انتبهُوا واحذرُوا وحذّروا وبلّغوا، وقولُوا سَمعنَا وأطعنَا وللّه ولِرسُولنَا أطعنَا و اتّبعنَا ، يا رعَاكم اللّه ، وسَدّد على طَريق الخَيرِ خُطاكُم...
ولا يَغُرّنكُم كثرَة المُسِيئينَ والمُخالفينَ والجهَلةِ والمُتشدّقينَ والفَلاسفَة والمُتخلّفينَ...
لا تَتركوا صُوراً لأشخَاص آدميّين او أشبَاهها، ولا تماثيلًا في غُرفِ بُيوتكُم ( مُـعـَلّـقَـة) ولا حَولها ولا على جُدرانها -مَهما كانَ حَجمها-
ولا تَقتنُوا (كِـلابـًا) - الا للصّيد او الحِراسَة لأنها من المُعلّمة ، كما قال الله تعالى:
"
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۙ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ۖ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ َۖ'..".
المائدة:4 فأنّ الصّور الشّخصيّة الفُوتوغرافيّة والمَرسومَة ، وما كانَ على الأقمشة والسّتائر المعلّقة ذوات الأرواحِ ، والتّماثيلِ المَعدنية والحَجرية والفخاريّة والبلاستيكيّة والزجاجيّة والورَقية ومن القمَاش وأمثالها وأشباهها...
مِن مَوانعِ دُخولِ ملَائكَةِ الرّحمَة والاستغفَار للبُيوتِ (
وإذا لم تدخل الملائكةُ البُيوتَ ، دخَلت ورتَعت وفرّخت الشياطينُ والجنّ والعفاريتُ)
الصور المجسمة لذوات الأرواح فمحرمة اتفاقا، وكذلك المرسومة ، لما فيها من التعظيم والغلو. فقد
ثبت في السنَّة النبوية المطهرة تحريم الرسم ، والنحت ، لذوات الأرواح ، وثبت ايضا
أن الملائكة لا تدخل بيتاً توجد فيه تلك الصور المحرمة.
فعن
أبي طلحة رضي الله عنه قال :
"
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ": (
لاَ تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ، وَلاَ صُورَةٌ تَمَاثِيلُ ) .
رواه البخاري ( 3053 ) ومسلم ( 2106 ) .
فقد صح عن سيّدنا النّبي عَليه الصّلاة والسّلام قوله ،
كما في صَحيح البخاري: 5960، من حديث
عبداللّه بن عُمر رضيَ اللّه عنهما ، قال:
"
وعد النبُّي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ جبريلَ، فراثَ عليه -(
أبطأ عنه)- ،
حتى اشتدَّ على النبي ِّصلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فخرج النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فلقيه، فشكا إليه ما وجد، فقال له -
جبريل عليه السلام - : (
إنّا لا نَدخلُ بيتًا فيهِ صُورةٌ وَلا كلبٌ) .
وصح ايضًا
كما في صحيح مسلم : (2105) ، من حديث أمّنا أمّ المؤمنينَ (
ميمونة بنتُ الحارث) - رضي اللّه عنهما - قالت:
"
أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصبح يومًا واجمًا -(عابسٌ مغتاظٌ حزينُ)-. فقالت ميمونةُ :
يا رسولَ اللهِ ! لقد استنكرتُ هيئتَك منذُ اليومِ .
قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
(
إنَّ جبريلَ كانَ وعَدني أن يَلقاني الليلةَ . فلم يَلْقَني . أم واللهِ ! ما أخلَفَني . قالت فظلَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومَه ذلك على ذلك ، ثم وقعَ في نفسِه جروُ كلبٍ تحت فُسطاطٍ لنا . فأمر به فأُخرِج . ثم أخذ بيدِه ماءً فنضح مكانَه . فلما أمسى لقِيه جبريلُ . فقال له : ( قد كنتَ وعدتَني أن تلقاني البارحةَ ) قال : (أجل) . (ولكنا لاندخل بيتًا فيه كلبٌ ولا صورةٌ).
فأصبح رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، يومئذٍ ، فأمرَ بقتل الكلابِ . حتى إنه يأمر بقتل كلبِ الحائطِ الصغيرِ ، ويترك كلبَ الحائطِ الكبيرِ ".
