قطع الصلاة: الخروج من الصلاة لطارئ وغيره، احكام وأحوال ومسائل وفتاوى ج2 ما حكم من صلى وشك في ترك ركن من اركان الصلاة ، أو شك في طهارة ثوبه ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن شك في ركن من أركان الصلاة أو شك في طهارته ، فإن كان هذا الشك بعد الفراغ من الصلاة فلا أثر للشك في صلاتته ، ولا يلتفت إليه ولا يعيد صلاته .
وأما
إن كان الشك أثناء العبادة فالواجب عليه أن يبني على اليقين، اي
أن يأتي بالركن المشكوك فيه إن كان في الركعة ذاتها ، و
إن شك في ركن من ركعة سابقة فإن المتعين عليه في هذه الحالة أن يأتي بركعة كاملة لأن هذه الركعة التي شك في ركن منها تعتبر ملغاة ،
ثم يسجد للسهو بعد السلام.
وكذلك
إن شك في ركن من أركان الوضوء فإنه يأتي به وبما بعده من الأركان .. هذا إذا كان الشك أثناء العبادة .
ومن تذكر أنه متلبس بالنجاسة يقينا قبل الفراغ من الصلاة فان عليه أن يتخلص منها إن تيسر ذلك أثناء الصلاة - بنزع ما تيقن من نجاسته - وإلا قطع الصلاة وأعادها بعد التخلص من النجاسة.
ومن لم يفعل ما وجب عليه من نزع النجاسة متعمدا ، وهو متقين من النجاسة ومكانها - فالواجب عليه إعادة تلك الصلاة، إلا أن تكون تلك النجاسة مما يعفى عنه فلا يلزمه شيء.
وأما إن كان الشك في كون النجاسة أصابته وتذكر في أثناء صلاته أنه يحتمل كون ثوبه متنجسا فلا شيء عليه؛ لأن الأصل الطهارة وهو لا يزول بمجرد الشك، فمن شك في كونه أصابته نجاسة أو لا، فالأصل عدم النجاسة حتى يحصل اليقين بزوال هذا الأصل.
واما ضابط النجاسة المعفو عنه:
اجتناب النجاسة في الثوب والبدن والمكان شرط في صحة الصلاة عند جمهور العلماء. قال تعالى: "
وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ".
{المدثر:3}.
وأما
ما ليس بنجس فلا يجب اجتنابه وإن كان مستقذرا لكن يستحب غسل الثوب منه تنزها وذلك كالمخاط والمني فإنه طاهر في قول
الشافعية و
الحنابلة.
وأما النجاسات التي يعفى عنها منها وما لا يعفى عنها، جاء في
الموسوعة الفقهية:
" ذَهَبَ
الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّ
قَدْرَ الدِّرْهَمِ وَمَا دُونَهُ مِنَ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ كَالدَّمِ وَالْبَوْل وَالْخَمْرِ وَنَحْوِهَا
مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَ
جَازَتِ الصَّلاَةُ مَعَهُ ". انتهى.
وضابط النجاسة المخففة عند
الحنفية:"
أَمَّا النَّجَاسَةُ الْمُخَفَّفَةُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْقَدْرِ الَّذِي يُعْفَى عَنْهُ مِنْهَا عَلَى رِوَايَاتٍ: قَال الْمَرْغِينَانِيُّ: إِنْ كَانَتْ كَبَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمُهُ جَازَتِ الصَّلاَةُ مَعَهَا حَتَّى يَبْلُغَ رُبُعَ الثَّوْبِ. وَقَال الْكَاسَانِيُّ: حَدُّ الْكَثِيرِ الَّذِي لاَ يُعْفَى عَنْهُ مِنَ النَّجَاسَةِ الْخَفِيفَةِ هُوَ: الْكَثِيرُ الْفَاحِشُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ". انتهى.
