَادَة أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَقَالَ : هَذِهِ الزِّيَادَة ( إِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا ) لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ . وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّد عَبْد الْحَقّ : أَنَّ مُسْلِمًا صَحَّحَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَة وَقَالَ : هُوَ عِنْدِي صَحِيح .
قُلْت : وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى صِحَّتهَا عِنْدَهُ إِدْخَالهَا فِي كِتَابه مِنْ حَدِيث أَبِي مُوسَى وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَمْ يُجْمِعُوا عَلَيْهَا . وَقَدْ صَحَّحَهَا الْإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل وَابْن الْمُنْذِر . وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى : " وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآن فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا " [ الْأَعْرَاف : 204 ] فَإِنَّهُ نَزَلَ بِمَكَّة , وَتَحْرِيم الْكَلَام فِي الصَّلَاة نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ - كَمَا قَالَ زَيْد بْن أَرْقَم فَلَا حُجَّة فِيهَا ; فَإِنَّ الْمَقْصُودَ كَانَ الْمُشْرِكِينَ , عَلَى مَا قَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب . وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَفْع الصَّوْت خَلْفَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ : عَبْد اللَّه بْن عَامِر ضَعِيف . وَأَمَّا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام : ( مَا لِي أُنَازَع الْقُرْآنَ ) فَأَخْرَجَهُ مَالِك عَنْ اِبْن شِهَاب عَنْ اِبْن أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيّ , وَاسْمه فِيمَا قَالَ مَالِك : عَمْرو , وَغَيْره يَقُول عَامِر , وَقِيلَ يَزِيد , وَقِيلَ عُمَارَة , وَقِيلَ عَبَّاد , يُكَنَّى أَبَا الْوَلِيد تُوُفِّيَ سَنَة إِحْدَى وَمِائَة وَهُوَ اِبْن تِسْع وَسَبْعِينَ سَنَة , لَمْ يَرْوِ عَنْهُ الزُّهْرِيّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ الْوَاحِدَ , وَهُوَ ثِقَة , وَرَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن عَمْرو وَغَيْره. وَالْمَعْنَى فِي حَدِيثه : لَا تَجْهَرُوا إِذَا جَهَرْت فَإِنَّ ذَلِكَ تَنَازُع وَتَجَاذُب وَتَخَالُج , اِقْرَءُوا فِي أَنْفُسكُمْ . يُبَيِّنهُ حَدِيث عُبَادَة وَفُتْيَا الْفَارُوق وَأَبِي هُرَيْرَة الرَّاوِي لِلْحَدِيثَيْنِ . فَلَوْ فُهِمَ الْمَنْع جُمْلَة مِنْ قَوْله : ( مَا لِي أُنَازَع الْقُرْآنَ ) لَمَا أَفْتَى بِخِلَافِهِ , وَقَوْل الزُّهْرِيّ فِي حَدِيث اِبْن أُكَيْمَةَ : فَانْتَهَى النَّاس عَنْ الْقِرَاءَة مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِرَاءَةِ , حِين سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يُرِيد بِالْحَمْدِ عَلَى مَا بَيَّنَّا ; وَبِاَللَّهِ تَوْفِيقنَا . وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَانَ لَهُ إِمَام فَقِرَاءَة الْإِمَام لَهُ قِرَاءَة ) فَحَدِيث ضَعِيف أَسْنَدَهُ الْحَسَن بْن عُمَارَة وَهُوَ مَتْرُوك , وَأَبُو حَنِيفَة وَهُوَ ضَعِيف ; كِلَاهُمَا عَنْ مُوسَى بْن أَبِي عَائِشَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد عَنْ جَابِر . أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ : رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَشُعْبَة وَإِسْرَائِيل بْن يُونُس وَشَرِيك وَأَبُو خَالِد الدَّالَانِيّ وَأَبُو الْأَحْوَص وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ وَجَرِير