وروي قريباً منه عن أمّنا عائشة بنت الصدّيق ( صحيح مسلم: 2104). وصح ايضًا
كما في السّلسلة الصّحيحة : 356 ، من حديث
أبي هريرة رضي اللّه عنه - عن النبيّ صلوات ربّي عليه وأزكى سلامه- انه قال:
"
أتاني جبريلُ عليه السَّلامُ فقال :
" إنِّي كنتُ أتيتُك اللَّيلةَ ، فلم يمنَعْني أن أدخُلَ البيتَ الَّذي أنت فيه ، إلَّا أنَّه كان في البيتِ تمثالُ رجلٍ ، وكان في البيتِ قِرامُ سِترٍ فيه تماثيلُ
فمُرْ برأسِ التِّمثالِ يُقطَعُ فيصيرُ كهيئةِ الشَّجرةِ ، ومُرْ بالسِّترِ يُقطَعُ "
وفي روايةٍ :
" إنَّ في البيتِ سِترًا في الحائطِ فيه تماثيلُ ، فاقطعوا رؤوسَها فاجعلوهَا بِساطًا أو وَسائدَ -مخدات- فأوْطِئوه ، فإنَّا لا ندخُلُ بيتًا فيه تماثيلُ فيُجعلُ منه وِسادتان تُوطآن ، ومُرْ بالكلبِ فيخرجَ .
ففعل رسولُ اللهِ ، وإذا الكلبُ جروٌ كان للحسنِ والحسينِ عليهما السَّلامُ تحت نضَدٍ لهما ، قال :
"وما زال يُوصيني بالجَارِ حتَّى ظننتُ أو رأيتُ أنَّه سيُورِّثُه".
(صحيح على شرط مسلم) وصح ايضًا
عند النسائي: 5380 ، من حديث
أبي هريرة رضي اللّه عنه - عن النبيّ صلوات ربّي عليه وأزكى سلامه- قال:
"
استأذنَ جبريلُ عليه السلام على النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم فقال:
"
ادخل ، فقال: (كيفَ أدخلُ وفي بيتِك سِترٌ فيهِ تصاويرُ، فإمّا أن تُقطًعَ رؤوسُها، أو تُجعَلَ بِساطًا يوطأُ، فإنا معشرَ الملائكةِ لا ندخلُ بيتًا فيه تصاوير)"ُ.
وصح ايضًا
عند مسلم: 969، من حديث
علي بن ابي طالب رضي اللّه عنه ،قال
عليّ رَضِيَ اللهُ عنهُ
لأبي الهَيَّاجِ الأَسديِّ :
"
ألا أبعثُك على ما بعثني عليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ؟
أن لا تدعَ تمثالًا إلا طمستَه . ولا قبرًا مُشرفًا إلا سوَّيتَه ".
وفي روايةٍ : "
ولا صورةً إلا طمَسْتَها ".
وصح ايضًا
عند الترمذي: 1947، من حديث
جابر بن عبدالله رضي اللّه عنه:
"
نَهى رسولُ اللَّهِ – صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِه وسلَّمَ –
عن الصُّورةِ في البيتِ ونَهى أن يُصنعَ ذلِك" .
ولا يدخل في حكم [
التحريم ، وحرمان دخول الملائكة]
الصور التي يجوز اقتناؤها ، ومنها:
1.
ما كان وجوده ضرورة : كصور البطاقة الشخصية ، وجواز السفر ، وكالصور الموجودة على الأوراق النقدية .
2.
ما كان ممتهناً من الصور : كالموجود منها على السجاد ، أو علب الحليب ، والصلصة ، وغيرها ، مما مصيره القمامة .
قال الحافظ
ابن حجر رحمه الله :
"
قال الخطَّابي :
والصورة التي لا تدخل الملائكة البيت الذي هي فيه ما يحرم اقتناؤه ، وهو ما يكون من الصور التي فيها الروح ، مما لم يقطع رأسه ، أو لم يمتهن" .
"
فتح الباري " ( 10 / 382 ) . وقال
علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"
إن صور جميع الأحياء من آدمي أو حيوان محرمة ، سواء كانت مجسمة ، أم رسوماً ، وألوانا في ورق ، ونحوه ، أم نسيجاً في قماش ، أو صوراً شمسية ، والملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ؛ لعموم الأحاديث الصحيحة التي دلت على ذلك .
ويرخص فيما دعت إليه الضرورة ، كصور المجرمين ، والمشبوهين ؛ لضبطهم ، والصور التي تدخل في جوازات السفر ، وحفائظ النفوس ؛ لشدة الضرورة إلى ذلك ، ونرجو ألا تكون هذه وأمثالها مانعة من دخول الملائكة البيت لضرورة حفظها ، وحملها ، والله المستعان .
وهكذا الصور التي تمتهن كالتي في الفراش ، والوسائد ، نرجو أنها لا تمنع من دخول الملائكة ، ومن الأحاديث الواردة في ذلك : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ، ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم ) رواه البخاري .