وأما مذهب
المالكية فقد جاء في الموسوعة:
"
وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ الدَّمِ وَمَا مَعَهُ مِنْ قَيْحٍ وَصَدِيدٍ وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ، فَيَقُولُونَ بِالْعَفْوِ عَنْ قَدْرِ دِرْهَمٍ مِنْ دَمٍ وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ وَهُوَ الدَّائِرَةُ السَّوْدَاءُ الْكَائِنَةُ فِي ذِرَاعِ الْبَغْل، قَال الصَّاوِيُّ: إِنَّمَا اخْتَصَّ الْعَفْوُ بِالدَّمِ وَمَا مَعَهُ، لأَِنَّ الإِْنْسَانَ لاَ يَخْلُو عَنْهُ، فَالاِحْتِرَازُ عَنْ يَسِيرِهِ عَسِرٌ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ كَالْبَوْل وَالْغَائِطِ وَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ". انتهى.
غير أن المالكية خففوا في اجتناب النجاسة في الثوب في حال المشقة كمن استنكحه الحدث فيعفى عما أصاب ثوبه منه، وكثوب المرضعة إن لم يوجد غيرها أو لم يقبل الولد سواها بعد أن تجتهد في درء البول أو الغائط بأن تنحيه عنها حال بوله أو تجعل له خرقا تمنع وصوله لها، فإذا أصابها شيء بعد التحفظ عفي عنه لا إن لم تتحفظ ومثلها الكناف والجزار. ومذهب
الشافعية في هذه المسألة كما جاء في الموسوعة:
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا بِالْعَفْوِ عَنِ الْيَسِيرِ مِنَ الدَّمِ وَالْقَيْحِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَعْسُرُ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ . انتهى.
و
أما غير الدم من النجاسات المغلظة التي لا يعفى عن يسيرها فالأصح كما في المجموع أنه
يعفى عما لا يدركه الطرف منها.
و
الحنفية يفصلون: "
أن النجاسة إذا كانت مرئية وهي ما ترى بعد الجفاف كالدم فيجب غسلها حتى تزول ولو غسله واحدة أو فوق ثلاث غسلات على الأصح، ولا يضر بقاء أثر لازم كلون وريح ونحو ذلك".
وأما إذا كانت النجاسة غير مرئية وهي ما لا ترى بعد الجفاف كالبول فيجب غسلها حتى يظن الغاسل المكلف -العاقل البالغ- زول النجاسة ، فإن كان الغاسل غير مكلف فيكفي في ذلك غلبة ظن المستعمل للمغسول لأنه المحتاج إليه، وقدروا ذلك لموسوس بغسل وعصر ثلاثاً أو سبعاً فيما ينعصر كالثوب مبالغاً في العصر بحيث يعصره حتى لا يقطر منه الماء، وذهب بعض الحنفية إلى أنه لا فرق في غسله ثلاثاً بين موسوس وغيره، وأن غلبة الظن مقدرة بثلاث غسلات".
قال
ابن عابدين بعد ذكر التفريق:
وهذا مبني على تحقق الخلاف وهو أن القول بغلبة الظن غير القول بالثلاث.
قال في
الحلية:
وهو الحق ، واستشهد بكلام
الحاوي القدسي و
المحيط.
وفي الموسوعة: وَصَرَّحَ
الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ
لاَ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ النَّجَاسَةِ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْهَا الطَّرَفُ، وَإِنَّمَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ الدَّمِ وَمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مِنَ الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ. انتهى.
واختار شيخ الإسلا
م ابن تيمية أنه "
يعفى عن يسير النجاسات كلها"
ورجح هذا القول الشيخ
ابن عثيمين في
الشرح الممتع.
واجتناب النجاسة في الثوب والبدن يشترط مع العلم والقدرة على الراجح،
فمن كانت بثوبه نجاسة يعجز عن إزالتها فإنه يصلي على حسب حاله ولا إعادة عليه على الراجح، وكذا
من نسي نجاسة بثوبه أو جهلها فإن صلاته صحيحة ولا إعادة عليه.
وقد بين
النووي مذاهب العلماء في من لم يجد غير ثوب نجس فقال في
المجموع:
"
فرع في مذاهب العلماء فيمن لم يجد إلا ثوبا نجسا: قد ذكرنا أن الصحيح في مذهبنا أنه يصلي عاريا ولا إعادة عليه ، وبه قال أبو ثور.
وقال مالك والمزني يصلي فيه ولا يعيد.
وقال أحمد يصلى فيه ويعيد.
وقال أبو حنيفة إن شاء صلى فيه وإن شاء عريانا ولا إعادة في الحالين". انتهى.