بْن عَبْد الْحَمِيد وَغَيْرهمْ , عَنْ مُوسَى بْن أَبِي عَائِشَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد مُرْسَلًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّوَاب . وَأَمَّا قَوْل جَابِر : مَنْ صَلَّى رَكْعَةً لَمْ يَقْرَأ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآن فَلَمْ يُصَلِّ إِلَّا وَرَاء الْإِمَام ; فَرَوَاهُ مَالِك عَنْ وَهْب بْن كَيْسَان عَنْ جَابِر قَوْله . قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : وَرَوَاهُ يَحْيَى بْن سَلَّام صَاحِب التَّفْسِير عَنْ مَالِك عَنْ أَبِي نُعَيْم وَهْب بْن كَيْسَان عَنْ جَابِر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَوَابه مَوْقُوف عَلَى جَابِر كَمَا فِي الْمُوَطَّأ . وَفِيهِ مِنْ الْفِقْه إِبْطَال الرَّكْعَة الَّتِي لَا يُقْرَأ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآن ; وَهُوَ يَشْهَد لِصِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ اِبْن الْقَاسِم وَرَوَاهُ عَنْ مَالِك فِي إِلْغَاء الرَّكْعَة وَالْبِنَاء عَلَى غَيْرهَا وَلَا يَعْتَدّ الْمُصَلِّي بِرَكْعَةٍ لَا يَقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب . وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْإِمَام قِرَاءَته لِمَنْ خَلْفه قِرَاءَة ; وَهَذَا مَذْهَب جَابِر وَقَدْ خَالَفَهُ فِيهِ غَيْره .
الْحَادِيَة عَشْرَة : قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : لَمَّا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا صَلَاة لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب ) وَاخْتَلَفَ النَّاس فِي هَذَا الْأَصْل هَلْ يُحْمَل هَذَا النَّفْي عَلَى التَّمَام وَالْكَمَال , أَوْ عَلَى الْإِجْزَاء ؟ اِخْتَلَفَتْ الْفَتْوَى بِحَسْب اِخْتِلَاف حَال النَّاظِر , وَلَمَّا كَانَ الْأَشْهَر فِي هَذَا الْأَصْل وَالْأَقْوَى أَنَّ النَّفْي عَلَى الْعُمُوم , كَانَ الْأَقْوَى مِنْ رِوَايَة مَالِك أَنَّ مَنْ لَمْ يَقْرَأ الْفَاتِحَة فِي صَلَاته بَطَلَتْ . ثُمَّ نَظَرْنَا فِي تَكْرَارهَا فِي كُلّ رَكْعَة ; فَمَنْ تَأَوَّلَ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اِفْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتك كُلّهَا ) لَزِمَهُ أَنْ يُعِيد الْقِرَاءَة كَمَا يُعِيد الرُّكُوع وَالسُّجُود . وَاَللَّه أَعْلَم .
الثَّانِيَة عَشْرَة : مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَاب مِنْ الْأَحَادِيث وَالْمَعَانِي فِي تَعْيِين الْفَاتِحَة يَرُدّ عَلَى الْكُوفِيِّينَ قَوْلهمْ فِي أَنَّ الْفَاتِحَة لَا تَتَعَيَّن , وَأَنَّهَا وَغَيْرهَا مِنْ آي الْقُرْآن سَوَاء . وَقَدْ عَيَّنَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ ; وَهُوَ الْمُبَيِّن عَنْ اللَّه تَعَالَى مُرَاده فِي قَوْله : " وَأَقِيمُوا الصَّلَاة " . وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ : أُمِرْنَا أَنْ نَقْرَأ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب وَمَا تَيَسَّرَ . فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لِلْأَعْرَابِيِّ : ( اِقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآن ) مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَة , وَهُوَ تَفْسِير قَوْله تَعَالَى : " فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ " [ الْمُزَّمِّل : 20 ] وَقَدْ رَوَى مُسْلِم عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا صَلَاة لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ بِأُمِّ الْقُرْآن - زَادَ فِي رِوَايَة - فَصَاعِ | |
|