والحديث بتمامه للفائدة كما في صحيح البخاري: 5961 عن أمنا عائشة رضي الله عنها:
أنها اشترت نمرقةً فيها تصاويرٌ، فلما رآها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قام على البابِ فلم يدخل، فعرفت في وجههِ الكراهيةَ، قالت : يا رسولَ اللهِ، أتوب إلى اللهِ وإلى رسولِه، ماذا أذنبتُ ؟
قال : ( ما بال هذه النمرقةِ )؟.
فقالت : اشتريتُها لتقعدَ عليها وتوسدَها، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ :
( إنَّ أصحابَ هذه الصورِ يُعذَّبون يومَ القيامةِ، ويقال لهم : أحيوا ما خلقتُم .
وقال : " إنَّ البيتَ الذي فيه الصورُ لا تدخله الملائكةُ" ) .
وروي أيضاً عن أبي جحيفة رضي الله عنه :
أن النبي صلى الله عليه وسلم ( لعن آكل الربا وموكله ولعن المصور ) .وتمام الحديث السابق للفائدة ، كما صح عند
البخاري: 2238 ، من حديث
وهب بن عبدالله السوائي أبو جحيفة قال:
" رأيتُ أبي اشتَرى حَجَّامًا فأمَر بمَحاجِمِه فكُسِرَتْ ، فسأَلتُه عن ذلك ، قال :"
إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن ثمنِ الدمِ وثمنِ الكلبِ ، وكَسبِ الأَمَةِ ، ولعَن الواشِمةَ والمُستَوشِمَةَ ، وآكِلَ الرِّبا وموكِلَه ، ولعَن المُصَوِّرَ .
ما حكم الصلاة في مكان فيه صور معلقة على الجدران؟
كثير من العلماء قالوا: لا تجوز الصلاة في مكان فيه صور محرَّمة ، وتجوز الصلاة في مكان فيه صور جائزة .
واستدلوا بحديث أمنا
عائشة -رضي الله عنها - قالت :
"
قَدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت بقرام لي على سهوة لي فيها تماثيل ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكه وقال :
(
أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله )
متفق عليه . والصواب - والله اعلم -
أن:
الصلاة صحيحة ، لكن أصل تعليق الصور على الجدران لا يجوز .
ا
لصور إنما تجوز إذا كانت ممتهنة ، توطأ ،
وأما إذا كانت معلقة : فلا ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
(
أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ).
ما حكم الصلاة في الكنائس و المعابد، التي فيها صور؟
قال
ابن تيمية رحمه الله تعالى ،فقد سئل رحمه الله :
هل الصلاة في البيع والكنائس جائزة مع وجود الصور أم لا ؟ وهل يقال إنها بيوت الله أم لا ؟
فأجاب : "
ليست بيوت الله وإنما بيوت الله المساجد ، بل هي بيوت يُكفر فيها بالله ، وإن كان قد يذكر فيها فالبيوت بمنزلة أهلها ، وأهلها كفار ، فهي بيوت عبادة الكفار ".
وأما الصلاة فيها ففيها ثلاثة أقوال للعلماء في مذهب أحمد وغيره :
المنع مطلقاً ، وهو قول
مالك .
و
الإذن مطلقاً ، وهو قول
بعض أصحاب أحمد.
والثالث : وهو الصحيح المأثور عن
عمر بن الخطاب وغيره ، وهو منصوص عن
أحمد وغيره أنه
إن كان فيها صور لم يصل فيها لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل الكعبة حتى مُحي ما فيها من الصور .
وكذلك قال
عمر رضي الله عنه :"
إنّا كنا لا ندخل كنائسهم والصور فيها ".
و
هي بمنزلة المسجد المبني على القبر ، ففي الصحيحين كما من حديث امنا عائشة رضوان الله عليها، أنَّ أمنا
أمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها ذكَرَتْ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَنيسَةً رأَتْها بأرضِ الحبَشَةِ ، يُقالُ لها
مارِيةُ ، فذكَرَتْ له ما رأَتْ فيها منَ الصُّوَرِ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
"
أولئكَ قومٌ إذا مات فيهمُ العبدُ الصالحُ ، أوِ الرجلُ الصالحُ ، بنَوا على قبرِه مسجدًا ، وصوَّروا فيه تلك الصُّوَرَ ،
أولئكَ شِرارُ الخلقِ عِندَ اللهِ ".
البخاري:434 و
أما إذا لم يكن فيها صور فقد صلى الصحابة في الكنيسة