وحكم اجتناب النجاسة في الصلاة: هو سنة وقيل:
واجب لا تبطل الصلاة بتركه، وهذا ما رجحه
الشوكاني.
وقيل: هو
شرط وهو قول أكثر أهل العلم منهم الأئمة الأربعة إلا أن بعضهم يقيد ذلك بالعلم.
قال
ابن قدامة في
المغني:"
وجملة ذلك أن الطهارة من النجاسة في بدن المصلي وثوبه شرط لصحة الصلاة في قول أكثر أهل العلم، منهم ابن عباس وسعيد بن المسيب وقتادة ومالك والشافعي وأصحاب الرأي". انتهى.
والصحيح أن اجتناب النجاسة في البدن والثوب شرط مع العلم والقدرة، فأما كونه شرطاً فلقوله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ {المدثر:4}، ولحديث ابن عباس في الصحيحين في قصة اللذين يعذبان في قبرهما وفيه: " ...أما أحدهما فكان لا يستنزه من بوله".
ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم أسماء بأن تحُتَّ دم الحيض من ثوبها ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه.
متفق عليه. وأما
اشتراط القدرة فلأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها وقد صلى
عمر رضي الله عنه
وجرحه يثعب دماً،
أخرجه البخاري. وأما
اشتراط العلم فلحديث أبي سعيد في السنن وفيه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم خلع نعليه الذين بهما قذر في أثناء الصلاة ولم يقطعها.
.........................
ما حكم الدم من حيث النجاسة أو الطهارة؟
هل يجوز للجزار الصلاة في نفس الملابس التي يذبح بها مع وجود بعض الدم عليها؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
الدم نجس في قول عامة أهل العلم، قال الإمام
القرطبي رحمه الله في تفسيره:"
قوله تعالى: "والدم" اتفق العلماء على أن الدم حرام نجس، لا يؤكل ولا ينتفع به قال ابن خويز منداد وأما الدم فمحرم ما لم تعم به البلوى، ومعفو عما تعم به البلوى، والذي تعم به البلوى هو الدم في اللحم وعروقه، ويسيره في البدن يصلى فيه." انتهى.
لكن
ينبغي العلم أن الدم الذي يخرج من الذبائح سائلاً متدفقاً هو الذي ينجس ما أصاب من الثوب، أو البدن ونحوهما، لقوله تعالى:"
قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً "
[المائدة:145].
قال الدكتور
وهبة الزحيلي في
التفسير المنير:
"
والدم المسفوح: أي الدم المهراق السائل الذي يجري ويتدفق في عروق المذبوح، وهذا يدل على أن المحرم من الدم ما كان سائلاً، قال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد ما خرج من الأنعام وهي أحياء، وما يخرج من الأوداج عند الذبح، فلا يدخل فيه الدم الجامد كالكبد والطحال لجمودهما، ولا الدم المختلط باللحم في المذبح، ولا ما يبقى في العروق من أجزاء الدم، فإن ذلك ليس بسائل". انتهى. مما سبق يُعلم أنه إذا أصاب الثوب دم سائل كثير بسبب الذبح فلا يجوز أن يصلي فيه إلا بعد غسل ما أصابه من النجاسة، أما إذا كان الدم الذي أصاب الثوب مما اختلط بلحم الذبيحة وعروقها فأصاب ثوبك فلا ينجسه وتجوز الصلاة فيه،
والذي ننصحك به هو أن تتخذ ثوباً طاهراً تلبسه كلما أردت الصلاة. ......................
توجد بركة أو مياه مجاري متجمعة في أحد الشوارع ، عندما قفزت فوق هذه المياه لكي أصل إلى الرصيف يظهر أن بقعة صغيرة من هذه المياه أصابت حذائي ووقعت عليه ...
هل يعد حذائي نجسا من أثر المياه التي كانت قد تنجست ؟
و هل يكفي إذا أخذت ورقة كلينكس وبللتها بالماء النظيف ومسحت مكان البقعة من حذائي يطهر ام لا؟
و ما هو حكم أنني لو مسحت كل الحذاء ومررت على مكان البقعة ثم انتقلت إلى مكان آخر من الحذاء لغرض التنظيف بالفوطة مثلا فهل سوف تنتقل النجاسة إلى الحذاء كله؟
وهل يجوز لبس الحذاء عموما في غير الصلاة لتنجسه؟ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن
مياه المجاري تكون نجسة في الغالب ، وعليه
فإن كنت شاكا في أنها أصابت ظاهر حذائك فعليك أن تنضحه بالماء أي ترشه وبعد ذلك يصير طاهرا، كما ذهب إليه
المالكية.
ويرى
الحنابلة أن
مجرد الشك في إصابة النجاسة لا يوجب طهارة ولا نضحا.
و
إن كنت متيقنا إصابتها له وأصابت أعلاه فـالواجب عليك تطهير الحذاء بالماء المطلق ولا يجزئك مسحه إلا إذا كان مسحا متكررا مع الماء بحيث تتيقن الطهارة، ولو مسحته كله مسحا خفيفا فقد فرقت النجاسة عليه ولم يطهر لأن المسح لا يعتبر غسلا وإنما يتأتى أن يكون مطهرا إذا اقتصرت على مكان البقعة ومسحته بالمناديل مع الماء حتى تتيقن الطهارة...
هذا على مذهب جمهور العلماء من
أن النجاسة لا يزول حكمها إلا بإزالتها بالماء المطلق.
أما على القول بأنها تزول ويزول حكمها بأي مزيل مائع طاهر غير الدسم والسمن، فإن الحذاء قد طهر بالمسح بالمنديل مع الماء.
و
إن كانت النجاسة لم تصب من الحذاء إلا مايلي الأرض منه فإنه يكفي في طهارته دلكه على الأرض.
قال
ابن قدامة في
المغني:
"
وقد عفي عن النجاسات المغلظة لأجل محلها في ثلاثة مواضع "وذكر منها :" أسفل الخف والحذاء إذا أصابته نجاسة فدلكها بالأرض حتى زالت عين النجاسة". انتهى.
و
على تقدير نجاسة الحذاء فلا حرج في لبسه في غير الصلاة.
.........................
هل يجوز ارتداء الحذاء في الصلاة وما الدليل ؟
الحمد لله
من الشروط التي لابد من تحقيقها قبل الشروع في الصلاة التأكد من طهارة البدن والثياب والبقعة التي يصلي فيها المسلم من النجاسة ،
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي في نعليه فقد سئل أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه (
أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ قَالَ:
نَعَمْ )
البخاري 386 مسلم 555 .
وهُوَ مَحْمُول عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا نَجَاسَة ، فإن كان فيها نجاسة فلا يجوز له الصلاة بهما ، وإن نسي فصلّى بهما وبهما نجاسة فعليه أن يخلعهما إذا علم أو تذكر لحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ
بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاتَهُ قَالَ :" مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟" ، قَالُوا رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا أَوْ قَالَ أَذًى وَقَالَ:" إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا"
رواه أبو داود650 وصححه الألباني في صحيح أبي داود 605 . وقد جاء في تعليل صلاة النبي صلى الله عليه و سلم في نعليه قوله:" خَ
الِفُوا الْيَهُود فَإِنَّهُمْ لا يُصَلُّونَ فِي نِعَالهمْ وَلا خِفَافهمْ "
رواه أبو داود 652 وصححه الألباني في صحيح أبي داود 607 فَيَكُون اِسْتِحْبَاب ذَلِكَ مِنْ جِهَة قَصْد الْمُخَالَفَة الْمَذْكُورَة .
هذا بالنسبة إلى النعال وبالنسبة إلى المسجد في ذلك الوقت ، أما إذا كانت المساجد مفروشة ومهيأة ، فينبغي أن ينظف المسجد عن النعال ، وألا يدخل بنعليه خشية تقذير المكان ) .
فتاوى سماحة الشيخ عبد الله ابن حميد ص81 ثم إن مفارش المسجد وقف لا يجوز إتلافه ، والوسخ يعلق بها ويؤذي المصلين الساجدين عليها ، ولذلك لا يدخل الإنسان بنعليه يمشي بها على سجاد المسجد لئلا يتلفه ويقذِّره .ويمكن للحريص على السنة أن يطبق هذه السنة في صلاته في بيته ، أو في الصلاة في الأماكن غير المفروشة كالحدائق وعلى الشواطئ وفي البرِّ ونحو ذلك ، وإذا كان هذا الفعل يسبب تشويشاً عند بعض من يجهل السنة فينبغي تعليمه سنيتها قبل تطبيقها حتى لا يستنكرها . نسأل الله أن يجعلنا من المحافظين على السنة الحريصين عليها إلى أن يجمعنا بصاحبها عليه الصلاة والسلام في جوار رب العالمين .
.............................
ما هو الحكم إذا ما أصابت بعض نقاط البول السروال التحتي عند التبول العادي أو التبول بسرعة ؟
1- هل يلزم الغسل ليطهر المرء نفسه ؟
2- هل على المسلم أن يغسل السروال التحتي بأكمله ، أم يلزمه تغيير السروال (كلما حدث ذلك) ، أم يكتفي بغسل الموضع الذي أصابه البول ؟
3- وكيف يصلي المسلم ( الذي أصابت نقاط البول سرواله التحتي ) ، وهل تكون الصلاة مقبولة لو صلى وهو على تلك الحالة ؟
4- وما هو الحكم إذا شك المسلم أنه لم يغسل بعض المواضع التي أصابها البول ؟ وهل يؤثر ذلك على الصلاة ، وعلى الطهارة ؟
5- هل على من صلى وهو شاك ( أنه لم يغسل بعض المواضع التي أصابها البول ) أن يعيد صلاته ؟ وهل يجوز له قراءة القرآن ومسه وهو في تلك الحالة ؟
6- ما هي الأمور المحرمة عليه فعلها وهو في تلك الحالة ؟الحمد لله
أولاً :
ي
جب على المسلم أن يجتنب النجاسة ويحاول التحرز منها قدر جهده ، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ :" أَمَا إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ " الحديث وفي رواية : "
وَكَانَ الآخَرُ لا يَسْتَنْزِهُ عَنْ الْبَوْلِ أَوْ مِنْ الْبَوْلِ "
رواه مسلم ( الطهارة / 439 ) ومعنى :"
لا يستنزه من بوله" أي
لا يجتنبه ولا يتحرز منه .
ولذلك كان جواز البول قائما بشرط أن يأمن من تطاير رشاش بوله على ثوبه وجسمه .
علما بانه لا يَحْرُم تَبَوُّل الإنسان قائِماً ، لكِنْ
يُسَنّ له أن يَتَبَوّل قاعداً ، لقول عائشة رضي الله عنها : "
مَن حدّثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَبُول قائما فلا تصَدِّقوه ، ما كان يبول إلا قاعداً "
رواه الترمذي ( الطهارة/12)وقال هو أصح شيء في هذا الباب وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم 11 لأنه استر له وأحفظ له من أن يصيبه شيء من رِشَاشِ بَوْلِه .
وقد
رُوْيَتْ الرّخصة في البول قائماً بشرط أن يأمن تطاير رشاش البول على بدنه وثوبه ، ويأمن انكشاف عورته ، عن عمر وابن عمر وزيد بن ثابت رضي الله عنهم ، لما رواه البخاري ومسلم عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :"
أنه أَتى سُبَاطَةَ قومٍ فبالَ قائِماً "
و
لا منافاة بينه وبين حديث عائشة رضي الله عنها ،
لاحتمال أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لكَوْنِه في موضِعٍ لا يتمكَّن فيه من الجلوس ، أو
فعَلَه ليُبَيِّن للناس أن البول قائماً ليس بِحَرَام ، وذلك لا ينافي أن الأصل ما ذكَرَتْهُ عائشة رضي الله عنها ، من بَوْلِه صلى الله عليه وسلم قاعداً ، وأنه سُنّة لا واجب يحرم خلافه.
ثانيا :
بالنسبة لفقرات السؤال:
1-
إصابة النجاسة لثوب الإنسان لا توجب عليه الغُسْل . لأن
النجاسة ليست من نواقض الوضوء أو الغسل وإنما يجب الغسل للحدث الأكبر والوضوء للحدث الأصغر و
النجاسة ليست حدثاً فإذا كان الإنسان طاهراً وأصاب ثوبه نجاسة فإنه لا يكون محدثاً ، وإنما
الواجب عليه في هذه الحالة أن يكون طاهرا ويزيل النجاسة ، لقول الله عز وجل : "
وثيابك فطهِّر "
المدثر: 4 ،
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في
دم الحيض يصيب الثوب : "
تحتُّه ثم تقرضه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه "
رواه البخاري ( الحيض / 297) ،
وإذا كان ما أصابته النجاسة يمكن عصره فلا بد من عصره .
2- و
إزالة النجاسة تكون بغسلها حتى يذهب أثر النجاسة فإذا أصابت النجاسة ثوباً فلا يجب عليه إلا غسل موضع النجاسة من الثوب الذي أصابته النجاسة ولا يلزمه أن يغسل غيره ، و
لا يجب عليه كذلك أن يبدِّل ثيابه ، وإن أراد أن يبدِّل ثيابه فلا بأس في فعل ذلك .
3- أما
حكم الصلاة في ثوب أصابته نجاسة ، فيجب أن يُعلم أن
الطهارة من النجاسة شرط لصحة الصلاة وإذا لم يتنزه من ذلك فصلاته باطلة ، لأنه صلى وهو متلبس بهذه النجاسة ،
فإذا صلى وهو متلبس بهذه النجاسة فقد صلى على وجهٍ لم يرِدْه الله ورسوله ، ولا أمر به الله ورسوله ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد "
-
أحوال النجاسة إذا أصابت الثوب :
1-
إذا جزم الإنسان بإصابة النجاسة موضعاً معيناً في الثوب ، فإنه يجب أن يغسل ما أصابته النجاسة .
2-
أن يغلب على الظن أنها أصابت مكاناً معيناً .
3-
أن يكون عند الإنسان احتمال في مكان بقعة النجاسة ، فالحالة الثانية والثالثة على الإنسان أن يتحرى فيهما ، فما غلب على ظنه أنه أصابته النجاسة فإنه يغسله .
الشرح الممتع لابن عثيمين 2/221 . -
حكم يسير النجاسة :
قال بعض أهل العلم :
لا يعفى عن يسير النجاسة مطلقاً .
و
قال بعضهم :
يُعفى عن يسير سائر النجاسات ، وهو مذهب
أبي حنيفة واختيار
شيخ الإسلام لا سيما فيما يبتلى به الناس كثيراً فإن المشقة في مراعاته والتطهرمنه حاصلة والله تعالى يقول :"
وما جعل عليكم في الدين من حرج "
الحج:78 .
والصحيح ما ذهب إليه
أبو حنيفة و
شيخ الإسلام ،
ومن يسير النجاسات التي يعفى عنها لمشقة التحرز منه يسير سلس البول لمن ابتلي به وتحفظ منه تحفظاً كثيراً قدر استطاعته .
انظر الشرح الممتع لابن عثيمين 1/382 وأما
حدُّ اليسير أن المعتبر ما اعتبره أوساط الناس أنه كثير فهو كثير وما اعتبروه قليلاً فهو قليل .
وعليه فيقال : "
أن الأصل إذا أصاب ثوب الإنسان نقط البول فإنه يغسل ما أصاب ثوبه منه حتى يغلب على ظنه زوال النجاسة ، وما بقي مما لم يغسله فيكون داخلاً في يسير النجاسة المعفو عنه كما سبق" .
-
أما إذا جهل النجاسة فقد سئل الشيخ
ابن باز عن ذلك فقال :
"
إذا كان لم يعلم نجاستها إلا بعد الفراغ من الصلاة فصلاته صحيحة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا أخبره جبريل وهو في الصلاة أن في نعليه قذَراً خلعهما ولم يُعد أول الصلاة . وهكذا لو علمها ( أي النجاسة )
قبل الصلاة ثم نسي فصلى فيها ولم يذكر إلا بعد الصلاة ، لقول الله عز وجل : (
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) " …
أما إذا شك في وجود النجاسة في ثوبه وهو في الصلاة لم يجز له الانصراف منها سواء كان إماماً أو منفرداً وعليه أن يتم صلاته .
فتاوى الشيخ ابن باز 12/396-397 . مسألة الشك في إزالة النجاسة :
إذا أصابت النجاسة ثوبه فيكون هذا هو الأصل ويكون هذا الأصل متيقن فيه حتى يزول ، وزواله بزوال النجاسة فإذا شك هل أزال النجاسة أم لا ، فإنه يبني على اليقين ، وهو أنه لم تزل النجاسة . وكذلك العكس فإن تيقن أنه طاهر ثم شك هل أصابت ثيابه نجاسة أم لا فيقال إن الأصل الطهارة لأنها هي المتيقَّنة .
قال الشيخ ابن عثيمين :" الإنسان بملابسه الأصل فيه أن يكون طاهراً ما لم يتيقن ورود النجاسة على بدنه أو ثيابه وهذا الأصل يشهد له قول النبي صلى الله عليه وسلم حين شكى إليه الرجل أنه يجد الشيء في صلاته ـ يعني الحدث ـ فقال : " لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً "
فإذا كان الشخص لا يجزم بهذا الأمر فالأصل الطهارة ، وقد يغلب على الظن تلوث الثياب بالنجاسة ولكن ما دام الشخص لم يتيقن فالأصل بقاء الطهارة .
فتاوى ابن عثيمين 11/107 و
الذي لا يجوز للإنسان إذا كانت على ثيابه نجاسة هو الصلاة فقط .
حتى ولو كان متطهراً من الحدث أما باقي الأفعال من قراءة القرآن وغيرها فلا تحرم .
..................
ما حكم إنزال المذي على الملابس والصلاة في نفس الملابس وعدم غسل الملابس منه مع العلم أنه قد جف ولم يعد رطبا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
المذي هو كما قال
النووي:
"
ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة ، لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه". انتهى.
ويخرج عند الملاعبة والتقبيل وثوران الشهوة، ويكون ذلك للرجل والمرأة، يقال: مذَىَ وأَمذْىَ، ومذَّى.
و
هو نجس يجب غسل ما أصابه من البدن ، سواء كان رطباً أو ناشفاً، ففي الصحيحين عن علي قال:
كنتُ رجلًا مَذَّاءً ، فأمَرتُ رجلًا أن يَسأَلَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، لمكانِ ابنتِه ، فسأَل فقال ": توضَّأْ واغسِلْ ذكَرَك"..
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : البخاري في صحيحه: 269 ، وعند مسلم: 303 :"...فأَمَرْتُ المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ فسألَه، فقال : يَغْسِلُ ذَكَرَه ، ويتوضَّأُ". وما أصاب من الثياب يجزئ فيه النضح، لحديث سهل بن حنيف قال:
كنت ألقى من المذي شدة، وكنت أكثر من الاغتسال، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال:"
إنما يجزيك من ذلك الوضو "، قلت:
يا رسول الله، فكيف بما يصيب ثوبي منه ؟ قال:"
يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه".
أخرجه أبو داود وهو حديث حسن.
فإن من صلى في ثياب قد أصابها المذي ولم يطهرها مع علمه بوجود المذي ونجاسته لم تصح صلاته؛ لأنها فقدت شرطاً من شروط صحتها، وهو طهارة الثياب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـ أسماء في دم ا لحيض: "
حتيه، ثم اقرصيه، ثم اغسليه وصلِّي فيه".
فدل هذا على أن المسلم ممنوع من الصلاة بثياب فيها نجاسة قبل غسلها. و
إن كان يجهل نجاسة المذي أو كان يعلم نجاسته ولكنه نسي أن يطهره حتى صلى، أو لم يعلم بوجوده في ثيابه إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة في أصح قولي العلماء، لما رواه أبو داود عن أبي سعيد
أن النبي صلى الله عليه وسلم خلع نعليه في الصلاة، فخلع القوم نعالهم، فلما قضى صلاته قال:
ما لكم خلعتم نعالكم ؟ قالوا:
رأيناك خلعت فخلعنا، قال:
إني لم أخلعها من بأس، ولكن جبريل أخبرني أن فيها قذراً.
ولو بطلت الصلاة بوجود النجاسة مع الجهل لاستأنف الصلاة ولم يبن على ما مضى منها، والنسيان مثل الجهل لقوله تعالى:"
رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا"
[البقرة:286].وقد ثبت في صحيح مسلم أن الله قد تقبل هذا الدعاء.
وروى أحمد والبيهقي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"
إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : أحمد شاكر في المحلى: 4/4 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح